18 أبريل 2009

النشاط الثالث

استخرجي موقفا أو قصة من السيرة النبوية العطرة أو حياة الصحابة والعلماء المسلمين توضح مبدأ أو أسلوب تربويا ، أو تبرز خاصية (سمة ) من خصائص الفكر التربوي الإسلامي ؟؟


ننتظرك بحثك في استخراج كنوز التربية النبوية الشريفة

هناك 81 تعليقًا:

  1. مدونة قيمّة


    استمتعت بمحتواها جدا ..


    لك شكري

    ردحذف
  2. أشواق العوفي19 أبريل 2009 في 8:16 ص

    استخدام الرسول صلي الله عليه وسلم أسلوب التجسيد والمعاينة
    المنافذ الرئيسة التى يتعلم بها ومن خلالها الطفل هى الحواس التى وهبها الله عز وجل له ، فالطفل فى قابل حياته يتعلم عن طريق السمع والبصر واللمس والشم والتذوق ، وكلما كانت المفاهيم التى يتعلمها الطفل من الواقع المحسوس الملموس كان التعلم أثبت وأقرب وأوضح .
    والرسول المعلم صلى الله عليه وسلم عندما كان يعلم الصحابة أمور دينهم – كبارا كانوا أو صغرا – كان يستخدم معهم ما يقرب الفكرة إليهم وذلك بتجسيد هذه الفكرة فى ضوء الواقع المحسوس والملموس للصحابة وكان صلى الله عليه وسلم يتدرج فى استخدام هذا الأسلوب .
    وكان يمر بمراحل تتناسب مع احتياج المتعلم وقدراته وإمكاناته فكان صلى الله عليه وسلم يبدأ معهم باستدعاء الخيال من ضرب مثل من الواقع المشاهد ، وأحيانا يوضح لهم الفكرة عن طريق رسوم توضيحية أو يطبق بنفسه صلى الله عليه ما يريد أن يعلمهم كالصلاة والوضوء ، وعندما تحين الفرصة ينتهزها صلى الله عليه وسلم ليوضح لهم ما يريد أن يعلمهم .
    وفيما يلى أمثلة من حياته صلى الله عليه وسلم توضح هذا الأسلوب وكيف استخدمه .
    أ – استدعاء الخيال بضرب المثل :
    كان عليه الصلاة والسلام يستعين على توضيح مواعظه بضرب المثل مما يشهده الناس بأم أعينهم ، ويقع تحت حواسهم وفى متناول أيديهم ، ليكون وقع الموعظة فى النفس أشد ، وفى الذهن أرسخ !!..
    روى النسائى فى سنته عن أنس رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة (فاكهة تشبه البرتقال) ريحها طيب وطعمها طيب ، مثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ، ومثل الفاجر الذى يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل الفاجر الذى لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ، ومثل جليس السوء كصاحب الكير (كمثل الحداد النافخ فى النار) إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه\" .
    وفى هذه التشبيهات النبوية أبلغ ترغيب فى الخير ، وأزجر تحذير عن الشر ، بأوضح أسلوب يدركه المخاطبون ..
    [ب – التمثيل بأجزاء الجسم : [/color]
    وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يؤكد أمرا مهما يمثل بكلتى يديه إشارة منه إلى الأمر المهم الذى يجب أن يهتموا به ويمتثلوه ...
    روى البخارى ومسلم عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك قال رسول الله بين أصابعه\" .
    روى البخارى عن سهل ابن سعد الساعدى (رضى الله عنهم) قال : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين\" ، وأشار بالسبابة والوسطى .
    وروى الترمذى فى سنته عن سفيان ابن عبد الله البجلى رضى الله عنه قال : قلت يا رسول الله حدثنى بأمر أعتصم به قال : \"قل ربى الله ثم استقم\" \"قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف على؟ فأخذ عليه الصلاة والسلام بلسان نفسه ثم قال : (هذا) .
    والأمثلة على هذا فى السنة كثيرة – كثيرة ومستفيضة .
    جـ – رسوم على سبورة النبوة :
    وكان صلى الله عليه وسلم يخط أمام أصحابه خطوطاً ليوضح لهم بعض المفاهيم المهمة ، ويقرب إلى أذهانهم بعض التصورات المفيدة ..
    روى البخارى فى صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا ، وخط خطا خارج منه ، وخط خطوطا مغايرة إلى هذا الذى فى الوسط من جانبه الذى فى الوسط ، فقال : \"هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به ، وهذا الذى خارج (أى عن الخط) أمله ، وهذه الخطوط الصغار والأعراض هى الحوادث والنوائب المفاجئة ، فإن أخطأ هذا نهشه هذا ، وإن أخطا هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه كلها أصابه الهرم) .
    فبين لهم عليه الصلاة والسلام بما رسمه على الأرض كيف يحال بين الإنسان والآمال الواسعة بالموت المباغت أو الحوادث النازلة ، أو الهرم المضنى المقعد ... وهذا توضيح جميل من المعلم الأول عليه الصلاة والسلام .
    وروى الإمام أحمد فى مسنده عن جابر رضى الله عنه قال : كنا جلوسا عند النى صلى الله عليه فخط بيده فى الأرض خطا – هكذا – فقال : هذا سبيل الله وخط خطين عن يمينه ، وخطين عن شماله ، وقال : هذه سبل الشيطان ، ثم وضع يده فى الخط الأوسط ثم تلا هذه الآية : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) (1)
    فبين لهم عليه الصلاة والسلام بما رسمه لهم على الأرض أن منهج الإسلام هو الصراط المستقيم الموصل إلى العزة والجنة، وأن ما عداه من المبادئ والنظم والأفكار ... هى سبل الشيطان، وطرقه الموصلة إلى الدمار والنار ...
    [د – الرسول المعلم أنموذج فى التطبيق : وكان صلى الله عليه وسلم يعطى لأصحابه الأنموذج الحى فى أسلوب التعليم والتربية والتكوين .. وإليكم بعض الأمثلة :
    روى أبو داود والنسائى وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف الطهور ؟ (أى الوضوء) ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فى إناء فغسل كفيه ثلاثا حتى استوفى ثم قال : \"فمن زاد عن هذا أو نقص فقد تعدى وظلم\" .
    وروى البخارى فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ أمام جمع من الناس ثم قال : \"من توضأ نحو وضوئى هذا ثم صلى ركعتين ، لا يحدث فيهما نفسه بشء من الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه\" .
    وروى البخارى حديثا ذكر فيه أنه صلى الله عليه وسلم صلى مرة بالناس إماما وهو على المنبر ليروا صلاته كلهم ، وليتعلموها من أفعاله ومشاهداته .. فلما فرغ أقبل الناس فقال : \"يا أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بى ، ولتعلموا صلاتى\" .
    هـ – انتهاز المناسبة :
    وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما ينتهز المناسبة لمن يريد وعظهم وإرشادهم ، لتكون أبلغ فى التأثير ، وأفضل للفهم والمعرفة، ومن ذلك :
    روى مسلم عن جابر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلا من بعض العالية والناس كنفتيه (أى عن جانبيه) ، فمر بجدى أسك (أى صغر الأذنين) ميت ، فتناوله بأذنه ثم قال : أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟ قالوا: ما نحب أنه بشئ أو ما نصنع به ؟ قال : أتحبون أنه لكم؟ قالوا : والله لو كان حيا كان هذا السك عيبا فكيف وهو ميت ؟ فقال : فوالله ، للدنيا أهون على الله من هذا عليكم !! ..
    وروى البخارى ومسلم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : قدم رسول الله بسبى فإذا إمرأة من السبى (الأسرى) قد تحلب ثديها إذ وجدت صبيا فى السبى ، فأخذته فألزقته ببطنها فأرضعته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"أترون هذه المرأة طارحة ولدها فى النار ؟ - وهى تقدر على أن لا تطرحه– قلنا : \"لا والله\" قال : \"فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها\" .
    وعند النظر فى هذا الأسلوب نجد أنه يحقق العديد من الفوائد التربوية لكل من المعلم والمتعلم ، فالمفاهيم والأفكار والمعلومات المعروضة من قبل المعلمة تتسم بالصدق والواضح لأن المتعلم يشاهد هذه المفاهيم إما بصورة مباشرة أو خلال ما يقربها له ، ولكن في صورة مشاهد كما أن استخدام أسلوب انتهاز المناسبة يحقق للعملية التعليمية العديد من النقاط منها :
    (1) تحقيق الأهداف السلوكية الثلاث :
    فالمعرفة والأداء القولى والفعلى والانفعال والتأثير كلها نقاط تتحقق من خلال الأمثلة المعروضة فالمتعلم يعرف مقدار الدنيا عند الله ، وينفعل بحرص العزيز القدير علينا وتثير المعلمة الأطفال حينما يتقى أن تلقى الأم بولدها فى النار أو نشترى الجدى وهو ميت والخلاصة الوصول إلى نتيجة ليست بعيدة ولكنها تحتاج إلى تقريب وتوضيح من خلال انتهاز المناسبة .
    (2) نفتح الحوار بين المعلم والمتعلم :
    فعندما يسأل المعلم عن طريق الحوار \"أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟ \" (أترون هذه المرأة طارحة ولدها فى النار؟) فى هذه التساؤلات وفى تلقى الإجابة من المتعلم أفضل أهداف التربية وهو التواصل بين المعلم والمتعلم بغية الوصول إلى أهداف محدودة واضحة تؤثر مستقبلا أو حاضرا فى سلوك المتعلم .
    (3) وصولها لدرجة اليقين :
    فعندما يصل المفهوم أو تصل الفكرة إلى ذهن المتعلم من خلال حاستى السمع والبصر فإن هذا يؤدى إلى تثبيت الفكرة وتمكنها فى ذهن المتعلم لأنها دخلت إليه من خلال أقوى النوافذ ولأن استدعاءها بعد ذلك يكون أيسر مما لو دخلت إلى ذهنه عن طريق أخر وخصوصا فى بداية تعلمه .
    (4) يثير الأسلوب العلمي لحل المشكلات :
    انتهاز المناسبة كما رأينا فى الأمثلة السابقة يضع المتعلم أمام مشكلة ويثير فيه كوامن حل هذه المشكلة من خلال طرح المعلم سؤالا أو أكثر يعـد مؤشرا لحـل المشكلـة فإذا وصـل للحـل
    كان الثناء والتثبيت من قبل المعلم وإن كانت الأخرى سارع المعلم إلى تثبيت الحل الصحيح والسليم والمناسب وذلك لأن الذهن متوقد وينتظر الحل بشغف.


    اشواق العوفي
    رياض اطفال
    المرجع: موقع مجلة المعلم

    ردحذف
  3. السلام عليكم ورحمة الله
    عناية التربيه الاجتماعية :


    استخرجت الدراسة من كتب السنة النبوية بعض النماذج للحياة الاجتماعية المثلى التي عاشها الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, وإن في عرض هذه الحياة الاجتماعية في العهد النبوي تربية للأمة الإسلامية على التأسي, والاقتداء بتلك الصور المشرقة من حياة الصحابة رضي الله عنهم في مجتمعاتهم, ودعوة الناس إليها لما في ذلك من تحقيق التآلف والمودة, والسعادة في الدنيا والأخرى.

    وطريقة التعامل الحسن ورفق مع زوجاته صلى الله عليه وسلم .

    وكان يقول خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي وربما مد يده إلى بعض نسائه في حضرة باقيهن . وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فدنا منهن واستقرأ أحوالهن فإذا جاء الليل انقلب إلى بيت صاحبة النوبة فخصها بالليل . وقالت عائشة كان لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندهن في القسم وقل يوم إلا كان يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو في نوبتها فيبيت عندها وكان يقسم لثمان منهن دون التاسعة ووقع في صحيح مسلم من قول عطاء أن التي لم يكن يقسم لها هي صفية بنت حيي وهو غلط من عطاء رحمه الله وإنما هي سودة فإنها لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة . وكان صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة وسبب هذا الوهم - والله أعلم - أنه كان قد وجد على صفية في شيء فقالت لعائشة هل لك أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني وأهب لك يومي ؟ قالت نعم فقعدت عائشة إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم صفية فقال : إليك عني يا عائشة فإنه ليس يومك فقالت ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وأخبرته بالخبر فرضي عنها وإنما كانت وهبتها ذلك اليوم وتلك النوبة الخاصة ويتعين ذلك وإلا كان يكون القسم لسبع منهن وهو خلاف الحديث الصحيح الذي لا ريب فيه أن القسم كان لثمان والله أعلم .


    اللهم صلي وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم

    وفي الاخير اشكر الاستاذه الفاضله : الاء ,على المدونه والجهودها .


    ميمونة محمد الإمام
    الاقتصاد المنزلي والتربيه الاسريه
    رقم الكشف :143

    ردحذف
  4. بسم الله الرحمن الرحيم

    بواسطة امال الدميسي

    قسم الاقتصاد المنزلي الفرقه الرابعة

    الواقعيه:

    من أبرز سمات الإسلام الواقعية، فالإسلام دين يوافق الفطرة وينسجم مع الواقع، فالمؤمن مكلف بالأوامر الشرعية على وجه الإيجاب أو الندب أو المنهي عنه على وجه الحرمة أو الكراهة متى كان ذلك في مقدوره وإمكانه فإن فقد القدرة على تنفيذ تلك الأوامر أو اجتناب تلك النواهي سقط عنه التكليف إلى بدل أو إلى غير بدل.

    ومن هنا يجب مراعاة التناسب بين الإمكانيات الذاتية ومقدار العطاء، فإن عدم مراعاة ذلك التناسب نوع من عدم الواقعية.
    وهذا يشمل جميع أمور الدنيا والآخرة حتى العبادة، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) [النساء: الآية171]، وقال سبحانه: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا) [الحديد: من الآية27]، وقال: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: من الآية286]، وقال: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: من الآية78]، وقال صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"(1)، وقال صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون ثلاثا"(2).
    وقال: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"(3).

    وعندما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها امرأة سأل عنها فقالت عائشة- رضي الله عنها-: هذه فلانة، تذكر من صلاتها وعبادتها، فقال صلى الله عليه وسلم: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا "وكان أحب الدين ما داوم عليه صاحبه".

    ولما دخل إلى المسجد ووجد حبلا بين ساريتين فسأل عنه، فقالوا: إنه حبل لزينب، إذا فترت تعلقت به، فقال صلى الله عليه وسلم: لا، حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد.

    وكما أن عدم الواقعية تكون بالزيادة في العمل فوق الطاقة، فينبغي ألا نغفل عن أنها قد تكون بالتقصير والنقص أيضاً، بحيث لا يتناسب العطاء مع الإمكانات، ومن أعظم العيوب النقيصة مع القدرة على التمام كما قال الشاعر:


    ولم أر في عيوب الناس عيباً

    كنقص القادرين على التمام



    ولا يمكن للعبد أن يكون واقعيا يتناسب عطاؤه مع إمكاناته إلا إذا كان عالما بمقدرته عارفاً بنفسه معرفة تحمله للموازنة بين المقدرة التي وهبه الله، وبين الإنتاج الذي يقدمه لدينه ومجتمعه، أما غير الواقعي فإما أن يقصم ظهره وينبت به الطريق، أو تكون هزيلة، وفي كلا الحالين مآلها أن تذهب سداً، وقد يستمر العمل وتبذل الجهود -دون اكتشاف للخطأ- وتمر الأيام والسنون دون تحقيق شيء ذي بال من الأهداف، فيدب السأم والملل، وتتبخر الأحلام، فيبدأ الأفراد يتساقطون واحداً تلو الآخر ليلحقوا بزمرة القاعدين بل الهاربين من حقل العمل والدعوة.

    ردحذف
  5. غيـــــــــــــــــــــــــداء الصيدلاني20 أبريل 2009 في 10:43 ص

    عشرون فائدة من أحاديث تسوية الصفوف في الصلاة
    عشرون فائدة من أحاديث تسوية الصفوف في الصلاة

    في السنة النبوية الشريفة الكثير من التوجيهات التربوية، والتي نحتاجها في مسيرتنا التربوية والتعليمة المعاصرة، وكثير منها يغفل الناس عن إدراكها، ومن بين ذلك ما تضمنته أحاديثه الواردة في تسوية الصفوف فمنها:

    1_ السمو بالنفس، وإعلاءها (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها)

    _2 شحذ الهمم إلى التنافس الشريف (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا)

    _3 سد الأبواب المفضية إلى إفساد أخلاق المجتمع (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها(

    4_ تربية الأمة على التعويل على التلقي وعدم الاسترسال في الاجتهاد فهذا حبر الأمة يبيت

    عند خالته ميمونة فيقوم عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم، فيحوله ليمينه.

    _5 تعظيم العقول الواعية، وتبجيل أصحاب العلم والفضل، وتعريف المجتمع بمكانتهم

    الاجتماعية ( ليليني منكم أولوا الأحلام والنهي(

    6_ إن الجزاء من جنس العمل، ويدان المرء كما يدين، والمرء حيث وضع نفسه، وأن قصد التأخرالشكلي يورث التأخير الفعلي، ففي الحديث: (لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله(

    _7 سلوك الإنسان في الظاهر نتاج لما يعتقده في الباطن، وأخلاقياته في التعامل العلني تتأثر بما تضمره نفسه، ولهذا يقول ابن القيم الجوزيه ( أصل الخير والشر منبعه من الفكر)، وأحاديث الصفوف تدل على أن الباطن أيضا يتأثر بالظاهر، ( استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) ما يوضح حتمية التلازم بين المظهر والمخبئ، وأن كلا منها يتأثر بالآخر.

    8_ من فوائد أحاديث الصفوف أنها توقف المصلي على أهمية التربية بيان الهدف، وأن هذا

    النوع من التربية أسلوب نبوي يصلح في توجيه الفاهم إلى الهدف المقصود، ولهذا فإن النبي

    صلى الله عليه وسلم يقول في الصفوف: (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة) ويقول: (من وصل الصف وصله الله ومن قطع الصف قطعه الله(

    9_ يستفاد من أحاديث تسوية الصفوف في الصلاة أهمية فطنة الإمام ويقظته، وتنبهه لأحداث

    المأمومين في الصف،( أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري)

    10_ تفيد أحاديث تسوية الصفوف في الصلاة إمكانية التعليم في كل وقت، وانتهاز الفرص

    المواتية في توجيه المتعلم، وإن المعلم الفطن لا يهمل الفرصة السانحة في إرشاد المتلقي،

    فقد كان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ويوجههم أكثر من مرة بين الإفامة والصلاة وهم

    صفوف.

    11_ من فوائد الأحاديث الثقة بالمتعلم، وخاصة إذا رأى منهم نجابة وتكرر منه التوجيه

    الصحيح ( حتى إذا رأى أنا قد عقلنا عنه)

    12_ استعمال ألفاظ العموم في التوجيه من المضامين التربوية التي احتوتها أحاديث الصفوف،

    (فرأى رجلا باديا صدره من الصف فقال عباد الله لتسون صفوفكم)

    13_ أهمية تأكيد التوجيهات النظرية بالتطبيقات العملية، وضرورته في مجالات التعليم، فقد

    كان لا يكتفي بالقول والتعليم اللفظي بل كان صلى الله عليه وسلم كما يقول البراء يتخلل

    الصف.

    14_ من أساسيات التعليم الجيد، وأولى أركان التوجيه الصحيح، العطف بالمتعلم، واحترامهم

    وتقديرهم، وفي أحاديث ا لصفوف يقول الصحابي: (يمسح صدورنا ومناكبنا)

    15_ الحوافز التعليمية سواء المعنوية والعينية لها تأثيرها النفسي الكبير على تحصيل المتعلم، واشتملت الأحاديث في الصفوف على الكثير من الحوافز المعنوية، فمرة يقول عباد

    الله، ومرة يشبههم بالملائكة في تسويتهم للصفوف، ومرة أخرى يقول: (إن الله وملائكته

    يصلون على الصفوف الأول)

    16_ توثيق مبدأ التراحم الأخوي، وتوطيد عرى الأخوة الإيمانية تتجلى في الصفوف، وتؤكده

    السنة القولية فيه فكان من بين ما قاله صلى الله عليه وسلم: (ولينوا بأيدي إخوانكم)

    17_ محاربة جميع ما يسبب إضعاف كلمة المسلمين، ووحدة صفهم مبدأ دأبت التربية الإسلامية

    على التأكيد عليه، وفي أحاديث الصفوف ( وسدوا الخلل) ويقول: ( ولا تذروا فرجات

    للشيطان) وجاء النهي عن صلاة الرجل وحده خلف الصف، والنهي عن الصف بين السواري.

    18 _ تعظيم أماكن الصلاة والعبادة، وبيان حرمته، والتأكيد على أفضليته مما جاءت به

    أحاديث الصفوف ففيه: ( وإياكم وهيشات الأسواق(

    19_ النصح الفوري للأخطاء ما أمكن، لان الأمور إذا تمكنت عسرت إزالتها، وهذا في تحويله ابن عباس من يساره إلى يمينه، ومن غير واحد من توجيهاته الصفية.

    20_ في أحاديث تسوية الصفوف في الصلاة توضيخ لمكانة الإمام، وتأكيد لمهامه الاجتماعية،

    فهو إمام صلاة وعليه تسوية الصفوف والتأكد من ذلك، كل ذلك ضمن التوجيهات النبوية لعملية

    الإمامة في الصلاة.



    والله أعلم وصل الله وسلم على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم

    ردحذف
  6. غيـــــــــــــــــــداء الصيدلاني20 أبريل 2009 في 10:52 ص

    (سلسلة التربية النبوية ) الثواب و التحفيز
    الثواب والتحفيز المادي وأثره على النفوس

    إن المهتم بعملية التربية والتعليم يدرك بجلاء أهمية الثواب وأثره على نفوس المتعلمين حيث يبعث فيهم روح النشاط والمثابرة والجد والمنافسة كما أنه من العوامل المهمة في استثارة الدوافع الكامنة في نفوسهم وتوجيهها .

    هذا وإن التحفيز والثواب يتأتى في صور وأشكال مختلفة يمكن التنويع فيما بينها ومنها الثواب والتحفيز المادي ، ولعلي أقف هنا وقفة يسيرة مع هذا النوع من الثواب في ضوء القرآن الكريم وسنة النبي الكريم صلى اله عليه وسلم .

    أخي القارئ الكريم إن من طبيعة الإنسان وفطرته حبه للمال، فهو زينة الحياة الدنيا. قال الله تعالـى: â و تحبون المال حباً جماًá .

    وقد استخدم هذا النوع من التحفيز في القرآن الكريم

    قال الله تعالى: âفكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً á

    وقال الله تعالى: â وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعحل لكم هذه و كفّ أيدي الناس عنكم á.

    وعن أبي قتادة t أن النبي e قال: «من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه». رواه البخاري([1]).

    فالدين الإسلامي يدعو المسلم إلى الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة التوحيد وابتغاء مرضاة الله تعالى والجنة ابتداءً، ولا مانع أن يكون الأمل والرغبة في المغنم أحد الحوافز التي تحث المؤمن على قتال المشركين، وإلحاق الهزيمة بهم.

    وعن النبي e «من أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق»([2]). ففي هذا الحديث حث وترغيب في زراعة الأرض واستعمالها.

    وقد كان النبي e يستخدم المال ليثبت الناس على الإسلام، وهم المؤلفة قلوبهم، كما فعل في غزوة حنين([3]).

    حيث كان النبي e يرغِّبهم ويحثهم بالمال على التمسك بالإسلام، كما أن الزكاة تدفع لهم أيضاً للغرض نفسه.

    ويمكن أن يؤخذ من هذا أن للعطاء المادي أثراً في التحفيز والترغيب في العمل، وجعل النفس تُقبل عليه بهمة ونشاط أكبر.

    انظر إلى هذا الأثر فيما رواه أنس بن مالك t أن رجلاً سأل النبي e غنماً بين جبلين فأعطاه إياه فأتى قومه فقال: أي قوم اسلموا، فوالله إن محمداً ليعطي عطاءً ما يخاف الفقر، فقال أنس: ((إن كان الرجل ليُسْلِم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها...)) ([4]).

    إن مراعاة المربي لهذا النوع من الحوافز وتقديمه لأبنائه وتلاميذه على شكل مكافآت أو هدايا عينية أو نحوها دفع لهم نحو العمل الدؤوب المثمر ، خصوصاً في ظل حاجة ماسة إلى المال لمواجهة متطلبات هذا العصر الذي يؤثر فيه الجانب المادي كثيراً.



    --------------------------------------------------------------------------------

    ردحذف
  7. غيــــــــــــــــــداء الصيدلاني20 أبريل 2009 في 10:53 ص

    (سلسلة التربية النبوية ) التربية بالقصة

    التربية بالقصة
    أسلوب القصص الأحداثية:

    وهو سرد القصص التي حدثت في الماضي، قبل زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأُخبر بها، أو حدثت في زمنه. وفسرها لأصحابه، وقد تتكرر أحداثها في أي عصر أو مجتمع. بطريقة مشابهة وليس مطابقة، وإن حدثت فهي تختلف بشخوصها وفي كيفية توجيه الحدث، فكل هذه القصص أسلوب تربوي للاستفادة منه في الحياة، وتهذيب السلوك، وتنوير البصيرة.

    والقصص التالية تنوعت حسب الأحداث. "فهي ذات التأثير الروحي والخلقي والاجتماعي والإنساني، مستهدفة غرس الخير والفضائل والقيم والمبادئ في النفوس وترقية الوجدان[1]". وتبيان المسائل المراد بيانها، فمنها ما يتعلق بالتوحيد، والمحبة في الله، ووجوب الصبر على فعل الخير، والصدق في التعامل، وفضل التوبة. فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِr قَالَ:"كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ:إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟فَقَالَ:لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟فَقَالَ:نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ[2]"*، الحديث يدل دلالة واضحة على سعة رحمة الله بعباده وعفوه عنهم، والقصة تفتح باب الأمل لكل عاص، مهما عظم ذنبه، وكبر جرمه، فرغم وجود هذه الذنوب الجسيمة إلا أنها لم تقتلع كل نوازع الخير ودوافعه، وبقي خوفه من الله يحرك وجدانه، فأخذ يبحث عن مخرج من هذه الذنوب ويطهر نفسه، فسأل عن أعلم أهل الأرض؛ لأنه يرى أن جرمه كبير ولا يمكن لأي شخص أن يفتيه، فدلوه على راهب، - والرهبان كثيروا العبادة قليلوا العلم- فاستعظم الراهب الذنب وأسرع بالإجابة بعدم التوبة، وكان جزاؤه القتل بسبب التسرع بالرد من غير علم، وأكمل الرجل قتل المائة، ولكن ما زال الأمل يراوده، وهذه الفطرة السليمة تبحث عن من يرشدها إلى الصواب، وينير لها الطريق.حتى وجد القاتل رجلاً عالماً فعرض عليه معضلته، فأخبره أنه لا أحد يحول بينه وبين التوبة، ورحمة الله واسعة، ودله على الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه، ويترك القوم الضالين الذين يصحبهم ويعيش معهم، وينتقل إلى بيئة صالحة، ويهاجر من بيئة السوء إلى أرض أخرى، فخرج الرجل متوجهاً لله؛ مهاجراً لأجل عبادة الله، طالباً حياة الصلاح والاستقامة، وفي منتصف الطريق كان أجله وساعته، وكان مصيره إلى ملائكة الرحمة، وغفرالله له ذنوبه[3].فاللهI نهى عن القنوت واليأس من رحمته مهما بلغت الذنوب.قال تعالى:â قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم á (الزمرآية 53) والمتأمل في الحديث يعرف أن الصحبة لها تأثير، واختيار الأصدقاء أمر مهم للأبناء، وواجب على الآباء معرفة أصدقاء أبنائهم، كما أن في القصة أسلوباً تربوياً رائعاً، وهو أن نأخذ العلم من أهله، ولا نبخل على أنفسنا بالبحث عن مصدر العلم، والقصة تشمل مبادئ عظيمة، فالإقبال على الله والخوف منه، والتوبة من الذنوب هي طريق النجاة، وأن الموت يأتي فجأة ولا يعلم الإنسان بأي أرض يموت، ولا ينجيه من عذاب الله إلا النية السليمة، والقصد الصحيح، والتوبة الصادقة. فالطبيعة الإنسانية فيها الخير والشر، والنفس أمارة بالسوء، والله U ينادي عباده كل ليلة ليتوب مسيء النهار، ويجزيهم بالسيئات إحساناً. وهذا منهج الخالق العظيم، فما منهج الخلق من الإساءة؟ هل يسلكون هذا الأسلوب ويتبعونه ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِr :" رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ u رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى u سَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ! فَقَالَ عِيسَى u:آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ نَفْسِي[4]"*. أسلوب تربوي إنساني يدل على احتواء المربي للأمور وجلب محبة الناس في الدين، فالعفو والتسامح، والحلم والأناة صفات يُحبها الرحمن، أما تقنص أخطاء الناس من أجل التشفي، أو المكايدة فهذه من أفعال الشيطان؛ لأن ذلك يوغر الصدور، ويغرس العداوة بين أفراد المجتمع. والمسلم لا يتعامل إلا بما أمره به دينه من حُسن خلق وتأدب مع الآخرين. وأسلوب التعامل أصبح الآن فناً وعلماً مستقلاً بذاته يدرس في الجامعات والمعاهد في الدول المتقدمة، والمسلمون لديهم هذا العلم منذ شروق عصر النبوة المحمدية، فالمنهج الرباني الذي طبقهr في مدرسة النبوة هو أفضل منهج للبشرية، و تخرج منه أفضل جيل يشهد له العالم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. والتمسك بهذا التعامل واجب إنساني وديني وتربوي لكل مربي ومعلم، وقد سار عليه الأنبياء عليهم السلام قبل محمدr .

    ردحذف
  8. تضمنت التربية الاسلامية، العديد من المبادئ التربوية الهامة ذات القيمة العلمية والإسلامية، وتحتل مكانة مرموقة في الفكر التربوي، ومن أهم تلك المبادئ، الرفق بالمخطئ والاشفاق عليه، فالإسلام لا يجيز مقابلة المخطئ بالعنف والقهر والتشنيع به والسخرية منه، لأن ذلك يؤدي الى اذلاله وتحطيم شخصيته، وأولى المخطئين بالاشفاق، من كان خطؤه عن جهل أو غفلة.


    ولا يعني الرفق بالمخطئ، السكوت على خطئه، لأن في هذا اقراراً للخطأ، وتشجيعاً عليه، فالرفق والإشفاق لا ينافي تنبيه المخطئ الى خطئه بل زجره عنه بالرفق المناسب لظروف الخطأ بالتي هي أحسن.


    فالمسلم الذي يخطئ، يجب ألا يعنّف، بل لابد أن يعلم لأن الشريعة الاسلامية أمرت بذلك في الكثير من وصاياها وتعاليمها.


    ونستخلص من هذا إن الاشفاق مبدأ يأتي بثماره في تربية الناس ونتشئتهم على الفضيلة اكثر من التعنيف والقهر، فما أحرى بالمجتمع الاسلامي أن يأخذ بهذا المبدأ، وما أحرى بالنظم التربوية في اتباع ذلك في تعليم الناس صغاراً أم كباراً.


    إننا عندما نستخدم مبدأ التشجيع في التعليم، فإننا بذلك نزيد في قدرة التمعلم على التعليم وبالتالي تزداد رغبته في طلبه.


    والإسلام يشجع المواهب ويحترم المشاعر ويغرس الثقة في نفوس المتعلمين، لأن ذلك يساعدهم في تكامل شخصياتهم ويدفعهم إلى انجاز العمل بكل دقة، وهذا يحرص الاسلام على احترام المتعلم، لأنه الاصل في العملية التربوية، وهو الغاية في عملية التعليم، فأول أدب يقدمه المعلم للمتعلم هو أن يكون بشوشاً في وجهه، ويظهر له البهجة والسرور، حتى يطمئن ويزول عنه التوتر فيتمكن من استقبال المعرفة من معلم لا يخشاه بقدر ما يحترمه.


    وكما يحترم الاسلام المتعلم، فإنه يحث على الرفق به والحنوا عليه مقتدياً بالمعلم الاول (ص) الذي وصفه الله في قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول في انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة:۱۲۸.


    وقد أمر النبي (ص) بالتيسير في اثناء التعليم والأخذ بالتدريج وعدم تكليف النفس فوق طاقتها، إذ يقول: (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف) لأن الله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وهو يحب الرفق في الأمر كله، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما دخل العنف في شيء الا شانه، وأحق الأمور بالرفق التعليم، وعلى المربين ألا يعنفوا متعلماً ولا يحتقروا ناشئاً ولا يستصغروا مبتدئاً لأن ذلك أحق على الرغبة فيما لديهم.


    وكان النبي (ص) أبعد المعلمين عن التشديد والتعسير والفظاظة، والغلظة، وهذا ما نوه به القرآن الكريم في أخلاقه: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) آل عمران/۱۵۹.


    ولم يشرع الإسلام استخدام العصا، والتربويون الحديثون لا يجيزون استعمال العنف، لأن الدين الاسلامي لم يسمح بضرب الصغار، إلا في حالة واحدة وهي حثهم على الصلاة، وحتى في هذا فهي مشروطة، بعد أن يتجاوز السبع ، وهنا يأتي الضرب لا مبدأ عقاب، ولكن إشعاراً للطفل بأن الأمر ليس هيناً، لما للصلاة من أهمية وقيمة في حياة المسلم.




    التدرج التربوي


    في المبادئ التي حرص عليها الاسلام في مجال التربية، التدرج في التعليم ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، سواء كانت المواقف التعليمية قضايا تكليفية أو تشريعية او تربوية، لأمر يقصده المشرع الحكيم، ونتعلم من هذا المناهج الرباني في قضايا التعليم.


    وينبغي مراعاة الفروق الفردية بين الافراد والبيئات والانواع، فما يصلح لشخص لا يصلح لأخر، وما يناسب بيئة لا يناسب أخرى، وما يصلح لفترة زمنية لا يصلح لفترة زمنية أخرى، والتربوي الناجح هو الذي يعطي كل إنسان فرداً أو جماعة في العلم ما يناسبه في الوقت الملائم وبالقدر الذي ينتفع به، ولنا في أهل البيت (ع) أسوة حسنة في مراعاة الفروق الفردية والمواقف، والدليل على ذلك وصاياهم (ع) والحقيقة إن الاسلام لم يقتصر على مراعاة الفروق الفردية في حد ذاتها بل تعداها الى موجهة تلك الفروق فيما يتعلق بالكيف والنوع، بمعنى أن يبدأ المربي مع المتعلمين بالواضح من العلم قبل الخفي، والبسيط قبل المعقد، والخفيف قبل الثقيل، وبالجزء قبل الكل، وبالعملي قبل النظري، ومن المحسوس قبل المجرد .. أي أخذ المسائل الجزئية قبل الكلية أو المقدمات قبل المقاصد الاساسية.




    وسائل تعليمية فاعلة


    إن الاسلام يؤكد على استخدام الوسائل التعليمية في تربية الناس وتعليمهم من أجل تقريب المفاهيم الى أذهانهم، فيساعدهم ذلك على الاستيعاب والفهم.


    فالمسلم يربى بالقدوة والموعظة والعقوبة والقصة، كما توجد أساليب أخرى كالحوار القرآني والنبوي، والقصص القرآنية وسيرة أهل البيت (ع) والتربية بضرب الأمثال بالقدوة، وكذلك الممارسة والعمل والعبرة والتربية بالترغيب والترهيب.


    ولقد بلغ من شرف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهمات التي كلف بها رسوله، قال تعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين، إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) آل عمران/۱۶۴.


    وتؤكد التربية الاسلامية على مكانة وأهمية دور المعلم وعلى أنه ينبغي أن يتصف بصفات أهمها: أن يكون هدفه وسلوكه وتفكيره ربانياً، وأن يكون مخلصاً، صادقاً، عارفاً بأساليب التدريس المتنوعة وأن يتخير الاسلوب المناسب للموقف التدريسي، وأن يكون قادراً على الضبط والسيطرة، حازماً، رحيماً، دارساً لنفسية الطلاب، واعياً بالمؤثرات والاتجاهات العالمية وما تتركه من آثار على نفوس الجيل ومعتقداته.


    أما فيما يتعلق بالمناهج الدراسية، فتحرص التريبة الاسلامية كل الحرص على تعليم أفراد المجتمع أصول دينهم، وأن يتعرفوا على أحكام الشرع وأسس العقيدة، ومن الطبيعي أن يكون تعليم القرآن وتعلمه هو الاساس في هذا الجانب من التعليم.


    ولقد أكد الرسول (ص) بقوله: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أهمية تعليم كتاب الله العزيز و أنه هو الأساس للمنهج في التربية الاسلامية، ولفهم القرآن والتعمق في آياته والإحاطة بما ورد بها من أحكام يستلزم الأمر تعلم علوم أخرى اصبح تعلمها لازماً لزوم تعلم القرآن نفسه، لأنها هي التي تعين على فهمه وإدراك مدلوله ومعرفة معنى آياته.


    ومع تأكيد التربية الاسلامية على جعل القرآن وعلوم أهل البيت (ع) محوراً أساسياً للمناهج، فلقد أكدت أيضاً على الاهتمام بعلوم الدين كالفقه والتفسير والحديث وعلوم اللغة والتاريخ الاسلامي، ولقد ارتبط بعلوم الدين جملة من العلوم الأخرى اهمها علم الكلام والمنطق والفلسفة.


    علوم الحياة


    إن ما تم ذكره لا يعني أبداً أن تقتصر المناهج على العبادة فقط بل تشمل ايضاً علوم الحياة .. فالتعليم في المناهج الاسلامي لابد أن يهتم بعلوم الدين لا باعتبارها علوماً منقطعة الصلة بالحياة، بل باعتبارها العلوم التي تساعد المسلم على أن يعرف اصول دينه ويقرأ كتابه ويلم بأحكامه.


    إن المناهج الاسلامي يهتم بعلوم الحياة باعتبارها وسائل العمل وأدوات الانتاج، وسلاح المؤمن في عمران الأرض باعتباره خليفة الله في أرضه، لذا كان لزاماً على المؤمن أن يحيي تلك الأرض لتؤتي خير ثمارها فينعم بها وبما فيها من خير وزينة وجمال.


    ومن هنا، فإن جانب الحياة يأخذ في منهاج التربية الاسلامية نفس القدر من الاهتمام والرعاية التي يأخذها جانب الدين واللغة وعلومها.


    إن نظرة الاسلام الى الإنسان كوحدة (عقل وروح وجسم) تتكامل قواه جميعاً فيما بينها، يحتم على التربية الصحيحة أن تهدف إلى تنمية كل تلك الطاقات على حد سواء بما يحقق التكامل بينها، قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).


    و الانسان يعمل لدنياه ويعمل لأخرته، قال سبحانه: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الأخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا).


    ومن ثم كان التربية في الاسلام أن تهدف الى تعريف المرء بأمور دينه وتصحيح عقيدته ليعبد ربه ويخلص قلبه ويطهر روحه ويتجه الى مولاه في كل أموره، وكذلك إعداد المرء لحياته وتزويده بالمعارف المهنية والعلمية والعملية، فالتربية في الاسلام تهدف الى اصلاح الفرد تكويناً وسلوكاً وعملاً، وتحرص على أن يتكون (الفرد المسلم) تكويناً يندمج في مجتمعه ويمل لخير المسلمين جميعاً، لأن المسلم أخوا المسلم، فهي تؤكد الناحية السلوكية كما تؤكد فردية الفرد واجتماعيته.


    والتربية الاسلامية، تربية تقوم على تعليم المسلم أن يراعي العدل والعدالة بما يقتضيه ذلك من قوله الحق ولو على نفسه والنظر الى بني البشر جميعاً على انهم سواسية كأسنان المشط، فلا فضل لأحد منهم على الأخر إلا بالتقوى.


    إنها تربية تقوم على تحقيق الحرية للمسلم، فالمسلم حر الإرادة والتصرف مادام يوافق الشرع، كما إنها تربية أخلاقية تقوم على الأخلاق والقيم الاخلاقية السامية، وهي تربية إيمانية تقوم على ركيزة الإيمان وتتسق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها.


    بين التربية الاسلامية والوضعية


    نعم، إن التربية الاسلامية تربية محافظة مجددة، إنسانية عالمية، فهي محافظة بما تقوم عليه من مبادئ سماوية خالدة راسخة ثابتة وقيم أصيلة، وهي مجددة لأن الاسلام صالح لكل زمان ومكان، وعلى التربية الاسلامية أن تكون متجددة لتواجه متطلبات العصر.


    وهي انسانية تنظر الى الانسان باعتباره خليفة الله على الارض، ذلك الانسان الذي فضله الله على كثير ممن خلق، وهي عالمية لأنها تنظر الى الكون على أنه وحدة متكاملة من صنع الخالق عز وجل، وإنه خلق الانسان ليعيده حيثما كان موقعه في هذا الكون، كما إنها ليست تربية دينية فحسب بل تربية شمولية لاتقتصر على الاهتمام بعلاقة الانسان بالخالق فحسب، بل وامتدت لتكون منهجاً للحياة في كافة جوانبها، فهي تهتم بحياة الانسان بجانبيها المادي والمعنوي.


    إذاً، فالتربية الاسلامية ليست تربية فردية واجتماعية فحسب بل هي ايضاً تربية شمولية عالمية لا تقتصر على نوع معين من البشر أو المجتمعات، بل تمتد الى الكون بأسره.


    إنها تربية ليس لها حد تقف عنده أو نهاية تنتهي لها، بل هي تربية متصلة باتصال الحياة دائمة بدوامها، تصاحب المرء في كل مراحل حياته.


    أما التربية في النظم الوضعية التي تسود في المجتمعات غير الإسلامية، فهي تربية سطحية منقوصة لا تخاطب العمق الإنساني، ولا تلامس الوعي الوجداني لدى الفرد، ولذلك فهي ليست ذات تأثير محسوس على السلوك الخارجي لديه، ولا تفجّر النداءات الخيرة في داخله، وبلحاظ هذه الامور، ينشأ الفرد جامد الإحساس في نظرة للأخر، ينهار في أول صدمة من صدمات الحياة.


    وأما المعرفة التي يكتسبها الإنسان في المجتمعات الغربية وغير الإسلامية طيلة حياته لا تعصمه من الانزلاق في هاوية الانحطاط والتردي في المزاق الاخلاقية المهلكة.

    احلام الاحمدي
    اقتصاد منزلي وتربية فنية
    شعبه(أ)

    ردحذف
  9. امل عابد المطرفي
    اقتصاد منزلي وتربيه فنيه
    شعبه أ
    اساليب التربيه:
    أسلوب التلقين
    1. يقول الإمام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه- " قلب الحدث كالأرض الخالية ،
    ما ألقي فيها من شيء قبلته ، و إنما كان كذلك لأن الصغير أفرغ قلباً ، و أقل
    شغلاً و أيسر تبذلاً ، و أكثر تواضعاً " .
    2. أخرج الطبراني و ابن النجار عن علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – أن النبي
    صلى الله عليه و سلم – قال " أدبو أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم ، و حب آل
    بيته ، و تلاوة القرآن فإن حملة القرآن في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله مع
    أنبيائه و أصفيائه ".
    أولاً : تلقين القرآن :
    1. ذكر ابن كثير في كتاب " فضائل القرآن – ص44) عن ابن عباس قال " توفي رسول
    الله عليه السلام – و أنا ابن عشر سنين و قد قرأت المحكم " .
    2. و هذا ابن مسعود – رضي الله عنه – يورث بناته سورة من القرآن تقيهم الفقر .
    3. ذكر الإمام ابن كثير في فضل سورة الواقعة : أن الحافظ ابن عساكر روى بسنده
    إلى أبي ظبية قال : مرض عبد الله بن مسعود مرضه الذي توفي فيه فعاده عثمان بن
    عفان فقال ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي ، قال فما تشتهي ؟ قال رحمة ربي قال : ألا
    آمر لك بطبيب ؟ قال : الطبيب أمرضني قال : ألا آمر لك بعطاء ؟ قال : لا حاجة لي
    فيه قال : ما يكون لبناتك من بعدك قال : أتخشى على بناتي الفقر ؟ إني أمرت
    بناتي يقرأن كل ليلة سورة الواقعة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم –
    يقول " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً " .
    4. و أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو أن رجلاً جاء بابن له فقال يا رسول
    " إن ابني يقرأ المصحف بالنهار و يبيت الليل فقال رسول الله عليه الصلاة و
    السلام ما تنقم ؟ إن ابنك يظل ذاكراً و يبيت سالماً " .
    5. و أخرج الطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أنه كان إذا ختم القرآن جمع
    أهله و ولده فدعا لهم " .
    6. و ذكر ابن كثير عن ابن عباس " أنه قال لرجل ألا أتحفك بحديث تفرح به قال :
    بلى " قال اقرأ تبارك الذي بيده الملك و علمها أهلك و جميع ولدك و صبيان بيتك و
    جيرانك فإنها المنجية و المجادلة تجادل و أو تخاصم يوم القيامة عند ربها
    لقارئها و تطلب له أن ينجيه من عذاب النار ، و تنجي صاحبها من عذاب القبر ، قال
    رسول الله صلى الله عليه و سلم ، لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي ".
    ثانياً : تلقين الحديث :
    و كان ذلك بمجالسة رسول الله و حضورهم مجالسه و اصطحابه لهم :
    1. اخرج الترمذي عن أبي الحوراء السعدي ربيعة بن شيبان قال : قلت للحسن بن علي
    رضي الله عنهما ما حفظت من رسول الله ؟ " قال : حفظت منه " دع ما يريبك إلى ما
    لا يريبك فإن الصدق طمأنينة و الكذب ريبة " .
    2. و أخرج البخاري و مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : لقد كنت على عهد
    رسول الله غلاماً فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ها هنا رجالاً أسن
    مني .
    3. و أورد الخطيب البغدادي في " الكفاية " ص 205 . " أن عائشة أم المؤمنين رضي
    الله عنها قال ت لابن اختها عروة بن الزبير : يا بني بلغني أنك تكتب عني الحديث
    ثم تعود فتكتبه فقال لا أسمعه منك على شيء ثم أعود فأسمعه على غيره، فقالت :
    هل تسمع في المعنى خلافاً ؟ قال : لا ، قالت لا بأس بذلك " ( ).
    ثالثاً : تعليم و تلقين السيرة النبوية :
    1. قال زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم " كنا نعلم مغازي رسول
    الله صلى الله عليه و سلم كما نعلم السور من القرآن .
    2. و عن اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : كان أبي يعلمنا
    المغازي و السرايا و يقول : يا بني أنها شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها ( ) .
    رابعاً : تعليم و تلقين الأذكار و الأدعية :
    عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كنت عند خالتي ميمونة فأتاه المؤذن فخرج إلى
    الصلاة و هو يقول " اللهم اجعل في قلبي نوراً ، و اجعل في لساني نوراً ، و من
    أمامي نوراً و اجعل من فوقي نوراً ، و من تحتي نوراً ، اللهم أعظم لي نوراً "
    رواه ابن خزيمه .
    أسلوب التربية بالعادة
    يقول الشيخ عبد الله ناصح علوان في كتابه القيم ( تربية الأولاد في الإسلام ) "
    إن التربية بالعادة و التأديب هي من أهم دعائم التربية ، و أمتن وسائلها في
    تنشئة الولد إيمانياً و تقويمه خلقياً ، ذلك لأنها تعتمد على الملاحظة و
    الملاحقة ، و تقوم على الترغيب و الترهيب ...
    و لقد كانت نصيحة الإمام الغزالي خير دليل على ضرورة تلقين الولد الخير و
    تعويده عليه " و الصبي أمانة عند والديه و قلبه الطاهر جوهرة نفيسة ، فإن عود
    الخير و علمه نشأ عليه و سعد في الدنيا و الآخرة " و صدق الشاعر حين قال :
    و ينشأ ناشي الفتيــــان فينا على ما قد عوده أبوه
    و ما دان الفتى بحجا و لكن يعوده التدين أقربـــوه
    و رحم من قال :
    قد ينفع الأدب الأولاد في الصغر و ليس ينفعهم من بعده أدب
    إن الغصون إذا عدلتـها اعتدلت و لا يلين و لو لينته الخشب
    تعويد الصلاة :
    1. اخرج الطبراني عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال : حافظوا على
    أبنائكم في الصلاة و عودوهم الخير فإن الخير عادة ".
    و يقوم الصحابي بنفسه بتعليم طفله ما يحتاجه في صلاته بل قبل صلاته و يبين له
    كيفية الوضوء :
    2. أخرج أبو داود عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال : " دعاني أبي علي بوضوء
    فقربته له ، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه ، ثم مضمض
    ثلاثاً ، و استنشق ثلاثاً ، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليمنى إلى
    المرفق ثلاثاً ً ثم اليسرى كذلك ، ثم مسح برأسه مسحة واحدة ثم غسل رجله اليمنى
    إلى الكعبين ( ثلاثاً ) ثم اليسرى كذلك ، ثم قام قائماً فقال : ناولني ،
    فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه ثم شرب من فضل وضوئه قائماً فعجبت ، فلما
    رآني قال : لا تعجب فإني رأيت أباك النبي يصنع مثل ما رأيتني صنعت يقول لوضوئه
    هذا و شرب فضل وضوئه قائماً .
    و تهيئته للإمامة :
    و من هذا القبيل ما يدل عليه ما رواه البخاريّ في صحيحه عن عمرو بن سلمة رضي
    الله عنه أنه قال : َلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ
    قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ ،‏ وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ ،‏ فَلَمَّا
    قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
    حَقًّا فَقَالَ «‏ صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا ،‏ وَصَلُّوا كَذَا
    فِى حِينِ كَذَا ،‏ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ ،‏ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ
    ،‏ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً »‏ .‏ فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ
    أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآناً مِنِّى ،‏ لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ
    ،‏ فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ،‏ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ
    سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ ،‏ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ
    عَنِّى ،‏ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ
    قَارِئِكُمْ .‏ فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِى قَمِيصاً ،‏ فَمَا فَرِحْتُ
    بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ .‏
    فانظروا رحمكم الله كيف حفظ من أفواه الركبان قسطاً من كتاب الله فاق ما حفظه
    بنو قومه رغم تلقيهم عن خير الخلق صلى الله عليه و سلّم ، و الأغرب من ذلك أنّه
    تصدّر لإمامة قومه في الصلاة رغم حداثة سنّه إلى حدّ لا يُعاب عليه فيه انحسار
    ثوبه عن سوأته .
    تعويد الصوم :
    أخرج الإمام البخاري و مسلم عن الربيع بنت معوذ قالت : ارسل رسول الله – عليه
    السلام – صبيحة يوم عاشوراء إلى قرى الأنصار ، من كان اصبح صائماً فليتم صومه و
    من كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه ، فكنا نصومه بعد ذلك و نصوم صبياناً
    الصغار منهم و نذهب على المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن ( أي الصوف ) فإذا
    بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه حتى يكون عند الإفطار " .
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عند شرح الحديث : 5/14 " و في الحديث حجة على
    مشروعية تمرين الصبيان على الصيام ، لأن من كان مثل السن الذي ذكر في هذا
    الحديث فهو غير مكلف و إنما صنع لهم ذلك للتمرين " .
    تعويد الحج :
    أخرج مسلم و مالك عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله – عليه السلام –
    لقي ركباً بالروحاء ( مكان يمر به الذاهب إلى بدر من المدينة المنورة ) فقال :
    " من القوم ؟ قالوا : المسلمون فقال : من أنت ؟ قال : رسول الله فرفعت إليه
    إمرأة صبياً فقالت : ألهذ حج ؟ قال : نعم ، و لك أجر " .
    تعويد كتمان السر :
    1- اخرج الإمام البخاري و مسلم و احمد – و اللفظ لأحمد – عن ثابت ( البناني )
    عن أنس رضي الله عنه قال : خدمت رسول الله – عليه السلام- يوماً ، حتى إذا رأيت
    أني فرغت من خدمتي ، قلت : يقيل رسول الله عليه السلام أي ينام نومة القيلولة و
    تكون وقت الضحوة الكبرى – فخرجت إلى صبيان يلعبون ، قال فجئت انظر إلى لعبهم
    قال : فجاء رسول الله فسلم على الصبيان و هم يلعبون فدعاني رسول الله إلى حاجة
    له فذهبت فيها و جلس رسول في فيء حتى أتيته ، و احتبست عن أمي عن الإتيان الذي
    كنت أتيها فيه فلما أتيتهما قالت : ما حبسك ؟ قلت : بعثني رسول الله في حاجة له
    قالت و ما هي ؟ قلت هو سر لرسول الله ، قالت فاحفظ على رسول الله سره . قال
    ثابت : قال لي أنس : لو حدثت به أحداً من الناس – أو لو كنت محدثاً به – لحدثتك
    به يا ثابت .
    2- وعن ابْن عَبَّاسٍ قال : كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ
    فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ r خَلْفِي مُقْبِلاً فَقُلْتُ :
    مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ r إِلا إِلَيَّ، قَالَ : فَسَعَيْتُ حَتَّى
    أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار، قَالَ : فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي
    فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً ( ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة )
    فَقَالَ : اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ : وَكَانَ كَاتِبَهُ
    فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ : أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ r
    فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ" . [ رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم ] .
    تعويد أدب الاستئذان :
    روى البخاري في الأدب ( 2/515) عن عطاء قال : سألت لبن عباس ، فقلت : أستأذن
    على أختي ؟ فقال : نعم ، فأعدت فقلت : أختان في حجري ، و أنا أمونهما و أنفق
    عليهما ، أستأذن عليهما ؟ قال نعم أتحب أن تراهما عريانتين ؟ ثم قرأ ( يا أيها
    الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث
    عورات .........الآية ) (النور : 58)
    قال ابن عباس : فالإذن واجب .
    تعويد التضحية و الجهاد في سبيل الله :
    1- اخرج ابن عساكر عن سعد ابن أبي وقاص – رضي الله عنه – قال : رد رسول الله
    عمير بن أبي وقاص – رضي الله عنه – عن مخرجه إلى بدر و استصغره فبكى عمير – رضي
    الله عنه - فعقدت عليه حمالة سيفة ، و قد شهدت بدراً ، و ما في وجهي إلا شعرة
    واحدة امسحها بيدي " اخرجه الحاكم ( 3/88) و البغوي بما معناه .
    2- ما أخرجه ابن أبي شيبة عن الشعبي : أن أمرأة دفعت إلى ابنها يوم أحد السيف ،
    فلم يطق حمله فشدته على ساعده بنسعه ، ثم أتت به النبي ، فقالت يا رسول هذا
    ابني يقاتل عنك فقال النبي أي بني احمل ه هنا ، أي احمل ها هنا فأصابته جراحة
    فصدع فأتي به النبي فقال : أي النبي لعلك جزعت ؟ قال : لا يا رسول ) . كما في
    كنز العمال .
    3- أخرج البخاري عن عروة بن الزبير – رحمه الله- قال : كان في الزبير ثلاث
    ضربات إحداهن في عاتقه إن كنت لأدخل أصابعي فيها ، ألعب بها و أنا صغير . قال
    له أصحاب رسول الله يوم اليرموك ألا تشد فنشد معك ؟ قال : إن شددت كذبتم-
    يريدون تتخلون عني – قالوا : لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوفهم فجاوزهم و ما
    معه أحد ، ثم رجع مقبلاً ( فأخذ بلجامه ) فضربوه ضربتين على عاتقه ، بينهما
    ضربة ضربها يوم بدر ، قال : عروة و كان معه عبد الله ( عبد الله بن الزبير و هو
    يومئذ غلام ) فحمله على فرس و وكل به رجلاً ".
    قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : وكأن الزبير آنس من ولده عبد الله شجاعة
    وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه، فجعل معه
    رجلاً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال .
    4- و أخرج بن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه : أن النبي بايع الحسن و الحسين ،
    و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن جعفر و هم صغار و لم يبلغوا ، قال و لم
    يبايع صغيراً منا " ( ).
    5- روى البخاري عن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – قال : بينما أنا واقف في
    الصف يوم بدر ، فنظرت عن يميني و شمالي فإذا أنا بغلامين من الأنصار ، حديثة
    أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع منها – أي أقوى منهما – فغمزني أحدهما فقال :
    يا عم هل تعرف أبا جهل ؟ قلت : نعم ، ما حاجتك إليه يا ابن أخي ؟ قال أخبرت أنه
    يسب رسول الله !! و الذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت
    الأعجل منا ! فتعجبت لذلك ، فغمزني الآخر فقال لي مثلها ، فلم أنشب أن نظرت إلى
    أبي جهل يجول في الناس ، فقلت : ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتما ، فابتدراه
    بسيفيهما ، فضرباه حتى قتلاه ! ثم انصرفا إلى رسول الله فأخبراه ، فقال : "
    أيكما قتله ؟ " قال كل واحد منهما : أنا قتلته . فقال : " هل مسحتما سيفيكما ؟"
    قالا : لا ، فنظر في السيفين فقال : كلاكما قتله ، سلبه لمعاذ بن عمرو بن
    الجموح " . و كانا : معاذ بن عفراء ، و معاذ بن عمرو بن الجموع ".
    6- و إن الأمهات ليفرحن باستشهاد أولادهن :
    أخرج احمد عن أنس – رضي الله عنه – أن حارثة بن الربيع جاء يوم بدر نظاراً ،
    وكان غلاماً ، فجاء سهم غرب – أي : لا يعرف راميه – فوقع في ثغرة نحره ، فتله
    فجاءت أمه فقالت : يا رسول الله قد علمت مكان حارثة مني ، فإن كان من أهل الجنة
    فسأصبر ، و إلا فسيرى الله ما أصنع قال: فقال : " يا أم حارثة إنها ليست بجنة
    واحدة و لكنها جنات كثيرة و إنه في الفردوس الأعلى " .
    تعويد سنة السلام :
    أخرج البخاري و مسلم عن أنس رضي الله عنه أنه مر على صبيانه فسلم عليهم و قال :
    كان رسول الله عليه السلام يفعله .
    أخرج الترمذي عن أنس – رضي الله عنه – قال : قال لي رسول " يا بني إذا دخلت على
    أهلك فسلم يكن بركة عليك و علي أهل بيتك " .
    قال الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري 13/270) قال ابن بطال : في السلام على
    الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة ، و فيه طرح الأكابر رداءً الكبر ، و سلوك
    التواضع و لين الجانب " .
    تعويده قضاء حاجات الناس :
    أخرج البخاري و مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله " كان رجل
    يداين الناس و كان يقول لفتاه إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز
    عنا ، فلقي الله فتجاوز عنه " .




    أسلوب الثواب و العقاب
    إن أية عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الإثابة والعقاب في ترشيد السلوك بصورة
    متوازنة وعقلانية ، فإن الانحراف في السلوك سيكون نتاج هذه التربية.
    أولاً : أسلوب الثواب :
    1- منادته بأحب الأسماء إليه:
    - فرسول الله عليه السلام كان ينادي السيدة عائشة و لم تكن تتعدى الثانية عشرة
    عاماً : ياعائش و هو ترخيم للاسم لزيادة الألفة و المودة .
    - و كان عليه السلام ينادي أنس رضي الله عنه يا أُنيس .

    2- مداعبته و التصابي له :
    - روى الطبراني عن جابر – رضي الله عنه – قال دخلت على النبي عليه السلام و هو
    يمشي على أربع ( أي يديه و رجلين ) و على ظهره الحسن و الحسين و هو يقول " نعم
    الجمل جملكما و نعم العدلان أنتما " .
    - و أخرج الإمام أحمد بإسناد حسن عن عبد الله بن الحارث – رضي الله عنه – قال :
    كان رسول الله عليه السلام يصُف عبد الله و عبيد الله و كثير بن العباس – رضي
    الله عنهم – ثم يقول : " من سبق إلى فله كذا و كذا " قال : فيستبقون إليه
    فيقعون على ظهره و صدره فيقبلهم و يلتزمهم " .
    و تعتبر المداعبة و التعليم بطريق اللعب ، من الوسائل التي تعتبرها المدارس
    الغربية في التربية اليوم من أنجع الوسائل و أهمها و أقربها إلى نفس الطفل و
    أنفعها له ، رغم أن الهدي النبوي سبق إلى ذلك و قرره و شرع فيه صاحبه صلى الله
    عليه و سلّم بالفعل ، في مواقف كثيرة من أشهرها ما رواه الشيخان و غيرهما من
    حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ
    النَّاسِ خُلُقاً ،‏ وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ -‏ قَالَ
    أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ -‏ وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ «‏ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا
    فَعَلَ النُّغَيْرُ »‏ .‏ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ،‏ فَرُبَّمَا حَضَرَ
    الصَّلاَةَ وَهُوَ فِى بَيْتِنَا ،‏ فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِى تَحْتَهُ
    فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ ،‏ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا
    .‏
    و مداعبته صلى الله عليه و سلم لأبي عمير رضي الله عنه درسٌ عظيم يرسم منهجاً
    في تربية الأطفال و تعليمهم و آباءهم بأسلوب التشويق و التودد لهم ، و لذلك
    اهتم العلماء بهذا الحديث أيّما اهتمام .
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ( الفتح ) : ( في هذا الحديث عدّة فوائد جمعها
    أبو العباس الطبري المعروف بابن القاصّ الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزءِ
    مفرد ، و ذكر ابن القاصّ في أوّل كتابه أنّ بعض الناس عاب على أهل الحديث أنّهم
    يروون أشياء لا فائدة فيها ، و مثل ذلك التحديث بحديث أبي عمير هذا ، قال : و
    ما درى أنّ في هذا الحديث من وجوه الفقه و فنون الأدب و الفائدة ستين وجهاً ثمّ
    ساقها مبسوطةً.
    3- تقبيله :
    - روى البخاري أن أبا هريرة – رضي الله عنه – قال قبل رسول الله الحسن بن علي
    و عنده الأقرع بن حابس التميمي جالس ، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت
    منهم أحداً فنظر رسول الله إليه ثم قال : من لا يرحم لا يُرحم " .
    - روى البخاري أن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء أعرابي إلى النبي و قال
    أتقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم فقال النبي عليه السلام أو أملك أن نزع الله من
    قلبك الرحمة ؟ " .

    4- اللمسة الحانية الدالة على المحبة :
    و تكون في المصافحة ، و المسح على رأسه و صدره و غيرها مما يشعر الناشئ بالأمان
    و الحنان و يحكي واحد من صحابة رسول الله و يقول " ما لمست من حرير و لا ديباج
    ألين من كف رسول الله و ما صافحه أحد و نزع يده إلا كان الذي يصافحه هو الذي
    نزع أولاً " .

    ثانياً : أسلوب العقاب :
    1- شد الأذن :
    و قد فعله النبي عليه السلام فيما يرويه الإمام النووي عن عبد الله بن بسر
    المازني الصحابي – رضي الله عنه – قال : بعثتني أمي إلى رسول الله عليه السلام
    يقطف من عنب فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه فلما جئت أخذ بأذني و قال " يا غدر "
    .
    2- الضرب :
    3- و آخر الدواء الكي فلا يكون الضرب إلا بعد استنفاد أساليب التربية جميعها و
    وسائل العقاب كلها مثل (النظرة الحادة – الهمهمة – مدح عيره أمامه – الإهمال –
    الحرمان – الهجر و الخصام – التهديد ) و قد حدد هذه الوسيلة النبي عليه السلام
    عندما قال " مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع ، و اضربوهم عليها و هم أبناء
    عشر " فقال عليه السلام مروا و لم يقل قبل العاشرة : " اضربوا " .
    و إذا لجاءنا لهذه الوسيلة فهناك أشياء يجب مراعاتها و هي( ):
    1- الضرب للتأديب كالملح للطعام لا يزيد و لا ينقص .
    2- لا تضرب بعد وعدك بعدم الضرب لئلا يفقد الثقة فيك .
    3- مراعاة حالة الناشئ المخطئ و سبب الخطأ .
    4- لا يضرب على الناشئ على أمر صعب التحقيق ( لأنه لم يحصل على الدرجة النهائية
    مثلاً ).
    5- إظهار العصا للطفل دائماً حتى يهابها .
    6- يعطى الفرصة إذا كان الخطأ لأول مرة .
    7- رؤيته لمن يضرب من غيره .
    8- لا يضرب أمام من يحبه .
    9- اضربه بنفسك و لا تتركه لغيرك خاصة أخوته و زملاءه .
    10- لا يضرب في مكان واحد .
    11- لا يضرب في الأماكن المؤذية كالوجه و البطن و الصدر .
    12- لا يضرب بالحذاء أو النعل ( الشبشب) أو بالطوب .
    13- الامتناع عن الضرب فوراً إن أصر الناشئ على خطئه و لم ينفع الضرب .
    14- عدم الضرب أثناء الغضب الشديد .
    15- عدم الانفعال أثناء الضرب .
    16- عدم إرغام الطفل على الاعتذار بعد الضرب وقبل أن يهدأ لأن فيه إذلالاً له و
    مهانة .
    17- أشعره أنك عاقبته لمصلحته و ابتسم في وجهه و حاول أن تنسيه الضرب .

    أسلوب التربية بالأحداث والموقف
    الحياة أحداث و مواقف متتالية . و الأحداث و المواقف لها عواملها و أسبابها ، و
    لها كذلك نتائجها و مخرجاتها . و في كل حدث أو موقف يكمن درس ينبغي أن نعيه و
    التربية بالأحداث و المواقف الوقاعية من أهم أساليب التربية الإسلامية ، فقد
    استخدم الرسول من الأحداث و المواقف العملية دروساً لقنها للمسلمون و لقنوها هم
    لأولادهم :
    و من هذه المواقف :
    1- موقف حادثة المرأة المخزومية التي سرقت على عهد رسول الله و عزُ على بعض
    القرشيين أن ينفذ فيها حد السرقة الذي أمر به الله في كتابه العزيز ، و لجأوا
    لأسامة بن زيد – حب رسول الله و ابن حبه – يشفعونه في هذا الأمر الخطير كي يعفي
    المرأ من حد السرقة و يقبل فيها أي غرامة أو عقوبة أخرى . فكان لابد من درس
    يثبتمعنى المساواة في العقوبات كما هي ثابتة في كل التكاليف و يزيل أوهام
    الفوارق الطبقية بين الناس . لذا جاء الدرس التربوي في حينه و موضعه فقال
    الرسول لأسامة بن زيد ( أتشفع في حد من حدود الله تعالى ؟) ثم قام فخطب ثم قال
    ) إنما أهلك الذين الين قبلكم لأنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، و إذا سرق
    فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، و أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقُطعت
    يدها .
    1- فقد أخرج البخاري و مسلم عن عمر بن أبي سلمة – رضي الله عنهما – قال : "
    كنت غلاماً في حجر رسول الله – عليه السلام – فكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال
    لي رسول الله " يا غلام : سم الله تعالى و كل بيمينك ، و كل مما يليك . فما
    زالت تلك طعمتي بعدُ)" .فهذا تعلم أدب الطعام من هذا الموقف و استمر عليه ..
    2- موقفه من الفضل بن عباس – رضي الله عنهما – عندما رآه ينظر إلى امرأة جميلة
    فيحول وجه الفضل : أخرج الإمام أحمد عن الفضل بن عباس قال كنت رديف رسول الله
    من جمع – أي : مزدلفة إلى منى فبينما هو يسير ، إذا عرض له أعرابي مردفاً ابنة
    له جميلة ، كان يسايره ، قال : فكنت انظر إليها ، فنظر إلى النبي عليه السلام
    فقلب وجهي عن وجهها ، ثم أعدت النظر ، فقلب وجهي عن و جهها حتى فعل ذلك ثلاثاً
    ، و أنا لا أنتهي فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ".. و تعلم الفضل غض البصر
    و لم ينسى هذا الموقف حتى قصه علينا لنتعلم ...
    3- و هذا موقف لنبي الله يعلم فيه الأم صدق التعامل مع الولد :
    أخرج أبو داود عن عبد الله بن عامر قال : دعتني أمي يوماً و رسول الله قاعد في
    بيتنا ، فقالت تعال أُعطك فقال لها عليه السلام ما أردت أن تعطيه ؟ " قالت :
    أردت أن أعطيه تمراً ، فقال لها : أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة " .
    يقول أحد كبار المربين " إذا أردت غرس عادة الطاعة ، فتفرغ قبل كل شيء على
    دراسة ابنك و قف على ما يفكر فيه و اعرف كيف يستجيب لما يعرض عليه . فكر ملياً
    في وعودك قبل أن تعده بها ، فإذا وعدت فأوف بوعدك ، أو أوضح العلة في خلف الوعد
    حتى تستبقي ثقة الطفل بك )
    4- و لتعليم الناشئ توقير الكبير: روى الترمذي بسنده عن أنس رضي الله عنه –
    قال جاء شيخ يريد النبي عليه السلام فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له ، فقال النبي
    عليه السلام " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، و لم يوقر كبيرنا" .
    5- و لتربيته على آداب المسجد :
    - روى ابن ماجه بسنده عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهم قال : رأى رسول الله
    عليه السلام نخامة في قبلة المسجد و هو يصلي بين يدي الناس فحتها ثم قال حين
    انصرف من الصلاة " إن أحدكم إذا كان في الصلاة كان الله قبل وجهه فلا يتنخمن
    أحدكم قبل وجهه في الصلاة " .
    - روى البخاري بسنده عن أبي واقد الليثي قال : بينما رسول الله في المسجد فأقبل
    ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله و ذهب واحد ، فأما أحدهما فرأى خرجة فجلس
    فيها و أما الآخر فجلس خلفهم ، فلما فرغ رسول الله قال ألا أخبركم عن الثلاثة :
    أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله ، و أما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه و
    أما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ".
    - و من أدب مقاومة الإسراف و التبذير و الدعوة إلى الاقتصاد : روى البزار
    بسنده عن طلحة رضي الله عته قال : كان رسول عندنا ، و كان صائماً فأتيناه عند
    إفطاره بقدح من لبن ، و جعلنا فيه شيئاً من عسل فوضعه و قال : أما إني لا أحرمه
    و من تواضع لله رفعه ، و من تكبر وضعه الله ، و من اقتصد أغناه الله ، و من بذر
    أفقره الله " .
    أسلوب التربية بالقصة

    قال بعض علماء السلف ( ) الحكايات جند من جنود الله تعالى يثبت الله بها قلوب
    أوليائه.
    و شاهده من كتاب الله سبحانه و تعالى " و كلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت
    به فؤادك " سورة هود: (آية: 120 ).
    و قال أبو حنيفة – رضي الله عنه – " الحكايات عن العلماء و محاسنهم أحب إلى من
    كثير من الفقه لأنها آداب القوم " .
    و هذا نهج النبي عليه السلام مع الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً فقصة غلام
    الأخدود لا تغيب على أحد منا ، فهي قصة قدمها لنا النبي عن طفولة غلام و تضحيته
    في تبليغ دعوة الله و الثبات عليها رغم كل المخاطر التي حلت به .

    1- أخرج مسلم عن صهيب – رضي الله عنه – أن رسول الله قال : كان ملك فيمن كان
    قبلكم ، و كان له ساحر فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث لي غلاماً أعلمه
    السحر فبعث إليه غلاماً يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه و سمع
    كلامه فأعجبه و كان إذا أتى إلى الساحر مر بالراهب و قعد إليه فإذا أتى الساحر
    ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي و إذا خشيت
    أهلك فقل : حبسني الساحر .
    فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم :
    الساحر أفضل أم الراهب أفضل ؟ فأخذ حجراً فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب
    إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها و مضى الناس
    فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب : أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك
    ما أرى و إنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي .
    و كان الغلام يبرئ الأكمه ( من ولد أعمى) و الأبرص ( من بجسمه بياض ) و يداوي
    الناس من سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمى فأتاه بهدايا كثيرة فقال :
    ما هاهنا أجمع لك إن أنت شفيتني فقال : إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى
    فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله لك فشفاك فآمن بالله فشفاه الله تعالى .
    فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك : من رد عليك بصرك؟ قال : ربي
    قال أولك رب غيري؟ قال : ربي و ربك الله ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل الغلام
    فجيء بالغلام فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما يبريء الأكمه و الأبرص
    و تفعل و تفعل ! فقال إني لا أشفي أحداً و إنما يشفي الله تعالى فأخذه فلم يزل
    يعذبه حتى دل على الراهب .
    فجيء بالراهب فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فدعا الملك بالمنشار فوضع المنشار في
    مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك فأبى
    فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه .
    ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك . فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه ، فقال
    : اذهبوا به إلى جبل كذ و كذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن
    دينه و إلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا ذروته فإن رجع عن دينه و إلا فاطرحوه
    فذهبوا به فصعدوا به الجبل فسقطوا و جاء يمشي إلى الملك ! فقال له الملك : ما
    فعل أصحابك ؟ فقال كفانيهم الله تعالى !
    فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقورة ( أي : زورق صغير
    ) و توسطوا به البحر فإن رجع عن دينه و إلا فاقذفوه ، فذهبوا به فقال : اللهم
    اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا و جاء يمشي إلى الملك فقال له
    الملك ما فعل أصحابك ؟ فقال له كفانيهم الله تعالى .
    فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما أمرك به قال : ما هو ؟ قال : تجمع
    الناس في صعيد واحد ، و تصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في
    كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الله هذا الغلام ، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك
    قتلتني !
    فجمع الناس في صعيد واحد و صلبه على جذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم
    في كبد القوس ثم قال : بسم الله رب هذا الغلام ثم رماه فوقع السهم في صُدعه(
    ما بين العين إلى شحمة الأذن) فمات !! فقال الناس : آمنا برب هذا الغلام !.
    فأتي الملك فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر ، و قد و الله نزل بك حذرك قد آمن
    الناس ! فأمر بالأخدود بأفواه السكك ( الطرق) فخَدت (شقت) و أضرم فيها النيران
    و قال : من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو قيل له : اقتحم ففعلوا حتى جاءت
    امرأة و معها صبي لها ، فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام " يا أماه اصبري ،
    فإنك على الحق!".
    2- قصة الأبرص و الأقرع و الأعمى :

    روى البخاري و مسلم عن أبي هريرة أنه سمع النبي عليه السلام يقول إن ثلاثة من
    بني إسرائيل : " أبرص و أقرع و أعمى " أراد الله أن يبتليهم ( يختبرهم ) بالنعم
    و هل هم شاكرون لها مؤدون حقوقها ؟
    فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص :
    الملك : أي شيء أحب إليك ؟
    الأبرص لون حسن و جلد حسن و يذهب عني الذي قد قذرني الناس فمسحة فذهب عنه قذره
    و أعطي لوناً حسناً .
    الملك : أي المال أحب إليك ؟
    الأبرص : الإبل فأعطي ناقة عُشراء ( حاملاً ).
    الملك : بارك الله لك فيها .
    فأتى الأقرع :

    الملك : أي شيء أحب إليك ؟
    الأقرع :شعر حسن ، و يذهب الله عني الذي قذرني الناس . فمسحه فذهب عنه و أعطي
    شعراً حسناً ...
    الملك : أي المال أحب إليك ؟
    الأقرع : البقر فأعطي بقرة حاملاً .
    الملك : بارك الله لك فيها .
    فأتي الأعمى :
    الملك : أي شيء أحب إليك ؟
    الأعمى :أن يرد الله بصري فأبصر الناس فمسحه فرد إليه بصره .
    الملك : أي المال أحب إليك ؟
    الأقرع : الغنم فأعطي شاة والداً ( حاملاً).
    فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من الإبل و لهذا واد من البقر و لهذا واد من
    الغنم .
    ثم إنه أتى الأبرص في صورته و هيئته
    الملك : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم ( أي معونة
    من مال ) إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن و الجلد الحسن و المال
    بعيراً أتبلغ به في سفري .
    الأبرص : الحقوق كثيرة !!..
    الملك : كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس ؟ فقيراً فأعطاك الله ؟.
    الأبرص : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر ( أباً عن جد) !!
    الملك : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
    و أتى الأقرع في صورته و هيئته
    الملك : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم
    بك أسألك بالذي أعطاك الشعر الحسن و المنظر الحسن و المال بقرة أتبلغ به في
    سفري .
    الأقرع : الحقوق كثيرة !!..
    الملك : كأني أعرفك ألم تكن أقرع يقذرك الناس ؟ فقيراً فأعطاك الله ؟.
    الأقرع : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر .
    الملك : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
    و أتى الأعمى في صورته و هيئته


    الملك : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم
    بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ به في سفري .
    الأعمى : قد كنت أعمى فرد الله على بصري فذ ما شئت و دع ما شئت فو الله لا
    أجهدك ( لا أعرضك ) بشيء أخذته لله عز و جل .
    الملك : أمسك مالك فإنما اُبتليتُم ( اُختبرتم) فقد رضي الله عنك و سخط على
    صاحبيك )..
    عبر و عظات من الحديث :
    1- التحذير من كفران النعم و الترغيب في شكرها و الاعتراف بها و حمد الله عليها
    .
    2- فضل الصدقة و الحث على الرفق بالضعفاء و إكرامهم و تبليغهم مآربهم.
    الزجر عن البخل ، لأنه يحمل صاحبه على الكذب و على جحد نعمة الله تعالى .
    3-قصة الخشبة العجيبة :
    روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ( أنه ذكر رجلاً من بني
    إسرائيل سال بعض بني إسرائيل أن يُسلفه (يُقرضه) ألف دينار .
    المقرض : ائتني بالشهداء أُشهدهم .
    المقترض : كفى بالله شهيداً .
    المقرض : فائتني بالكفيل .
    المقترض : كفى بالله كفيلا .
    المقرض : صدقت فدفعها إليه إلى أجل غير مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم
    التمس مركباً يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركباً ، فأخذ خشبة
    فنقرها فأدخل فيها ألف دينار ... و صحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ( أسده)
    ثم أتى بها البحر .
    المقترض : " اللهم إنك تعلم أني تسلفت فلاناً ( اقترضته منه) ألف دينار فسألني
    كفيلاً فقلت كفى بالله كفيلاً فرضي بك و سألني شهيداً فقلت كفى بالله شهيداً
    فرضي بك و إني جهدتُ نفسي ( بذلت جهدي) أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم
    أقدر و إني استودعتكها ( أي اجعلها في أمانتك ) فرمي بها في البحر !! حتى ولجت
    فيه ثم انصرف و هو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان
    أسلفه ( أقرضه) ينظر : لعل مركباً قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال
    !!! فأخذها لأهله حطباً !فلما نشرها وجد المال و الصحيفة !!! ثم قدم الذي كان
    أسلفه ، فأتى بألف الدينار .
    المقترض : و الله ما زلتُ جاهداً في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركباً قبل
    الذي أتيت فيه .
    المقرض : هل كنت بعثت إلى بشيء ؟ .
    المقترض :أخبرك أني لم أجد مركباً قبل الذي جئت فيه .
    المقرض : فإن الله أدى عنك الذي بعثت في الخشبة ، فانصرف بألف الدينار راشداً .
    و كم في هذه القصة من عبر و عظات و فوائد :
    1- حسن التاقضي و حسن الوفاء .
    2- بذل أقصى ما في الوسع للوفاء بالدين .
    أسلوب القدوة
    القدوة في التربية هي من أنجع الوسائل المؤثرة في إعداد الناشئ خلقياً و تكوينه
    نفسياً و اجتماعياً .. ذلك أن المربي هو المثل الأعلى في نظر الناش و الأسوة
    الصالحة في عينه يلقده سلوكياً و يحاكيه خلقياً من حيث يشعر أو لا يشعر .. بل
    تنطبع في نفسه و إحساسه صورته القولية و الفعلية و الحسية و المعنوية من حيث
    يدري أو لا يدري !!.
    و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بشخصه و شمائله و سلوكه و تعامله مع الناس
    ترجمة عملية بشرية حية لحقائق القرآن و تعاليمه و آدابه و تشريعاته ، و لما فيه
    من أسس تربوية إسلامية و أساليب تربوية قرآنية ( ).
    و لذلك بعث الله الرسول ليكون للمسلمين على مر التاريخ القدوة الصالحة و
    للبشرية في كل زمان و مكان السراج المنير و القمر الهادي ..
    " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة...) ]الأحزاب :21[.
    و سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله فقالت : " كان خلقه القرآن
    " .
    و لقد لخصت الجاهلية خلقه عندما قالت في مجمع كبير من الناس " ما جربنا عليك
    كذباً قط "
    أما القدوة التي أعطاها النبي – عليه السلام :
    1- في العبادة :
    · روى البخاري و مسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : كان رسول الله يقوم من
    الليل حتى تتورم قدماه و لما قيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و
    ما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبداً شكورا"؟ .
    · تقول عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله يدع العمل و هو يحب أن يعمل به .
    خشية أن يعمل الناس به فيفرض عليهم .
    · و يروي أنس بن ملك أن النبي واصل : أي صام مواصلاً الليل و النهار . و النهار
    بالليل يومين أو ثلاثة , و كان ذلك في آخر رمضان , فواصل الناس معه فبلغه ذلك ,
    فقال " لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون " أي المبالغون " تعمقهم
    إني لست مثلكم ، إني أظل يطعمني ربي و يسقيني " أي يعنني و يقويني ".

    2- قدوة الكرم : روى الحافظ أبو الشيخ عن أنش بن مالك رضي الله عنه قال : لم
    يسأل رسول الله شيئاً قط على الإسلام إلا أعطاه و أن رجلاً أتاه فسأله ،
    فأعطاه غنماً بين جبلين ، فرجع إلى قومه ،فقال : أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء
    من لا يخشى الفاقة.
    3- قدوة الزهد :
    · روى ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :" ما شبع رسول الله من خبز
    بُر(حنطة) ثلاثة أيام تباعاً منذ قدم المدينة حتى مضى سبيله ".
    · يقول عبد الله بن مسعود : دخلت على رسول الله و قد قام على حصير ، و قد أثر
    في جنبه الشريف فقلت : يارسول الله لو اتخذنا لك وطاء تجعله بينك و بين الحصير
    يقيك منه ! فقال : " ما لي و للدنيا ، ما أنا و الدنيا إلا كراكب استظل تحت
    شجرة ثم راح و تركها " .

    4- قدوة التواضع :
    كان يبدأ أصحابه بالسلام ، و ينصرف بكليته إلى محدثه سواء كان صغيراً أو كبيراً
    ، و كان أخر من يسحب يده إذا صافح ، و كان يذهب إلى السوق و يحمل بضاعته ، و
    كان يرقع ثوبه و يخصف نعله و يخدم في مهنة أهله و يجلس على الأرض و يأكل مع
    الخادم و يقضي حالة الضعيف و البائس ...
    و كيف لا يكون كذلك و قد أنزل عليه الله سبحانه و تعالى " و اخفض جناحك
    للمؤمنين " ]الشعراء : 215[.
    5- قدوة في الحلم:
    · روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال : كنت مع رسول الله و عليه بُرد نجراني
    غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عاتق
    النبي و قد أثرت به حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال : يا محمد مر لي من مال
    الله الذي عندك فالتفت غليه فضحك ثم أمر له بعطاء .
    · و موقفه ممن أسرفوا في إيذائه و أمعنوا في اضطهاده و أخرجوه من بلده و تآمروا
    على قتله و قذفوه بكل بهتان من القول و الزور ... فما كان منه عليه الصلاة و
    السلام إلا أن جمعهم و مناهم و أمنهم .. و قال لهم قولته الخالدة " ما ترون أني
    فاعل بكم ؟ قالوا أخ كريم و ابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
    و كيف لا يكون هذا حلمه و قد أنزل عليه الله :
    " فاصفح الصفح الجميل " ]الحجر:85[
    6- قدوة القوة الجسدية : فقد صرع ركانة سيد المصارعين ثلاث مرات و قال له بعد
    الثالثة أشهد أنك رسول الله .
    7- قدوة الشجاعة :
    · فزع أهل المدينة ليلة فانطلق ناس قبل صوت فتلقاهم رسول الله و قد سبقهم إلى
    ذلك الصوت و استبرأ الخبر على فرس عُريٍ لأبي طلحة ، و السيف في عنقه و هو يقول
    لن تُراعُوا ..
    · و يوم حنين وقف عليه السلام على بغلته و الناس يفرون عنه و هو يقول أن النبي
    لا كذب أنا ابن عبد المطلب
    فما رُئي أحد يومئذ كان أثبت منه و لا أقرب للعدو .
    و الذين لهم علم بالحرب يعرفون أنه بهذين الموقفين تُمتحن الشجاعة و يُعرف بطل
    الأبطال ، فليس أصعب على النفس من السبق إلى الخطر ، و لا من الصبر عليه ، و قد
    استولى الخوف ، و غلب الرعب )( ).
    8- قدوة الثبات على المبدأ :
    لا ننسى موقفه عندما ظن عليه الصلاة و السلام أن عمه مُسلمُُه ، و خاذله ،و
    متخل عن نصرته وقف وقفة اليقين و الثبات و قال " و الله يا عم ؟ لو وضعوا الشمس
    في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو
    أهلك دونه " .
    9- قدوة حسن السياسة :
    لما أعطى النبي بعد حنين قريشاً و قبائل العرب و لم يعط الأنصار شيئاً كثرت من
    الانصار القالة (الكلام) حتى قال بعضهم : لقي و الله قومه ! فجمعهم النبي ثم
    قال : يا معشر الانصار ما قالة بلغتني وجدة وجدتموها على أنفسكم ، ألم آتكم
    ضلالاً فهداكم الله و عالة (فقراء) فأغناكم الله ،و أعداء فألف بين قلوبكم ؟
    قالوا بل الله أمنُ و أفضل .. ثم قال ألا تجيبون يا معشر الأنصار ؟ فقالوا :
    بماذا بجيب ؟ لله و رسول المن و الفضل ! .. قال أما و الله لو شئتم لقلتم
    فلصدقتم و صدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك و مخذولاً فنصرناك و طريداً فآويناك و
    عائلاً فآسيناك أوجدتم يا معشر الأنصار من لعاعة (بقية) من الدنيا تألقت بها
    قوماً ليسلموا ووكلتم إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة و البعير و
    ترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟!فوالذي نفس محمد بيده !لولا الهجرة لكنت أمرءاً
    من الأنصار و لو سلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار و
    أبناء الأنصار و أبناء أبناء الأنصار !فبكى القوم حتى اخضلوا لحاهم ( أي ابتلت
    بالدموع ) و قالوا رضينا برسول الله قسماً و حظاً !.
    و تفسر هذه الكلمات كيف جمع رسول الله الناس إلى مصلحة الإسلام العليا و غرض
    نصرة الإسلام و عزه و غاية تأليف القلوب .
    و هل يستطيع أحد أن يحصي فضائل الرسول و مزاياه بعد أن وصفه ربه بهذا الوصف
    الرائع :" و إنك لعلى خلق عظيم "
    و لقد تأسى أصحاب النبي محمد عليه السلام بنبيهم لأنهم وجدوا فيه المثل الأعلى
    في العبادة و الأخلاق و حسن القدوة و الملاطفة و المعاملة .. فأصبحوا هم مثلاً
    و أنموذجاً للتأسي بأفعالهم الحميدة و أخلاقهم الكريمة ..: و حيث قال الصحابي
    الجليل عبد الله بن مسعود " رضي الله عنه " من كان متأسياً فليتأس بأصحاب رسول
    الله فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً و أعمقها علماً و أقلها تكلفاً ، و
    أقومها هدياً و أحسنها حالاً .. اختارهم الله لصحبة نبيه و إقامة دينه ،
    فاعرفوا لهم فضلهم ، و اتبعوهم في آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " .
    و مازال شباب الإسلام في كل عصر يستقوم من معين فضائلهم و يستضيئون بنور
    مكارمهم ، و ينهجون في التربية نهجهم و يسيرون في بناء المجد سيرهم ،لكونهم خير
    القرون هدياً ...
    أسلوب الحوار و الاستجواب ( )
    و ذلك بطرح الأسئلة على أصحابه ، ليثير انتباههم و يحرك ذكاءهم و يقدح فطنتهم و
    يسقيهم المواعظ المؤثرة في قالب الإقناع و المحاجاة .
    أمثلة:
    1- روى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال
    : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أتدرون من المسلم ؟ قالوا الله و
    رسوله اعلم . قال : المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده . قال : أتدرون من
    المؤمن ؟ قالوا الله و رسوله أعلم . قال : المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم
    و أمواله ثم ذكر المهاجر فقال : و المهاجر من هجر السوء فاجتنبه .
    2- و روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله :"
    أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقي من درنه شيء
    ؟ قالوا لا يبقي من درنه شيء . قال : ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن
    الخطايا ".
    3- و روى البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
    الله عليه و سلم : أتدرون من المفلس ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له و لا
    متاع . قال المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة و صيام وزكاة و يأتي و قد
    شتم هذا و أكل مال هذا و سفك دم هذا و ضرب هذا فيعطى هذا من حسناته و هذا
    حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم
    طرح في النار ".
    4- أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله – صلى الله
    عليه و سلم – أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، و
    لا تحتُ ورقها ، فوقع في نفسي : النخلةُ ، فكرهت أن أتكلم و تم أبو بكر و عمر
    فلما لم يتكلما قال النبي عليه السلام : هي النخلة " فلما خرجت مع أبي قُلتُ :
    يا أبتاهُ ، وقع في نفسي أنها النخلة " قال : ما منعك أن تقولها ؟ لو كنت قلتها
    كن أحب إلي من كذا و كذا قال : ما منعني إلا أني لم أرك و لا أبا بكر تكلمتما
    فكرهتُ .
    هكذا يكون أدب الصغار مع الكبار و هكذا يكون تشجيع الكبار للصغار ، و نجد أيضاً
    حرص سيدنا عمر بن الخطاب على أن يصطحب معه ابنه عبد الله بن عمر إلى حضور مجلس
    الرسول و يشجعه على المشاركة في الحديث إن كان لديه علم بتلك الأمور المبحوثة
    حتى لو كان أصغر من يحضر تلك المجالس ، و حرصه على تنمية الموهبة عند ولده ،
    رضي الله عنهما .


    أسلوب ضرب الأمثال
    معنى المثل :
    " المثلُ بفتتحتين ، و المِثل بالكسر ، و المثيِل كالشبه و الشبه و الشبيه
    وزناً و معنى في الجملة ، و هو من( مثُل الشيء مثولاً ) إذا انتصب بارزاً فهو
    ماثل ، و مثلُ الشيء بالتحريك صفته التي توضحه و تكشف عن حقيقته ، أو ما يراد
    بيانه من نعته و أحواله و قد يكون تمثيل الشيء أي وصفه و الكشف عن حقيقته عن
    طريق المجاز أو الحقيقة بتشبيهه ، و أبلغه تمثيل المعاني المعقولة بالصورة
    الحسية ، و عكسه و منه الأمثال المضروبة "( ).
    "و البلاغة تقضي بأن تضرب الأمثال لما يراد تحقيره و التنفير عنه ، بحال
    الأشياء التي جرى العرف بتحقيرها و اعتادت النفوس النفور منها " .
    1- مثال من القرآن : ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ) (الجمعة : 5)
    أي كلفوا العمل بها و لم يعملوا بما فيها ( كثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل
    القوم الذين كذبوا بآيات الله و الله لا يهدي القوم الظالمين ) (الجمعة : 5) و
    اختيار الحمار لتشبيه من يقرأ كتاب الله و لا يعمل به يثير انفعال الاشمئزاز من
    هؤلاء و الشعور بتفاهتهم و ضياعى عقولهم .
    و في الوقت ذاته يلاحظ أن إثارة انفعالات التقزز و الكره و الاحتقار لمعاني
    الشرك و الكفر و لضياع التفكير السليم عند المشركين أو الضالين ، يقابله إثارة
    انفعال الارتياح لمعاني الإيمان لدى المؤمن و الاعتزاز بالولاء لله لمجرد شعور
    المؤمن بالخلاص مما وقع فيه هؤلاء و الترفع عن أحوالهم بما هداه الله إليه .
    2- مثال من السنة النبوية :
    مر رسول الله بالسوق وراى تهتفت الناس على مغانم الدنيا و مصالحها و مرابحها ،
    فأراد أن يبين لهم هواها كما ثبت في حديث جابر رضي الله عنه " أن رسول الله مر
    على بالسوق و الناس كنفتيه – أي على جانبيه – فمر بجدي أسك صغير الأذن ميت
    فتناوله فأخذ بإذنه ثم قال :" أيكم يحب أن يكون له هذا بدرهم ؟ " فقالوا ما نحب
    أنه لنا بشيء و ما نصنع به ؟ ثم قال " أتحبون أنه لكم " ؟ أي بدون عوض قالوا :
    و الله لو كان حياً كان عيبه أنه أسكُ فكيف و هو ميت ؟" فقال " فوالله للدنيا
    أهون على الله من هذا عليكم " ( )
    و هكذا شبه رسول الله الدنيا عند الله بقيمة هذا الجدي الميت عند الصحابة الذين
    كانوا معه
    رعاية الناشئ الموهوب


    يقول الإمام ابن القيم " و مما ينبغي أن يعتمد حال الصبي ، و ما هو مستعد له من
    الأعمال ، و مهيأ له منها فيعلم أنه مخلوق له ، فلا يحمله على غيره ما كان
    مأذوناً فيه شرعاً ، فإنه إن حمل على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه ، و فاته
    ما هو مهيأ له فإذا رآه حسن الفهم و الإدراك ، جيد الحفظ مراعياً فهذه من
    علامات قبوله و تهيؤه للعلم لينقشه في لوح قلبه ما دام خالياً ، فإنه يتمكن فيه
    و يستقر و يزكو معه . و إن رآه بخلاف ذلك من كل وجه و هو مستعد للفروسية (
    الحياة العسكرية ) و أسبابها من الركوب و الرمي و اللعب بالرمح و إنه لإنفاذ له
    في العلم و لم يخلق له ، مكنه من أسباب الفروسية و التمرين عليها فإنه أنفع لها
    و للمسلمين و إن رآه بخلاف ذلك ، و أنه لم يخلق لذلك ، ورأى عينه مفتحة إلى
    صنعة من الصنائع مستعداً لها قابلاً لها و هي صناعة مباحة نافعة للناس فليمكنه
    منها "( ).

    سنقف أمام حديث نبوي واحد لإمام المربين محمد عليه السلام
    نفقه منه أصول التربية الخالدة للناشئ( ).

    ( عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال : أتى على رسول الله و أنا ألعب مع الغلمان
    فسلم علينا ، فبعثني رسول الله في حاجته ، فأبطأت على أمي ، فلما جئت قالت : ما
    حبسك ؟ فقلت : بعثني رسول الله في حاجة . قالت : ما حاجته ؟ قلت إنها سر ، قالت
    : لا تخبرن بسر رسول الله أحداً قال أنس : و الله لو حدثت به أحداً لحدثتك به
    يا ثابت ) مسلم و أخرج بعضه البخاري مختصراً

    1- أنس بن مالك يدرج في العاشرة من عمره مهمته الأساسية خدمة رسول الله ، و
    الخادم عليه أن يكون ليل نهار بين يدي سيده و احتاج الرسول حاجة ضرورية ملحة و
    لم يجد خادمه بين يديه ، هل بعث وراءه من يجلبه عنوة لينزل به عقوبته كما يفعل
    المربي عند خطأ تلميذه أبداً بل خرج هو وراءه يبحث عنه . فلا يجد المعلم أو
    المعلمة غضاضة أن يبحث عن تلميذه إن كان له به حاجة ، و هذا لا ينقص من شأنه و
    التربية الحديثة تقوم على الصداقة بين المربي و الناشئ.
    2- (أتى علي رسول الله وأنا ألعب مع الغلمان)،فلقد ترك أنس مهمته الرئيسية وخرج
    يلعب مع الغلمان,لا بد له إذن من عقوبة حسب ما هو راسخ في أذهاننا,وضع اللعب في
    وقت العمل والجد.و لنكن واقعيين .كيف يفعل المعلم/المعلمة يوم يرى التلميذ
    يعبث بحقيبته أو يكلم رفيقه أثناء الدرس أنه يستاشيط غضباً و يعتبر ذلك إهانة
    له و ينزل العقوبة القاسية و يرى أن التلميذ لا يحترم الدرس و لا المعلم و لا
    العلم .
    هذا مفهوم خاطئ عرفنا خطأه من رسول الله فاهتمامات الناشئ هي الأولى بالرعاية
    لا اهتمامات المربي و مهمة المعلم هبي القدرة على تصريف الطاقات و إثارة
    الاهتمامات بالإضافة إلى ناحية مهمة و هي حاجة الناشئ الملحة إلى اللعب و لا بد
    أن تلبي حاجنه و من أجل هذا لم نجد رسول الله يغضب أو يزمجر أو يتوعد و حاشاه
    عليه الصلاة و السلام فلقد روى أنس رضي الله عنه في حديث آخر أن الرسول لم
    يضرب خادماً و لا إمراة قط و يقول أنس :
    خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي أف قط و ما قال لي لشيء فعلته لم فعلته و
    ما قال لي لشيء تركته لم تركته .
    3- ( فسلم علينا) يا لله .. سلم على الأطفال اللاهين العابثين و لم يتفرق
    الأطفال عند رؤيته ذعراً منه . فهم يشعرون أن صديقاً حبيباً لهم أتى لمكان
    لعبهم فسلم عليهم فردوا عليه السلام إنها إنما شخصية الناشئ و مواهبه و كم يشعر
    الناشئ بشخصيته و قيمته يوم يرى رسول الله يمر عليه و هو يلعب فيلقي عليه
    السلام . هل خطر بذهن المربي اليوم أن يلقي السلام على تلاميذه حتى و هم يلعبون
    ؟
    4- ( فبعثني في حاجته..) و ضن علينا أنس أن يخبرنا بهذه الحاجة ، فلا شك أنه
    ساره بها من بين زملائه و لو قالها له علناً لعرفها كل رفاقه لقد اختاره من بين
    رفاقه لمهمة و تظهر لأعيننا الآن فكرة الفروق الفردية و مراعاتها فكل طفل له
    طاقاته و إمكاناته ..
    لقد راعى رسول الله شخصيات الأطفال جميعاً يوم ألقى عليهم السلام و هم يلعبون
    ثم راعى الفروق الفردية بطبيعة ظروفهم فأنس يعمل عنده فساره رسول الله بحاجته و
    بعثه بها .
    5- و كم يشعر أنس بثقة لا حد لها ، و اعتزاز لا حد له يوم رضي رسول الله أن
    يساره و يبعثه بحاجته إنه يحس أنه ملك الدنيا بأسرها . و كل ما تحلم التربية
    الحديثة اليوم هو النمو الصحيح لشخصية الناشئ و إمكاناته و لقد كان لهذا السلوك
    النبوي أعظم الأثر في نمو شخصية الناشئ .
    6- (فأبطأتُ على أمي ..) و هذا يعطينا جانباً من الاهتمام الشخصي لدى أنس بحاجة
    رسول الله و رغم أنه يعلم أن أمه سوف تحاسبه على تأخره و لكنه تناسى ذلك أمام
    الاهتمام الكبير الذي استثير لديه و أمام رغبته الملحة أن يلبي حاجة رسول الله
    مهما كلفه ذلك من ثمن و أهم ما تركز عليه التربية الحديثة لتحقيق العملية
    التعليمية السليمة هو إثارة التشويق و الاهتمام ليتلقى الطفل العلم من ذاته لا
    من إرادة خارة عنه أو مفروضة عليه .
    7- ( فلما جئت قالت : ما حبسك)؟
    8- و هنا يبرز دور البيت في التربية و البيت مؤول أن يهتم بتصرفات أولاده و أن
    يتعرف على سلوكهم فلا غرابة أن تسأل المربية العظيمة و المسلمة الخالدة أم
    سُليم ابنها عن مكان و أسباب احتباسه و هي تعلم أن على عاتقها مسئولية ضخمة في
    دراسة تصرفات ابنها و سلوكه و هذا ما تدعو إليه التربية الحديثة من الاهتمام
    بسلوك الأفراد و التعرف على نفسياتهم .
    9- ( قلت : كنت في حاجة رسول الله ) . فهي الشخصية النامية السليمة التي اعتدت
    بوجودها ووثقت باستقلالها حتى عن أمها . كنت في حاجة رسول الله فهو صاحب
    مسؤولية وصاحب ثقة و صاحب قضية و لو كان غلام يلعب مع الغلمان قبل لحظات أما
    الآن فهو يحمل أعباء خاصة به و هي في حاجة رسول الله التي لباها .
    10- (قالت : ما حاجته ؟ قلت : إنها سر) .
    يا لله .. طفل في العاشرة من عمره تسأله أمه التي لا يمكن أن يختبيء عليها سر و
    التي تعرف كل تحركات ابنها . و تحصي كل شوارده و مع هذا يقف أنس الغلام بشخصيته
    المتميزة و كيانه المستقل و ثقته الكبيرة ليقول لأمه إنها سر .
    إنها الثمرة الثالثة من ثمرات التربية النبوية فالثمرة الأولى : إشاعة الثقة في
    نفسية الناشيء يوم ساره من بين زملائه ، و الثمرة الثانية : إثارة الاهتمام يوم
    أبطأ على أمه لاهتمامه بحاجة رسول الله و الثمرة الثالثة : النمو السليم و
    المتكامل يوم احتفظ بسر رسول الله حتى عن أمه أقرب المقربين إليه .
    11- (قالت : لا تخبرن بسر رسول الله أحداً ..) : يا لروعة التربية .. البيت
    المسلم بجانب التربية النبوية ، إن الأم أحياناً لتضرب ابنتها و تؤذيها يوم
    تكتم شيئاً عنها و يدفعها دافع الفضول إلى إدراجها في المز الق لمحاولة استخراج
    أسرارها بل و تعتبر ذلك إهانة لها يوم لا تسارها بكل شيء بينما نجد المربية
    العظيمة أم سليم و منذ عرفت من ابنها الصغير أن حاجة رسول الله سر و أنها خاصة
    به و أن هذا الطفل محط أسرار نبيه و محل ثقته – تابعن مهمة التربية النبوية و
    هيأت لها المجال لتأخذ مداها الصحيح فلم تضرب و لم تثر و لم تستدرج بل شجعت على
    هذا النمو و على هذه الثقة و على هذه الثقة و على هذا التكوين الرائع للشخصية
    فقالت لا بنها الحبيب لا تخبرن بسر رسول الله أحدا ، و كم وجدنا كل طرائق
    التربية الحديثة تفشل مع التلاميذ لأنت البيت لا يتعاون مع المدرسة.
    12- يقول أنس ( و الله لو حدثت به أحداً لحدثتك به يا ثابت ) أي سر رسول الله .
    إننا الآن لسنا مع طفل بل مع شيخ كبير يقص على أحد تلاميذه الشباب ذكرى من
    ذكريات طفولته إننا مع أنس الصحابي الجليل محدث أهل البصرة و قد تحلق حوله
    تلامذته الشباب و على رأسهم ثابت و حدثهم عن قصة من قصص طفولته التي أثرت في
    نفسه حتى هذا السن فرواها بتفاصيلها و جزئياتها لشدة تأثره بها .
    نحن أمام نموذج عملي من بين آلاف و عشرات الألوف من النماذج رأينا فيه الجانب
    النظري في التربية و الجانب العملي و ثمرة التربية التي حفظت سر رسول الله مائة
    عام ثم استمر إلى أن يرث الله الأرض و من عليها لا يعلمه إلا رب العالمين ..

    و نجد أن هذا النموذج قد تناول المبادئ الأربعة للتربية الحديثة :
    1- التعليم الذاتي
    2- العلم للخبرة العلمية
    3- الفروق الفردية
    4- تنمية المواهب .

    كم نحن بحاجة إلى فهم تاريخنا و تراثنا و ديننا و إسلامنا ......

    و هذا نموذج آخر لتنمية المواهب في عصر عمر بن الخطاب

    روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما – و كان دون الحلم – أنه قال : كان عمر
    بن الخطاب رض الله عنه يدخلني – أي في أيام خلافته – مع أشياخ من بدر ( أي في
    المشورة ) فكأن بعضهم وجد في نفسه ( أي غضب ، فقال لم يدخل هذا معنا و لنا
    أبناء مثله
    فقال عمر : أنه من حيث قد علمتم ( أي ممن خصه عليه الصلاة و السلام بالدعاء له
    : " اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل ) .
    فدعاني ذات مرة فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم .
    قال ما تقولون في قوله تعالى : " إذا جاء نصر الله و الفتح .."؟
    فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله و نستغفره إذا نصرنا و فتح علينا و سكت بعضهم
    فلم يقل شيئاً.
    فقال لي : أكذلك تقول : يا ابن عباس ؟
    فقلت : لا .
    قال : فما تقول ؟
    قلت : هو من أجل رسول الله عليه الصلاة والسلام أعلمه له قال : " إذا جاء نصر
    الله و الفتح .." و ذلك علامة أجلك " فسبح بحمد ربك و استغفره أنه كان توابا ".
    فقال عمر رضي الله عنه : ما أعلم منها إلا ما تقول .

    فانظر رحمك الله اهتمام خليفة المسلمين ( الحاكم ) بأمر هذا الغلام الحدث و
    تنمية قدراته و مهاراته ....

    من أقوال المعلمين المسلمين السابقين
    الأوائل في التربية
    1- قوله عليه السلام : " أيما مؤدب ولي ثلاثة من هذه الأمة فلم يعلمهم بالسوية
    فقيرهم مع غنيهم ، و غنيهم مع فقيرهم حشر يوم القيامة مع الخائتين " .
    2- قول ابن مسعود رضي الله عنه " ثلاث لابد للناس منهم ، لابد للناس من أمير
    يحكم بينهم و لولا ذلك لأكل بعضهم بعضاً : و لا بد للناس من شراء المصاحف و
    لولا ذلك لقل كتاب الله ، و لابد للناس من معلم يعلم أولادهم و يأخذ على ذلك
    أجراً و لولا ذلك لكان الناس أميين " .
    3- " إذا قوطع المعلم على الأجرة فلم يعدل بينهم ( يعني الصبيان – كتب من
    الظلمة ".
    "الحسن رضي الله عنه "
    4- " لا ينبغي للمعلم أن يرسل الصبيان في قضاء حوائجه ، و لا سؤال الهدية منهم
    و لا يحل يحل للمعلم أن يكلف الصبيان فوق أجرته شيئاً من هدية و غير ذلك ، و لا
    يسألهم في ذلك فإن أهدوا عليه على ذلك فهو حرام .."
    "الفقيه المعلم ابن سحنون "
    5- " ينبغي أن يكون للصبي مؤدب عاقل ذو دين بصير برياضة الأخلاق ، حاذق بتخريج
    الصبيان ، و قور رزين بعيد عن الخفة و السخف ، قليل التبذل و الاسترسال بحضرة
    الصبي ، غير كز و لا جامد ، حلو لبيب ذو مروءة و نظافة و نزاهة ".
    " الشيخ الرئيس ابن سينا "
    6- " ... فالوالد سبب الوجود و الحاضر و الحياة الفانية ، و المعلم سبب الحياة
    الباقية ، و لولا المعلم لانساق ما حصل من جهة الأب إلى الهلاك الدائم "
    "المعلم الفيلسوف أبو حامد الغزالي "

    أهم أسس التربية الأسلامية القويمة نقدمها للوالدين في صورة نصائح ثمينة
    أولا: تفاهم مع زوجتك على منهج التربية وأسلوبها، واحذر من الاختلاف والتناقض :
    لا شك أن التفاهم بين الزوجين أساس التربية المثلى وقوامها: فلا يمكن أن تنهض
    تربية قويمة للأولاد، ما لم تقم على أساس راسخ من التفاهم بين الزوجين، على
    منهج التربية الإسلامية القويمة، وأسسها ومبادئها، وأهدافها وغايتها، وأساليبها
    ووسائلها، ونحن نعلم أن التفاهم لا يمكن أن يكون على كل شيء، وإنما يكون على
    الخطوط العريضة، والمبادئ العامة، ولا بد من مساحة بعد ذلك لحرية التصرف من قبل
    كل الوالدين بما لا يخرج عن تلك الخطوط، وبما لا يتعارض مع توجيه الطرف الآخر
    ورأيه، بل واحترام رأيه وتقديره أمام الأولاد.
    ولا يخفى أن التفاهم بين الزوجين إنما يقودنا إلى التركيز على حسن الاختيار قبل
    الزواج من قبل كل من الزوجين للطرف الآخر.. فإذا لم يتم حسن الاختيار أولا، فلا
    بد من المعاناة والاجتهاد لتوحيد التصورات والمفاهيم، وإقناع الطرف الآخر
    بالتوجه الإسلامي الواعي، لتبدأ خطوات التربية على منهج واضح، وأسس بينة سليمة.
    ثانيا: وضح أهدافك في الحياة في نفسك أولا، واحرص على تطابق سلوكك مع أهدافك
    فإن أهدافك العليا تؤثر في أولادك بصورة أو بأخرى.. وإن أهداف الإنسان وتوجهاته
    تحدد مساره في الحياة، وترسم سلوكه، ويؤكد لنا ذلك أن الله تعالى عندما عالج في
    القرآن الكريم أسباب هزيمة المسلمين في غزوة أحد، نص على هذه الحقيقة فقال
    سبحانه: "منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة.." (سورة آل عمران، الآية:
    152).
    فبين الله سبحانه أن إرادة الدنيا، والتوجه إليها ينعكس على سلوك الإنسان
    بالخلل بالهدف الأعلى من الحياة الذي حدده الله لعباده.. وهو بلوغ مرضاة الله
    تعالى.. وهذا الهدف يتفرع إلى أهداف أدنى منه وأصغر.. وهذه الأهداف لا يربطها
    بالإسلام إلا أن تكون مشتقة من الهدف الأكبر، معززة له..
    فعندما تكون مشتقة من قيم الإسلام ومبادئه، فإنها تترجم ولا بد في حياة
    الإنسان، وفي سلوكه العملي، كما تتجلى في أخلاقه ومواقفه..
    وعندما تغيب هذه الأهداف العليا السامية عن تصورات الإنسان وسلوكه فإنه تضطرب
    شخصيته ولا تستقر، ويتخبط في حياته، ولا يهنأ، ولا يدري أين يتوجه أو يسير،
    وكذلك الإنسان عندما يرين على قلبه غشاء الأهواء والسيئات، ويتكثف فيه ركام
    الشهوات والشبهات، وتستغرق حياته فيها، فيتوجه قلبه إلى الأهداف الصغيرة،
    ويتعلق بها، فقد تكون أهدافه جمع الأموال، أو التطلع إلى كثرة النساء، أو الحرص
    على الجاه بين الناس، أو المنصب، أو الرئاسة..
    ومثل هذا الإنسان رجلا كان أو امرأة أنى له أن يغرس في نفس أولاده قيم الإسلام
    وآدابه، أو أن يحملهم على سلوك سبيله، أو الالتزام بهديه.؟ إذ أن فاقد الشيء لا
    يعطيه، وكل إناء لا ينضح إلا بما فيه.
    ثالثا : تدرج في تربية الأبناء ورعايتهم وتكليفهم، واحذر من الإهمال والتسويف
    اعلم أخي ولي الأمر أن التربية عملية تنشئة مستمرة، وأهم مقومات نجاحها
    وإثمارها: أن تكون متدرجة متمهلة، لا تنطلق من ردود الأفعال، ولا تأخذها فورة
    حماسة آنية، ثم يعقبها همود وتراخي، أو تترجح وتتذبذب بين الاهتمام البعيد عن
    الواقع أو الإهمال والتسويف..
    وإنما التدرج في التربية كما أنه أصل راسخ في التشريع الرباني، فهو أصل راسخ في
    التربية والبناء والالتزام.
    وإن من معاني الرب سبحانه: أنه يربي عباده بما يصلحهم، من السراء والضراء،
    والشدة والرخاء، والمنع والعطاء، والابتلاء بالخير والشر، ويتدرج بهم في ذلك
    كما تدرج بعباده رحمة بهم في مجال التشريع، ولم يكلفهم ما لا طاقة لهم به.
    وإن من مقتضى هذه الحقيقة في تربية الناشئين ألا يحمل الناشئ المسؤولية الكبيرة
    قبل إن ينجح في تحمل المسؤولية الأدنى، ويتدرج في ذلك بصورة طبيعية معقولة،
    وألا يمنح العطاء الكبير قبل أن يختبر عقله وحكمته، وسيرته وعمله مع العطاء
    اليسير، ويظهر حسن تصرفه فيه، وأن يتدرج معه المربي في كل شأن من شؤونه تدرجا
    طبيعيا، يتلاءم مع نموه الجسمي والعقلي والنفسي، لا يزيد عن ذلك فيفسد نموه
    واتجاهه، ولا ينقص عنه فيكبت طاقاته، ويقتل طموحه وإبداعه.
    ويمكن أن يستدل لذلك بقول الله تعالى: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل
    الله لكم قياما، وارزقوهم فيها واكسوهم، وقولوا لهم قولا معروفا، وابتلوا
    اليتامى، حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم.."
    (سورة النساء).
    فالسفيه هو الذي لا يحسن التصرف بأمواله، لا يعطى له ماله الخاص، بل يحجز عنه
    حتى يثبت رشده، وقد وصف الله تعالى أمواله: بأنها أموال الأمة، وإن من مسؤولية
    الأمة أن ترعى أبناءها وتحسن توجيههم بما يعود عليهم بالخير والرشد.
    كما أمر الله الأوصياء باختبار اليتامى الذين يكونون تحت رعايتهم أن يختبروا
    رشدهم في التصرف بأموالهم، وذلك لا يكون إلا بالتدرج في التصرف بها، فإن ظهر
    رشدهم تدفع إليهم أموالهم عندئذ، وإلا فإنها يجب أن تبقى تحت وصاية الأمة ممثلة
    بمن ينصبه القاضي للقيام بهذه المهمة.
    ويشبه ما نحن بصدده ما قاله الحكماء قديما: "طعام الكبار سم للصغار" فكما أن
    اللحم طعام للكبار شهي، ولكنه قد يكون سما قاتلا للطفل الرضيع، الذي لا تتحمل
    معدته أكثر من حليب أمه.
    وأما الإهمال والتسويف في أمر التربية: فهو الداء الوبيل، والشر المستطير، الذي
    ضيع الحقوق، وأفسد الحياة، وقد ابتلي به المسلمون على اختلاف فئاتهم: على مستوى
    الأفراد في أنفسهم، وعلى مستوى علاقات الأفراد مع الآخرين والمسؤوليات المنوطة
    بهم.
    رابعاً : احرص على تربية أولادك منذ الطفولة الأولى
    التربية منذ الطفولة الأولى: هي الأصل الذي يجب على المؤمن أن يوليه كل
    اهتمامه، وإن التأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته ليعلمنا أن
    التربية العملية للناشئ تبدأ منذ الطفولة الأولى، والأمثلة والنماذج ، والأحداث
    والمواقف في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة مستفيضة، في كل باب من أبواب
    الخير، وفي كل جانب من جوانب الحياة.
    ويخطئ كثير من الآباء والأمهات عندما يظنون أن التربية تبدأ عند سن الرشد ، أو
    قريبا منه، أو في مرحلة الطفولة المتأخرة، بل أن مرحلة التربية تبدأ منذ
    الطفولة الأولى.. والعلماء الربانيون المدققون يعلموننا أن التربية تبدأ قبل
    ذلك بكثير:
    تبدأ من حسن الاختيار بين الزوجين.
    ثم من عقد النية الصالحة على طلب الولد الصالح، عند إتيان الرجل أهله، وسؤال
    الله تعالى ذلك، وصدق اللجوء إليه، والإلحاح في الطلب، وتحديث المرأة نفسها
    بذلك في حملها..
    ثم الحرص على طاعة الله تعالى وذكره، والتحري في طلب الحلال، والبعد عن لقمة
    الحرام والشبهات.
    خامسا: كن قدوة حسنة لأولادك في قولك وفعلك وسلوكك وأخلاقك
    ينبغي أن نعلم أن حب الكمال مغروس في كل نفس، وعلينا أن ننميه في نفوس أبنائنا
    بتوجيهنا الدائب، وسلوكنا العملي، وذلك بأن نكون قدوة لهم، وعلينا أن نرفع
    هممهم وعزائمهم للجد والنشاط، ونحببهم به، ليرتقوا درجاته يوما بعد يوم،
    ويسيروا في مدارجه ولا يتوقفوا، ما دام فيهم عرق ينبض، ونفس يصعد ويهبط.. كما
    أن علينا أن نحبب إليهم معالي الأمور، ونكرههم بسفسافها، ليكونوا من أهل الجد
    والاجتهاد، والعزم والثبات، فعلو الهمة من الإيمان، ولن يشبع مؤمن من خير حتى
    يكون منتهاه الجنة.
    وإن أحوج ما يحتاجه الناشئ: أن يرى القدوة الحسنة فيمن حوله، في والديه على وجه
    الخصوص، وإخوته وأخواته ممن هم أكبر منه سنا، ففي فطرة الإنسان نزعة التقليد
    والمحاكاة للآخرين، وهذه النزعة لا تميز مرحلة الطفولة بخاصة بين التقليد في
    الخير، أو التقليد في الشر، بل إننا نجد أن الكبار لا يميزون أيضا عندما يقعون
    تحت تأثير الإنبهار والإعجاب بالآخرين، فيصبح التقليد أعمى، والاتباع بغير وعي
    ولا تمييز.. فمن ثم فإن خير ما يقدم للناشئ القدوة الحسنة، في الأقوال
    والأفعال، والأخلاق والسلوك.
    وهذه القدوة الحسنة هي خير ما يدعم المبدأ والفكرة التي نريد بثها في نفس
    الناشئ، وتربيته عليها.
    فإذا أردنا أن نغرس الصدق، فإن علينا أن نكون أولا صادقين.
    وإذا أردنا أن نغرس الأمانة في نفوس أبنائنا، فعلينا أن نكون أمناء في أنفسنا
    وسلوكنا.
    وإذا أردنا أن نغرس في نفوس أبنائنا حسن الخلق، فعلينا أن نري أبناءنا في
    كلامنا ومواقفنا، وغضبنا ورضانا: حسن الخلق، وضبط اللسان، وعفة القول، والبعد
    عن البذاءة أو الفحش.
    إن كثير من الأبناء يرون التناقض البين بين سلوك آبائهم وأمهاتهم وبين ما
    يأمرونهم به، ويحثونهم عليه.
    ويخطئ كثير من الآباء والأمهات عندما يظنون أن أبنائهم لا ينتبهون لسلوكهم، ولا
    يلاحظون تصرفاتهم، ولا يحاكمون أفعالهم ولا يقومونها.
    أن الأبناء يزنون آبائهم وأمهاتهم ومربيهم بميزان فطري دقيق، ويقيمون لهم في
    أنفسهم التقدير والاحترام على حسب رجحانهم في ذلك الميزان، أو خسرانهم.
    أيها الآباء والأمهات.. لنكن صرحاء مع أنفسنا، إننا قبل أن نربي نحتاج أن
    نتربى، وقبل أن نتطلب المثالية من أولادنا، ونكلفهم ما نريد من كمال، ينبغي أن
    نكون قدوة حسنة لهم، ونموذجا صالحا.. نبدأ بأنفسنا، ونقوم اعوجاجنا، ثم نأمر
    بما التزمنا به، فلن نرى بعد ذلك من يتلكأ عن طاعتنا، أو يعاند في الإستجابة
    لنا.
    سادسا: اقترب من أولادك، وادخل إلى تفكيرهم، وتفهم جيدا اهتماماتهم
    إن كثيرا من الآباء والأمهات بعيدون عن عالم الأطفال غاية البعد، لقد ودعوا
    حياة الطفولة، وعلى الرغم من أنهم يحتفظون منها بذكريات جملية، يذكرونها في كل
    مناسبة، ويعذرون أنفسهم فيما كانوا عليه من اهتمامات وتوجهات، ولكنهم يتنكرون
    لطفولة أبنائهم، ولا يحاولون أن يتفهموا اهتماماتهم، بل يستقر في قرارة شعورهم
    موقف ردة الفعل من كل اهتمامات أبنائهم وتوجهاتهم.
    ومن هذه النقطة تبدأ الفجوة بين كثير من الآباء والأمهات وبين أولادهم، وهذه
    الفجوة لها مظاهر كثيرة، فهي في البدء تحول نفسيا بين الوالدين وبين توجيه
    أبنائهم، ثم تصد الولد عن أن يستجيب لتوجيه والديه، أويتجاوب مع نصحهم وتقويهم،
    ثم تحمل تلك افجوة بعض الأبناء، ولو كانوا في سن مبكرة على التمرد على والديهم،
    فلا يستجبيون لهم فيما يطلبون منهم. كما يشعر الآباء أن أولادهم لا ينظرون
    إليهم نظرة التقدير والاحترام اللائقة بهم على حسب مكانتهم الفطرية
    والاجتماعية، وفهمهم للحياة، وخبرتهم بها.
    أخيرا ينحصر أثر الآباء في حياة أولادهم بتقديم متطلباتهم المادية دون القيام
    بأي دور تربوي أو تأثير فكري أو سلوكي، وربما قدم الآباء لأولادهم في هذه
    الحالة ماديا ما لا يرون في تقديمه جدوى أو أية فائدة.
    لقد انحصر أثرهم في ذلك، ولم يعد لهم أي أثر آخر.!!
    سبب ذلك كله أن الآباء والأمهات لم يقتربوا من أولادهم، ولم يتفهموا اهتمامتهم
    جيدا، كما لم يتنزلوا إلى متطلبات السن التي هم فيها، فكانت ردة فعل الأولاد من
    ضارة بهم بالذات، كما كانت ضارة بوالديهم.. وكانت النتائج ضارة على كل مستوى.!
    وقد ورد في الأثر عن بعض السلف: "من كان له صبي فليتصابى له"، ومعنى ذلك أن
    يتنزل إلى مستواه، فيداعبه ويلاعبه، ويتفهم اهتماماته ومتطلبات السن التي هو
    فيها، ليستطيع رعايته وسياسته، والدخول إلى قلبه، والتأثير فيه على أحسن وجه.
    سابعا : كن واقعيا ومنطقيا في أوامرك وتكليفاتك
    إن على الوالدين أن يحددا بدقة: ماذا يريدان من أولادهم.؟ ثم أن يعرفا مدى
    استعداد الولد في كل مرحلة من مراحل نشأته وتكوينه، ومدى قدرته الحقيقية على
    الاستجابة لما يطلب منه.؟ فليس النجاح التربوي هو القدرة الفائقة على إلقاء سيل
    من الأوامر والتكليفات، التي قد تكون في كثير من الأحيان لا تتلاءم مع قدرة
    الناشئ، ولا تتناسب مع نموه واستعداده.
    لنذكر أنفسنا أيها الآباء والأمهات والمربون عندما كنا صغارا في مثل سن
    أطفالنا، وكيف كنا نضيق ذرعا عندما كنا نكلف فوق طاقتنا، وكيف نلوم في أنفسنا
    الكبار على عدم تقديرهم لاستعدادنا، ونجد لأنفسنا الأعذار عندما لا نستجيب لما
    يطلب منا..!
    يحضرني دائما في مثل هذه المناسبة، عندما أرى تكليف بعض الناشئين ما ليس في
    وسعهم الاستشهاد بقول الله تعالى:"كذلك كنتم من قبل، فمن الله عليكم فتبينوا"
    (سورة النساء، الأية: 94).
    إن علينا أن نعلم أن كل مرحلة يمر بها الناشئ لها متطلباتها واحتياجاتها، كما
    أن للناشئ فيها قدرته التي لا يستطيع إن يتجاوزها، وليس من الحكمة ولا من
    المنطق أن نكلفه ما لا يطيق، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في أمر
    الخدم، وهو قد يكونون رجالا أقوياء أشداء ألا نكلفهم ما لا يقدرون عليه جسميا،
    فقال صلى الله عليه وسلم: ".. ولا تكلفوهم ما يغلبهم، وإن كلفتموهم فأعينوهم
    عليه.." (جزء من حديث رواه البخاري )
    وإذا كان أكثر الآباء والأمهات لا يكلفون أولادهم جسميا ما لا يقدرون عليه، لأن
    الإرهاق الجسمي يظهر للعيان، وقد يؤدي إلى ضرر جسمي مادي، هم أرحم بأولادهم من
    أن يقعوا فيه، فإن كثيرا من الآباء والأمهات يكلفون أولادهم ما لا يقدرون عليه،
    ولا يتلاءم معهم نفسيا، ثم يلومونهم إذا لم يستجيبوا لهم، ويتهمونهم بالتمرد
    عليهم، والخروج عن طاعتهم.
    ثامنا : املأ فراغ أولادك بما ينفع وقدم لهم البديل النافع الهادف
    الحديث عن فراغ الناشئين، وكيف يملأ يحتاج إلى رسالة مستقلة، وقد كتب في موضوعه
    بعض المهتمين بأمر التربية، ولا يزال الحديث عنه موصولا، ويحتاج إلى المزيد.
    وعندما يذكر الفراغ، وكيف يملأ.؟ تقفز إلى الأذهان صورة التلفاز والفيديو،
    وألعاب الأتاري، وغير ذلك من وسائل التقنية الحديثة التي غزت البيوت، وتسللت
    إلى العقول، واقتحمت غرف النوم، وأصبح يشكو من ويلاتها الكثيرون، ولكن أكثر
    الشاكين يقفون متفرجين عاجزين..!
    ولا يسعنا في هذه الرسالة الموجزة أن نحيط بهذا الأمر من جوانبه، وإنما نوضح
    معالمه، ونضع الأسس الرئيسة لما ينبغي أن يكون عليه الآباء والأمهات في علاقتهم
    بأولادهم في هذا الجانب، وطريقة تربيتهم لهم لاستغلال أوقاتهم، وأسلوب معالجتهم
    لمشكلات فراغهم. ولا شك أن الفراغ مفسدة للإنسان كبيرا كان أو صغيرا وأي مفسدة،
    وهو على الناشئ أضر وأخطر، لما أن الفراغ يعوده على حب اللهو والبطالة، وإنفاق
    العمر فيما يضر ولا ينفع، ومن هنا فإن مما يتأكد على الوالدين أن يفكرا دائما
    في فراغ أولادهم: كيف يملأ.؟ وإن يملكا في ذلك المبادرة الإيجابية، ولا ينتظرا
    ما يقوم به ولدهم، ثم تكون مبادرتهم بعد ذلك إلى المنع والإنكار، وكان خيرا
    لهما وله قبل أن يتعلق قلبه بما يضر ولا ينفع: أن يقدما له البديل المناسب،
    ويرغباه به، وينبغي أن يكون في ذلك البديل ما يناسب سن الناشئ واهتمامه، وإن
    يجذبه ويستهوي نفسه.
    وينبغي أن يراعي الوالدين في البديل الذي يملأ فراغ الناشئ ما يلي:
    - أن تعرف ميول الناشئ، ويحرص المربي على توجيهها وتعديلها بطريقة إقناعية،
    تجعله يتبنى المواقف الصحية ويتحمس لها.
    - أن يُعَّرف الناشئ والناشئة بالهوايات الفكرية والعملية النافعة، ويوجه إلى
    الأخذ بما يرغب منها، ويشجع على ذلك، فإن الاكتشاف المبكر للهوايات الفكرية أو
    العملية النافعة، والتوجيه إليها هو سبيل الإبداع في حياة المبدعين، وقد أثبتت
    الدراسات التربوية المعاصرة: ألا علاقة بين الإبداع وعلو درجة الذكاء في
    المبدعين، وإنما الدرجة العالية من الذكاء أمر ثانوي مكمل، والعلاقة الأكبر
    لتوجهات النفس وميولها، وما تحمله من استعداد لذلك.
    - ألا يكون البديل صارما، يجري على وتيرة واحدة، فينفر منه الناشئ، ويعاند
    والديه في اختياره وإنما يلون له في أنواع ذلك ونماذجه.
    - ينبغي أن يجمع البديل بين الترفيه المشروع، وبين الهدف التعليمي أو التربوي
    الهادف، ولا يجوز أن يقتصر على اللعب الذي ينهى الشرع عنه، أو اللعب غير
    الهادف.
    - أن تعرف رغبة الناشئ، وتلبى ما أمكن، وتوجه برفق إلى الأفضل والأكمل، وتبين
    له وجوه المنافع والمضار، فيما يهوى من الألعاب، وأسباب تحريم ما حرم منها أو
    نهي عنه.
    وينبغي أن يعود الناشئ على الاعتدال في اللعب، وأن يعطي لكل وقت حقه، فلا يشغله
    الترفيه أو اللعب عن أي واجب مطلوب منه، وإلا يدفعه اللعب إلى تأخير الصلاة عن
    أول وقتها.
    تاسعا : كن صديقا لأولادك، واختر لهم الأصدقاء الذين تطمئن إلى دينهم وأخلاقهم
    وسلوكهم
    وهذه النصيحة مما تتصل بمشكلة الفراغ على نحو كبير، إذ إن الفراغ الأخطر في
    حياة الإنسان هو: فراغ النفس، وهذا الفراغ لا تملؤه إلا صحبة الأقران في مثل
    سنه، والعلاقات الاجتماعيه التي تلائم الناشئ وتملأ نفسه، وهي جزء من فطرته لا
    يستطيع أن ينفك عنها، أو يتجاهلها ويمضي في حياته.
    وعندما تختار الصحبة الصالحة للناشئ بعناية، فإنها قد تؤدي دورا تربويا يعجز
    الوالدان عن أدائه، وهذا ظاهر ملموس، لما أن تأثير الأقران في بعضهم تأثير نفسي
    غير مباشر، إنه يكون بالمخالطة والمعايشة، والملاطفة والمؤانسة، والتقارب
    النفسي الذي يجعل الإنسان يتأثر بجليسه ومخالطه بغير قصد منه أو شعور، فيتمكن
    الصاحب من الدخول إلى قلب صاحبه، والتأثير في ميوله واتجاهاته، بغير أمر ولا
    نهي، ولا عناء ولا كلفة، ومن هنا جاء في المثل: "الصاحب ساحب"، وجاء في المثل
    أيضا: "قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت"، وجاء المثل النبوي الرائع الذي ضربه
    النبي صلى الله عليه وسلم للجليس الصالح، وجليس السوء، ففي الحديث عن أبي موسى
    الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس
    الصالح وجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، أو
    تبتاع منه، أو تجد منه ريحا طيبا، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد
    منه ريحا منتنة" (رواه البخاري ومسلم )
    وقد نوه الله تعالى بأثر الصحبة الصالحة في سعادة الإنسان في الآخرة، فقال
    سبحانه:
    "الأخلاء بعضهم يومئذ لبعض عدو إلا المتقين، يا عباد لا خوف عليكم اليوم ، ولا
    أنتم تحزنون" (سورة الزخرف، الآية: 67و68).
    كما بين سبحانه عاقبة صحبة الظالمين، والانسياق وراء مجالستهم وموادتهم،
    والاستجابة إلى سلوكهم، وكيف أنها تجر على الإنسان الشقاء في الآخرة وسوء
    المصير، فقال تعالى: "ويوم يعض الظالم على يديه، يقول: يا ليتني اتخذت مع
    الرسول سبيلا ، يا ويلتا، ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد
    إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا" (سورة الفرقان، الآيات 27-29).
    فليحرص الآباء والأمهات على أن يغرسوا في نفوس أولادهم منذ الصغر والطفولة ألا
    يصاحبوا إلا أرفع الأولاد خلقا، وأحسنهم تربية وسلوكا، وأن يأنفوا من صحبة
    الأشرار والفاسدين، أو مجالستهم، فإن ذلك حصانة لهم في مستقبل أيامهم.
    وعندما يشب الأبناء ويصلون مرحلة النضج والوعي فعلى الآباء والأمهات أن يكونوا
    أصدقاء لأولادهم، فيعاملوهم بتقدير واحترام، وأن يستمعوا لآرائهم، ويشجعوهم على
    إبداء وجهات نظرهم، ويناقشوهم فيها بموضوعية وتجرد، ولا ينبغي أن يعاملوهم، وهو
    شباب متفتحون على الحياة، متوقدو الطموح والرغبات وكأنهم أطفال صغار لا رأي
    لهم، ولا وزن لأفكارهم.. إنها المشكلة التي تقطع الروابط بين الآباء والأبناء،
    وتهدم صلات التقدير والاحترام.
    وعندما يختار الأولاد أصدقائهم ينبغي على الوالدين أن يكون لهم رأي في ذلك،
    فليتعرفوا عليهم، وليعرفوا مستوى تربيتهم، ومدى التزامهم واستقامة سلوكهم،
    ليطمئنوا على سلوك أبنائهم وسلامة اتجاههم.
    ومما يتصل بهذه الوصية، وهو على درجة كبيرة من الأهمية أن على الوالدين أن
    يحرصا على صحبة أولادهم معهم إلى مجالس أهل العلم والخير والفضل، وزيارتهم في
    بيوتهم بين الحين والآخر، وأن يعلموهم الأدب معهم، والتواضع لهم، والحرص على
    خدمتهم، والتماس دعواتهم الصالحة، فلذلك بركة عظيمة على الناشئ تظهر آثارها في
    خلقه وسلوكه ومستقبل أيامه.. فهذا موسى عليه السلام رسول من أولي العزم يحرص
    على صحبة الخضر عليه السلام ليتعلم منه، وينتفع بصحبته كما أخبرنا الله تعالى
    في كتابه.

    عاشرا: أكثر من الدعاء لأولادك بالخير والهداية، فإن الدعاء يذلل الصعاب
    لقد تركز الحديث في الفقرات السابقة على الأسباب الظاهرة ، التي ينبغي على
    الوالدين أن يأخذوا بها في تربية أولادهم ، ولكن لا يخفى على كل مؤمن أن هذه
    الأسباب لا تكفي وحدها، ولا ينبغي أن نحصر أنفسنا بها لتحقيق ما نصبوا إليه من
    آمال وأهداف، فلا بد لنا أن نعلم: أن الهداية بيد الله تعالى أولا وآخرا، وأنها
    منحة إلهية لا تدرك حكمتها، ولا تدخل تحت شيء من جهد العبد وحيلته، وبخاصة
    بعدما علمنا خبر حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية عمه أبي طالب، وبذله
    كل ما يستطيع في دعوته والتلطف معه، ثم لم يشأ الله له الهداية، ومات على
    الكفر، ونزل فيه قول الله تعالى:
    "إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء، وهو أعلم بالمهتدين" (سورة
    القصص، الآية 56).
    وإن من البداهة بمكان أن نعلم أن ذلك لا ينبغي أن يصدنا عن بذل الأسباب
    والوسائل، واتخاذ ما نستطيع من الأساليب فإن لم يكتب الله الهداية لإنسان فقد
    قامت عليه الحجة بذلك، إذ إن أمر الهداية غيبي، لا يستطيع أن يتكهن به أحد،
    وأدب العبد أن يفعل ما كلف به، ولا يتجاوز حدود عبوديته.
    ولعل من حكمة ذلك أن تتعلق القلوب بالله تعالى رغبا ورهبا، وأن يتوكل العبد على
    ربه، ويبرأ من حوله وقوته، ولا ينسب إلى نفسه تأثيرا ولا تدبيرا.. وقد أثنى
    الله على عباد الرحمن إذ يقولون: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين،
    وأجعلنا للمتقين أماما" (سورة الفرقان، الآية 74).
    والدعاء بصدق وإخلاص، وتجرد لله تعالى وتذلل: سلاح قاطع، ودواء مجرب، نتعلمه من
    هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، وسيرته العطرة ومواقفه، ألم يقل له بعض
    الصحابة بعد حصر ثقيف في الطائف: "ادع الله يا رسول الله على ثقيف" فقال النبي
    صلى الله عليه وسلم: (اللهم اهد ثقيفا، وائت بهم مسلمين)
    فلم يكد النبي صلى الله عليه وسلم يصل المدينة المنورة حتى جاءه وفد ثقيف
    ليبايع على الإسلام. وقال له أبو هريرة رضي الله عنه:
    "ادع لي يا رسول الله أن يهدي أمي إلى الإسلام" ، فدعا النبي صلى الله عليه
    وسلم : (اللهم أهد أم أبي هريرة إلى الإسلام)، فلم يكد يصل أبو هريرة رضي الله
    عنه إلى بيته حتى سمع صوت الماء من خارج البيت، لقد كانت أمه تغتسل لتعلن
    دخولها في الإسلام.
    وكم رأينا في حياتنا الخاصة والعامة، وسمعنا من أخبار ذلك ما يزيد المؤمن
    أيمانا ويقينا بالله تعالى، وتسليما لله تعالى وتوكلا عليه، وأكتفي في هذه
    المناسبة بذكر قصتين فيهما العبرة والموعظة:
    ذكر بعض العلماء أنه كان له ولد حرص كل الحرص على أن يسلك سبيل العلم والدعوة
    إلى الله تعالى، ولكنه لم يستجب لدعوة والده، والتفت إلى رفاق بطالين صاحبهم،
    وضيع أوقاته معهم، مما ترك في نفس أبيه ألما وغصة، ولكنه لم يستيئس منه، فكان
    كلما رآه أظهر له تألمه وشديد حزنه، ولم يصادف ذلك منه أذنا صاغية، ولا قلبا
    مستجيبا، فلجأ إلى الدعاء، واجتهد في التوسل والضراعة إلى الله تعالى، فلم يلبث
    مدة حتى جاءه ولده، وقد تزيى بزي طلبة العلم، فقبل يد والده، وقال له: ها قد
    جئتك كما تريد.. ثم لزم والده، وكان من خيار طلبته علما وعملا، واجتهادا في
    الدعوة إلى الله تعالى.
    وحدثني والد فاضل أنه اجتهد هو وزوجته في تربية ولدهما، وحثه على حفظ القرآن
    الكريم، فكان يغلب عليه التهرب واللعب، وعدم الاهتمام بحفظ القرآن أو مراجعته،
    وكانت الأم تتابعه بكل حرص واجتهاد، حتى ضاقت به ذرعا، فعزمت على تركه وإهماله،
    لأنها وجدته معرضا غير مبال بكل ما يتبع معه من أساليب، فنصحها زوجها أن تجتهد
    في الدعاء له عسى أن يشرح الله صدره لحفظ القرآن والاهتمام به، وتعاهدا على ذلك
    فلم تمض فترة أشهر حتى توجه الولد إلى حفظ القرآن الكريم بكل رغبته، ثم لم تمض
    سنة ونصف السنة، حتى كان قد أتم حفظ القرآن الكريم على خير وجه.
    وبعد، فهذه أهم النصائح والوصايا التي فتح الله بها على عبده لتكون عونا
    للوالدين على تربية أولادهم ورعايتهم، ويبقى على رأس ذلك كله عون الله تعالى
    وتوفيقه، وهدايته ورعايته، وذلك حليف من توكل عليه سبحانه ولجأ إليه، وأكثر من
    الضراعة والتذلل بين يديه، وما أصدق ما قال الشاعر:
    إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يقضي عليه اجتهاده
    اللهم نسألك بأسمائك الحسنى ، وصفاتك العليا أن تهدي أبناءنا وبناتنا، وأبناء
    المسلمين أجمعين وبناتهم، إلى دينك الحق وصراطك المستقيم، وأن تجعلهم قرة عين
    لنا ولهم، وأن تشرح صدورهم، وتيسر أمورهم، وترزقهم الإيمان والحكمة، والصحبة
    الطيبة الصالحة، وتحفظهم من رفاق السوء ودعاة الشر، وأبواب الفتن ومزالقها، وأن
    تجعلهم قوة للإسلام وأهله في كل مكان، وعزة للأمة في كل ميدان:
    "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأجعلنا للمتقين أماما" (سورة
    الفرقان، الآية: 74).

    ردحذف
  10. الاسم:جود الفايدي
    اقتصاد منزلي
    شعبة أ
    _____________________

    تربية النبي –صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الطفولة:من هديه –صلى الله عليه وسلم- في تربية بناته في مرحلة الطفولة أنه كان يُسَّر ويفرح لمولد بناته رضي الله عنهن فقد سُرَّ واستبشر –صلى الله عليه وسلم - لمولد ابنته فاطمة رضي الله عنها وتوسم فيها البركة واليمن، فسماها فاطمة، ولقبها بـِ (الزهراء) وكانت تكنى أم أبيها .
    وفي هذا درس عظيم من دروس السيرة النبوية بأن من رزق البنات وإن كثر عددهن عليه أن يظهر الفرح والسرور ويشكر الله سبحانه وتعالى على ما وهبه من الذرية، وأن يعزم على حسن تربيتها، وتأديبها، و على تزويجها بالكفء "التقي" صاحب الدين حتى يظفر بالأجر الجزيل من الله.ففاطمة –رضي الله عنها– كانت البنت الرابعة للنبي–صلى الله عليه وسلم-، و هي أصغر ذريتة –صلى الله عليه وسلم- .
    وفي مرحلة الطفولة يلزم الأبوين الاهتمام بالطفل وتوفير كافة الاحتياجات الخاصة بهذه المرحلة، الحاجات الجسمية والنفسية؛ وبالذات الأم فعليها تقع المسؤولية الكبرى في رعاية أولادها في مرحلة الطفولة فهم أكثر ما يكونون التصاقاً بها وقد حرصت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها– على تربية ورعاية أولادها منذ ولادتهم (وكانت إذا ولدت ولداً دفعته إلى من يرضعه في البادية حتى ينشئوا على الفصاحة والشجاعة كما كانت عادة قريش.لا كما يفعله بعض الأمهات في زماننا من دفع أولادهم إلى الخادمات والمربيات الأمر الذي قد يحصل معه خلل في عقيدة الطفل وسلوكه.
    وفي هذه المرحلة –مرحلة الطفولة- يجب على الأبوين أن يلقنا البنت مبادئ الإسلام، والعقيدة الصحيحة، وتلاوة القرآن الكريم، والصلاة، والتعوّد على لبس الحجاب حتى تنشأ البنت على ذلك منذ نعومة أظفارها.
    رعاية النبي –صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الصبا:وإذا كبرت البنت قليلاً وجب على والديها أن يعلماها حقوق الله سبحانه وتعالى، وحقوق الوالدين، وحقوق الآخرين وحسن الخلق وحسن التصرف في شتى الأمور، وعلى المحافظة على لبس الحجاب والتستر والبعد عن أعين الرجال حتى تنشأ البنت على التربية الإسلامية الصحيحة تعرف ما يجب لها وما يجب عليها.
    مع الأخذ في عين الاعتبار إعدادها لما هو منتظر منها من دور هام في الحياة بأن تكون زوجةً صالحة، وأماً حانية تربي أولادها وتعدهم لأن يكونوا صالحين مصلحين؛ "لأن للمرأة المسلمة أثراً كبيراً في حياة كل مسلم، فهي المدرسة الأولى في بناء المجتمع الصالح، وخاصة إذا كانت هذه المرأة تسير على هدى من كتاب الله في كل شيء ].
    وإذا قربت البنت من سن البلوغ (التكليف) يجب أن تدرب على أن تكون زوجة، وأماً وهذه هي سنة الله في خلقه وعلى الأم تقع مسؤولية ذلك، فقد بادرت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها– بتمرين ابنتها الكبرى زينب –رضي الله عنها– عندما كبرت على المشاركة في أعمال البيت والتدريب على الأمومة فكانت (زينب) لشقيقتها الصغرى فاطمة أماً صغيرة ترعى شؤونها وتمضى فراغها في ملاعبتها .
    ولقد صدق القائل: "إن الفتاة المتعلمة المهذبة فخر لأهلها وعون لبعلها، وكمال لبنيها، أهلها بها يفتخرون، وأولادها بها يسعدون، ومن ذا الذي لا يسرّ فؤاده بابنته الأديبة التي تدبر الأمور المعاشية بالمعرفة، وتدير الحركة المنزلية بالحكمة، ويجد في مجالستها أنيساً عاقلاً وسميراً كاملاً".
    تزويج النبي –صلى الله عليه وسلم- لبناته:
    الزواج سنة من سنن الله في خلقه، وأمر مرغوب فيه حثَّ إليه ديننا الحنيف ودعى إليه قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[34] وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}.
    وامتثالاً لأمر الله عز وجل وأمر رسوله –صلى الله عليه وسلم- يجب على الأب أن يزوج بناته و لا يعضلهن ويمنعهن من الزواج لأي سبب من الأسباب فواجب الأب أن يزوج ابنته وأن يختار لها الكفء من الرجال والكفء معروف هو صاحب الدين والخلق قال النبي –صلى الله عليه وسلم– "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" أخرجه الترمذي
    وقد زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- جميع بناته من خيرة الرجال: فزوج زينب –رضي الله عنها- من أبي العاص بن الربيع القرشي -رضي الله عنه- وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد وأبو العاص كان من رجال مكة المعدودين مالاً، وأمانة، وتجارة .
    وقد أثنى النبي –صلى الله عليه وسلم- على أبي العاص بن الربيع في مصاهرته خيراً وقال: "حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي" وكان قد وعد النبي أن يرجع إلى مكة، بعد وقعة بدر، فيبعث إليه بزينب ابنته، فوفى بوعده، وفارقها مع شدة حبه لها .
    ومما يدل على شهامته وصدقه قصة إسلامه -رضي الله عنه- فقد كان في تجارة لقريش إلى الشام وفي طريق عودته إلى مكة المكرمة لقيته سرية فأخذوا ما معه، وجاء تحت الليل إلى زوجته زينب – وقد كانت في المدينة وفرق بينهما الإسلام فهو لم يدخل في الإسلام بعد – فاستجار بها فأجارته وخرجت والنبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالناس الفجر فقالت: "أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع" فلما سلم الرسول –صلى الله عليه وسلم- أقبل على الناس فقال: "أيها الناس هل سمعتم الذي سمعت ؟" قالوا :"نعم" قال: "أما والذي نفسي بيده ما علمت بشيىء حتى سمعت ما سمعتم وأنه يجير على المسلمين أدناهم" ثم انصرف رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فدخل على ابنته زينب فقال: "أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له" قال: وبعث –صلى الله عليه وسلم- فحثهم على رد ما كان معه فردوه بأسره لا يفقد منه شيئاً فأخذه أبو العاص فرجع به إلى مكة فأعطى كل إنسان ما كان له ثم قال: "يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟" قالوا: "لا فقد وجدناك وفياً". قال: "فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والله ما منعني عن الإسلام عنده إلاَّ تخوف أن يظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت .
    وقد زوجه النبي –صلى الله عليه وسلم- من ابنته زينب عندما طلبت منه أمها خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها- أن يزوجها له فوافق النبي –صلى الله عليه وسلم- على طلبها ، لما يعرف من رجاحة عقلها وثقتها بابن أختها فكانت تعده بمنزلة ولدها.
    وهنا درس نبوي كريم في تزويج البنات هو أنه لا مانع من أخذ رأي والدة البنت والتشاور معها ففي ذلك إكراماً لها واعترافاً بحقها.
    وزوَّج النبي –صلى الله عليه وسلم- رقية من عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد الزاهد الجواد السخي الحيي، وكان من أبرز أخلاقه وأشدها تمكناً من نفسه خلق الحياء، الذي تأصل في كيانه؛ لذا فقد أشاد الرسول –صلى الله عليه وسلم- بهذا الحياء الواسع العميم فقال: "إن عثمان رجلٌ حييّ" ، وقال – صلى الله عليه وسلم : "ألاَّ أستحي من رجل تستحي منه الملائكة " أخرجه مسلم .
    وكان النبي – صلى الله عليه وسلم - يحبه كثيراً فلما توفيت رقية –رضي الله عنها– زوجه النبي –صلى الله عليه وسلم- بأختها أم كلثوم ولما ماتت أم كلثوم قال النبي –صلى الله عليه وسلم- "لو كان عندي ثالثة لزوجتها عثمان"
    وزوَّج فاطمة –رضي الله عنها– من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عمه –صلى الله عليه وسلم- وكان أول من آمن برسول الله –صلى الله عليه وسلم- من الصبيان ، وكان قد تربى في حجر الرسول –صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام ولم يزل علي مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-حتى بعثه الله نبياً
    يقول ابن كثير رحمه الله: "كان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لعمه العباس، وكان من أيسر بني هاشم: "يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق حتى نخفف عنه من عياله"، فأخذ رسول الله– صلى الله عليه وسلم - علياً فضمه إليه، فلم يزل مع رسول الله حتى بعثه الله نبياً فاتبعه علي وآمن به وصدقه"
    و البنت أمانة في بيت والديها ولابد أن تنتقل إلى بيت زوجها يوماً ما، وقد أوجب لها ديننا الإسلامي الحنيف حق الاستئذان في الزواج فلا يحل لوليها أن يعقد لها على رجل تكرهه قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولاتنكح البكر حتى تستأذن".قالوا: "يا رسول الله، وكيف إذنها؟" قال: "أن تسكت" أخرجه البخاري
    فكلمة تستأمر في حق الثيب تفيد طلب الأمر فلا يعقد عليها إلاَّ بعد طلب أمرها وإذنها بذلك، وكلمة تستأذن في حق البكر تعنى طلب إذنها وموافقتها على النكاح ، وإذا عقد الأب لابنته وهي كارهة فالعقد مردود "عن خنساء بنت خدام الأنصارية:أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فرد نكاحها ، أخرجه البخاري في صحيحه .
    و كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يستشير بناته قبل تزويجهن فعندما خطب علي -رضي الله عنه- فاطمة –رضي الله عنها– قال لها الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "إن علياً يذكرك" فسكتت فزوجها " أخرجه ابن سعد في الطبقات .
    وهنا يجب على الآباء أن يتأكدوا من موافقة البنت قبل إجراء العقد لها.
    ويخطئ بعض الآباء من ترديد كلمة نحن أعلم بمصلحتها – لا شك– أن الأب يفوق ابنته في الخبرة، وطول التجربة في الحياة، ومعرفة الرجال ولكن على الرغم من ذلك يجب عليه أن لا يحيد عن تعاليم الإسلام، ولا يجبر ابنته على رجل تكرهه بل عليه أن يستأذنها ويعرف رأيها قبل إجراء عقد النكاح، وفي ذلك خير كبير حيث تشعر البنت بكيانها وأهميتها وتبدى رأيها في الرجل الذي ستنتقل إلى بيته وهو أدعى لدوام السعادة والوفاق لاقتناع كل من الطرفين بصاحبه فالزوج أباح له الإسلام النظر إلى من ينوى نكاحها، وهي كذلك تراه وتستشار في الموافقة على إجراء العقد وهذه من عظمة ديننا الإسلامي الحنيف.
    صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم
    والصداق في الزواج حق من حقوق الزوجة يدفعه لها الزوج قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} وسنة النبي –صلى الله عليه وسلم– وهديه عدم التغالي في الصداق، بل إن خير الصداق أيسره قال الإمام ابن القيم –يرحمه الله-: "إن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره " فقد زوَّج النبي –صلى الله عليه وسلم- بناته على اليسير من الصداق فبعد أن تمت الموافقة على زواج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من فاطمة حُب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأصغر بناته جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فسأله النبي "ما تصدقها؟" فقال علي: "ما عندي ما أصدقها" فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم- "فأين درعك الحطمية التي كنت قد منحتك؟" قال علي: "عندي". قال النبي–صلى الله عليه وسلم- "أصدقها إياها" فأصدقها و تزوجها وكان ثمنها أربعمائة درهماً ، أخرجه ابن سعد في الطبقات
    هذا هو صداق بنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وحبه وأصغر بناته سيدة نساء أهل الجنة.
    وما يفعله بعض الناس في زماننا من التغالي في المهور هو أبعد ما يكون عن هدي رسول الله –صلى الله عليه- و هو أمر خطير له أضراره على الفرد وعلى المجتمع والدين الإسلامي دين اليسر والسهولة
    وفي أمر الزواج لا يقتصر اليسر على الصداق بل يمتد إلى الوليمة التي يُشهر بها الزواج وهي أمر دعى إليه الإسلام وحثَّ عليه فكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يولم في زواجه باليسير من النفقة، فعن صفية بنت شيبة قالت: "أولم النبي –صلى الله عليه وسلم- على بعض نسائه بمدين من شعير"
    وكذلك في زواج أصحابه رضي الله عنهم فعن أنس -رضي الله عنه -: "أن النبي –صلى الله عليه وسلم- رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، قال: "ما هذا؟" قال: "إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب"، قال: "بارك الله لك، أولم ولو بشاة" رواه البخاري.
    وفي زواج بناته رضي الله عنهن كذلك مظهر من مظاهر اليسر في الوليمة ففي ليلة زواج فاطمة رضي الله عنها قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "يا علي لا بد للعروس من وليمة". فقال سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: "عندي كبش". وجمع رهط من الأنصار أصواعاً من ذرة وأولم الرسول –صلى الله عليه وسلم - أخرجه ابن سعد في الطبقات.
    رعاية النبي –صلى الله عليه وسلم- لبناته بعد الزواج:يختلف الناس في النظر إلى علاقة البنت بوالديها بعد الزواج: فمنهم من يرى أنه يجب على الأبوين أن يتركوا البنت وشأنها بعد الزواج لدرجة أن علاقتهم بها شبه مقطوعة فلا تزاور من طرف الأهل، بزعمهم أن هذا أدعى لسعادتها الزوجية واستمرار العلاقة بينها وبين زوجها وأهله.
    وفي المقابل نجد أن هناك من الأسر من يتدخل في حياة ابنتهم بشكل مباشر فيتطلعون إلى معرفة كل صغيرة وكبيرة في حياة ابنتهم، ولهذا التدخل سلبياته التي تؤدي إلى إفساد الحياة الزوجية، لدرجة قد تصل إلى الطلاق! فما هو الهدي النبوي في هذا الجانب من حياة البنات؟.
    كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يزور بناته بعد الزواج ويدخل عليهن الفرح والسرور، فقد زار النبي –صلى الله عليه وسلم- فاطمة –رضي الله عنها– بعد زواجها ودعا لها ولزوجها بأن يعيذهما الله وذريتهما من الشيطان الرجيم .
    ولم يكن يشغله –صلى الله عليه وسلم- عن بناته –رضي الله عنهن– شاغل بل كان يفكر فيهن وهو في أصعب الظروف وأحلكها فعندما أراد النبي –صلى الله عليه وسلم- الخروج لبدر لملاقاة قريش وصناديدها كانت رقية –رضي الله عنها– مريضة فأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- زوجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن يبقى في المدينة؛ ليمرضها وضرب له بسهمه في مغانم بدر وأجره عند الله يوم القيامة .
    ويجب على الأب أن يحافظ على بيت ابنته وسعادتها مع زوجها وأن يتدخل إذا لزم الأمر ويحرص على الإصلاح بينها وبين زوجها بشكل يضمن إعادة الصفاء إلى جو الأسرة.
    فقد حدث أنه كان بين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وزوجته فاطمة الزهراء –رضي الله عنها– كلام فدخل عليهما النبي –صلى الله عليه وسلم- حتى أصلح ما بينهما .
    وأحياناً يقع الطلاق على الزوجة ظلماً وعدواناً، عندها تحزن البنت كثيراً ويحزن أهلها لحزنها، والعزاء في ذلك أن ابنتي الرسول –صلى الله عليه وسلم-: رقية وأم كلثوم طلقتا من عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب ظلماً بدون سبب إلاَّ أنهما صدقتا ما قاله النبي –صلى الله عليه وسلم-: من أنه أوحي إليه وأنه نبي هذه الأمة، الكلام الذي أغضب قريش فقد تزوج عتبة بن أبي لهب من رقية بنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} قال أبو لهب: "رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق بنت محمد ففارقها قبل الدخول" .
    ولم يكتف أبو لهب بذلك بل أمر ابنه عتيبة أن يطلق أم كلثوم بنت النبي –صلى الله عليه وسلم- ظناً منه أنه بذلك يستطيع أن يشغل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن دعوته .
    هنا درس للبنات وللآباء بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله جلَّ وعلا، وأن ما وقع من الطلاق ظلماً ما هو إلاَّ ابتلاء سوف يعوضهم الله خيراً فقد عوض الله ابنتي الرسول –صلى الله عليه وسلم- خيراً من عتبة وعتيبة، عوضهما زوجاً صالحاً كريماً هو عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة وثالث الخلفاء الراشدين، فقد تزوج عثمان -رضي الله عنه- برقية وبعد وفاتها تزوج بأختها أم كلثوم قال الله تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً}
    وقد يحدث أن يفقد الأب بعض بناته بموتهن فالموت نهاية كل حي وهو المصير المحتوم الذي لا مفر منه قال الله تعالى:
    {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ}
    وليعلم من ابتلى بفقد إحدى بناته أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- فقد جميع ذريته من الذكور والإناث ولم يبق بعد وفاته إلاَّ فاطمة الزهراء –رضي الله عنها- وهديه –صلى الله عليه وسلم- في وفاة بناته رضي الله عنهن، أنه كان يحزن لوفاتهن وتذرف عيناه الدمع على فراقهن، يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه- في نبأ وفاة أم كلثوم –رضي الله عنها–"شهدنا بنتاً لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- جالسٌ على القبر، قال فرأيت عينيه تدمعان، وقال: "هل منكم رجل لم يقارف الليل؟" قال أبو طلحة: "أنا" قال: "فانزِل" قال: "فنزل في قبرها " رواه البخاري.
    والدموع هذه ليست دموع جزع وسخط من قضاء الله وقدره -والعياذ بالله- إنما هي دموع رحمة وشفقة تذرف من عيون الرحماء روى أسامة بن زيد –رضي الله عنه- قال: "أرسلت ابنة النبي –صلى الله عليه وسلم- إليه: أن ابناً لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: "إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" فأرسلت إليه تقسم ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ ابن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال فرُفع إلى رسول
    الله –صلى الله عليه وسلم- الصبي ونفسه تتقعقع – قال: حسبته قال:كأنها شن- ففاضت عيناه، فقال سعد: "يا رسول الله ما هذا؟" فقال: "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" رواه البخاري
    ومن هديه –صلى الله عليه وسلم- في وفاة بناته –رضي الله عنهن– أنه كان يشرف على غسلهن وتكفينهن، ويصلى عليهن ويدفنهن، ويقف على قبورهن ويدعو الله لهن. فعن أم عطية –رضي الله عنها- قالت: "دخل علينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً. فإذا فرغتن فآذنني". فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوة فقال: "أشعرنها إياه".
    وفي كيفية الغسل قالت أم عطية –رضي الله عنها- قالت: "لما غسلنا بنت النبي –صلى الله عليه وسلم-، قال لنا ونحن نغسلها: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" أخرجه البخاري .
    وكان –صلى الله عليه وسلم- يقف على قبر من توفي من بناته ويدعو لها فقد كانت رقية –رضي الله عنها– مريضة أثناء غزوة بدر فأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- زوجها عثمان بن عفان –رضي الله عنه- بالبقاء إلى جانبها لتمريضها. ولما عاد –صلى الله عليه وسلم- من الغزوة وقد ماتت ابنته رقية، خرج إلى بقيع الغرقد ووقف على قبرها يدعو لها بالغفران
    فنسأل الله تعالى أن يصلح بناتنا و يرزقهن العفاف والستر والاقتداء بأمهات المؤمنين وبنات الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم . الإسم جود الفايدي. رابع اقتصاد

    ردحذف
  11. قال صلى الله عليه وسلم : «كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة» رواه مسلم(

    في هذا الحديث الشريف
    يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أسلوبا جديد في التربية
    وهو أسلوب التعزيز أو التحفيز
    ولاسيما إذا قام أحدهم بعمل يستحق هذا التعزيز
    حتى يكون دافعا لغيرهم للقيام بمثل هذا العمل
    وحتى يكون أيضا دافعا لهم للإستمرار على ما هم عليه
    والتحسين من مستواهم

    فصلى الله على خير المرسلين
    نبي الرحمة
    النبي المربي
    محمد عليه الصلاة والسلام\


    بيان عبده
    قسم الإقتصاد المنزلي والتربيةا لفنية
    الفرقة الرابعة
    رقم الكشف
    49

    ردحذف
  12. آلاء البصيري رابع اقتصاد منزلي27 أبريل 2009 في 8:45 ص

    سأله أبو هريرة رضي الله عنه يوماً :من أسعد الناس بشفاعتك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم «لقد ظننت أن لايسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث» [رواه البخاري ( 99 ) ].
    وهنا يتضح جليا استخدام محمد صلى الله عليه وسلم لاسلوب الثناء فهذا يعتبر دفعه اكبر لابي هريره للاستمرار في الحرص على حفظ ورواية الحديث والاستزاده من محمد صلى الله عليه وسلم فهذا ثناء ليس كمثله ثناء لانه من سيد البشر صلى الله عليه وسلم
    وهنا يتضح لنا اهمية استخدام اسلوب الثناء على حسن العمل او التصرف في التربيه والتعليم لما يوقعه في النفس من الاثر الايجابي في العزيمه والتقدم للافضل في القيام بالاعمال
    فأبو هريره رضي الله عنه هو من اكثر الصحابه روايه للحديث وبعد معرفتي لهذا الحديث الشريف سأجزم ان لثناء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم دور فعال في هذا الامر
    دمتم بود^_^

    ردحذف
  13. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نجاح القيادة والتربية في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم..

    ولهذا النجاح المستمر الاسلامي المستمر نقاط نذكر بعضها كالتالي:
    1 - استيعابه -صلى الله عليه وسلم- لدعوته نظرياً وعملياً وثقته بها وبانتصارها..مثال على ذلك:
    عندما طالب المشركين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة أن يطرد المستضعفين من المسلمين حتى يجلسوا إليه، وفي كل مرة كان يتنزل قرآن ويكون موقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرفض، ومن هذه ما أخرجه أبو نعيم عن ابن مسعود قال : من الملأ (أي السادة) من قريش على رسول الله وعنده صهيب وبلال وخباب وعمار –رضي الله عنهم– ونحوهم وناس من ضعفاء المسلمين فقالوا (أي الملأ مخاطبين رسول الله): أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أفنحن نكون تبعاً لهؤلاء الذين منَّ الله عليهم؟ اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم اتبعناك قال: فأنزل الله عز وجل: وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ. أخرجه أحمد والطبراني.

    2 - استطاعته -صلى الله عليه وسلم- الاستمرار بدعوته تبليغاً وإقناعاً:
    نلاحظ حكمة مواقفه تجاه العدو، فهو في مكة يصبر ويأمر أتباعه بالصبر، ولم يأمر بقتالهم، ولو فعل ذلك لخسر أتباعه قتلاً، ولشغل بذلك في قضايا الثأر، ولما أمكنه أن يتابع عملية التبليغ. فكسب بهذه الخطة كثيراً من القلوب.

    فإذا ما انتقل إلى المدينة رأيت تجدد مواقفه على حسب الظروف الجديدة من معاهدة إلى سلام إلى حرب إلى ضربة هنا ووثبة هناك. ولكن هذا كله لم يؤثر بتاتاً على عملية تبليغ الحق وإقناع الناس به على كل مستوى وبكل وسيلة ملائمة.

    3 - قدرته صلى الله عليه وسلم على استيعاب أتباعه تربية وتنظيماً وتسييراً ورعاية:
    ومثال على ذلك نرى كيف أن الأمة الإسلامية كلها وسعت تربية الرسول صلى الله عليه وسلم..

    4 - الثقة التي كان يتمتع بها -صلى الله عليه وسلم- عند أتباعه:
    ولعل في قصة مولاه زيد بن حارثة ما يؤكد هذا المعنى. إذا يأتي أبو زيد وأعمامه ليشتروه ويرجعوا به إلى أهله حراً ولكن زيداً يختار صحبة محمد مع العبودية والغربة، على فراقه مع الحرية ولقاء الأهل. وهذه ظاهرة عجيبة أن يصارح زيد أهله بهذا، وهو ليس صغير السن بل كان وقتذاك ناضج الفكر فكافأه محمد -صلى الله عليه وسلم- (كان ذلك قبل النبوة) أن حرره وتبناه.

    5 - استطاعة القائد الاستفادة من كل إمكانيات الأتباع العقلية والجسمية أثناء الحركة، مع المعرفة الدقيقة بإمكانية كل منهم ووضعه في محله:
    إن أبا بكر وعمر كانا في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلقبهما الصحابة بالوزيرين له، وكان يسمر معهما في قضايا المسلمين، ولما مرض -صلى الله عليه وسلم- أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وهذا الذي جعل المسلمين يختارونه بعده خليفة، ثم كان عمر الخليفة الثاني، والناس يعرفون ماذا فعل أبو بكر وعمر يوم حكما الناس، فهل يشك أحد أن تركيز الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هاتين الشخصيتين كان في محله، وأنهما من الكفاءة في المحل الأعلى، وأن رأي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيهما في محله. وهذان مثلان فقط وإلا فما اختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً إلا ورأيت الحكمة في هذا الاختيار.

    6 - قدرته الكاملة -صلى الله عليه وسلم- على حل المشاكل الطارئة:
    أبرز الأمثلة حله لمشكلة وضع الحجر الأسود قبل النبوة حين هدمت قريش الكعبة وأعادت بناءها.

    المرجع(الرسول عليْه الصلاة والسَّلام، سعيد حوى، دار السلام).


    أرجو أن أكون قد أفدتكم ببعض من كنور التربية النبوية الشريفة

    خديجة بالي
    قسم الإقتصاد المنزلي والتربية الفنية
    الفرقة الرابعة

    ردحذف
  14. من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم التربوية

    1 - التربية بالقصة:
    إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى} وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : { واقصص القصص لعلهم يتفكرون } ولهذا فقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب .
    شاب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه ـ يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه فيقول رضي الله عنه :أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: « لقد كان كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله » [رواه البخاري (3852]
    وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي صلى الله عليه وسلم قصة من القصص، فمن ذلك: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود... وغيرها كثير.

    2 - التربية بالموعظة:
    للموعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم يغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه وهو ابن مسعود -رضي الله عنه-:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» [رواه البخاري 68 ]
    ويحكي أحد أصحابه وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ » [رواه الترمذي 2676) وابن ماجه (42)] وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولاً ، وألا تكون بصفة دائمة .
    عن أبي وائل قال كان عبدالله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا [رواه البخاري (70) ومسلم (2821 ]

    3 - الجمع بين الترغيب والترهيب:
    النفس البشرية فيها إقبال وإدبار، وفيها شرّة وفترة، ومن ثم كان المنهج التربوي الإسلامي يتعامل مع هذه النفس بكل هذه الاعتبارات، ومن ذلك الجمع بين الترغيب والترهيب، والرجاء والخوف.
    عن أنس -رضي الله عنه- قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط:«قال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً» قال: فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين [رواه البخاري (4621) ومسلم () ].
    ومن أحاديث الرجاء والترغيب ما حدث به أبو ذر -رضي الله عنه- قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فقال:«ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:«وإن زنى وإن سرق» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:«وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر» وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر [رواه البخاري (5827) ومسلم (94) ].
    وعن هريرة -رضي الله عنه- قال كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزعنا فقمنا فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار فدرت به هل أجد له بابا فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة -والربيع الجدول- فاحتفزت كما يحتفز الثعلب فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أبو هريرة؟» فقلت: نعم يارسول الله، قال:«ما شأنك؟» قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي، فقال:«يا أبا هريرة» -وأعطاني نعليه- قال:«اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة»…الحديث. [رواه مسلم (31) ] والمتأمل في الواقع يلحظ أننا كثيراً ما نعتني بالترهيب ونركز عليه، وهو أمر مطلوب والنفوس تحتاج إليه، لكن لابد أن يضاف لذلك الترغيب، من خلال الترغيب في نعيم الجنة وثوابها، وسعادة الدنيا لمن استقام على طاعة الله، وذكر محاسن الإسلام وأثر تطبيقه على الناس، وقد استخدم القرآن الكريم هذا المسلك فقال تعالى:{ ولو أن أهل القرى …} {ولو أنهم أقاموا التوراة …} .
    ايمان احمد سالم
    اقتصاد منزلي
    شعبه أ

    ردحذف
  15. حليمه عيسي
    رابعه اقتصاد منزلي
    شعبه أ
    الرسول صلى الله عليه وسلم كان تعامله مع اصدقاءه اقرباءه تعامل جميل جدا
    فكان تعامله مع زوجته عائشه رضي الله عنه جميل ومؤثر فكان يتعارك معها ويتسابق معها ويمازحها في كل وقت وفي كل حين فهذا تعامله مع زوجاته
    وايضا مع اصدقاءه فكان يمازح صحابته فكان يلعب معهم ويضحك معهم فكان يضرب مثلا رائعا في فن التعامل مع الناس
    وايضا كان تعامله مع الاطفال تعامل جميل كان تعامله تعامل رحيم معهم ويضحك ويلعب مع الاطفال
    وكان يحن الي الاطفال اليتامى ويمازحهم
    بابي انت وامي يا رسول الله

    ردحذف
  16. أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية
    - الإغلاظ والعقوبة:
    وقد يُغلظ صلى الله عليه وسلم على من وقع في خطأ أو يعاقبه:
    فعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً من يومئذ فقال:» أيها الناس إنكم منفرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة« [رواه البخاري (90) ومسلم (466) ].
    وعن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن اللقطة فقال:»اعرف وكاءها -أو قال: وعاءها وعفاصها- ثم عرفها سنة، ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه« قال: فضالة الإبل؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه -أو قال احمر وجهه- فقال:» وما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وترعى الشجر فذرها حتى يلقاها ربها« قال: فضالة الغنم؟ قال:» لك أو لأخيك أو للذئب« [رواه البخاري (90) ومسلم (1722) ].
    وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه على هذين الحديثين » باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى مايكره«.
    وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال:»يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده« فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . [رواه مسلم (2090) ]
    عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت ما منعه إلا الكبر قال فما رفعها إلى فيه [رواه مسلم (2021)]
    إلا أن ذلك لم يكن هديه الراتب صلى الله عليه وسلم فقد كان الرفق هو الهدي الراتب له صلى الله عليه وسلم ، لكن حين يقتضي المقام الإغلاظ يغلظ صلى الله عليه وسلم ، ومن الأدلة على ذلك:
    1- أن الله سبحانه وتعالى وصفه بالرفق واللين أو بما يؤدي إلى ذلك قال تعالى {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} فوصفه باللين وقال تعالى : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} ولا أدل على وصفه عليه الصلاة والسلام من وصف الله له فهو العليم به سبحانه .
    - وصف أصحابه له :
    فقد وصفه معاوية بن الحكم -رضي الله عنه- بقوله :فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني [رواه مسلم (537) ].
    3- أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالرفق فهو القدوة في ذلك وهو الذي نزل عليه {لم تقولون مالاتفعلون} فهو أقرب الناس الى تطبيقه وامتثاله، وحينما أرسل معاذاً وأبا موسى إلى اليمن قال لهما : »يسرا ولاتعسرا وبشرا ولاتنفرا« [رواه البخاري (3038) ومسلم (1733) ] .
    4- ثناؤه صلى الله عليه وسلم على الرفق، ومن ذلك في قوله:»ماكان الرفق في شيئ إلا زانه ولانزع من شيئ إلا شانه« وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة :»إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله« رواه البخاري (6024) ومسلم (2165) ] وفي رواية:»إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه« [رواه مسلم (2593) ].
    وفي حديث جرير -رضي الله عنه- »من يحرم الرفق يحرم الخير« [رواه مسلم (2592) ] ويعطي على الرفق مالايعطي على العنف ) .
    5- سيرته العملية في التعامل مع أصحابه فقد كان متمثلاً الرفق في كل شيئ ومن ذلك :
    أ) قصة الأعرابي الذي بال في المسجد والقصة مشهورة.
    ب) قصة عباد بن شرحبيل - رضي الله عنه - يرويها فيقول: أصابنا عام مخمصة فأتيت المدينة فأتيت حائطا من حيطانها فأخذت سنبلا ففركته وأكلته وجعلته في كسائي، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال للرجل:» ما أطعمته إذ كان جائعا -أو ساغبا- ولا علمته إذ كان جاهلا« فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فرد إليه ثوبه وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق [رواه أحمد (16067) وأبو داود (2620) وابن ماجه (2298)].
    ج)قصة سلمة بن صخر الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان، فرقا من أن أصيب منها في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري فقلت انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري فقالوا: لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، قال: فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، قال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، قال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، وها أنا ذا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك، قال:» أعتق رقبة« قال: فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق لا أملك غيرها، قال:» صم شهرين« قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام؟ قال:» فأطعم ستين مسكينا« قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ما لنا عشاء، قال:» اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك« قال فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إلي [رواه أحمد (23188) وأبو داود (2213) والترمذي وابن ماجه (2062) ].

    زينب سليم الله
    اقتصاد منزلي
    شعبه أ

    ردحذف
  17. مواقف من حياة الرسول المربى


    هذا فيض من غيض من مواقف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , خير معلم , وخير أسوة , فتأملها واعتبر بها :

    1-فى جانب التوجيه
    عنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ؛ قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ. فَقَالَ لِي : ( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيك)
    المستفاد:
    1-ضرورة الامتزاج النفسي بين المعلم والمتعلم ( فالرسول كان يأكل معه)
    2-اختيار التوقيت المناسب لمعالجة الخطأ (فالرسول وجه عندما كان عمرو مستمرا فى خطئه )
    3-المناداة بأحب الأسماء وصيغ النداء ( يا غلام)
    4-استخدام الترتيب الموضوعي لمعالجة الخطأ ( فالرسول لم يعالج طيشان يد أبى سلمة بالإناء فقط , ولإنما أراد أن يشتمل التصحيح على البداية وهى الجلوس للأكل( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ..)ولذلك يجب معالجة المشكلات من أساسها وبتدرج
    5-ربط الفرد بالله , فالرسول ربط الغلام بخالقه عند ابتداء الأكل " سَمِّ اللهَ"


    _2_ المنهج النبوي في حل الخلاف


    _أ_موقف بعض الأنصار من غنائم حنين ووجدهم في أنفسهم من توزيعِ النبي- صلى الله عليه وسلم- وعطاؤه الجزيل لقريش وبعض قبائل العرب وعدم إعطائهم منها.
    روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال : لما أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أعطى من تلك العطايا قريش وفي قبائل العرب، و لم يكن للأنصار منها شيء و جد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة حتى قال قائلهم : لقى رسول صلى الله عليه وسلم قومه ...؟! فيغفرالله لرسول الله يعطى قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر دماً، فدخل سعد بن عباده فقال: يا رسول إن هذا الحي من الأنصار قد و جدوا عليك في أنفسهم في هذا الفيء الذي أصبت قسّمت في قومك , وأعطيت عطايا في قبائل العرب، و لم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء .
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
    قال : يا رسول الله ما أنا إلا أمرؤ من قومي .
    قال: فاجمع لي قولك في هذه الحظيرة .. فأرسل إلى الأنصار فاجتمعوا في مكان أعد لهم , ولم يدع معهم أحدا غيرهم , ثم قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : ( يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وكنتم عالة فأغناكم الله بي ؟)
    وكلما قال لهم من هذا شيئاً قالوا : بلى .. الله ورسوله أمنّ وأفضل . ثم قال : ( ألا تجيبون يا معشر الأنصار ؟ ) .
    قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ للهِ ولرسولهِ المنُّ و الفضلُ .
    فقال صلى الله عليه وسلم : ( أما والله لو شئتم لقلتم , فلصدَقتم و لصدّقتم , أتيتنا مكذبا فصدقناك , و مخذولا فنصرناك , وطريدا فآويناك و عائلا فآسيناك ) فصاحوا : ( بل المن علينا لله ورسوله )
    ثم تابع رسول الله عليه الصلاة و السلام ( أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما لـيسلموا ووكـلتكم إلى إسلامكم ! ألا تــرضون يا معــشر الأنصـار أن يـذهـب الناس بالـــشاة والبعير . وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالله لما تنقلبون به خيرا مما ينقلبون به والذي نفس محمد بيده لولا
    الهجرة لكنت إمرءا من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعباً , لسلكت شعب الأنصـار سـتلقون .. أثـرة من بعـدي فاصـبروا حـتى تلقوني عـلى الـحوض , اللهم ارحـم الأنــصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ) فـبكى الـقوم حتــى أخضلت لــحاهم , وقــــالوا ) رضينا بـالـله ورسوله قسماً وحظاً ونصيباً ( .
    لقد اتبع المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في حل هذه القضية منهجًا غاية في الرقي والسمو والشفافية، ولا بد لنا من وقفات مع هذا المنهج الفريد لنتعلم كيف يُحل الخلاف مهما كان حجمه، فالموقف جد خطير أن يجد بعض الصحابة في أنفسهم من فعل للرسول- صلى الله عليه وسلم- وهم الذين آمنوا به وصدقوه وناصروه. ولكنها الطبيعة البشرية التي تعامل معها الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- بأحسن ما يكون.


    فـــوائـــد تــربـــوية :

    1- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجتمع الأنصار في مكان واحد : و لم يدع معهم أحدا ... فهذا الأسلوب من الأساليب التربوية الناجحة لمعالجة الخطأ , حيث يكون هناك مجال واسع لفتح الحوار والمناقشة
    بدون وجود أطراف أخرى قد تتسبب في تأزم الموقف .

    2- قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بحمد الله والثناء عليه في بداية خطبته : يعتبر ذلك مدخلاً لتهدئة النفوس وتهيئة الـجـو الإيماني فـتكـون الـقــلـوب بعـد ذلـك ســــاكنة و هـــادئة لتلــقي مـا يـقوله عــليه الـسـلام .

    3- استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب استرجاع الذاكرة , و تذكر الفضائل : قبل الحكم عـلى المــوقف الحالـــي و الموازنة بين الأمرين فذكر فضله عليهم ( ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ربي , و كنتم متفرقين فألفكم الله ربي , و كنتم عالة فأغناكم الله بي ) حينئذ تذكروا فضله عليهم فهتفوا قائلين ( بلى , لله ولرسوله المن والفضل ) ومن ذلك يجب أن يستفيد الآباء والمربون في وقتنا الحاضر من هذا الجانب وهو عدم اتخاذ موقف شديد القسوة تجاه الفرد بمجرد خطأ بسيط في نظرنا دون أن ننظر إلى الإيجابيات العظيمة , بل علينا الموازنة والترجيح .
    فلنؤثر قلوب إخواننا ببعض محاسنهم ومناقبهم في بداية الحل، حتى نهيئ النفوس لتقبل الحل ورسوخه في ذات الوقت. فإذا بدأنا بالسلبيات سواء عامة أو شخصية، لتوسعت دائرة الخلاف وتباعدت الرؤى.

    4- عندما سأل عليه الصلاة و السلام ( ألا تجيبون يا معشر الأنصار ) ؟ : هذا السؤال يدل على أنه أراد أن يعطيهم الفرصة لإبداء رأيهم حتى يستفرغ ما في نفوسهم , وهذا هو أسمى وأرقى معاني حرية التعبير عن النفس دون وجود الضغوط الكابحة.
    فلا بد من الاستماع الدقيق للرأي الآخر وعدم تسفيهه أو الحكم عليه قبل سماعه
    فلقد استمع الرسول- صلى الله عليه وسلم- من سيدنا سعد بن عبادة القضية كاملة ثم اتخذ قراره بجمع الصحابة ليناقشهم فيما قالوا. فلا ينبغي على القائد أن يتخذ قراراتٍ من مصدر معلومات دون التأكد من صاحب القضية. إنها قضية التبين والتحقق. بالرغم من أن سيدنا سعد بن عبادة- رضي الله عنه- يُعد من أطراف القضية ومن أصحابها، ولكنه الدرس النبوي الكريم لوضع الأسس السليمة لحماية المجتمع. فهذا فعل النبي- صلى الله عليه وسلم- فأين نحن منه- صلى الله عليه وسلم-. فهو يتخذ هذه الخطوات ليعلمنا ويُرشدنا ويرسم لنا خطوط النجاة. فلا بد من تقبل الرأي الآخر والتعامل معه باهتمام وعدم إهماله وذلك كبداية للحل.

    5- قول الأنصار بماذا نجيبك يا رسول الله , لله ولرسوله الفضل والمنّة : يدل دلالة واضحة على استمرارية الالتزام الخلقي والأدب الرفيع مع الرسول صلى الله عليه وسلم وهم في أحرج موقف وهذه ومضة تربوية تكون وساماً لرسول الله الذي ربى تلك النفوس التي استطاعت أن تثمر نتائج إيجابية رفيعة المستوى في أشد المواقف .
    فلا بد من التزام أدب الخطاب والرقى به , حيث بدأ المصطفى- صلى الله عليه وسلم- بعرض ملخص للقضية من وجهة نظر الأنصار "يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم..." ثم ذكرهم بفضل الله عليهم "ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله؟!" ثم بدأ الحوار "ألا تجيبوني يا معشر الأنصار.." فما دام الحوار بهذا الرقي فلا بد أن يكون الرد مناسبًا له "لله ورسوله المن والفضل" فالرسول- صلى الله عليه وسلم- بدأ بتذكيرهم بفضلهم وذلك لنزع ما قد يكون في صدورهم من بذور الخلاف. ثم يأتي دور إبراز الحقيقة وتجليتها لهم. فيكون الرد الطبيعي والمنطقي لهذه المقدمات "رضينا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قسمًا وحظًا".
    إن التزام أدب الحوار في حل المشكلة سيقصر من وقت حلها وسيسرع في الحل الفوري لها. فلا مجالَ للصراخِ والصوت المرتفع. إنها نتاج العقيدة الراسخة في ذوات النفوس.

    6- استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب المحاماة : وهذا ما ينادون به في القوانين الوضعية المعاصرة فلقد نصب نفسه محامياً عن الأنصار فتكلم عنهم بلسانه عن حقائق... تلك الحقائق تظهر فضلهم عليه فقال عليه الصلاة و السلام ( أما ولله لـو شئتم لـقلتم فلـصدقتم و لـصـدقتم آتيتنا مـكـذباً فــصــدقــنــاك
    ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك , وعائلاً فآسيناك(
    إنها كلمات صادقة محكمة نطق بها أسمى محام عرفته البشرية , أرأيت محامياً يترافع ضد نفسه !! إنها النبوة وعندما قال ذلك أكد ما في نفوسهم بلسانه عليه الصلاة والسلام وهذا هو السمو التربوي الذي يجب أن يقتبس منه المربون والآباء فيذكرون فضائل أبنائهم أوالمتعلمين فيكون ذلك أدعى لتقبلهم التوجيه والإرشاد من آبائهم أو معلميهم .

    7- من الضرورة التربوية تفسير وتوضيح سبب إعطائه عليه الصلاة والسلام لأهل مكة : فقد فسر عليه الصلاة و السلام سبب إعطائه لهم وذلك عندما قال ( أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ) فإذاً السبب ليس القرابة إنما كان ذلك من صلب الدعوة
    وهو الرغبة في إسلامهم , فالهدف من العطاء الوصول لغاية سامية وهي الإسلام وهل هناك أفضل من هذا الهدف ؟ وبذلك استطاع الرسول عليه الصلاة و السلام أن يزيل الغشاوة عن النفوس التي حاول الشيطان أن يستثمرها . وكذلك المربي يجب عليه أن يوضح ويفسر كل عمل يعتقد أنه غامض على من حوله , وذلك حتى لا يجعل للشيطان مدخلاً يدخل منه فيعظمه في نفوس المتعلمين .

    8- قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار ( ووكلتكم إلى إسلامكم ) : يدل دلالة واضحة أنه عليه الصلاة والسلام كان معتقداً اعتقاداً جازماً باستقرار الإيمان في نفوسهم رضي الله عنهم , ووكلهم إلى الإسلام ولم يقل ذلك إلا نتيجة تربيته لهم , والعلاقة الوطيدة بينه وبينهم فعرف ما في نفوسهم من محبتهم لدين الله
    وهكذا يجب أن يكون المربون والآباء مدركين لنفسيات الأبناء والمتعلمين .

    9- (ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة و البعير و ترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟) :
    ما أبلغه من سؤال !!
    إنه سؤال استثار الجانب الوجداني للأنصار رضي الله عنهم فأراد عليه الصلاة والسلام أن يبين الفرق بين اختيار الناس و اختيارهم فعندما يختار الناس الشاة والبعير فهم يختارون نبيهم .
    وهل هناك مقارنة بين الاختيارين ؟ فتلك المقولة تدفع النفس والفكر والوجدان في كشف الحقائق الصادقة عن مدى حب الرسول صلى الله عليه وسلم ( المعلم ) للمتعلمين ( الأنصار رضي الله عنهم ) ولا تنجح العملية التربوية و التعليمية في تحقيق أهدافها إلا بوجود المحبة المتبادلة بين المعلم والمتعلم .

    10- أراد صلى الله عليه وسلم أن يثبت محبته لهم : فقال ( لو سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار و لم ينسهم في الآخرة فقال : ( فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) فإن كسب الناس الشاة والبعير , فالأنصار كسبوا الدنيا والآخرة ففي الدنيا : عودة رسول الله معهم ومحبته لهم وفي الآخرة : اللقاء بصاحب الخلق العظيم عند حوض الكوثر وأيضاً طلب الرحمة لهم ولأبنائهم وأبناء أبنائهم( اللهم ارحم الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ) .
    وجاءت بعد ذلك نتائج تلك الموعظة النبوية التربوية فبكى القوم حـتـى أخضلت لـحـاهـم من الــبـكـاء , وبهذا عالج الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الموقف بتلك الخطبة الإيمانية التربوية .

    11- قول بعض الأنصار(يغفر الله لرسول الله يعطي قريشاً و سيوفنا تقطر بدمائهم):
    أنه ينبغي على من يشك في أمر ما .. لا يجد له تفسيراً واضحاً أن يلتقي بمسئوله أو رئيسه ويحاوره محاورة هادئة ويستفسر منه عن سبب ذلك ولا يجعل للشيطان مدخلاً لتعظيم الأمور لتستمر العلاقة بين المعلم والمتعلم بدلاً من أن تتحطم على أبواب اختلاقات وأوهام من طرف واحد .

    12- سعة صدر القيادة: فلم يغضب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولم يصفهم بأي صفة تُنقص من أيمانهم أو حتى تشكك فيه ووضح بنفسه ما يمكن أن يجول بخاطر أي منهم "أما لو شئتم لقلتم، فلصدقتم ولصُدقتم" فأية سعة صدر وأية عظمة هذه. إنها عظمة محمد- صلى الله عليه وسلم-. فلم نسمع أنها عدم ثقة في القيادة وقراراتها. إن الاختلاف في رأي أو قرار ما لا يعني عدم الثقة في القيادة مهما كان هذا الرأي، ما دام في دائرته الشرعية ولم يخرج عنها.

    13- سرعة الحل: فلقد حدد الرسول- صلى الله عليه وسلم- موعدًا في الحال للاجتماع بهم ومناقشة الأمر معهم، وهذا ما ينبغي عمله تجاه أي مشكلة في بدايتها وعدم تمييعها أو الاستهانة بها. إنَّ التهاون في سرعة حل الخلاف في بدايته سيتسبب في خلل قد يكون أكبر من الخلاف ذاته. أما سرعة اتخاذ خطوات الحل فستئد أية فرصة لتصعيد الخلاف.

    14- الإيجابية والمصارحة من كل الأطراف: فلا بد هنا من وقفة مع إيجابية سيدنا سعد بن عبادة عندما ذهب إلى المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في إيجابية رائعة لنقل الصورة بغرض الحل. فلا بد من إيجابية الجندي والقائد لسرعة الحل. كما في موقفه عندما سأله الرسول- صلى الله عليه وسلم- "فأين أنت من ذلك يا سعد" قال: "يا رسول الله ما أنا إلا من قومي" أية روعة وعظمة يُسطرها التاريخ بأحرفٍ من نور، فمن يجامل إذا لم يجامل الرسول المصطفى- صلى الله عليه وسلم-؟ ولكن المسألة هنا ليست مجاملةً، إنها إيجابية وتحديد موقف ومصارحة ومكاشفة من الجندي لقائده. فلم يتردد الجندي بالبوح بما في أغوار نفسه، ولم يتردد القائد أو يجد في نفسه من سماع رأي الجندي واعتباره وعدم إهماله، أو الضغط عليه لتغيره. ففي سرعة تبليغ سيدنا سعد للنبي- صلى الله عليه وسلم- بالوضع لدرس للجندي حيال المسئولية العظيمة الملقاة على عاتقه لحماية الصف ووحدته وضرورة تقديره للموقف وسرعة إبلاغه لقائده وفي ذات الوقت عليه إيضاح رأيه دون أي وجل أو تردد.

    *** حقا لقد بلغ هذا الرسول الكريم صلوات ربي و سلامه عليه أعلى درجات الكمال البشري , إنه القائد الفذ والمربي الناجح عليه الصلاة والسلام .... إن اللسان ليعجز عن التعبير في وصف مدى النجاح الذي حققه هذا القائد العظيم عليه الصلاة والتسليم في معالجته لأعسر وأشد المواقف متخذاً( الحكمة , والحب , والتواضع , والصراحة , إعطاء كل ذي حق حقه ) وسائل لتهدئة النفوس فإذا بها تعود خاضعة محبة نادمة لا تملك إلا التسليم بكل رضا .
    وصدق الله العلي العظيم حيث يقول :
    ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) .


    الأسم / دلال وصل
    القسم / رياض أطفال( الفرقه الرابعه )
    الرقم بالكشف / 77

    تــــ ح ـــيتي

    ردحذف
  18. المواقف الا استعرضوها جميلة .. فالسيرة النبوية غنية بالمواقف ونتظر ردود الطالبات الأخرى وتفاعلهم

    ردحذف
  19. من السمات المميزة لحركة الفكر التربوي الاسلامي إعلاء القيم والمثل العليا
    فالفكر الاسلامي يؤكد على قيمة العمل .. ومما يدل على ذلك :
    قول الرسول صلى الله عليه وسلم
    {لأن يأخذ أحدكم حباله فيذهب إلى الجبال فيحتطب ويبيع خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه }


    وهذه قصه من حياة الرسول تؤكد على اهمية العمل
    كان رجل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل الناس، فدعاه صلى الله عليه وسلم فأعطاه درهمين، ثم قال: {اشتر بهذا قدوماً أو فأساً، وخذ بهذا طعاماً لأهلك } يعلمه صلى الله عليه وسلم طريقة الإنتاج والعمل، يفتح له ورشة، وطريقاً للعمل والكسب وطلب الرزق الحلال، فذهب واشترى طعاماً لأهله، ثم أتى بفأس فأتي به في خشبة فركبه له صلى الله عليه وسلم ليكون مباركاً وقال: {اذهب بارك الله لك.. لا أراك شهراً } فيما يروى عنه، يقول: اذهب احتطب وبع، فكان يذهب في النهار، فيقتطع من الشجر، ويبيع في أسواق المدينة حتى أصبح غنياً، فأتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه أصبح غنياً، وقد أطعم أهله وكساهم وتصدق؛ قال صلى الله عليه وسلم: {لأن يذهب أحدكم فيأخذ حبالاً فيحتطب فيبيع خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه }.
    فالتحذير من هات.. هات؛ لأن بعض الناس يدمن على هذا، فيصبح وجهه صفيقاً لا حياء فيه، فيطلب الناس لغير الحاجة، حتى إن بعضهم قد يطلب لبعض الديون البسيطة التي على الناس أكثر منها، يفاجئك ويطلب يقول: علي مبلغ كذا وكذا، ولقد مات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة في ثلاثين صاعاً من شعير ولا يوجد من سلم من الدين.
    ومات الخلفاء الراشدون وأكثرهم مدين، وكذلك العلماء والأخيار والأبرار، فأن يجعل الإنسان وجهه صفيقاً وهو شاب قوي قادر ليس بصحيح.
    أيضاً الإسلام يعالج مبدأ العطالة والبطالة، ونحن نعيشها في بعض الصور، فقد تجد الشاب كسلان لا يشتغل، طرق العمل مفتوحة لكن لكسله يقف دائماً حائراً نائماً في بيته يتسلف ويقترض من الناس، فلا ينفع أهله ولا ينفع نفسه ولا أمته، فمثل هذا يحذر منه الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: {اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول } فاليد العليا هي اليد المعطية، واليد السفلى هي اليد الآخذة.
    .
    .
    الاسم : سعيدة سليمان الفيفي
    قسم : اللغة العربية والعلوم الاجتماعية
    الفرقة : الرابعه ( ب)

    ردحذف
  20. {.. مباحث في المذهب الإسلامي في الفردية و الجماعية ..}
    المبحث الأول : حقيقة المذهب الإسلامي في الفردية والجماعية .
    المبحث الثاني : أبرز روَّاد المذهب الإسلامي .
    المبحث الثالث : فلسفة التربية في المذهب الإسلامي
    ********************************
    إن الرؤية الإسلامية لحقيقة الفردية والجماعية من القرآن والسنة , تنادي بضرورة أهمية الفردية وأهمية الجماعية , فتربيهما جميعاً في الإنسان بتوازن وشمول وتكامل ..."
    ..{المبحث الأول : حقيقة المذهب الإسلامي في الفردية والجماعية }..
    إن سبب اختلاف المذاهب السابقة في الفردية والجماعية يعود إلى اختلاف تصوراتهم عن الطبيعة البشريةولقد هدى الله أهل الإسلام إلى الحق في ذلك بما علَّمهم في القرآن , وفي السنة , من بيان لحقيقة النفس البشرية , والطبيعة الآدمية , وأنها مخلوقة من قبضة من الطين,سرت فيها نفخة من روح الله,ولذلك فطبيعتها فيها المتضادات:الطين والروح,والحب والكره , والخوف والرجاء,..,وكذلك الفردية والجماعية
    يرى أصحاب المذهب الإسلامي أن الفردية والجماعية من أخطر الخطوط في الطبيعة البشرية , وعليهما – في صورتهما الصحيحة أو المنحرفة – تقوم نظم الحياة كلِّها , صالحها أو فاسدها , وعلاقات الحياة كلها , سويها أو منحرفها , وسلوك الأفراد والجماعات
    وتقوم نظريتهم على أساس الاهتمام بالنزعتين معاً , دون إغفال لإحداهما , أو المبالغة في تقدير واحدة منهما على حساب الأخرى
    يقول محمد قطب : "ففي كل نفس سوية ميل للشعور بالفردية المتميزة , بالكيان الذاتي , وميل مقابل للاندماج في الجماعة والحياة معها وفي داخلها , ومن هذين الميلين معاً تتكون الحياة . ومن ثمَّ لا يكون الإنسان فرداً خالصاً , ولا يكون أيضاً جزءاً منبهماً في كيان المجموع"
    ويقول : "لا تمر على الإنسان لحظة واحدة يكون فيها فرداً خالص الفردية قائماً بذاته . ولا تمر عليه لحظة واحدة يكون جزءاً من القطيع غير متميز الكيان , عملية مستحيلة, غير قابلة للتحقيق .
    في أشد اللحظات فردية يحمل الإنسان في قلبه مشاعر تربطه بالآخرين .
    وفي أشد اللحظات جماعية يحس – بأنه على الأقل – هو الذي ينفذ رغبة الجماعة بذاته , بكيانه الفردي".
    ..{ المبحث الثاني : أبرز روَّاد المذهب الإسلامي }..
    مما لا شك فيه أن المذهب الإسلامي في الفردية والجماعية قد جاء واضحاً جلياً في القرآن والسنة , وقد تربى عليه جيل الصحابة والتابعين , ومن بعدهم . فقد جاء في القرآن بأن كل إنسان يحاسب على عمله فرداً , وجاء فيه الأمر بالتعاون مع المجتمع على البر والتقوى , وجاء فيه حث الإنسان أن لا يكون إمَّعة , فيسير مع المجتمع كيف سار , بل عليه أن يحسن إذا أحسنوا , ولا يسيء إذا أساءوا , وجاء فيه الحث على السمع والطاعة لولاة الأمر ما لم يأمروا بمعصية , فالسمع والطاعة إنما تكون في حدود الشرع , وهكذا .
    وعندما ظهرت في العصور المتأخرة الرأسمالية متبنية للمذهب الفردي ,وظهرت الشيوعية متبنية المذهب الجماعي , قام مفكروا الإسلام يوضحون موقف الإسلام من الفردية والجماعية , فكان من أوائل من تصدى لهذا الموضوع : سيد قطب رحمه الله في كتابية : الإسلام ومشكلات الحضارة , والسلام العالمي والإسلام .
    ثم تناول محمد قطب–حفظه الله–هذه القضية بشيء من التفصيل في العديد من كتبه مثل:الإنسان بين المادية والإسلام,ودراسات في النفس الإنسانية,ومنهج التربية الإسلامية,وفي النفس والمجتمع,وغيرها من الكتب.ثم تتابع بعد ذلك علماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد ممن يتبنى الإسلام عقيدة ومنهجاً بإيضاح هذه القضية
    ..{ المبحث الثالث : فلسفة التربية في المذهب الإسلامي} ..
    يمكننا أن نقول بأن فلسفة التربية في المذهب الإسلامي تقوم على الأسس التالية: الأساس الأول : تغذية الفردية في الإنسان .
    الأساس الثاني : تغذية الجماعية في الإنسان .
    الأساس الثالث : التوفيق بين الفردية والجماعية في الإنسان .
    الأساس الأول : تغذية الفردية في الإنسان :
    إنَّ الاهتمام بالجانب الفردي في الإنسان , والعناية به , يثمر ثمرات عديدة منها :
    1-عدم تعلق القلب بغير الله تعالى , وإخلاص العبادة له .
    فإن الفرد الذي لا يربي نفسه على الاستغناء عن المخلوقين , والزهد عما في أيديهم من أموال ومناصب ومتع الدنيا , فإن قلبه يتعلق بهم تعلقاً قد يصل به إلى الشرك بالله , وقد يصل به إلى الذلة والمهانة لهم , وقد يناله العذاب منهم من جرَّاء ذلك .
    2-الثبات على دين الله تعالى , والقدرة على مواجهة المصاعب والمشاق .
    إن الفرد الذي ربى جانب الفردية فيه , لديه من الاستعدادات والقدرات ما يجعله يثبت عند المحن والشدائد , بخلاف الذي أسلم قيادة نفسه للجماعة , تفكر له , وتعتني به, فإنه بمجرد انفراده عنها يضيع وينحرف . 3-مضاعفة النشاط والجهد .
    لأنه يعلم أن المحاسبة على الأعمال يوم القيامة فردية , وأن جهده في الدنيا يحقق مصلحة نفسه , ويحقق ذاتيته .
    4-تحرير العقل والإرادة من اعتداء الآخرين عليهما .
    إن الذي ربى نفسه على أن يفكِّر لها , وينظر فيما يصلحها , ويسير وفق ذلك , بالضوابط الشرعية , فإنه يصعب على الآخرين السيطرة عليه بأهوائهم , ولذلك تجده سرعان ما ينجو من انحرافات الجماعات , ويتحرر من استبداد الطغاة , ويدافع عن نفسه, ويجهر بالحق , ويشارك بالرأي , ولا يسلم نفسه لتقاد بغير شرع الله .
    ولمَّا كان لتنمية الجانب الفردي هذه الفوائد العديدة وغيرها كثير , فقد حرص الإسلام على تغذية هذا الجانب من نواحي متعددة منها :
    1- ربط القلب البشري بالله تعالى:
    ويكون ذلك بتعريف الفرد بنعم الله تعالى عليه , وتعريفه بأسماء الله وصفاته وأفعاله ومنها : سعة علم الله , وسعة قدرته , وعظيم إبداعه , وأن الخير بيده , والشر بيده , والحياة والموت بيده , وأن المخلوقين لا يملكون له نفعاً ولا ضراً , ولا موتاً ولا حياة , وأن المالك لذلك كله هو الله .
    هذا التعلق القلبي بالله , يجعل الشخص يشعر بوجوده المستقل , ويشعر بالقوة النفسية , والتحرر من عبادة العباد .
    2- إشعاره بالمسئولية عن أعماله.
    كما قال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة ٌ) . وقال تعالى :( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً). (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) .
    فإذا تربى الإنسان على هذا الشعور , فإنه ولا شك سيدفعه للعمل من أجل مصلحة نفسه ونفعها في الدنيا والآخرة , وسيقوم بمحاسبتها ومراقبتها , حتى تحقق له ما يرجو من الأهداف .
    3-دعوته إلى الاعتزاز بنفسه , والبعد بها عن سفاسف الأمور
    قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ). وقال صلى الله عليه وسلم : "لا يحقر أحدكم نفسه" . قالوا : يا رسول الله , وكيف يحقر أحدنا نفسه , قال : يرى أمراً لله عليه فيه مقال , ثم لا يقول فيه , فيقول الله عز وجل له يوم القيامة : ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : خشية الناس , فيقول : فإياي كنت أحق أن تخشى" .
    4-تحذيره من متابعة الجماعة دون فهم ووعي).
    قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) .
    وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تكونوا إمَّعة , تقولون : إن أحسن الناس أحسنا , وإن ظلموا ظلمنا , ولكن وطِّنوا أنفسكم , إن أحسن الناس أن تحسنوا , وإن أساءوا فلا تظلموا " .
    5-حثه على أداء كثير من العبادات بمفرده , وحثه على الإسرار بها:
    مثل : قيام الليل , وصيام النوافل , والصدقات , والنصيحة الفردية لآحاد الناس , وغير ذلك .
    الأساس الثاني : تغذية الجماعية في الإنسان
    إن اهتمام الإنسان بجانب الجماعية له ثمرات عديدة منها:
    1-التعاون على البر والتقوى , ومقاومة الظلم والعدوان .
    2-تجديد النشاط والهمة .
    3-اكتشاف عيوب النفس , والقيام بإصلاحها , وخاصة العيوب التي لا تظهر إلا من خلال حياة الإنسان في الجماعة : كالأنانية والكبر , والعجلة والغضب , ..
    4-أداء العبادات التي تتطلب أداؤها وجود الجماعة , كالصلوات المفروضة , والجهاد وغيرهما . 5-تكامل الطاقات والقدرات , وتحقيق الحاجات النفسية وللمجتمع .
    ولمَّا كان للتربية الجماعية هذه الثمرات , فضلاً عن كون الحاجة للجماعة نزعة فطرية في الإنسان , فقد اهتمت التربية الإسلامية بهذا الجانب اهتماماً عظيماً,ومن ذلك :
    1-الربط بين صحة العقيدة وبين حسن الخلق مع المجتمع .
    فجعل الدليل على صحة عقيدة الإنسان حسن الخلق مع المجتمع , وجعل سوء الخلق مع الناس دليلاً على فساد العقيدة .
    قال تعالى :( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ،وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ). فجعل الله من أخص صفات المكذبين بيوم القيامة , ممَّن فسدت عقائدهم : سوء أخلاقهم مع المجتمع , وخاصة ممن لا يرجون من ورائه نفعاً دنيوياً عاجلاً كاليتامى والمساكين . ومعنى ذلك أن من صحت عقيدته في الله وفي اليوم الآخر , فإنه يحسن خلقه مع المجتمع , سواء رأى مردود ثمرته في الدنيا أم لا , لأنه سيجده عند الله تعالى .
    2-وضَّح الإسلام أن المقصود من تشريع العبادات إكساب الناس التقوى . ووضح أن التقوى هي حسن الخلق بقسميه : حسن الخلق مع الخالق , وحسن الخلق مع الناس .
    فمن أدى العبادات , وساء خلقه مع الناس , فإن ذلك يدل على نقص تقواه , وأن عبادته ما أنتجت الثمرة المطلوبة منها .
    ويدل على ذلك قصة المرأة صائمة النهار , قائمة الليل , ولكنها سليطة اللسان تؤذي جاراتها , أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها في النار .
    ويدل على ذلك حديث المفلس , الذي يأتي يوم القيامة بعبادات عظيمة ومتنوعة , ولكنه يأتي بسوء خلق مع المجتمع , فيتقاسم الغرماء حسناته , حتى إذا فنيت حسناته , أخذ من سيئاتهم فوضعت عليه , فطرح في النار .
    3-حث الإسلام على التآخي في الله , وجعل لذلك منزلة رفيعة , وحسنات عظيمة .
    4-حث الإسلام على أداء بعض الشعائر جماعة تأكيداً على الجماعة .
    5-أمر الإسلام بلزوم الجماعة .
    6-حض الإسلام على الشورى .
    7-شرع الإسلام الزواج , ورتب على ذلك الأجور الكثيرة .
    8-حث على السماحة في المعاملة من بيع وشراء ونحو ذلك .
    9-نهى عن كل ما يضر بالمسلم من أقوال أو أعمال كالسخرية والاستهزاء , والكبر والخيلاء , والتناجي .
    1- رتب على الأعمال الخيرية التي يقدمها الفرد للمسلمين أجوراً عظيماً , وفضلها على أداء النوافل من الصلوات .
    الأساس الثالث : التوفيق بين الفردية والجماعية
    هذا التوفيق بين الفردية والجماعية في الإنسان هو من أعظم مميزات التربية الإسلامية عن غيرها من مناهج التربية , ويقوم هذا التوفيق على المبادئ التالية:
    1-تأكيد الإسلام على أن العلاقة الفردية التي بين العبد وربه , لابد أن تبرز في الخارج في نظام اجتماعي عادل متحرر من كل أشكال التسلط والقهر .
    2-جعل الإسلام في شرائعه من الأوامر والنواهي ما يحقق التوازن بين الفردية والجماعية , فإذا انضبط المسلم بالشرع حقق فرديته , وخدم مجتمعه , دون تجاوز من أحدهما على الآخر .
    3-بدأ الإسلام في بناء المجتمع من خلال ضمائر الأفراد ووجدانهم , فغرس فيها بذر الحب والرحمة للمؤمنين , وجعل محبتهم من حقيقة الإيمان بالله , ومن الأمور الجالبة لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة .
    4-جعل الإسلام العلاقة بين أفراد المجتمع علاقة تكافلية , وأقام السلام على أساس مصلحة الفرد والمجتمع , على خلاف المذاهب الأرضية , فقد جعلت العلاقة بين أفرادها علاقة صراع وتنافس , وأقامت سلامها إما على مصلحة الفرد دون المجتمع,أو العكس .
    5-جعل الإسلام قيماً منظمة لعلاقة الفرد بربه , وقيماً منظمة لعلاقة الفرد بنفسه, وقيماً منظمة لعلاقة الفرد بالآخرين , هذه القيم لو ربى المسلم نفسه عليها لأصبح نموذجاً فريداً , تشرأب الأنظار إليه , ولتكون من هؤلاء الأفراد مجتمعات سوية , ولعادت الأمة الإسلامية إلى مكانتها من القيادة والريادة , ولحلَّ السلام الحقيقي بالعالم أجمع .
    {..خِِتاماً..}
    تنطلق الرؤية الإسلامية لحقيقة الفردية والجماعية من القرآن والسنة , ولذلك ترى أهمية الفردية وأهمية الجماعية , فتربيهما جميعاً في الإنسان بتوازن وشمول وتكامل , فينتج من ذلك الوفاق في داخل الإنسان , وبين الفرد ومجتمعه , ولا يطغى أحدهما على الآخر .
    الاسم : سميرة سلمان حامد
    قسم : اللغة العربية والعلوم الإجتماعية
    الفرقه : الرابعه ( ب )

    ردحذف
  21. عناية التربية الاسلامية بتعليم وتعلم المرأة

    إن اول ما نزل من كتاب اللَّه هو الدعوة إلى القراءة. قال تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم} [العلق: 1-5]
    وقد حث القرآن الكريم والهدي النبوي الشريف على العلم، فقال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر: 9]. وقال: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: 28]. وقال (: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) [ابن ماجه والطبراني]، وقال رسول اللَّه (: (إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم يهتدي بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة) [أحمد]. وقال (: (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين -حتى النملة في جحرها وحتى الحوت - ليصلون على معلِّم الناس الخير) [الترمذي].
    أشهر المعلمين:
    وقد اشتهر كثير من الصحابة بالعلم، كالخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر وغيرهم.
    وكانت أزواج النبي ( المطهرات -ولاسيما عائشة رضي اللَّه عنها- معلمات عظيمات؛ نقلن إلى الأمة كثيرًا من الأحاديث النبوية، وأحكام الشريعة الإسلامية.
    تعليم المرأة:
    والعلم فرض على كل مسلم ومسلمة، فقد كان النساء في عهد النبي ( يتعلمن منه آيات اللَّه وما أنزل عليه من الأحكام، وقد جعل النبي ( لهن موعدًا يحضرن فيه لتلقي العلم مثلهن في ذلك مثل الرجال تمامًا. فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قالت النساء للنبي (: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن [البخاري].
    منزلة طالب العلم:
    وقد كان الرسول ( يفرح إذا رأى أحدًا من الصحابة مهتمًا بالعلم، طالبًا له، فقد ورد عن صفوان بن عسال المرادي -رضي الله عنه- أنه رأى النبي ( وهو يبكي على برد له أحمر، فقال له: إني جئت أطلب العلم. فقال النبي (: (مرحبًا بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها) [أحمد والطبراني].
    ويستحب طلب العلم في الصغر، فقد ورد عن النبي ( قوله: (أيما ناشئ نشأ في طلب العلم والعبادة حتى يكبر، أعطاه الله -تعالى- يوم القيامة ثواب اثنين وسبعين صديقًا) [الطبراني].
    ولم يقف أمر التعليم على الحرائر من النساء والرجال؛ بل نبه النبي ( إلى ثواب تعليم العبيد والإماء، حيث قال (: (أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها؛ فله أجران) [البخاري].
    والإسلام يحث أتباعه -رجالا ونساءً- على التعلم، ففتح أمام الرجل كل أفاق العلم أن يسبح فيها، مادام هذا العلم نافعًا للإسلام والمجتمع، ولم ينس الإسلام للمرأة حظها من العلم، وإن كان يحثها على أن تتعلم ما هو أولى في حقها، كالطب لعلاج النساء، والتدريس لتعليم الفتيات، والتمريض لتمريض النساء والفتيات، فهذا أحرى، كي يعلِّم الرجل الشباب، والمرأة النساء، وكذلك الأمر في العلاج وغيره، درءًا للاختلاط، ومنعًا لانتشار الفساد في المجتمع.
    ضوابط لتعليم المرأة:
    وإن كان الإسلام أباح للمرأة أن تتعلم، فقد وضع لها العديد من الضوابط، ومن هذه الضوابط:
    (1) تجنب الاختلاط الفاسد صونًا للأعراض وسدًّا لأبواب الفساد، ولتوفير الجو المناسب الذي يساعد على تحقيق الهدف المطلوب من تربية المرأة وتعليمها.
    (2) عدم سفرها للتعلم دون محرم أو صحبة مأمونة من النساء، حفظًا لها وتأمينًا لسلامتها، قال ( : (لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم) [البخاري].
    (3) الاهتمام بتعليمها العلوم التي تفيدها أولا، فيجب التركيز في تعليم المرأة على ما يثبت عقيدتها، ويصحح عبادتها، ويزكي أخلاقها، ويتوافق مع فطرتها وأنوثتها، ويخدم حياتها، ويساعدها في تربية أبنائها ورعاية بيتها، وبالجملة تعلم كل ما يعود عليها بالمنفعة في مهمتها الأصلية، وطالما يفيد المجتمع المسلم.
    (4) عدم تعلم ما يفسد عليها معيشتها وحياتها، ولا يتفق مع طبيعتها مثل الالتحاق بمعاهد السينما والتمثيل والمسرح.
    نساء معلمات:
    لقد أقبلت النساء في صدر الإسلام على التعلم والتفقه في أمور دينهم ودنياهم إقبالاً عظيمًا، ولنا في أمهات المؤمنين القدوة الحسنة، فقد كان ( ينيب السيدة عائشة في شرح المراد من حديثه لمن لا تعي ما يقوله ( مما في تصريحه به إحراج للسائلة، كذلك علَّم الرسول ( أسماء بنت عميس كيف تغسل المرأة الميتة، فغسلت فاطمة الزهراء -رضي الله عنها-،
    واشتهرت زينب طبيبة بني عواد بالطب في الجاهلية والإسلام، وكانت فضلاً عن معالجتها الأبدان، تحسن طب العيون والجراحة، ولم يقتصر ظهور المتعلمات النابغات على الصدر الأول للإسلام، بل امتدت الرحلة العلمية عبر مختلف حلقات التاريخ الإسلامي تاركة لنا القدوة الحسنة والنهج السليم، والذي كان سبيلاً سلكته الكثيرات في العصر الحديث، ومن بينهن السيدة ملك حفني ناصف (باحثة البادية)، والتي أطلقت دعوتها بحق الفتاة في التعليم بما يوافق النظرة الإسلامية السليمة.
    ومن الأفضل أن تخصص مناهج لتعليم المرأة خصوصًا ما ينفعها شخصيًّا وينفع أسرتها وأولادها مثل الخياطة والتطريز والخدمة الاجتماعية، ولعل أخطر ما يشهده تعليم المرأة هو التقليد الأعمى لكل أساليب ومناهج التعليم في الغرب الذي نتج عنه انحرافات في توجه المرأة نحو المجتمع وإهمالها لشؤون أسرتها وبيتها، ويترتب على ذلك العديد من الأخطار التي لابد من معرفتها والقضاء عليها.
    (5) كما يجب ألا يكون التعليم -رغم أهميته- عائقًا أمام سير المسلمة في حياتها الطبيعية؛ كأن تؤخر سن الزواج بحجة إنهاء التعليم، أو أن تهمل المرأة في حقوق زوجها وأبنائها بحجة الحصول على المزيد من التعليم والشهادات.
    ومن الأمور التي يجب أن تراعى في التعليم في بلاد الإسلام.
    (6) عدم التقليد الأعمى للغرب، بل يتعلم الطلاب ما يوافق طبيعتهم وبيئتهم، مع محاولة رفع كفاءة المدرس والطالب، حتى يكون التعليم في بلاد الإسلام ذا مستوى أعلى؛ ليرجع على ما كان عليه في العصور الوسطى، يقود العالم كله إلى الخير والتقدم والحضارة، كما يستحب التشجيع من قبل الهيئات والمؤسسات للابتكار والتفوق بين الطلاب، وأن يكون تعليم الطالب وفقًا لما يحب ويرجو، حتى يستطيع خدمة دينه ووطنه.


    الاسم: بدور عثمان الشلالي
    القسم: اللغة العربية والعلوم الإجتماعية
    الفرقة : الرابعة ( ب )

    ردحذف
  22. حنان سمير بري اقتصاد منزلي أ3 مايو 2009 في 11:03 ص

    التربيــــــــــــة بالقصـــــــــــة:
    إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى} وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : { واقصص القصص لعلهم يتفكرون } ولهذا فقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب .
    شاب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه ـ يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه فيقول رضي الله عنه :أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: « لقد كان كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله » [رواه البخاري (3852]

    ردحذف
  23. من أساليب حبيبنا المصطفى عليه السلام التربوية مايلي:

    1- التربية بالقصة :
    إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصص كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى} وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : { واقصص القصص لعلهم يتفكرون } ولهذا فقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب .
    شاب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه ـ يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه فيقول رضي الله عنه :أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: « لقد كان كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله » [رواه البخاري (3852]
    وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي صلى الله عليه وسلم قصة من القصص، فمن ذلك: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود... وغيرها كثير.

    2 - التربية بالموعظة :
    للموعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم يغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه وهو ابن مسعود -رضي الله عنه-:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» [رواه البخاري ( 68 ) ] ويحكي أحد أصحابه وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ » [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)] وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولاً ، وألا تكون بصفة دائمة .
    عن أبي وائل قال كان عبدالله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنابهامخافة السآمة علينا[رواه البخاري(70) ومسلم(2821 )]

    3 - الإقناع العقلي :
    عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مه مه، فقال: «ادنه» فدنا منه قريباً قال: فجلس قال : « أتحبه لأمك ؟ » قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: « ولا الناس يحبونه لأمهاتهم» قال: «أفتحبه لابنتك؟» قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم» قال: «أفتحبه لأختك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم» قال:«أفتحبه لعمتك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم» قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم» قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه» فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء [رواه أحمد ] .
    إن هذا الشاب قد جاء والغريزة تتوقد في نفسه، مما يدفعه إلى أن يكسر حاجز الحياء، ويخاطب النبي صلى الله عليه وسلم علناً أمام أصحابه، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم المربي المعلم لديه جانباً لم يدركه فيه أصحابه فما هو؟
    لقد جاء هذا الشاب يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان قليل الورع عديم الديانة لم ير أنه بحاجة للاستئذان بل كان يمارس ما يريد سراً، فأدرك صلى الله عليه وسلم هذا الجانب الخير فيه، فما ذا كانت النتيجة : «فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء »


    4 - استخدام الحوار والنقاش :
    وخير مثال على ذلك موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأنصار في غزوة حنين بعد قسمته للغنائم، فقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وترك الأنصار، فبلغه أنهم وجدوا في أنفسهم، فدعاهم صلى الله عليه وسلم ، وكان بينهم وبينه هذا الحوار الذي يرويه عبدالله بن زيد -رضي الله عنه- فيقول: لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: »يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟« كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن، قال: »ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟« قال كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن قال:» لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض« [رواه البخاري (4330) ومسلم (1061) ] ففي هذا الموقف استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الحوار معهم، فوجه لهم سؤالاً وانتظر منهم الإجابة، بل حين لم يجيبوا لقنهم الإجابة قائلاً : (ولو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدقتم( … .

    5 - استخدام التوجيه غير المباشر :
    ويتمثل التوجيه غير المباشر في أمور منها:
    أ - كونه صلى الله عليه وسلم يقول مابال أقوام، دون أن يخصص أحداً بعينه، ومن ذلك قوله في قصة بريرة فعن عائشة -رضي الله عنها- فقالت أتتها بريرة تسألها في كتابتها فقالت إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي فلما جاء رسول الله صلى اللهم عليه وسلم ذكرته ذلك قال النبي صلى اللهم عليه وسلم ابتاعيها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق ثم قام رسول الله صلى اللهم عليه وسلم على المنبر فقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة شرط [رواه البخاري ومسلم ] (2735)
    وحديث أنس -رضي الله عنه- أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش فحمد الله وأثنى عليه فقال :«ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» [رواه البخاري ( 91401 ) ]
    ب - وأحياناً يثني على صفة في الشخص ويحثه على عمل بطريقة غير مباشرة، ومن ذلك مارواه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاماً أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر فقال لي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي بالليل» قال سالم: فكان عبدالله لا ينام من الليل إلا قليلاً [رواه البخاري] (3738-3739)
    ج - وأحياناً يأمر أصحابه بما يريد قوله للرجل، عن أنس بن مالك أن رجلا دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قلما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه فلما خرج قال:» لو أمرتم هذا أن يغسل هذا عنه« [رواه أبو داود (4182)]
    د - وأحياناً يخاطب غيره وهو يسمع، عن سليمان بن صرد قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم :« إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: إني لست بمجنون [رواه البخاري ومسلم ] (6115( (2610)

    6 - استثمار المواقف والفرص :
    عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع أصحابه يوماً وإذا بامرأة من السبي تبحث عن ولدها فلما وجدته ضمته فقال صلى الله عليه وسلم :«أترون هذه طارحة ولدها في النار» قالوا: لا، قال:«والله لايلقي حبيبه في النار؟» [رواه البخاري ومسلم ] ( 5999) ( 2754)
    فلا يستوي أثر المعاني حين تربط بصور محسوسة، مع عرضها في صورة مجردة جافة.
    إن المواقف تستثير مشاعر جياشة في النفس، فحين يستثمر هذا الموقف يقع التعليم موقعه المناسب، ويبقى الحدث وما صاحبه من توجيه وتعليم صورة منقوشة في الذاكرة، تستعصي على النسيان.
    والمواقف متنوعة فقد يكون الموقف موقف حزن وخوف فيستخدم في الوعظ، كما في وعظه صلى الله عليه وسلم أصحابه عند القبر.
    عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى اللهم عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رءوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا… ثم ذكر الحديث الطويل في وصف عذاب القبر وقتنته. [رواه ابو داوود] (4753(
    ب ـ وقد يكون وقد يكون موقف مصيبة إذا أمر حل بالإنسان، فيستثمر ذلك في ربطه بالله تبارك وتعالى.
    عن زيد بن أرقم قال أصابني رمد فعادني النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فلما برأت خرجت، قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أرأيت لو كانت عيناك لما بهما ما كنت صانعاً؟» قال: قلت: لو كانتا عيناي لما بهما صبرت واحتسبت، قال:«لو كانت عيناك لما بهما ثم صبرت واحتسبت للقيت الله عز وجل ولا ذنب لك» [رواه أحمد]
    بل إن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم مثل هذا الموقف لتقرير قضية مهمة لها شأنها وأثرها كما فعل حين دعائه للمريض بهذا الدعاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا جاء الرجل يعود مريضا قال: اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدوا ويمشي لك إلى الصلاة» [رواه أحمد (6564)]
    إنه يوصي المسلم بعظم مهمته وشأنه وعلو دوره في الحياة، فهو بين أن يتقدم بعبادة خالصة لله ، أو يساهم في نصرة دين الله والذب عنه .
    ج ـ وقد يكون الموقف ظاهرة كونية مجردة، لكنه صلى الله عليه وسلم يستثمره ليربطه بهذا المعنى عن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال:«إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ثم قرأ {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [رواه البخاري (554) ومسلم]
    دـ وقد يكون الموقف مثيراً، يستثير العاطفة والمشاعر كما في حديث أنس السابق في قصة المرأة .

    7 - التشجيع والثناء :
    سأله أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ يوماً :من أسعد الناس بشفاعتك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم« لقد ظننت أن لايسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث] «رواه البخاري ( 99 ) ]. فتخيل معي أخي القاريء موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه الشهادة من أستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه وسلم .بحرصه على العلم، بل وتفوقه على الكثير من أقرانه. وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعاً لمزيد من الحرص والاجتهاد والعناية.
    وحين سأل أبيَ بن كعب: »أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟» فقال أبي:آية الكرسي. قال له صلى الله عليه وسلم «ليهنك العلم أبا المنذر» [رواه مسلم وأحمد ] ( 810 ) ( 5/142 )
    إن الأمر قد لايعدو كلمة ثناء، أو عبارة تشجيع، تنقل الطالب مواقع ومراتب في سلم الحرص والاجتهاد. والنفس أياً كان شأنها تميل إلى الرغبة في الشعور بالإنجاز. ويدفعها ثناء الناس - المنضبط- خطوات أكثر.
    والتشجيع والثناء حث للآخرين، ودعوة غير مباشرة لهم لأن يسلكوا هذا الرجل الذي توجه الثناء له

    بدرية علي
    ربعة رياض اطفال

    ردحذف
  24. منى عبدالفتاح الحجيري
    رابعة اقتصاد منزلي

    الإعجاز في أسلوب الرسول التعليمي


    عندما نتأمل الأساليب الحديثة في التعليم والتدريس نجد اكتشافات لعلماء عديدين يؤكدون على قواعد محددة في التعليم، فماذا عن أسلوب النبي الكريم؟...

    لقد جاء النبي الكريم في عصر انتشرت فيه الأساطير وسيطرت فيه الخرافات على عقول البشر، وكان العرب يتبعون أساليب معينة في التعليم معظمها خاطئ، مثل التأنيب والعقاب والاستهزاء بالآخرين، وكانوا تأخذهم حميَّة الجاهلية.
    لقد جاء النبي في ذلك العصر الصعب، كانوا يستقون معلوماتهم من الكهان والعرافين، ويقتنعون بكلام المنجمين المزخرف، ويمكن القول إن الأساليب العلمية الصحيحة في التعليم والتدريس والإدارة لم تُطبق إلا في العصر الحديث أي بعد وفاة النبي الكريم بأربعة عشر قرناً.
    وسوف نرى من خلال هذه المقالة كيف أن أسلوب النبي الكريم في تعليم أصحابه يتوافق مع أحدث النظريات التعليمية التي يؤكد صحتها عدد كبير من العلماء اليوم.

    التدرج من العام إلى الخاص

    من أهم الأساليب الحديثة المتبعة في تدريس الطلاب ولجميع المراحل هو التدرج من العام إلى الخاص. فالمعلم الناجح يبدأ مع طلابه بالمعلومات العامة أولاً ثم يتدرج نحو المعلومات الخاصة والمحددة.
    فمثلاً عندما نريد تدريس الطالب علم الفلك نبدأ معه بالحديث عن الكون وأجزائه والمجرات والنجوم والمجموعة الشمسية وغير ذلك من المعلومات العامة. ثم نحدثه عن توسع الكون والانفجار الكبير ومستقبل الكون، ثم نحدثه عن الثقوب السوداء وما يحدث من عمليات دقيقة بداخلها، ثم نحدثه عن الانفجارات النجمية والتفاعلات النووية فيها وغير ذلك من المعلومات الدقيقة.
    أي أن التعليم يبدأ من العام نحو الخاص، والعجيب أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام قد اتبع هذا الأسلوب في جميع تعاليمه. فهذا هو سيدنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه يقول: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة "أي قاربنا البلوغ" فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً) [رواه ابن ماجة].

    أسلوب الترغيب أكثر من الترهيب

    وينصح بهذا الأسلوب علماء البرمجة اللغوية العصبية، فهم يؤكدون دائماً على أنك بدلاً من أن تهدد التلميذ أو الموظف أو ابنك ... بالعقاب وتشغل تفكيره بتخيلات ومخاوف هو بغنى عنها، بدلاً من ذلك يفضل أن تملأ دماغه بالتفاؤل وأن تبشره بالخير والثواب، فإن ذلك سيجعله إنساناً إيجابياً يستطيع استثمار وقته بطريقة مفيدة.
    لو تأملنا أحاديث النبي الأعظم عليه صلوات الله وسلامه لوجدناها تزخر بالتعاليم الإيجابية، فمن منا لا يذكر حديث أولئك السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن منا لا يذكر الحديث الشهير الذي يحمله كل داعية بقلبه: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) [البخاري ومسلم].
    لقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يثني على المؤمنين ويشجعهم في كثير من المواقف، وكان يتجنب الانتقادات المباشرة، فعندما يرى رجلاً قد أخطأ فلا يسميه باسمه بل يقول: (ما لي أرى أقواماً فعلوا كذا وكذا...)، وهذا من أرقى الأساليب في فن الإدارة الحديث [1].

    التدرج في الأعمال والمعلومات

    من أسس النجاح في الحياة أن يكون لديك أولويات تحددها بوضوح، أو أهداف واضحة تحددها حسب أهميتها. فالإنسان الناجح يستطيع وضع إستراتيجية واضحة لحياته وما هي الخطوات التي ينبغي عليه القيام بها أو الاهتمام بها أولاً.
    هذا الأمر ضروري لكل إنسان يريد النجاح في الدنيا، ولكن النبي الرحيم عليه الصلاة والسلام يريد لنا لنا النجاح في الدنيا والآخرة! ولذلك نجد هذا الأسلوب التعليمي في ترتيب الأعمال حسب أهميتها، نجد هذا الأسلوب يتكرر كثيراً في تعاليم سيد البشر عليه الصلاة والسلام.
    فمن منا لا يذكر ذلك الرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره بأحب الأعمال إلى الله تعالى، فقال له: (الصلاة على وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله) [رواه البخاري ومسلم]. وهنا نلاحظ أن الرسول الكريم قد وضع أولويات أمام هذا الرجل ليكون اهتمامه أكثر.

    أسلوب الأمثلة في التعليم

    يؤكد علماء التعليم اليوم أن أفضل أسلوب للتعلم هو الأمثلة، أي أنك إذا أردت أن تعلم إنساناً شيئاً يترسخ في ذاكرته ولا ينساه أبداً فعليك أن تضرب له مثلاً أو تشبيهاً، وسوف تنطبع المعلومات في ذهنه، ولكن لماذا هذا الأسلوب؟
    لقد اكتشف العلماء أن ذاكرة الإنسان تستخدم هذا الأسلوب في التذكر، فأنت عندما تشم رائحة معينة قد تذكرك بموقف قديم حدث معك وارتبط بهذه الرائحة. وعندما تسمع انشوده فإنك تتذكر على الفور ذلك الموقف الذي سمعت فيه هذه الأنشوده منذ سنوات طويلة.... وهكذا.
    ولذلك فإن العلماء يؤكدون على ضرورة استخدام هذا الأسلوب في التعليم، وهذا ما فعله نبينا عليه الصلاة والسلام في معظم أحاديثه. فقد كان ينتظر الفرصة المناسبة ليوجه النصيحة ويربطها بتشبيه يقرب فهمها للأذهان.
    وكلنا يتذكر ذلك الحديث عندما قال النبي الكريم: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرنه "أي وسخه" شيء؟ فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) [البخاري ومسلم].

    أسلوب الحوار التعليمي

    ما أكثر الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت على شكل حوار تعليمي، هذا الأسلوب يؤكده علماء النفس حديثاً، وهو أن الحوار التعليمي مهم جداً لترسيخ المعلومات أثناء التعلم وجعل الدرس أكثر تشويقاً ومتعة ومشاركة من قبل المتعلمين.
    ولو تأملنا كتاب الله تعالى وجدنا هذا الأسلوب في معظم صفحاته، ويكفي أن نعلم بأن كلمة (قُل) تكررت ي القرآن 332 مرة. وبنفس هذا العدد تكررت كلمة (قالوا) أي 332 مرة، وهاتين الكلمتين تستخدمان للحوار والنقاش والجدال.
    ولذلك فقد استخدم حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب الحواري في كثير من أحاديثه، فعلى سبيل المثال، يسأل النبي أصحابه
    فيقول: (أتدرون من المسلم)؟
    قالوا: الله ورسوله أعلم.
    قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).
    ثم قال (أتدرون من المؤمن)؟
    قالوا: الله ورسوله أعلم.
    قال: (المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم).
    وهذه الأساليب تكررت كثيراً في كلامه عليه الصلاة والسلام. وإن دل على شيء إنما يدل على أن كل كلمة نطق بها هذا النبي الأمي هي الحق، وأن تعاليم الإسلام صالحة لكل زمان ومكان، وأخيراً ندعو بدعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها) [رواه مسلم].

    المصدر : موقع الدكتور طارق السويدان


    منى عبدالفتاح الحجيري
    رابعة اقتصاد منزلي

    ردحذف
  25. تـهاني العمري
    رابع رياض اطفال (أ)





    من أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية


    1- الإغلاظ والعقوبة:
    وقد يُغلظ صلى الله عليه وسلم على من وقع في خطأ أو يعاقبه:
    فعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً من يومئذ فقال:» أيها الناس إنكم منفرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة« [رواه البخاري (90) ومسلم (466) ].
    وعن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن اللقطة فقال:»اعرف وكاءها -أو قال: وعاءها وعفاصها- ثم عرفها سنة، ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه« قال: فضالة الإبل؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه -أو قال احمر وجهه- فقال:» وما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وترعى الشجر فذرها حتى يلقاها ربها« قال: فضالة الغنم؟ قال:» لك أو لأخيك أو للذئب« [رواه البخاري (90) ومسلم (1722) ].
    وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه على هذين الحديثين » باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى مايكره«.
    وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال:»يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده« فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . [رواه مسلم (2090) ]
    عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت ما منعه إلا الكبر قال فما رفعها إلى فيه [رواه مسلم (2021)]
    إلا أن ذلك لم يكن هديه الراتب صلى الله عليه وسلم فقد كان الرفق هو الهدي الراتب له صلى الله عليه وسلم ، لكن حين يقتضي المقام الإغلاظ يغلظ صلى الله عليه وسلم ، ومن الأدلة على ذلك:
    1- أن الله سبحانه وتعالى وصفه بالرفق واللين أو بما يؤدي إلى ذلك قال تعالى {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} فوصفه باللين وقال تعالى : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} ولا أدل على وصفه عليه الصلاة والسلام من وصف الله له فهو العليم به سبحانه .
    2- وصف أصحابه له :
    فقد وصفه معاوية بن الحكم -رضي الله عنه- بقوله :فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني [رواه مسلم (537) ].
    3- أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالرفق فهو القدوة في ذلك وهو الذي نزل عليه {لم تقولون مالاتفعلون} فهو أقرب الناس الى تطبيقه وامتثاله، وحينما أرسل معاذاً وأبا موسى إلى اليمن قال لهما : »يسرا ولاتعسرا وبشرا ولاتنفرا« [رواه البخاري (3038) ومسلم (1733) ] .
    4- ثناؤه صلى الله عليه وسلم على الرفق، ومن ذلك في قوله:»ماكان الرفق في شيئ إلا زانه ولانزع من شيئ إلا شانه« وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة :»إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله« رواه البخاري (6024) ومسلم (2165) ] وفي رواية:»إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه« [رواه مسلم (2593) ].
    وفي حديث جرير -رضي الله عنه- »من يحرم الرفق يحرم الخير« [رواه مسلم (2592) ] ويعطي على الرفق مالايعطي على العنف ) .
    5- سيرته العملية في التعامل مع أصحابه فقد كان متمثلاً الرفق في كل شيئ ومن ذلك :
    أ) قصة الأعرابي الذي بال في المسجد والقصة مشهورة.
    ب) قصة عباد بن شرحبيل - رضي الله عنه - يرويها فيقول: أصابنا عام مخمصة فأتيت المدينة فأتيت حائطا من حيطانها فأخذت سنبلا ففركته وأكلته وجعلته في كسائي، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال للرجل:» ما أطعمته إذ كان جائعا -أو ساغبا- ولا علمته إذ كان جاهلا« فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فرد إليه ثوبه وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق [رواه أحمد (16067) وأبو داود (2620) وابن ماجه (2298)].
    ج)قصة سلمة بن صخر الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان، فرقا من أن أصيب منها في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري فقلت انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري فقالوا: لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، قال: فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، قال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، قال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، وها أنا ذا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك، قال:» أعتق رقبة« قال: فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق لا أملك غيرها، قال:» صم شهرين« قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام؟ قال:» فأطعم ستين مسكينا« قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ما لنا عشاء، قال:» اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك« قال فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إلي [رواه أحمد (23188) وأبو داود (2213) والترمذي وابن ماجه (2062) ].

    ردحذف
  26. أحلام الرحيلي
    رابع رياض أطفال (أ)




    بعض من اساليب الرسول صلىآ الله عليه وسلم في تربية الافراد والجماعات :-

    1 / المعالجة بالتوجيه المباشر

    حيث كان (ص) يوجه للخطأ بشكل مباشر كما فعل مع عمر بن ابي سلمة رضي الله عنه حين كان غلاما وكانت يده تطيش في صـُحفة الأكل فقال له (ص) يا غلام سم بالله وكل بيمينك وكل مما يليك .. فلم ينتظر (ص) مرور الخطأ ولم يتجاهله بل بادر بالتوجيه المباشر..

    2 /المعالجة بالتعريض :

    والتعريض هنا تعني التعرض لخطأ ما بشكل غير مباشر ومثال هو استنكار الرسول (ص) لمبالغة اناس في العبادة حيث قال ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ ولكني أصلي وأنام, وأصوم وأفطر, وأتزوج النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني..

    3/ المعالجة بالتوبيخ

    عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ساببت رجلا فعيرته بأمه, فقال لي النبي (ص) (( يا أبا ذرأعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية)).. ويظهر هنا توبيخه (ص) لابي ذر فيلفت بذلك نظر باقي المسلمين لمثل هذا الفعل الخاطىء.

    4/ المعالجة بالمقاطعة

    ذكر كعب بن مالك حين تخلف عن النبي (ص) في تبوك قال: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا, وذكر خمسين ليلة)).. ونرى هنا فوائد تربوية لمقاطعة الجماعة للفرد وهي
    1- تربية غير مباشرة لأفراد الجماعة
    2- بيئة خصبة لبيان قوة الالتزام لدى الجماعة
    3- تبين أهمية الجماعة للفرد
    4- يشعر المخطئ بذنبه مباشرة بعد المقاطعة

    5/ المعالجة بالضرب

    كمثل يوم أن امرنا بان نعلم اولادنا الصلاة ونضربهم عليها في سن العاشرة. وقال (ص) (( علقوا السوط حيث يراه اهل البيت فانه ادب لهم)).. ولكنه (ص) حدد مواصفات عصا الضرب تلك والضوابط في عقوبة الضرب.



    * من كتاب [ اساليب الرسول في التربية] ..

    ردحذف
  27. من أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية الاطـفال :-
    الحديث :
    عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ، وكان لي أخ يقال له : أبو عمير وهو فطيم - كان اذا جاءنا قال : ياأبا عمير ، مافعل النغير ، لنغر كان يلعب به وربما حضرت الصلاة وهو في بيتنا ، فيأمرنا بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينفخ ، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا " .
    النغير : طير صغير .
    رواة البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود
    .
    من الفوائد التربوية :
    (1) برغم حجم الدعوة التي يقوم بها الرسول صلى الله علية وسلم وبرغم المشاغل من عبادة وتربية وجهاد الا انه جعل له وقتا لتربية أطفال المسلمين وهذا الوقت المستقطع يعتبر بحد ذاته مكسبا تربويا .
    (2) استخدم الرسول صلى الله علية وسلم اسلوب التكنية للطفل الصغير فقال له يا "أبا عمير " وهذه التكنية تشعر اخوانه وأهله بأن ابنهم كأنه أصبح في مصاف الشباب ، وتكنيه الولد تكسر الميوعة في النداء .
    (3) تمتعت الجملة التي قالها علية الصلاة والسلام بصفات تربوية عظيمة وهي :
    (أ)الجملة كانت قصيرة من حيث عدد الكلمات : حيث كان عدد الكلمات ست كلمات وعدد أحرفها اثني عشر ،وتلك الكلمات مناسبة لسن الصغير .
    (ب)الجملة سهلة النطق وخالية من الكلمات الحوشية الصعبة . فمن السهل أن ينطق الصغير : يا -أبا -عمير-ما-فعل-النغير .
    (ج) الجملة سهلة الاستيعاب ومضمونها معروف :من الامكان أن يستوعبها الطفل ويعرف مضمونها .
    (و)الجملة سهلة الحفظ لوجود السجع : الجملة فيها سجع ،والسجع محبب لنفس الطفل ويستجيب له استجابة نفسية يعبر عنها بابتسامة وضحكة .
    (ز)فواصل الجملة مناسبة لنفس الطفل :
    نلاحظ في الجملة فواصلها مناسبة للوقت الزمني الذي يردده الطفل ، فالجملة تبدأ :
    يأبا عمير \ هذا المقدار مناسب لنفس الطفل .
    مافعل النغير \هذا المقدار مناسب لنفس الطفل .
    بداية الجملة : نداء .توقف .استراحة .(استفهام) أغلقت الجملة .
    ياأبا عمير \ مافعل النغير ؟
    (4) نزل الرسول صلى الله عليه وسلم للمستوى العقلي للطفل "أباعمير" وهذا مما يدخل السرور في نفس الطفل واهله ، ويعتبر ذلك سلوكا تربويا ، ودعويا حيث تزداد محبة اهل الطفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،وايضا يثمر التفاعل بين الرسول صلى الله عليه وسلم والطفل ولعل الأمراض النفسية التي تصيب الشباب مالها ابعاد طفولية نتيجة حرمانهم العطف من والديهم فيصابون بتلك الامراض كالانطواء، التوحد ، الغيرة ،التبرير .
    (5) عندما يكبر "أبوعمير" ويعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد داعبه ، فان ذلك يدعو الى زيادة محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنها تتهيأ نفسه لتلقي الجوانب التربوية والعبادية والجهادية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما وجدناه في وقتنا الحاضر عندما يقوم بتعليمنا مدرس فبلا شك سيترك أثرا في نفوسنا وخاصة عندما يكون دمث الاخلاق متدينا يحب التلاميذ ويقدرهم ويشجعهم على تلقي العلم وعندما نراه بعد عدة سنوات فاننا نقدره ونحترمه ونود أن نقضي له حاجه وذلك ناتج عن جذور العلاقة السابقة ، ولهذا تبقى العلاقة بين المدرس والتلميذ مستمرة قلبيا وفكريا لعدة سنوات لوجود جسر المحبة والألفة .
    (6) أوجد علية الصلاة والسلام البيئة العبادية العملية في بيت " أنس" وأعظم وسيلة للطفل هي عندما تصيب تلك الوسيلة حاستي السمع والبصر والاداء العملي الواقعي وهذا الاسلوب العملي قام به علية الصلاة والسلام تحت مرأى ومسمع أنس راوي الحديث وأنس حينذاك غلام لم يبلغ الحلم ، ولعل تلك الصلاة لها واقع تربوي وايماني لأهل البيت اجمعين، ويمتد تأثير السلوك الايماني والتربوي الى سنوات طويلة .
    (7) عندما أمر رسول الله صلى الله علية وسلم بتنظيف البساط فان ذلك يعتبر تدريبا عمليا لحب النظافة لأهل البيت الذين من بينهم الغلام أنس ، والنظافة سلوك اسلامي يجب تعليمة للاطفال منذ الصغرلاكتساب الصفة العملية لأداء النظافة ،"وأنس" رأى السلوك العملي من الرسول صلى الله علية وسلم عندما أمر بتنظيف البساط ، فانه بلا شك سيكتسب هذا السلوك التربوي عن طريق الرؤيا والملاحظة .



    ساميه العوفي
    رابع رياض اطفال (أ)

    ردحذف
  28. الــــــــــشجاعه الأدبـــيـــة
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لِما لا يدري لا أدري ، حتى يأتيه الوحي ، بل كان صلى الله عليه وسلم يرجع عن رأيه ويأخذ بالرأي الآخر إذا تبيّن أنه هو الصائب ، والرسول صلى الله عليه وسلم يبين أنه بشر ، وأن رأيه في الأمور الدنيوية التي ليس فيها تشريع قد يصيب وقد يخطئ . قال صلى الله عليه وسلم : (( لا تخيروني على موسى ، فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفق ، فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله )) ]رواه مسلم [.






    ولمّا سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : أي البقاع خير ؟ قال : (( لا أدري )) فقال : أي البقاع شر ؟ قال : (( لا أدري )) .. حتى جاء الوحي بأن خير البقاع المساجد ، وشر البقاع الأسواق .]صحيح الجامع ، برقم (3271) [.






    ومن امثلة رجوعه صلى الله عليه وسلم عن رأيه إلى الرأي الآخر إذا تبين صوابه والثناء على صاحبه : لمّا سبق الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين إلى ماء بدر اختار موقعاً للنزول فيه ، أبدى الحباب بن المنذر رأيه .. (( يارسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم – قريش – فننزله ، ونغور – نخرب – ما وراءه من القلب – الآبار – ثم نبني عليه حوضاً فنملأه ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون )) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أشرت بالرأي )) وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أشار به الحباب ابن المنذر .






    والمعلم بحكم وظيفته وبشريته معرّض لكثير من المواقف سواء داخل دور التعليم أو خارجها ، فيا ترى بماذا يجيب المعلم إذا سُئل عن مسألة لا يعرف جوابها ؟ هل يوهم الطلاب ويدلس عليهم بكلام خاطئ ؟ أم يقول لا أعلم ليغرس هذا المبدأ في نفوس طلابه ، وأن عدم المعرفة ليس عيباً ولا نقصاً في حقه . ويا ترى ماذا يقول المعلم إذا أخطأ في مسألة ، وعارضه بها أحد الطلاب ثم بان له الصواب ، فهل يبادر بشكر الطالب والثناء عليه ، ويعترف بالخطأ أم أنه سيراوغ ، ويقلب الكلام ، حتى يبرهن لهم صحة قوله ؟ والمعلم الذي يدلس على الطلاب بإعطائهم معلومات خاطئة لينجو من موقف معين سوف ينكشف أمره لطلابه عاجلاً أم آجلاً ، ومن ثم تهتز صورته لديهم ، فلا يثقون بعد ذلك فيما يطرح من مواضيع وما يقدمه من معلومات
    //////////////
    ساميه العوفي ـ رياض اطفال ـ 93

    ردحذف
  29. 1_التربية بالقصة

    إن القصة أمر محبَّب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيرًا في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ}، وقال: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} وأمر نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: {اقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، ولهذا سلك النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب.
    يأتيه شاب من أصحابه -وهو خباب بن الأرت- وقد بلغ به الأذى والشدة كل مبلغ، فيقول للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسِّد بردة له في ظل الكعبة: ألا تدعو الله؟ فقعد صلى الله عليه وسلم وهو محمر وجهه، فقال: (لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله). [رواه البخاري]
    وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- قصة من القصص، فمن ذلك "قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود...". وغيرها كثيرللم 2_ التربية بالموعظة

    وعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة -صلى الله عليه وسلم- يغيب عنه هذا الأمر، أو يهمله، فقد كان كما وصفه أحد أصحابه، وهو ابن مسعود -رضي الله عنه- "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا) [رواه البخاري].

    ويحكي أحد أصحابه، وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: "وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) [رواه الترمذي وابن ماجه]، وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولا ، وألا تكون بصفة دائمة، كما مر في حديث ابن مسعود –رضي الله عنه-.
    3-الجمع بين الترغيب والترهيب

    النفس البشرية فيها إقبال وإدبار، وفيها شرّة وفترة، ومن ثم كان المنهج التربوي الإسلامي يتعامل مع هذه النفس بكل هذه الاعتبارات، ومن ذلك الجمع بين الترغيب والترهيب، والرجاء والخوف.

    عن أنس -رضي الله عنه- قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبة، ما سمعت مثلها قط، قال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرًا)، قال: "فغطى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجوههم لهم خنين" [رواه البخاري ومسلم].
    4_الإقناع العقلي

    عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: "إن فتى شابًّا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مَهْ مَهْ، فقال: (ادنه) فدنا منه قريبًا قال: فجلس، قال : (أتحبه لأمك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم)، قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم)، قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأخواتهم)، قال:أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لعماتهم)، قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه وقال: (اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء" [رواه أحمد].

    5_استخدام الحوار والنقاش

    وخير مثال على ذلك موقفه -صلى الله عليه وسلم- مع الأنصار في غزوة حنين بعد قسمته للغنائم، فقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وترك الأنصار، فبلغه أنهم وجدوا في أنفسهم، فدعاهم صلى الله عليه وسلم، وكان بينهم وبينه هذا الحوار الذي يرويه عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- فيقول: "لما أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضُلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالةً فأغناكم الله بي؟) كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنّ، قال: (ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟) قال كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمن قال: (لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وشعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) [رواه البخاري ومسلم].

    ففي هذا الموقف استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الحوار معهم، فوجه لهم سؤالا وانتظر منهم الإجابة، بل حين لم يجيبوا لقنهم الإجابة قائلا: (ولو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدِّقتم 6- الهجر

    واستعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أسلوب الهجر في موقف مشهور في السيرة، حين تخلف كعب بن مالك -رضي الله عنه- وأصحابه عن غزوة تبوك، فهجرهم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لا يكلمهم أحد أكثر من شهر حتى تاب الله تبارك وتعالى عليهم.

    إلا أن استخدام هذا الأسلوب لم يكن هديًا دائمًا له -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبت أن رجلا كان يشرب الخمر وكان يُضحك النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمناط في ذلك هو تحقيقه للمصلحة، فمتى كان الهجر مصلحة وردعًا للمهجور شرع ذلك، وإن كان فيه مفسدة وصد له حرم هجره.
    7-استخدام التوجيه غير المباشر
    ويتمثل التوجيه غير المباشر في أمور منها:

    - كونه صلى الله عليه وسلم يقول ما بال أقوام، دون أن يخصص أحدًا بعينه، ومن ذلك قوله في قصة بريرة، وفيه "قام رسول الله صلى اللهم عليه وسلم على المنبر فقال: (ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مائة شرط) [رواه البخاري ومسلم].

    وكذلك في حديث ثلاثة النفر، قال صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) [رواه البخاري].

    - وأحيانًا يُثني على صفة في الشخص ويحثه على عمل بطريقة غير مباشرة، ومن ذلك ما روي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كان الرجل في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى رؤيا قصها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتمنَّيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكنت غلامًا أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطيِّ البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر، فقال لي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل) قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا" [رواه البخاري].

    - وأحيانًا يأمر أصحابه بما يريد قوله للرجل، عن أنس بن مالك "أن رجلا دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه أثر صفرة وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قلما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه فلما خرج قال: (لو أمرتم هذا أن يغسل هذا عنه) [رواه أبو داود].

    - وأحيانًا يخاطب غيره وهو يسمع، عن سليمان بن صرد، قال: "استب رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمرَّ وجهه فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إني ل8- التشجيع والثناء

    سأله أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ يومًا: "من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد ظننت أن لا يسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث) [رواه البخاري ]، فتخيل معي أخي القارئ موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه الشهادة من أستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه وسلم، بحرصه على العلم، بل وتفوقه على الكثير من أقرانه، وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعًا لمزيد من الحرص والاجتهاد والعناية.

    وحين سأل صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب (أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟) فقال أبي: آية الكرسي، قال له صلى الله عليه وسلم: (ليهنك العلم أبا المنذر) [رواه مسلم].

    إن الأمر قد لا يعدو كلمة ثناء، أو عبارة تشجيع، تنقل الطالب مواقع ومراتب في سلم الحرص والاجتهاد، والنفس أيًا كان شأنها تميل إلى الرغبة في الشعور بالإنجاز، ويدفعها ثناء الناس -المنضبط- خطوات أكثر.

    والتشجيع والثناء حث للآخرين، ودعوة غير مباشرة لهم لأن يسلكوا هذا الرجل الذي توجه الثناء له.

    ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة..

    وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

    ست بمجنون" [رواه البخاري ومسلم].9- الإغلاظ والعقوبة

    وقد يُغلظ صلى الله عليه وسلم على من وقع في خطأ أو يعاقبه، فعن أبي مسعود الأنصاري قال: "قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في موعظة أشد غضبًا من يومئذ فقال: (أيها الناس، إنكم منفِّرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة) [رواه البخاري ومسلم].

    وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده)، فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-." [رواه مسلم].

    وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- "أن رجلا أكل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشماله، فقال: (كل بيمينك) قال: لا أستطيع، قال: (لا استطعت، ما منعه إلا الكبر)، قال: فما رفعها إلى فيه" [رواه مسلم].

    إلا أن ذلك لم يكن هديه الراتب -صلى الله عليه وسلم- فقد كان الرفق هو الهدي الراتب له -صلى الله عليه وسلم ك ن ح ين يقتضي المقام الإغلاظ يغلظ صلى الله عليه وسلم لاسم:سميره صالح غانم الرحيلي الفرقه: رابع رياض الاطفال الشعبه :(أ) الرقم: 110

    ردحذف
  30. سميره صالح غانم الرحيلي الفرقه :الرابعه رياض اطفال الرقم 1104 مايو 2009 في 2:13 م

    1_التربية بالقصة

    إن القصة أمر محبَّب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيرًا في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ}، وقال: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} وأمر نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: {اقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، ولهذا سلك النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب.
    يأتيه شاب من أصحابه -وهو خباب بن الأرت- وقد بلغ به الأذى والشدة كل مبلغ، فيقول للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسِّد بردة له في ظل الكعبة: ألا تدعو الله؟ فقعد صلى الله عليه وسلم وهو محمر وجهه، فقال: (لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله). [رواه البخاري]
    وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- قصة من القصص، فمن ذلك "قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود...". وغيرها كثيرللم 2_ التربية بالموعظة

    وعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة -صلى الله عليه وسلم- يغيب عنه هذا الأمر، أو يهمله، فقد كان كما وصفه أحد أصحابه، وهو ابن مسعود -رضي الله عنه- "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا) [رواه البخاري].

    ويحكي أحد أصحابه، وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: "وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) [رواه الترمذي وابن ماجه]، وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولا ، وألا تكون بصفة دائمة، كما مر في حديث ابن مسعود –رضي الله عنه-.
    3-الجمع بين الترغيب والترهيب

    النفس البشرية فيها إقبال وإدبار، وفيها شرّة وفترة، ومن ثم كان المنهج التربوي الإسلامي يتعامل مع هذه النفس بكل هذه الاعتبارات، ومن ذلك الجمع بين الترغيب والترهيب، والرجاء والخوف.

    عن أنس -رضي الله عنه- قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبة، ما سمعت مثلها قط، قال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرًا)، قال: "فغطى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجوههم لهم خنين" [رواه البخاري ومسلم].
    4_الإقناع العقلي

    عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: "إن فتى شابًّا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مَهْ مَهْ، فقال: (ادنه) فدنا منه قريبًا قال: فجلس، قال : (أتحبه لأمك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم)، قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم)، قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأخواتهم)، قال:أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لعماتهم)، قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه وقال: (اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء" [رواه أحمد].

    5_استخدام الحوار والنقاش

    وخير مثال على ذلك موقفه -صلى الله عليه وسلم- مع الأنصار في غزوة حنين بعد قسمته للغنائم، فقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وترك الأنصار، فبلغه أنهم وجدوا في أنفسهم، فدعاهم صلى الله عليه وسلم، وكان بينهم وبينه هذا الحوار الذي يرويه عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- فيقول: "لما أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضُلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالةً فأغناكم الله بي؟) كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنّ، قال: (ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟) قال كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمن قال: (لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وشعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) [رواه البخاري ومسلم].

    ففي هذا الموقف استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الحوار معهم، فوجه لهم سؤالا وانتظر منهم الإجابة، بل حين لم يجيبوا لقنهم الإجابة قائلا: (ولو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدِّقتم 6- الهجر

    واستعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أسلوب الهجر في موقف مشهور في السيرة، حين تخلف كعب بن مالك -رضي الله عنه- وأصحابه عن غزوة تبوك، فهجرهم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لا يكلمهم أحد أكثر من شهر حتى تاب الله تبارك وتعالى عليهم.

    إلا أن استخدام هذا الأسلوب لم يكن هديًا دائمًا له -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبت أن رجلا كان يشرب الخمر وكان يُضحك النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمناط في ذلك هو تحقيقه للمصلحة، فمتى كان الهجر مصلحة وردعًا للمهجور شرع ذلك، وإن كان فيه مفسدة وصد له حرم هجره.
    7-استخدام التوجيه غير المباشر
    ويتمثل التوجيه غير المباشر في أمور منها:

    - كونه صلى الله عليه وسلم يقول ما بال أقوام، دون أن يخصص أحدًا بعينه، ومن ذلك قوله في قصة بريرة، وفيه "قام رسول الله صلى اللهم عليه وسلم على المنبر فقال: (ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مائة شرط) [رواه البخاري ومسلم].

    وكذلك في حديث ثلاثة النفر، قال صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) [رواه البخاري].

    - وأحيانًا يُثني على صفة في الشخص ويحثه على عمل بطريقة غير مباشرة، ومن ذلك ما روي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كان الرجل في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى رؤيا قصها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتمنَّيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكنت غلامًا أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطيِّ البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر، فقال لي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل) قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا" [رواه البخاري].

    - وأحيانًا يأمر أصحابه بما يريد قوله للرجل، عن أنس بن مالك "أن رجلا دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه أثر صفرة وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قلما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه فلما خرج قال: (لو أمرتم هذا أن يغسل هذا عنه) [رواه أبو داود].

    - وأحيانًا يخاطب غيره وهو يسمع، عن سليمان بن صرد، قال: "استب رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمرَّ وجهه فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إني ل8- التشجيع والثناء

    سأله أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ يومًا: "من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد ظننت أن لا يسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث) [رواه البخاري ]، فتخيل معي أخي القارئ موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه الشهادة من أستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه وسلم، بحرصه على العلم، بل وتفوقه على الكثير من أقرانه، وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعًا لمزيد من الحرص والاجتهاد والعناية.

    وحين سأل صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب (أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟) فقال أبي: آية الكرسي، قال له صلى الله عليه وسلم: (ليهنك العلم أبا المنذر) [رواه مسلم].

    إن الأمر قد لا يعدو كلمة ثناء، أو عبارة تشجيع، تنقل الطالب مواقع ومراتب في سلم الحرص والاجتهاد، والنفس أيًا كان شأنها تميل إلى الرغبة في الشعور بالإنجاز، ويدفعها ثناء الناس -المنضبط- خطوات أكثر.

    والتشجيع والثناء حث للآخرين، ودعوة غير مباشرة لهم لأن يسلكوا هذا الرجل الذي توجه الثناء له.

    ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة..

    وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

    ست بمجنون" [رواه البخاري ومسلم].9- الإغلاظ والعقوبة

    وقد يُغلظ صلى الله عليه وسلم على من وقع في خطأ أو يعاقبه، فعن أبي مسعود الأنصاري قال: "قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في موعظة أشد غضبًا من يومئذ فقال: (أيها الناس، إنكم منفِّرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة) [رواه البخاري ومسلم].

    وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده)، فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-." [رواه مسلم].

    وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- "أن رجلا أكل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشماله، فقال: (كل بيمينك) قال: لا أستطيع، قال: (لا استطعت، ما منعه إلا الكبر)، قال: فما رفعها إلى فيه" [رواه مسلم].

    إلا أن ذلك لم يكن هديه الراتب -صلى الله عليه وسلم- فقد كان الرفق هو الهدي الراتب له -صلى الله عليه وسلم ك ن ح ين يقتضي المقام الإغلاظ يغلظ صلى الله عليه وسلم لاسم:سميره صالح غانم الرحيلي الفرقه: رابع رياض الاطفال الشعبه :(أ) الرقم: 110

    ردحذف
  31. يمان الحجيلي/شعبه أ..وقفات مع قصة كعب بن مالك4 مايو 2009 في 7:36 م

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    لقد زكَّى الله -تعالى- الصادقين في توبتهم، ودعا المؤمنين إلى أن يكونوا معهم. فقال -تعالى-: ﴿ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿118﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة:118-119]

    ولقد أخبر كعب بن مالك -رضي الله عنه- عن قصة هؤلاء الثلاثة وتخلفهم عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فقال: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتبْ أَحَد تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ.

    وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ العَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا. كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الغَزَاةِ. وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الغَزاةِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةُ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَعَدُوًا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ- يُرِيدُ الدِّيوَانَ- قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلاَّ ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ. وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تِلْكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا. فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ- بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- - فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِن الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي القَوْمِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- .

    قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلا حَضَرَنِي هَمِّي، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي. فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ- وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلاَنِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ. فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ»، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «مَا خَلَّفَكَ؟» أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلا، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ». فَقُمْتُ. وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُخَلَّفُّون، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَكَ. فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُوننِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي. ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِـحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- المُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، فَتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ. فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَيَّ أَمْ لاَ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ، وَإِذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي. حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ. فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ. فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ المَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ: حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِن البَلاَءِ. فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا. حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِن الخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْتِينِي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لاَ. بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي الحَقِي بِأَهْلِكِ فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ.

    قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ. لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ». قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ. فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ كَلاَمِنَا. فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ. قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِن الفَرَسِ. فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ. وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ. وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئونِي بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَأَني، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِن المُهَاجِرِينَ غيرُه، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِن السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِه. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ. فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِن المُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الحَدِيثِ- مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ -عز وجل- عَلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة:117] إِلَى قَوْلِهِ-: ﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة:119] فوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ- بَعْدَ أَنْ هَدَانِي للإِسْلاَمِ- أَعْظَمَ، فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ، فَقَالَ -عز وجل-: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة:95] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة:96] قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ: وعلى الثلاثة الذين خلفوا وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَن الغَزْوِ، إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ أ.هـ

    وفي هذا الحديث من الفوائد الكثيرة؛ نذكر منها:
    الأولى: جواز إخبار الرجل عن تفريطه وتقصيره في طاعة الله ورسوله، وما ترتب على هذا التقصير من هجر ولوم وتأنيب وانعكاس ذلك على نفسه حتى ضاقت عليه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وفي ذكر هذا التفريط والتقصير نصيحة للمسلمين حتى يقبح لهم المعصية والمخالفة، ليتأسوا بذلك فيهجروا المعاصي ويتركوا الذنوب لما يترتب عليها من آثار سيئة وعاقبة وخيمة، فالعاقل من اعتبر بغيره، ثم إن كعبًا -رضي الله عنه- حين يعطي خلاصة هذه التجربة إنما يريد أن ينصح بها، ليتجنب من يبلغه الحديث أسباب ما وقع فيه، وفيه الحض على الإسراع بفعل الخير وعدم التكاسل عنه.

    الثانية: جواز إخبار الرجل عن جوانب الخير في نفسه إن لم يكن فخرًا أو كبرًا والتحدث بنعمة الله -تعالى- التي مَنَّ بها على العبد، فلقد أكرم الله -تعالى- هؤلاء الثلاثة ودعا المؤمنين إلى أن يكونوا معهم، فإخبار كعب عن هذه التوبة وإتمام نعمة الله عليهم فرحةً وتحدثًا بنعمة الله، كل هذا جائز، فالله –-تعالى- يقول: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى:11]، وإن كانت تزكية النفس منهيًا عنها فإنها في هذا الموطن جائزة كما تجوز حين يريد الرجل أن يلفت النظر إلى نعم الله التي أنعم بها عليه، فلقد قال الله -تعالى- عن يوسف: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف:55]

    الثالثة: جواز تعزير المتخلف عن الجهاد مع ولي أمر المسلمين حتى يشعر بألم المخالفة وينبغي لولي الأمر أن يذكره ويعنفه ويوبخه.. إلى غير ذلك من أنواع التعزير، حتى يأخذ بيده إلى الله -تعالى-، لأن إهمال المسلمين المقصرين وعدم السؤال عنهم يفسدهم ويعرضهم للزلل والزيغ، ولذلك ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- كعبًا وقال: «ما فعل كعب؟» وأهمل المنافقين ولم يسأل عنهم لأنهم رجس، نعوذ بالله من الخذلان.

    الرابعة: فضل بيعة العقبة والتواثق على الإسلام حتى إن كعبًا كان لا يراها دون مشهد بدر، وذلك لأن المسلمين في بادئ الأمر لاقوا من الاضطهاد والتعذيب ما جعلهم يخفون إسلامهم، ثم في ليلة العقبة يذهب المسلمون الجدد ليبايعوا ويعاهدوا الله ورسوله على الإسلام وهم يخافون أن يطلع عليهم أهل الكفر، فهذا يبين فضل ليلة العقبة وإن كانت بدر هي أشرف مشاهد رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ولقد سمى الله يوم بدر يوم الفرقان.

    الخامسة: عدم الاكتفاء بسرد ما حدث، بل التحدث بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والإخبار عنها قدر المستطاع، ففي أثناء حديث كعب يقول: (ولم يكن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يريد غزوة إلا ورَّى بغيره). ثم يذكر أيضًا في حديثه: (وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس). ثم يذكر أيضًا: (وكان رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إذا سُرَّ استنار وجهه كأن وجهه قطعة قمر). وكذلك جاء في بعض الروايات: (وكان لا يقدم من سفر إلا نهارًا في الضحى). وهذا يدل على أن المسلم حتى وهو يسرد واقعة حديث له لابد ألا ينسى هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يغيب عنه هذا الهدي الكريم، ثم الحرص على الفائدة، وبذل النصيحة والمعروف ولو لم يطلب منه ذلك، وهذه صفة في النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سئل في مسألة أجاب وربما يزيد لحاجة السائل كالذي سأله عن الوضوء بماء البحر فقال: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته). [رواه أحمد 1/201، 202]

    السادسة: الحذر من الجواسيس، وستر بعض الأمور عن الرعية للمصلحة، ولذلك كان رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها، وهذه حكمة عالية فالحذر شيء مطلوب، وكانت هذه عادته -صلى الله عليه وسلم- أن يعمي على الأعداء ليفوت عليهم فرصة الانقضاض على الإسلام والمسلمين، كما حدث ذلك في هجرته -صلى الله عليه وسلم.

    السابعة: لم يكن للجيش ديوان يجمعهم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أول من دوَّن الديوان ولذلك كان الرجل إذا تخلف ظن أن ذلك سيخفى على المسلمين، ما لم ينزل بذلك وحي من الله -تعالى-.

    الثامنة: الندم على ما فات من تقصير وأن هذا الندم يدفع الهمم للطاعة لتدارك ما فات، ولذلك قال كعب: (فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت).

    التاسعة: أن المتخلف عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إما مغموص عليه النفاق، أو رجل من أهل الأعذار، أو من خلَّفه رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- واستعمله على المدينة أو خلَّفه لمصلحة.

    العاشرة: الرد والذب عن عرض المسلمين، فلقد رد معاذ على من طعن في كعب بقوله: (حبسه برداه والنظر في عطفيه)، فقال له: (بئس ما قلت، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرً). ولو أن كل طاعن وجد من يقوم طعنه، لما تفشى القيل والقال، ولنجِىَّ الله -تعالى- أعراض المسلمين من الخوض فيها.

    الحادية عشرة: الستر على صاحب الخطأ رجاء إصلاحه وعدم فضح أمره، فحينما رَدَّ معاذ عن كعب وَرَدَ ذكر اسمه، أما الذي قال: (حبسه براده والنظر في عطفيه فقال عنه: فقال رجل من بني سلمة) ولم يذكر اسمه، وكذا حينما صدق كعب مع رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثار رجال من بني سلمة خلفه يؤنبونه)، ولعل العلة في عدم ذكر أسماء هؤلاء وغيرهم حتى لا يشتهر عنهم المخالفة، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في نصيحته: (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذ). ولا يصرح بأسمائهم رجاء إصلاحهم وتجنبًا لفضح أمرهم.

    الثانية عشرة: عِظم أمر المعصية وقبحها، قال ابن حجر: «وقد نبه الحسن البصري على ذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال: يا سبحان الله، ما أكل هؤلاء الثلاثة مالاً حرامًا ولا سفكوا دمًا حرامًا، ولا أفسدوا في الأرض، أصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فكيف بمن يواقع الفواحش والكبائر؟»

    الثالثة عشرة: أن القوي في الدين يؤاخذ بأشد مما يؤاخذ به الضعيف في الدين، فانظر إلى عدد المتخلفين عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ولم يمتنع هو وأصحابه عن كلام أحد منهم إلا هؤلاء الثلاثة، ولما كان إيمانهم بهذه المكانة صبروا وتحملوا وخرجوا من هذه المحنة أقوى وأخشع وأتقى لله -تعالى-.

    الرابعة عشرة: إجراء الأحكام على الظاهر ووكول السرائر إلى الله -تعالى-، فمع أنه -صلى الله عليه وسلم- يعلم كذب المنافقين إلا أنه قَبِلَ منهم علانيتهم ووكل السرائر إلى الله -عز وجل-، لأننا لم نؤمر أن نشق عن صدور الناس. والله أعلم.

    ردحذف
  32. ايمان الحجيلي0048وقفات مع قصة كعب بن مالك4 مايو 2009 في 7:43 م

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    لقد زكَّى الله -تعالى- الصادقين في توبتهم، ودعا المؤمنين إلى أن يكونوا معهم. فقال -تعالى-: ﴿ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿118﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة:118-119]

    ولقد أخبر كعب بن مالك -رضي الله عنه- عن قصة هؤلاء الثلاثة وتخلفهم عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فقال: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتبْ أَحَد تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ.

    وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ العَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا. كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الغَزَاةِ. وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الغَزاةِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةُ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَعَدُوًا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ- يُرِيدُ الدِّيوَانَ- قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلاَّ ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ. وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تِلْكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا. فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ- بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- - فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِن الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي القَوْمِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- .

    قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلا حَضَرَنِي هَمِّي، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي. فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ- وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلاَنِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ. فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ»، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «مَا خَلَّفَكَ؟» أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلا، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ». فَقُمْتُ. وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُخَلَّفُّون، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَكَ. فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُوننِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي. ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِـحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- المُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، فَتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ. فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَيَّ أَمْ لاَ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ، وَإِذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي. حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ. فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ. فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ المَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ: حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِن البَلاَءِ. فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا. حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِن الخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْتِينِي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لاَ. بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي الحَقِي بِأَهْلِكِ فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ.

    قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ. لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ». قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ. فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ كَلاَمِنَا. فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ. قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِن الفَرَسِ. فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ. وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ. وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئونِي بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَأَني، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِن المُهَاجِرِينَ غيرُه، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِن السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِه. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ. فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِن المُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الحَدِيثِ- مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ -عز وجل- عَلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة:117] إِلَى قَوْلِهِ-: ﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة:119] فوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ- بَعْدَ أَنْ هَدَانِي للإِسْلاَمِ- أَعْظَمَ، فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ، فَقَالَ -عز وجل-: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة:95] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة:96] قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ: وعلى الثلاثة الذين خلفوا وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَن الغَزْوِ، إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ أ.هـ

    وفي هذا الحديث من الفوائد الكثيرة؛ نذكر منها:
    الأولى: جواز إخبار الرجل عن تفريطه وتقصيره في طاعة الله ورسوله، وما ترتب على هذا التقصير من هجر ولوم وتأنيب وانعكاس ذلك على نفسه حتى ضاقت عليه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وفي ذكر هذا التفريط والتقصير نصيحة للمسلمين حتى يقبح لهم المعصية والمخالفة، ليتأسوا بذلك فيهجروا المعاصي ويتركوا الذنوب لما يترتب عليها من آثار سيئة وعاقبة وخيمة، فالعاقل من اعتبر بغيره، ثم إن كعبًا -رضي الله عنه- حين يعطي خلاصة هذه التجربة إنما يريد أن ينصح بها، ليتجنب من يبلغه الحديث أسباب ما وقع فيه، وفيه الحض على الإسراع بفعل الخير وعدم التكاسل عنه.

    الثانية: جواز إخبار الرجل عن جوانب الخير في نفسه إن لم يكن فخرًا أو كبرًا والتحدث بنعمة الله -تعالى- التي مَنَّ بها على العبد، فلقد أكرم الله -تعالى- هؤلاء الثلاثة ودعا المؤمنين إلى أن يكونوا معهم، فإخبار كعب عن هذه التوبة وإتمام نعمة الله عليهم فرحةً وتحدثًا بنعمة الله، كل هذا جائز، فالله –-تعالى- يقول: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى:11]، وإن كانت تزكية النفس منهيًا عنها فإنها في هذا الموطن جائزة كما تجوز حين يريد الرجل أن يلفت النظر إلى نعم الله التي أنعم بها عليه، فلقد قال الله -تعالى- عن يوسف: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف:55]

    الثالثة: جواز تعزير المتخلف عن الجهاد مع ولي أمر المسلمين حتى يشعر بألم المخالفة وينبغي لولي الأمر أن يذكره ويعنفه ويوبخه.. إلى غير ذلك من أنواع التعزير، حتى يأخذ بيده إلى الله -تعالى-، لأن إهمال المسلمين المقصرين وعدم السؤال عنهم يفسدهم ويعرضهم للزلل والزيغ، ولذلك ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- كعبًا وقال: «ما فعل كعب؟» وأهمل المنافقين ولم يسأل عنهم لأنهم رجس، نعوذ بالله من الخذلان.

    الرابعة: فضل بيعة العقبة والتواثق على الإسلام حتى إن كعبًا كان لا يراها دون مشهد بدر، وذلك لأن المسلمين في بادئ الأمر لاقوا من الاضطهاد والتعذيب ما جعلهم يخفون إسلامهم، ثم في ليلة العقبة يذهب المسلمون الجدد ليبايعوا ويعاهدوا الله ورسوله على الإسلام وهم يخافون أن يطلع عليهم أهل الكفر، فهذا يبين فضل ليلة العقبة وإن كانت بدر هي أشرف مشاهد رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ولقد سمى الله يوم بدر يوم الفرقان.

    الخامسة: عدم الاكتفاء بسرد ما حدث، بل التحدث بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والإخبار عنها قدر المستطاع، ففي أثناء حديث كعب يقول: (ولم يكن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يريد غزوة إلا ورَّى بغيره). ثم يذكر أيضًا في حديثه: (وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس). ثم يذكر أيضًا: (وكان رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إذا سُرَّ استنار وجهه كأن وجهه قطعة قمر). وكذلك جاء في بعض الروايات: (وكان لا يقدم من سفر إلا نهارًا في الضحى). وهذا يدل على أن المسلم حتى وهو يسرد واقعة حديث له لابد ألا ينسى هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يغيب عنه هذا الهدي الكريم، ثم الحرص على الفائدة، وبذل النصيحة والمعروف ولو لم يطلب منه ذلك، وهذه صفة في النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سئل في مسألة أجاب وربما يزيد لحاجة السائل كالذي سأله عن الوضوء بماء البحر فقال: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته). [رواه أحمد 1/201، 202]

    السادسة: الحذر من الجواسيس، وستر بعض الأمور عن الرعية للمصلحة، ولذلك كان رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها، وهذه حكمة عالية فالحذر شيء مطلوب، وكانت هذه عادته -صلى الله عليه وسلم- أن يعمي على الأعداء ليفوت عليهم فرصة الانقضاض على الإسلام والمسلمين، كما حدث ذلك في هجرته -صلى الله عليه وسلم.

    السابعة: لم يكن للجيش ديوان يجمعهم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أول من دوَّن الديوان ولذلك كان الرجل إذا تخلف ظن أن ذلك سيخفى على المسلمين، ما لم ينزل بذلك وحي من الله -تعالى-.

    الثامنة: الندم على ما فات من تقصير وأن هذا الندم يدفع الهمم للطاعة لتدارك ما فات، ولذلك قال كعب: (فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت).

    التاسعة: أن المتخلف عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- إما مغموص عليه النفاق، أو رجل من أهل الأعذار، أو من خلَّفه رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- واستعمله على المدينة أو خلَّفه لمصلحة.

    العاشرة: الرد والذب عن عرض المسلمين، فلقد رد معاذ على من طعن في كعب بقوله: (حبسه برداه والنظر في عطفيه)، فقال له: (بئس ما قلت، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرً). ولو أن كل طاعن وجد من يقوم طعنه، لما تفشى القيل والقال، ولنجِىَّ الله -تعالى- أعراض المسلمين من الخوض فيها.

    الحادية عشرة: الستر على صاحب الخطأ رجاء إصلاحه وعدم فضح أمره، فحينما رَدَّ معاذ عن كعب وَرَدَ ذكر اسمه، أما الذي قال: (حبسه براده والنظر في عطفيه فقال عنه: فقال رجل من بني سلمة) ولم يذكر اسمه، وكذا حينما صدق كعب مع رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثار رجال من بني سلمة خلفه يؤنبونه)، ولعل العلة في عدم ذكر أسماء هؤلاء وغيرهم حتى لا يشتهر عنهم المخالفة، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في نصيحته: (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذ). ولا يصرح بأسمائهم رجاء إصلاحهم وتجنبًا لفضح أمرهم.

    الثانية عشرة: عِظم أمر المعصية وقبحها، قال ابن حجر: «وقد نبه الحسن البصري على ذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال: يا سبحان الله، ما أكل هؤلاء الثلاثة مالاً حرامًا ولا سفكوا دمًا حرامًا، ولا أفسدوا في الأرض، أصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فكيف بمن يواقع الفواحش والكبائر؟»

    الثالثة عشرة: أن القوي في الدين يؤاخذ بأشد مما يؤاخذ به الضعيف في الدين، فانظر إلى عدد المتخلفين عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ولم يمتنع هو وأصحابه عن كلام أحد منهم إلا هؤلاء الثلاثة، ولما كان إيمانهم بهذه المكانة صبروا وتحملوا وخرجوا من هذه المحنة أقوى وأخشع وأتقى لله -تعالى-.

    الرابعة عشرة: إجراء الأحكام على الظاهر ووكول السرائر إلى الله -تعالى-، فمع أنه -صلى الله عليه وسلم- يعلم كذب المنافقين إلا أنه قَبِلَ منهم علانيتهم ووكل السرائر إلى الله -عز وجل-، لأننا لم نؤمر أن نشق عن صدور الناس. والله أعلم.

    ردحذف
  33. ...أسلوب الرسول التعليمي...

    *******


    عندما نتأمل الأساليب الحديثة في التعليم والتدريس نجد اكتشافات لعلماء عديدين يؤكدون على قواعد محددة في التعليم، فماذا عن أسلوب النبي الكريم؟...

    لقد جاء النبي الكريم في عصر انتشرت فيه الأساطير وسيطرت فيه الخرافات على عقول البشر، وكان العرب يتبعون أساليب معينة في التعليم معظمها خاطئ، مثل التأنيب والعقاب والاستهزاء بالآخرين، وكانوا تأخذهم حميَّة الجاهلية.
    لقد جاء النبي في ذلك العصر الصعب، كانوا يستقون معلوماتهم من الكهان والعرافين، ويقتنعون بكلام المنجمين المزخرف، ويمكن القول إن الأساليب العلمية الصحيحة في التعليم والتدريس والإدارة لم تُطبق إلا في العصر الحديث أي بعد وفاة النبي الكريم بأربعة عشر قرناً.
    وسوف نرى من خلال هذه المقالة كيف أن أسلوب النبي الكريم في تعليم أصحابه يتوافق مع أحدث النظريات التعليمية التي يؤكد صحتها عدد كبير من العلماء اليوم.

    التدرج من العام إلى الخاص:

    من أهم الأساليب الحديثة المتبعة في تدريس الطلاب ولجميع المراحل هو التدرج من العام إلى الخاص. فالمعلم الناجح يبدأ مع طلابه بالمعلومات العامة أولاً ثم يتدرج نحو المعلومات الخاصة والمحددة.
    فمثلاً عندما نريد تدريس الطالب علم الفلك نبدأ معه بالحديث عن الكون وأجزائه والمجرات والنجوم والمجموعة الشمسية وغير ذلك من المعلومات العامة. ثم نحدثه عن توسع الكون والانفجار الكبير ومستقبل الكون، ثم نحدثه عن الثقوب السوداء وما يحدث من عمليات دقيقة بداخلها، ثم نحدثه عن الانفجارات النجمية والتفاعلات النووية فيها وغير ذلك من المعلومات الدقيقة.
    أي أن التعليم يبدأ من العام نحو الخاص، والعجيب أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام قد اتبع هذا الأسلوب في جميع تعاليمه. فهذا هو سيدنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه يقول:

    (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة "أي قاربنا البلوغ" فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً) [رواه ابن ماجة].

    أسلوب الترغيب أكثر من الترهيب:

    وينصح بهذا الأسلوب علماء البرمجة اللغوية العصبية، فهم يؤكدون دائماً على أنك بدلاً من أن تهدد التلميذ أو الموظف أو ابنك ... بالعقاب وتشغل تفكيره بتخيلات ومخاوف هو بغنى عنها، بدلاً من ذلك يفضل أن تملأ دماغه بالتفاؤل وأن تبشره بالخير والثواب، فإن ذلك سيجعله إنساناً إيجابياً يستطيع استثمار وقته بطريقة مفيدة.
    لو تأملنا أحاديث النبي الأعظم عليه صلوات الله وسلامه لوجدناها تزخر بالتعاليم الإيجابية، فمن منا لا يذكر حديث أولئك السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن منا لا يذكر الحديث الشهير الذي يحمله كل داعية بقلبه: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) [البخاري ومسلم].

    لقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يثني على المؤمنين ويشجعهم في كثير من المواقف، وكان يتجنب الانتقادات المباشرة، فعندما يرى رجلاً قد أخطأ فلا يسميه باسمه بل يقول: (ما لي أرى أقواماً فعلوا كذا وكذا...)، وهذا من أرقى الأساليب في فن الإدارة الحديث [1].

    التدرج في الأعمال والمعلومات:

    من أسس النجاح في الحياة أن يكون لديك أولويات تحددها بوضوح، أو أهداف واضحة تحددها حسب أهميتها. فالإنسان الناجح يستطيع وضع إستراتيجية واضحة لحياته وما هي الخطوات التي ينبغي عليه القيام بها أو الاهتمام بها أولاً.
    هذا الأمر ضروري لكل إنسان يريد النجاح في الدنيا، ولكن النبي الرحيم عليه الصلاة والسلام يريد لنا لنا النجاح في الدنيا والآخرة! ولذلك نجد هذا الأسلوب التعليمي في ترتيب الأعمال حسب أهميتها، نجد هذا الأسلوب يتكرر كثيراً في تعاليم سيد البشر عليه الصلاة والسلام.
    فمن منا لا يذكر ذلك الرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره بأحب الأعمال إلى الله تعالى، فقال له: (الصلاة على وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله) [رواه البخاري ومسلم]. وهنا نلاحظ أن الرسول الكريم قد وضع أولويات أمام هذا الرجل ليكون اهتمامه أكثر.

    أسلوب الأمثلة في التعليم:

    يؤكد علماء التعليم اليوم أن أفضل أسلوب للتعلم هو الأمثلة، أي أنك إذا أردت أن تعلم إنساناً شيئاً يترسخ في ذاكرته ولا ينساه أبداً فعليك أن تضرب له مثلاً أو تشبيهاً، وسوف تنطبع المعلومات في ذهنه، ولكن لماذا هذا الأسلوب؟
    لقد اكتشف العلماء أن ذاكرة الإنسان تستخدم هذا الأسلوب في التذكر، فأنت عندما تشم رائحة معينة قد تذكرك بموقف قديم حدث معك وارتبط بهذه الرائحة. وعندما تسمع أغنية فإنك تتذكر على الفور ذلك الموقف الذي سمعت فيه هذه الأغنية منذ سنوات طويلة.... وهكذا.
    ولذلك فإن العلماء يؤكدون على ضرورة استخدام هذا الأسلوب في التعليم، وهذا ما فعله نبينا عليه الصلاة والسلام في معظم أحاديثه. فقد كان ينتظر الفرصة المناسبة ليوجه النصيحة ويربطها بتشبيه يقرب فهمها للأذهان.
    وكلنا يتذكر ذلك الحديث عندما قال النبي الكريم: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرنه "أي وسخه" شيء؟ فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) [البخاري ومسلم].

    أسلوب الحوار التعليمي:

    ما أكثر الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت على شكل حوار تعليمي، هذا الأسلوب يؤكده علماء النفس حديثاً، وهو أن الحوار التعليمي مهم جداً لترسيخ المعلومات أثناء التعلم وجعل الدرس أكثر تشويقاً ومتعة ومشاركة من قبل المتعلمين.

    ولو تأملنا كتاب الله تعالى وجدنا هذا الأسلوب في معظم صفحاته، ويكفي أن نعلم بأن كلمة (قُل) تكررت ي القرآن 332 مرة. وبنفس هذا العدد تكررت كلمة (قالوا) أي 332 مرة، وهاتين الكلمتين تستخدمان للحوار والنقاش والجدال.

    ولذلك فقد استخدم حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب الحواري في كثير من أحاديثه، فعلى سبيل المثال، يسأل النبي أصحابه

    فيقول: (أتدرون من المسلم)؟

    قالوا: الله ورسوله أعلم.

    قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).

    ثم قال (أتدرون من المؤمن)؟

    قالوا: الله ورسوله أعلم.

    قال: (المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم).

    وهذه الأساليب تكررت كثيراً في كلامه عليه الصلاة والسلام. وإن دل على شيء إنما يدل على أن كل كلمة نطق بها هذا النبي الأمي هي الحق، وأن تعاليم الإسلام صالحة لكل زمان ومكان.

    وأخيراً ندعو بدعائه صلى الله عليه وسلم:

    (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها) [رواه مسلم].

    اعداد:وجدان ابراهيم المغامسي
    رابع رياض اطفال

    ردحذف
  34. كان ثعلبة بن عبدالرحمن رضي الله عنه، يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في جميع شؤونه وذات يوم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له ، فمر بباب رجل من الانصار فرأى امرأة تغتسل وأطال النظر إليها.




    ثم بعد ذلك أخذته الرهبة وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع، فلم يعد الى النبي ودخل جبالا بين مكة والمدينة، ومكث فيها قرابة أربعين يوماً،






    وبعد ذلك نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك:أن رجلاً من أمتك بين حفرة في الجبال متعوذ بي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب وسلمان الفارسي:








    انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبدالرحمن فليس المقصود غيره فخرج الاثنان من أنقاب المدينة فلقيا راعيا من رعاة المدينة يقال له زفافة، فقال له عمر:هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة؟







    فقال لعلك تريد الهارب من جهنم؟ فقال عمر : وما علمك أنه هارب من جهنم قال لأنه كان اذا جاء جوف الليل خرج علينا من بين هذه الجبال واضعا يده على أم رأسه وهو ينادي ياليتك قبضت روحي في الأرواح ..وجسدي في الأجساد.. ولم تجددني لفصل القضاء فقال عمر: إياه نريد.فانطلق بهما فلما رآه عمر غدا اليه واحتضنه فقال : يا عمر هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبي؟ قال لاعلم لي الا أنه ذكرك بلامس فأرسلني أنا وسلمان في طلبك. قال يا عمر لا تدخلني عليه الا وهو في الصلاة فابتدر عمر وسلمان الصف في الصلاة فلما سلم النبي عليه الصلاة والسلام قال يا عمر يا سلمان ماذا فعل ثعلبة؟






    قال هو ذا يا رسول الله فقام الرسول صلى الله عليه وسلم فحركه وانتبه فقال له : ما غيبك عني يا ثعلبة ؟ قال ذنبي يا رسول الله قال أفلا أدلك على آية تمحوا الذنوب والخطايا؟ قال بلى يا رسول الله قال قل








    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار




    قال ذنبي أعظم

    قال الرسول صلى الله عليه وسلم

    بل كلام الله أعظم




    ثم أمره بالانصراف الى منزله فمر من ثعلبة ثمانية أيام ثم أن سلمان أتى رسول الله فقال يا رسول الله هل لك في ثعلبة فانه لما به قد هلك؟ فقال رسول الله فقوموا بنا اليه ودخل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم




    فوضع رأس ثعلبة في حجره لكن سرعان ما أزال ثعلبة رأسه من على حجر النبي فقال له لم أزلت رأسك عن حجري؟ فقال لأنه ملآن بالذنوب

    قال رسول الله ما تشتكي؟ قال :مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي






    قال الرسول الكريم : ما تشتهي؟

    قال مغفرة ربي




    فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول لك

    لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الارض خطايا لقيته بقرابها مغفرة






    فأعلمه النبي بذلك فصاح صيحة بعدها مات على أثرها فأمر النبي بغسله وكفنه،فلما صلى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام جعل يمشي على أطراف أنامله، فلما انتهى الدفن قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم،يا رسول الله رأيناك تمشي على أطراف أناملك قال الرسول صلى الله عليه وسلم








    والذي بعثني بالحق نبياً ما قدرت أن أضع قدمي على الارض من كثرة ما نزل من الملائكة لتشييعه








    كل واحد منا يخطي وله ذنوب يعلمها

    وذنوب لايعلمها

    فالواجب علينا ان نعود انفسنا على

    التوبة النصوح دائما .

    ربنا آتنا في الدنيا حسنه

    وفي الآخره حسنه وقنا عذاب النار





    أستغفر الله وأتوب إليه

    أستغفر الله وأتوب إليه

    أستغفر الله وأتوب إليه

    كان ثعلبة بن عبدالرحمن رضي الله عنه، يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في جميع شؤونه وذات يوم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له ، فمر بباب رجل من الانصار فرأى امرأة تغتسل وأطال النظر إليها.




    ثم بعد ذلك أخذته الرهبة وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع، فلم يعد الى النبي ودخل جبالا بين مكة والمدينة، ومكث فيها قرابة أربعين يوماً،






    وبعد ذلك نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك:أن رجلاً من أمتك بين حفرة في الجبال متعوذ بي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب وسلمان الفارسي:








    انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبدالرحمن فليس المقصود غيره فخرج الاثنان من أنقاب المدينة فلقيا راعيا من رعاة المدينة يقال له زفافة، فقال له عمر:هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة؟







    فقال لعلك تريد الهارب من جهنم؟ فقال عمر : وما علمك أنه هارب من جهنم قال لأنه كان اذا جاء جوف الليل خرج علينا من بين هذه الجبال واضعا يده على أم رأسه وهو ينادي ياليتك قبضت روحي في الأرواح ..وجسدي في الأجساد.. ولم تجددني لفصل القضاء فقال عمر: إياه نريد.فانطلق بهما فلما رآه عمر غدا اليه واحتضنه فقال : يا عمر هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبي؟ قال لاعلم لي الا أنه ذكرك بلامس فأرسلني أنا وسلمان في طلبك. قال يا عمر لا تدخلني عليه الا وهو في الصلاة فابتدر عمر وسلمان الصف في الصلاة فلما سلم النبي عليه الصلاة والسلام قال يا عمر يا سلمان ماذا فعل ثعلبة؟






    قال هو ذا يا رسول الله فقام الرسول صلى الله عليه وسلم فحركه وانتبه فقال له : ما غيبك عني يا ثعلبة ؟ قال ذنبي يا رسول الله قال أفلا أدلك على آية تمحوا الذنوب والخطايا؟ قال بلى يا رسول الله قال قل








    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار




    قال ذنبي أعظم

    قال الرسول صلى الله عليه وسلم

    بل كلام الله أعظم




    ثم أمره بالانصراف الى منزله فمر من ثعلبة ثمانية أيام ثم أن سلمان أتى رسول الله فقال يا رسول الله هل لك في ثعلبة فانه لما به قد هلك؟ فقال رسول الله فقوموا بنا اليه ودخل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم




    فوضع رأس ثعلبة في حجره لكن سرعان ما أزال ثعلبة رأسه من على حجر النبي فقال له لم أزلت رأسك عن حجري؟ فقال لأنه ملآن بالذنوب

    قال رسول الله ما تشتكي؟ قال :مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي






    قال الرسول الكريم : ما تشتهي؟

    قال مغفرة ربي




    فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول لك

    لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الارض خطايا لقيته بقرابها مغفرة






    فأعلمه النبي بذلك فصاح صيحة بعدها مات على أثرها فأمر النبي بغسله وكفنه،فلما صلى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام جعل يمشي على أطراف أنامله، فلما انتهى الدفن قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم،يا رسول الله رأيناك تمشي على أطراف أناملك قال الرسول صلى الله عليه وسلم








    والذي بعثني بالحق نبياً ما قدرت أن أضع قدمي على الارض من كثرة ما نزل من الملائكة لتشييعه








    كل واحد منا يخطي وله ذنوب يعلمها

    وذنوب لايعلمها

    فالواجب علينا ان نعود انفسنا على

    التوبة النصوح دائما .

    ربنا آتنا في الدنيا حسنه

    وفي الآخره حسنه وقنا عذاب النار





    أستغفر الله وأتوب إليه

    أستغفر الله وأتوب إليه

    أستغفر الله وأتوب إليه

    " مواقف تربوية مع الرسول صلى الله عليه وسلم



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. مما لا شك فيه أن سيرة حبيبنا العدناني محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم محيط لا نهاية له ففي البطولة نستقي منها مواقف الشجاعة والصبر وفي المعاملة نستقي منها الأخلاق الحميدة وفي جو الأسرة لا مثيل له في تعامله مع أهله وأبنائه بأبي وأمي أنت يا رسول الله ..

    سيكون حديثي اليوم عن مواقف تربوية في حياة المصطفى عليه الصلاة والتسليم وأول موقف أطرحه لكم موقف تبليغ الدعوة فهذه رسائل محمدية لكل داعية لكل من يعيش في غربة ويريد الإصلاح .. من نظر لتسلسل الدعوة لعلم ان هنالك قسمان الأول منهما هي الدعوة السرية .. كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينتقي فيها الرجال ينتقي فيها من يحمل هذا الهم ويعمل في الدعوة له فهنا أول موقف تربوي لنا إن كان لديك مشروع وأردت نجاحه لا تفشيه لكل الخلق بل استشر وبح فيه لمن تثق فيه وهو أهل له كي يساعدك ويعاونك عليه ..

    وهنا وقفة في أول من دعاه رسول الله فيمن ظن فيه رسول الله خير معين له وناصر .. لا يخفى عليكم يا أحبة أن أول من أسلم ليس رجل بل هي أمنا خديجة رضي الله عنها فلما يدعي الغرب أننا نظلم المرأة وكانت أول دعوة لإخراج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد لأمنا خديجة .. وأيضا لا يخفى عليكم أن أول شهيدة هي سمية رضي الله عنها وأيضا لا يخفى عليكم أن السورة الوحيدة التي سميت بامرأة هي سورة مريم فيا ليت شعري أن يعلموا أن ديننا أعز المرأة وأكرمها وهم يريدون أن يعيدوها لعصر الجاهلية ..

    من المواقف التربوية قصة زيد بن حارثة عندما أتى له أبو وعمه كي يفدونه بالمال لكنه أختار من عده بأبيه وأهله والناس أجمعين أختار الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي أن يكون عبدا لكن عند الرسولا لا سواه فلقد لمس في مجاورة الرسول حسن التعامل وحسن فكان تعامله صلى الله عليه وسلم يأسر قلوب الخلق فليت البشرية تتعلم من هدي حبيبنا في التعامل مع من هو أصغر منهم وأكبر ..

    من المواقف التربوية من نختار لحمل الهم لم يكن اختيار الرسول عشوائي فمن أوائل من أسلموا هو صديقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأيضا هنا سؤال هل كان أبو بكر رضي الله عنه هو صديق الرسول الوحيد لا بل كان لدى الرسول عمه حمزة رضي الله عنه لكن لم يدعوه للإسلام هنا نستقي نظرة الحكمة في رسول صلى الله عليه وسلم لا يحمل هذا الهم أي رجل بل هنالك ميزات وصفات يجب أن تتوفر في من يحمل هم هذا الدين .. كان أبو بكر رضي الله عنه يحضر مجالس قومه وله أثره عليهم كان من وجهاء قومه كان من الذين يسمع لهم ويلبى طلبهم وفوق هذا علم رسول الله إن أسلم أبو بكر فلن يتوقف أبو بكر عن دعوة الرجال فبحق كان حاملا لهم هذا الدين وتبليغه واليوم اوجه سؤالي لكم أين من يحلمون هم هذا الدين وتبليغه والدعوة له واخيركم اخيركم لأهله ..

    اعداد / هوازن احمد
    رقم الكشف / 180
    رابعة اقتصاد منزلي

    ردحذف
  35. التربية بالموعظة :
    للموعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم يغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه وهو ابن مسعود -رضي الله عنه-:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» [رواه البخاري ( 68 ) ] ويحكي أحد أصحابه وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ » [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)] وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولاً ، وألا تكون بصفة دائمة .
    عن أبي وائل قال كان عبدالله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنابهامخافة السآمة علينا[رواه البخاري(70) ومسلم(2821 )]

    مرام العوفي
    رقم الكشف 33
    رياض اطفال

    ردحذف
  36. من أسـآيب التربيه للنبي صلى الله عليه وسلم..


    من الأساليب التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية التشويق والتعليم المباشر والإحسان فهو طريق للحب والحب هو الجسر الذي يوصل المعلومات ومن الأساليب أيضاً إثارة الحماسة واستخدام السؤال كأسلوب تربوي والتربية بالمواقف والمصارحة والتفاؤل ... وغيرها الكثير والكثير ؟
    من المبادئ التي حرص النبي صلى الله عليه وسلم على غرسها في نفوس أصحابه وعلى المربين الواعين الالتزام بها زرع الثقة بين المربي وتلاميذه والاهتمام بالذاتية الفردية في تربية النفس والمحافظة على مشاعر الأخوة الإسلامية الصادقة وحث المربي على تفقد أحوال تلامذته ومعايشتهم والتركيز على الجانب الإيماني وتقويته فهو أهم جوانب الشخصية الإسلامية المتميزة ولفت نظر المربي إلى تقديم الأهم فالمهم وتحديد اختصاص كل فرد في العمل والإدراك الدائم لقضية هامة وهي أن الفرد قد يعتريه الفتور والضعف وأخذ هذا الجانب بالحسبان وترك العتب فهو أسلوب عقيم في التربية والاعتراف بالحق من صفات المربي الناجح وغير ذلك الكثير ..
    أول المواقف التي ذكرها المؤلف رحمه الله ..
    * أعظم سورة في القرآن ..
    عن أبي سعيد بن المعلىَّ رضي الله عنه قال :
    كنت أصلي في المسجد , فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه . فقلت : يارسول الله , أني كنت أصلي .
    فقال : ألم يقل الله " استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " . ثم قال لي :
    لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن , قبل أن تخرج من المسجد , ثم أخذ بيدي فلما أراد أن يخرج قلت له :
    ألم تقل : لأعلمنك سورة هي من أعظم سورة في القرآن . قال : " الحمد لله رب العالمين " هي السبع المثاني , والقرآن الذي أوتيته . ( التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح / 536 )
    الفوائد التربوية :
    1- طريق الفلاح والموصل للجنة هي طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم . فطاعته واجبة وأمره فيه الخير كله والسعادة لداري الدنيا والآخرة , فهو يدعونا لما يحيينا , لا يحيي الأجساد ولكنه يحيي القلوب والأرواح .
    2- من صفات المربي الناجح أنه يستخدم أسلوب التشويق فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر ابن المعلىَّ بالفائدة التي يريد أن يخبره بها مباشرة , لكنه مهد لها بهذا الأسلوب التشويقي .
    3- الأسلوب التشويقي فائدته أنه يجعل المستمع ينتبه إليك وينصت جيدا ويهتم بالأمر الذي تريد أن تطرحه , ويستعد له بعد أن يكون مشغولاً بشيءٍ آخر أو ذهنه غير صافٍ .
    4- من صفات المربي الناجح التواضع لتلامذته والحنو عليهم والتودد لهم وملاطفتهم فلذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد ابن المعلىَّ .
    5- صفة أخرى يجب أن يتصف بها المربي الناجح أنه يختبر تلميذه ويرى هل هو مهتم بالأمر الذي يريد أن يطرحه ؟ هل هو متفاعل معه ؟ أو يحضر معه هكذا جسداً بلا روح ؟ فلذلك لم يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخبره بالفائدة ولكن التلميذ , ابن المعلىَّ هو الذي سأله بأدب وقال : ألم تقل لأعلمنك سورة هي من أعظم سورة في القرآن ؟
    وعلى رسول الله أفضـل الصلآة والسلآم..

    ردحذف
  37. بســم الله الـرحمــن الرحيــم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إن مستوى التعليم في زماننا لم يضعف ولم يهتزّ بنيانه إلا حينما قصرناه على جوانب محدودة فقط. إن التعليم ليس مقصورًا على مدرسة تفتح ثم تغلق ثم تفتح، إنّ الحياة كلها مجال للتعليم، البيت مدرسة، الأب مدرسة، الأم مدرسة، المسجد مدرسة، السوق مدرسة، كل واحدٍ من الناس مدرسة في أخلاقه وتصرفاته. لما بنيت المدارس ـ وأول ما بينت ببغداد ـ قال علماء ذلك العصر: "اليوم ينعَى العلم ويودِّعه أهله".

    لا ريب أن مهمة النبي والرسول إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [الجمعة:2].

    {كما أرسلنا فيكم رسول منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقرة:151].

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً)) رواه مسلم من حديث بن جابر

    قول معاوية بن الحكم: ((ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه ( فما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وما مات حتى علم الناس كل شيء،

    روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: لقد تركنا محمد وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا عنه علمًا.

    وأساليبه صلى الله عليه و سلم في الخطاب التربوي والتعليم، رحمة للمتعلمين، رحمة لكل من يستمع إليه ..
    فتراه صلى الله عليه و سلم وهو يحدث الناس، يمهد لحديثه ليفهموه، ويكرر المعلومة ويوكدها ليعقلوها، ويضرب الأمثلة ليصل المعنى إلى السامعين، ويتخولهم بالموعظة مخافة الملل، ويرسم بيده على الأرض، ويستخدم أصابعه ممثلاً...كل هذا رفقًا ورحمة بالمستمعين والمتعلمين .

    وممالاريب أن شمائل النبي صلى الله عليه و سلم وأخلاقه العظيمة من الكثرة بمكان، ونعرض هنا للشمائل التي يحتاجها كل معلم يود أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في أداء مهمته التعليمية والتربوية.


    أولا:- الحرص: -


    {لقد جاءكم رسول أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة:128].

    بيته مدرسة، ولهذا كان الصحابة إذا اختلفوا في أمر ذهبوا إلى بيوت النبي يسألون زوجاته عن عمله في بيته.

    كان يعلم الناس وهو واقف على ناقته، يقول عبد الله بن عمرو بن العاص: لقد رأيت النبي وهو واقف على ناقته في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فما سئل عن شيء قدِّم ولا أخِّر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) رواه البخاري.

    عباد الله، لقد كان لا يدع فرصةً للتعليم إلا اغتنمها، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كنت يومًا خلف النبي على الدابة، فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك..)) الحديث رواه الترمذي.

    ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كان النبيّ على حمار، وكان معاذ رديفه، فقال: ((يا معاذ بن جبل))، فقال معاذ: لبيك يا رسول الله وسعديك ـ ثلاثًا ـ، ثم قال: ((ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صِدقًا من قلبه إلا حرمه الله على النار)) متفق عليه.

    ((يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي))] .رواه مسلم من حديث ابا ذر


    ثانياً - الرفق واللطف في التوجيه:- :-


    ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)) ،

    وفي مسلم: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا شانه ولا ينزع من شيء إلا شانه))

    ومن رفقه ما ذكره أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: ((يا بنيّ))

    يقول أنس خادم النبي صلى الله عليه وسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن خُلقاً فأرسلني يوماً لحاجة، فقلت: لا والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم. فخرجت حتى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي. قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أُنيس أذهبت حيث أمرتك؟ قال قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله).

    وفي قصة معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمته معاوية وهو يصلي يقول: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه مالكم تنظرون إليّ.؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت. فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه .

    وقام أعرابي فبال في المسجد ((فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)) رواه البخارى


    ثالثاً:-التواضع:-


    مما ينبغي على المعلم أن يتواضع لطلابه، فيرعى حال ضعيفهم، وقد يخصه بمزيد بيان وشرح ووقت.

    قال أبو رفاعة انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب قال، فقلت: يا رسول الله: رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: (( فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديداً، قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته، فأتم آخرها)) رواه مسلم من حديث ابى رفاعة

    وعن أنس بن مالك: ((أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك))، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها.

    وقد يرضى صلى الله عليه وسلم من ضعيفهم ما لا يرضى من قويهم.

    لما وفد عليه ضمام بن ثعلبة دعاه وذكر له فرائض الإسلام فقال ضمام: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح إن صدق)) رواه البخارى من حديث طلمة بن العبد


    رابعا:- التريث في الإجابة عن السؤال، وترك القول بلا علم.


    أ - {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كان عنه مسؤولاً}.[الإسراء 36]

    ب - سأل جابر بن عبد الله النبي فقال: ((يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث)) رواه البخارى من حديث جابر ،ونحوه رواه مسلم

    ج - جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي البلدان شر؟ فقال: ((لا أدري حتى أسأل ربي، فلما أتاه جبريل عليه السلام قال: يا جبريل أي البلدان شر؟. . .)) رواه أحمد فى المسند من حديث جبير بن المطعم


    [size="5"]رابعا:- كيفية التعامل مع أالمخطئين والمقصرين:[/size]


    ولما كان القصور والخطأ والجهل امراً معهوداً في الأبناء والطلاب فإننا نتساءل كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أمثال هذه الحالات، وفي هذه الأمثلة نقرأ الإجابة وتستلهم المنهج.

    تقول عائشة رضي الله عنه: ((ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله)) رواه مسلم من حديث عائشة

    لما تخلف كعب بن مالك عن الجهاد في تبوك، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوه جاءه كعب فيقول: "فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب . رواه البخارى من حديث كعب بن مالك

    بينما هو في المسجد دخل أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزرموه، دعوه، فتركوه حتى بال.ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن..)). رواه مسلم من حديث أنس

    وفي رواية للترمذي أنه قال لأصحابه: ((إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين))

    قصة الشاب الذي جاء يستأذن رسول الله بالزنا فزجره الصحابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادنه فدنا منه قريباً، قال: فجلس قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونهم لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟... اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه)) رواه أحمد من حديث أبى أمامة

    هجر رسول الله كعب بن مالك في تخلفه عن تبوك، وأمر أصحابه أن لا يكلموه

    كان عنده رجل به أثر صفرة قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يواجه أحداً بشيء يكرهه، فلما قام قال للقوم: ((لو قلتم له: يدع هذه الصفرة))

    وأقر رسول الله التأديب بالضرب كما في قصة أبي بكر مع غلامه وقد أضاع بعيره قال: فطفق يضربه، ورسول الله يتبسم ويقول: ((انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع)) رواه أبو داود من حديث أسماء

    يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأتخوّلكم بالموعظة كما كان رسول الله يتخوّلنا بالموعظة مخافة السآمة علينا.


    خامساً: سبق النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوسائل التي يتنادى إليها التربويون اليوم ومن ذلك:


    أولاً: التمهيد والتهيئة:

    كان النبي صلى الله عليه و سلم يمهد للمعلومة قبل إيصالها للمتعلم، بحيث يستوعبها السامع، بسهولة ويسر، تحفيز الأذهان بالسؤال: وهو كثير، منه قوله: ومثال ذلك:

    1- ما رواه أبو هريرة  عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا.. ويرفع به الدرجات؟ " قالوا: بلى يارسول الله قال: " إسباغ الوضوء على المكاره.. وكثرة الخطى إلى المساجد... وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط.. فذلكم الرباط... فذلكم الرباط " .صحيح،رواه مسلم في كتاب الطهارة


    2- وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " أتدرون من المفلس؟".

    قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا.. وقذف هذا.. وأكل مال هذا.. وسفك دم هذا... وضرب هذا... فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته... فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم.. فطرحت عليه ثم يطرح في النار " .صحيح ،رواه مسلم فى كتاب البر والصلة

    ففي المثال الأول مهد للمستمعين قائلاً : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا.. ويرفع به الدرجات..؟" ، ليتهيىء السامع، ويتجاوب مع السؤال، ويُعمل عقله، في محاولة الإجابة، ومن ثم يقوم النبي بالإجابة على السؤال بنفسه وقد استثار عقل السامع نحو فكرة الموضوع . فتدخل المعلومة إلى العقل، وقد اشتاق إلى المعلومة، كما تشتاق الأرض العطشى للمطر !

    وبالمثل في المثال الثاني، فالسامع في اشتياق لمعرفة هذا المفلس وصفاته، بعدما تحرك العقل يمينًا وشمالاً لمعرفة الجواب الصحيح . فلا يزال العقل في حيرة حتى تصل إليه المعلومة الشافية، فتحصل الفائدة وترسخ المعلومة.


    ثانيًا: التكرار والإعادة:


    فعن أنس بن مالك  عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه " كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه.. " . تقول عائشة رضي الله عنه: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العد أن يحصيه أحصاه) رواه أبو داود عن عائشة

    ويقول أنس رضي الله عنه: (كان إذا سلم سلم ثلاثاً، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً) .

    وفي رواية أخرى للبخاري زاد (حتى تفهم منه) رواه البخارى فى كتاب العلم

    ومثال ذلك:

    1- قوله صلى الله عليه و سلم : " ألا وقول الزور " فما زال يكررها...
    2- ويقول ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه و سلم : " هل بلغت؟ " ثلاثًا .
    3- وعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " ويل للأعقاب من النار " مرتين أو ثلاثاً.
    والتكرار في هذه النماذج للتفهيم والحفظ. وهذه من قبيل رفقه وتنبيهه للمستمع.


    ثالثًا: التأني أثناء العرض:

    فتصف عائشة طريقة عرض النبي صلى الله عليه و سلم فتقول : " ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بيّن، فصل، يحفظه من يجلس إليه " .


    والنبي صلى الله عليه و سلم بطريقة عرضه هذه، إن دلت على شيء فإنما تدل على رفقه ورحمته بالمستمعين..


    رابعًا: مراعاة طاقة المتعلمين:

    فلقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يقتصد في دروسه وخطبه ومواعظه، حتى لا يمل المتعلمين من تعاليمه صلى الله عليه و سلم وحتى ينشطوا لحفظها ويسهل عليهم فهمها ..

    فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يحسن اختيار أوقات النشاط الذهني، والاستعداد النفسي لدى المتعلمين.. ومباعدته بين الخطبة وأختها، والموعظة وأختها.. حتى تشتاق النفوس، وتنشرح الصدور لتلقي العلم..

    فعن عبد الله بن مسعود  قال: " كان النبي صلى الله عليه و سلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا " .


    خامسًا: ضرب الأمثال:


    وهو كثير، منه تشبيه المؤمن بالنخلة . والمجتمع بالسفينة . والصاحب السيء بنافخ الكير.

    وقد كان هذا الأسلوب هو المعتاد والمفضل في منهج النبي صلى الله عليه و سلم في العرض والتفهيم، ومثال ذلك قوله r :"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد... إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "

    وفي ذلك أثر كبير في إيصال المعنى إلى المتعلم، ذلك أنه يقدم القيمة المعنوية في صورة حسية ملموسة، فيربطه بالواقع ويقربه إلى الذهن .


    سادسًا: استخدام الوسائط المتعددة:

    كان النبي صلى الله عليه و سلم يستخدم ما يسمى اليوم بالوسائل التعليمية أوالوسائط التوضيحية، لتبيين المعنى، وتوضيح المغزى في عقول السامعين، وشغل كل حواسهم بالموضوع:

    ومن هذه الوسائط:

    1- التعبير والأصابع: بحركة اليد
    كتشبيكه صلى الله عليه و سلم بين أصابعه وهو يبين طبيعة العلاقة بين المؤمن وأخيه. فعن أبى موسى الأشعري ... عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " المؤمن للمؤمن كالبنيان.. يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه .

    2- التعبير بالرسم والمجسمات:

    أ) أما الرسم : فعن عبد الله بن مسعود  قال: " خط النبي صلى الله عليه و سلم خطًا مربعًا.. وخط خطًا في الوسط خارجا منه ـ وقد أحاط به ـ وهذا الذي هو خارج أمله... وهذه الخطوط الصغار الأعراض.. فإن أخطأه هذا؛ نهشه هذا. وإن أخطأه هذا؛ نهشه هذا" .

    ففي هذا الحديث بين لهم النبي صلى الله عليه و سلم بالرسم على الأرض كيف يحال بين الإنسان وبين آماله الكثيرة الواسعة بالموت .. وفيه حض على الاستعداد للموت قبل هجومه المفاجئ.
    ب) وأما المجسمات : فعن علي بن أبي طالب  قال: " إن نبي الله صلى الله عليه و سلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله: ثم قال: " إن هذين حرام على ذكور أمتي... حل لإناثهم " .

    3- التعليم التطبيقي العملي:

    ولقد انتهج الرسول صلى الله عليه و سلم هذا الأسلوب في التعليم عندما كان يعلم الصحابة الصلاة حيث قال بعد ما فرغ من الصلاة ذات يوم : " أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي " .

    كل هذه الوسائط والأساليب من قبيل الرحمة بالمتعلمين، تبين لك عظيم رحمة النبي صلى الله عليه و سلم وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على عظم قدر العلم والمعرفة والثقافة في نفس محمدr، وتقديره البالغ لرسالة التربية والتعليم، وممارسته الماهرة لشتى الوسائل التي تفيد المنظومة التربوية ..

    تـحـياتي
    سـميره أحـمد الحـازمي-رابع رياض اطفال الرقم(109)

    ردحذف
  38. الاسم : عبير علي صالح المحيميد
    القسم : لغة عربية .
    الفرقة : الرابعة .
    شعبة : ب


    ------- القصة الاولى ------------
    أقبل رجل إلى إبراهيم بن أدهم .. فقال : يا شيخ .. إن نفسي .. تدفعني إلى المعاصي .. فعظني موعظة .
    فقال له إبراهيم : إذا دعتك نفسك إلى معصية الله فاعصه .. ولا بأس عليك .. ولكن لي إليك خمسة شروط ..
    قال الرجل : هاتها ..
    قال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله فاختبئ في مكان لا يراك الله فيه ..
    فقال الرجل : سبحان الله ..كيف أختفي عنه ..وهو لا تخفى عليه خافية..
    فقال إبراهيم : سبحان الله .. أما تستحي أن تعصي الله وهو يراك ..
    فسكت الرجل .. ثم قال : زدني ..
    فقال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله .. فلا تعصه فوق أرضه ..
    فقال الرجل : سبحان الله .. وأين أذهب .. وكل ما في الكون له ..
    فقال إبراهيم : أما تستحي أن تعصي الله .. وتسكن فوق أرضه ؟
    قال الرجل : زدني ..
    فقال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله .. فلا تأكل من رزقه ..
    فقال الرجل : سبحان الله .. وكيف أعيش .. وكل النعم من عنده ..
    فقال إبراهيم : أما تستحي أن تعصي الله .. وهو يطعمك ويسقيك .. ويحفظ عليك قوتك ؟
    قال الرجل : زدني ..
    فقال إبراهيم : فإذا عصيت الله .. ثم جاءتك الملائكة لتسوقك إلى النار .. فلا تذهب معهم ..
    فقال الرجل : سبحان الله .. وهل لي قوة عليهم .. إنما يسوقونني سوقاً ..
    فقال إبراهيم : فإذا قرأت ذنوبك في صحيفتك .. فأنكر أن تكون فعلتها ..
    فقال الرجل : سبحان الله .. فأين الكرام الكاتبون .. والملائكة الحافظون .. والشهود الناطقون ..
    ثم بكى الرجل .. ومضى .. وهو يقول : أين الكرام الكاتبون .. والملائكة الحافظون .. والشهود الناطقون ...




    ------- القصة الثانية --------

    أراد الشيخ أن يختبر تلميذه بعد أن قضى فترة بصحبته يعلمه ويرشده ، ويعرض عليه طرق التربية وفنون التعامل مع الناس ، فقال :
    يابني ؛ ما تقول في إنسان أخطأ حين أساء إلى غيره ، أيُعاقب وحده أم يُجمَل معه في العقوبة غيرُه لقرابته منه ، أو لانتسابه إلى أهله وعشيرته ، أو لجنسه ووطنه ؟ .
    قال التلميذ : بل يُعاقب المسيء وحده ، ومن الظلم معاقبة غيره بسببه ، فالله تعالى يقول :
    " ولا تزر وازرة وزر أخرى " .
    قال الشيخ :
    أحسنت ، فما تقول لرجل أراد أن يشكرك لجميلٍ صنعتـَه له ، فأخطأ دون أن يشعر ، أتعود لمعاقبته أم تنبهه؟ .
    قال التلميذ :
    قد أنبهه إن لزم الأمر ، وأتركه متجاوزاً عنه ، إذ ْ جانبه الصواب حين أراد شكري ، وقد يكون خطؤه قولاً ، وقد يكون عملاً ، فعليّ تصحيح عمله ، والتجاوز عن قوله .
    قال الشيخ :
    أحسنت أيضاً – يا ولدي – فما تقول في إنسان أخطأ عن عمد في الإساءة إليك ؟
    قال التلميذ :
    أعاقبه إن قدِرت ، وأكيل له الصاع صاعين ، ولا أبالي ، فهو يستحق ذلك .
    قال الشيخ :
    أيدك الله ، يا بني ، فما تقول أخيراً في رجل كان ظاهره غيرَ باطنه . نفع الناس بقوله ، وضرّ نفسَه ، إذ ْ كان فعلُه غيرَ قوله .
    قال التلميذ :
    على نفسها جنت براقش ، فهو كنافح المسك على غيره ونافخ الكير على نفسه .
    قال الشيخ :
    حفظك الله - يا بني – وزادك علماً وحُسْنَ عمل ، إني بك لفخور ، ولك داعٍ ، وبك مؤملٌ الخير الكثير .
    قال التلميذ :
    أفلا تذكر لي – يا سيدي – أمثلة على ما امتحنْتني فيه ؟. كي أستفيد أمثلة تضيء لي دربي ؟
    قال الشيخ :
    بلى .. فلكل سؤال حادثة رواها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ، فكانت الضياءَ الذي سلكوا على هداه طريقهم . والمنهج الذي اتخذوه ، فأوصلهم إلى الهدف الصحيح .
    أما مثال السؤال الأول :
    فقد قص علينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن نبياً من الأنبياء صلوات الله عليهم جميعاً نزل تحت شجرة ، فما استقر جالساً حتى قرصته نملة ، فاستشاط غضباً ، وقام من فوره ، فأمر أتباعه أن يرفعوا مجلسه ، ففعلوا ، فنظر إلى أسفل الشجرة ، فرأى النمل يسير بانتظام ، يحمل قوته إلى بيته أسفل الشجرة ، ويعمل بدأَب ونشاط ، صاعداً نازلاً ، مغرّباً ومشرّقاً ، ولعل نملة تأذ ّت حين جلس فوقها النبي ، فقرصته خوف أن يطحنها ، فلم يتمالك نفسه أن أمر أتباعه أن يُضرموا النار في بيت النمل ، ففعلوا ، فأحرق النمل ، وقضى على آلاف منه .
    فأوحى الله تعالى إليه معاتباً ومعلماً : " فهلاّ نملةً واحدة " رأيتَها تحتك ، فقتلتَها قصاصاً ؟! ما ذنب ما قتلته حرقاً ، إنه ظلم بيّن ، وتصرّف لا ينبغي أن يكون .

    صحيح البخاري ، كتاب بدء الخلق
    باب إذا وقع الذباب في إناء أحدكم

    قال التلميذ :
    هلاّ أوضحت أكثر يا سيدي وبيّنتَ من العبَر والعظات ما يفيد ؟.
    قال الشيخ :
    هذا واجب العلماء نحو تلاميذهم وعامّة المسلمين يا ولدي .
    فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة :
    1- أن العقوبة لمن اعتدى وأثم ، أما البريء فلا يُؤخذ بجريرة غيره .
    2- وأن النمل – كغيره من المخلوقات – أمم أمثالُنا ، تسبّح الله وتحمده . فيجب الحفاظ – ما أمكن – عليه .
    3- أنه لا يعذِّب بالنار إلا رب النار ، هذا في شريعتنا – معشر المسلمين – ويعاقَب المسيء فقط .
    قال التلميذ :
    جزاك الله – يا شيخي – خيراً ونفعنا بعلمك ,....
    قال الشيخ : إن مدحتَني بما ليس فيّ قصمت ظهري ... ثم قال الشيخ :
    أما مثال السؤال الثاني :
    فقد روى النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يفرح بعودة المسيء إلى رحاب عفوه ، وتوبته عن المعاصي كثيراً ، ومثـّل له بفرح الرجل الذي أضاع راحلته في الصحراء ،وعليها ماؤه وزاده ، فلما أيس من الحياة أعاد الله إليه راحلته ، فأخطأ الرجل حين أراد شكرالله تعالى .
    قال التلميذ :
    وكيف ذاك يا سيدي ؟
    قال الشيخ :
    سافر رجل وحده في صحراء مترامية الأطراف – والسفر الفذ ّ( الفرد) ليس حميداً ، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم المسافر وحده ، فقال : هو شيطان – سافر حاملاً على بعيره ما يحتاجه من ماء وزاد ، اخترقها يريد الوصول إلى مبتغاه في الطرف الآخر منها ، جدّ السير فيها ، حتى إذا أدركتـْه القالة ( القيلولة ) ربط راحلته إلى ظل شجرة ونام ، وكان نومه طويلاً عميقاً ، لم يصحُ منه إلا وقد انفلتت الراحلة ، وغابت عنه ، فقام مشدوها فزعاً ، يبحث عنها هنا وهناك ، فلم يجدها .. انطلق إلى أعلى كثيب شرقاً ونظر إلى البعيد ، فلم يجدها ، وانطلق إلى كثيب في الغرب يرجو أن يعثر عليها ، فخاب ظنه . هرول في كل الاتجاهات عله يعثر عليها أو على أثرها ، فعاد بخفي حنين .
    عاد إلى الشجرة كليلاً مرهقاً ، خسر راحلته ، وخسر معها زاده وماءه ، ، وأيقن بالهلاك ، فارتمى مكدوداً حزيناً ينتظر الموت ، ويندب حظه ... وأخذه النوم مرة أخرى .
    لما أفاق ، وجد راحلته ، فوق رأسه ، فلم يصدّق حتى أخذ بلجامها ، وتحسسه مرات ومرات ، فلما تيقن أنه نجا من الموت عطشاً وجوعاً وعادتْ إليه روحه ، وأخذه الفرح كل مأخذ قال من شدة فرحه يشكر ربه سبحانه : " اللهم أنت عبدي ، وأنا ربك ؛ أخطأ من شدة الفرح " .
    إن الله تعالى أشد سروراً ، وأكثر فرحاً بتوبة عبده وعودته إليه - إلى التقوى والرشاد - من هذا الرجل بعودة راحلته إليه ...
    رياض الصالحين ، باب التوبة
    قال التلميذ :
    سبحان الله ، لا إله إلا الله ؛ ما أكرم خالقنا ، وما أعظم عفوه ...
    تبت إليك يارب ، فاقبلني في عبادك الصالحين
    ثم التفت إلى شيخه ، فرأى عينيه تدمعان وشفتيه تلهجان بذكر الله رب العالمين ... فانتظر قليلاً حتى هدأ الشيخ ... ثم نظر الشيخ إليه ، فقال :
    أما السؤال الثالث :
    فمثاله ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
    إن امرأة تحجّر قلبُها ، فكأنه قـُدّ من صخر ، وغادرتـْه الرحمة ، فأمسى كهفاً مظلماً ، لا يعرف للخير سبيلاً ولا للمعاني النبيلة طعماً ، طرقتْ بابَه الشفقةُ ، فصُدّتْ عنه ، ، وعشعشت فيه الكراهية ونمَتْ .. لعل هرة أكثرَتْ الدخول عليها ، فطردَتـْها ! ثم طردَتها ، والحيوان أعجم لا تدفعه سوى غريزته ، تستقطبه الرحمة فيُقدِم ، ويمنعه الأذى فيهرب . والهرة أَلوفٌ – من الطوّافات – تدخل البيوت دون استئذان ، فإن رأتْ ترحيباً من أهل الدار أقامت ، وإن رأت إعراضاً ولّتْ . أمّا أنْ تمسكها هذه المرأة القاسية ، فتربطها وتمنع عنها الماء والطعام ، وتسمع مواءها ، فلا تكترث ، وأنينها فلا تهتم ، حتى تذبل وتذوي ، فتموت صبراً ، فهذه غاية القسوة ، ونهاية في الظلم .
    كان أولى بها أنْ تتركها في أرض الله تأكل من هوامها وحشراتها ، تتصيّدها هنا وهناك ، ، ولن تعدم في أرض الله الواسعة ما يقيم أَوَدَها ، ويكفيها مؤونتها .
    إن الإسلام العظيم نبّه - فضلاً عن حقوق الإنسان في العيش الكريم والحرية – إلى الرفق بالحيوان ، فلا يحمـّله ما لايُطيق ، ولا يشتدّ عليه بالضرب ، ومن لم يكن كذلك فليس له من الإنسانية نصيب .
    وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة في النار تخدشها هرة ، فقال : ما شأن هذه ؟
    قالوا : حبسَتها حتى ماتت جوعاً ، لا أطعمتـْها ، ولا أرسلَتـْها تأكل من خَشاش الأرض حتى ماتت ..والبون واسع بين مَن نزل في البئر ، فسقى الكلبَ ، فغفر الله تعالى له ، وبين هذه المرأة ، نعوذ بالله من مصير كمصيرها .
    1- صحيح البخاري
    كتاب بدء الخلق ،
    باب إذا وقع الذباب في إناء أحدكم
    2- صحيح مسلم
    كتاب الكسوف
    باب ما عرض على الرسول في صلاة الكسوف
    وقال الشيخ :
    أما السؤال الرابع :
    فمثاله ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم مصوراً الذي يأكل الدنيا بعلمه ، ولا يعرف لله وقاراً ، ولا للآخرة سبيلاً .
    قال التلميذ :
    فما عاقبة هذا العالم – يا سيدي - ؟
    قال الشيخ :
    قال النبي صلى الله عليه وسلم :
    يُجاء بالرجل يوم القيامة ، فيُلقى في نار جهنم ، ويَلقى من العذاب ما يَلقى ، فتندلق أمعاء بطنه في النار ، ويحترق أديمُه وأحشاؤه ، إنه ملأها في الدنيا ما لذّ وطاب من الحرام ، حين أظهر للناس التقوى ، فغشّهم ، وأبطن الهوى ، وتمادى في الضلالة ، ففضحه الله على هذه الصورة ، يراه الناس يدور بأقتابه ( أمعائه) في النار ، كما يدور الحمار برحاه ، فيدنون منه ، ويتعجبون .
    من يراه على هذه الصورة – وكانوا يعرفون فيه الصلاح والتقوى في الدنيا ، فقد كان سَمْتُه سمتَ العلماء ، ومظهره مظهر الأتقياء ، وكان منظره في الدنيا يدل على الاتزان والوقار ، فما باله الآن هكذا؟!! - يجتمعون عليه ويسألونه متعجبين : لئن صرنا في النار الآن لقد كنا في الدنيا نعمل بعمل أهلها فاسقين فاسدين ، فما بالك اليوم بيننا في النار ؟! كنت تأمرنا بالمعروف ، وتنهانا عن المنكر ! تحضنا على الصدق والأمانة ، ونبذ الفساد والخيانة ، وكنت تأمرنا بصون اللسان ، وغض البصر ، وحفظ الفرج ، وحُسن الطويّة !! كنت تنهانا عن الغيبة والنميمة والفواحش ، وتنهانا عن أكل حقوق الناس وتنفـّرنا من ذلك !! فما شأنك ؟ وما الذي قذفك بيننا؟!
    وهناك – والعياذ بالله من هذا المصير الأسود والفضيحة الكبيرة – حيث لا يستطيع الإنسان أن يُخفي حقيقته ، أو يُدلّس على الناس ، هناك في النار حيث المستور مكشوف ، والباطن معروف ، ولا مجال للإنكار ، والتزيي بزي الأبرار ، يقول واصفاً حقيقة حاله في الدنيا بكلمات مختصرة اللفظ ، واضحة المعنى " كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر ، وآتيه " ...
    إن النار مصير مَن يُدعى إلى مكارم الأخلاق ، فيرفضها ، ويغرق في المفاسد .. وهي – النار - أَولى بمن يدّعي الصلاح ظاهراً ، ويأكل الدنيا بالدين باطناً .. لقد أساء إلى نفسه ، وخسر ذاته .
    وإن حسرته على ما فرّط أشد من حسرة أولئك ، ولا سيّما حين يعلم أنّ مَنْ أخذ بنصيحته نجا ، وفاز بالجنة ونعيمها ، وفاز برضا الله ورحمته ... وهو .. هو في نارٍ تلظّى ، لا يصلاها إلا الأشقى ..
    ويرفع الشيخ وتلميذه أيديَهما ، يدعُوانِ:
    اللهم اجعل سرّنا كعلانيتنا ، وارزقنا التقوى ، والصدق في القول والعمل ، ونجّنا برحمتك من النار ... يا عزيز ياغفار



    الاسم : عبير علي صالح المحيميد
    القسم : لغة عربية .
    الفرقة : الرابعة .
    شعبة : ب

    ردحذف
  39. موفقين ..ونتظر بحثكم في السيرة النبوية يا مفكرات المستقبل

    ردحذف
  40. مواقف تربوية من حجة الوداع
    خدمة الحجاج والرفق بهم طريق إلى مرضاة الله وقلوب الناس:

    كان لابن حجر - رحمه الله - في شرحه لكتاب الحج في صحيح البخاري وقفات مع فوائد عظيمة من مواقف للنبي - صلى الله عليه و سلم -، أشعر بأن المسلمين لو درسوها ونشروها لكان للحج طعم آخر تظهر فيه كل معاني الإسلام العظيم، لذلك جمعتها فيما يلي:

    1 - الرفق في النهي عن المنكر والبعد عن التوبيخ:
    "كان الفضل رديف النبي - صلى الله عليه و سلم - فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي - صلى الله عليه و سلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر"، فهكذا لم يوبخ النبي - صلى الله عليه و سلم - الفضل، ولكن نهاه عن النظر إلى الأجنبيات بطريقة عملية.
    2 - ألا يشق المسلم على نفسه فيوجب عليها الحج ماشياً مثلاً:
    قال مجاهد: كانوا لا يركبون فأنزل الله يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر (الحج: 27).
    وقد يكون صحيحاً أن الأجر على قدر المشقة، لكن قد تكون هذه المشقة سبباً في عدم إكمال المناسك، وقد تستفرغ طاقة الحاج فلا يقوى بعد ذلك على الذكر والدعاء.

    3 لما سُئل النبي - صلى الله عليه و سلم - عن أفضل الأعمال ذكر "إيمان بالله ورسوله وجهاد في سبيل الله وحج مبرور".
    والمبرور أي الذي به طاعات، وليس فيه معاصٍ، وخدمة الحجاج والرفق بهم ومعاونتهم وقضاء حوائجهم، كل ذلك من الطاعات، وقد يكون في التعاون مع الناس وحسن التعامل معهم من الصدقات ما يكفر خطايا العبد.

    4 - البعد عن إيذاء الحجاج بالقول أو الفعل الذي يقدح في الحج قال صلى الله عليه وسلم:"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
    والفسق هو السيئات والمعاصي لأنها خروج عن طاعة الله، أليست الحدة مع الناس ومعاملتهم بالسوء من المعاصي التي تخرج العبد من الطاعة، قال - تعالى -: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج (البقرة:197)، إلا جدالاً يناقش قضايا علمية بصورة طيبة.
    5 - لا تؤذِ الحجاج بسؤالهم مالاً وأنت غير محتاج أو مقصر في إعداد الزاد.
    "كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى (البقرة)، قالوا في التفسير: تزودوا واتقوا أذى الناس بسؤالكم إياهم والإثم في ذلك.

    6 - نشر العلم وإجابة أسئلة الناس بما يناسبهم:
    لما سُئل النبي - صلى الله عليه و سلم - عمَّا يلبس المحرم؟ لم يجب عما يلبس، ولكنه أجاب عما لا يلبس لأنه أخصر وأقصر، فقال: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل الكعبين.
    وما أجمل أن يقوم المثقفون بدراسة الحج دراسة جيدة حتى ينفذوا الحج كما فعله النبي - صلى الله عليه و سلم - ولينشروا آدابه بين الحجيج.

    7 - إركاب الماشي خاصة المتعب والذي لن يضيرك إركابه:
    كان أسامة بن زيد ردف النبي - صلى الله عليه و سلم - من عرفه إلى المزدلفة ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، ويدخل في ذلك التوسعة على الركاب، وعدم رفع الصوت أثناء الحديث حتى لا ينزعجوا، كما يحدث في الحافلات العامة.

    8 التخفيف ومواساة من أصابه ما يكره:
    لما رأى النبي - صلى الله عليه و سلم - عائشة تبكى سألها: ما يبكيك... قالت: لا أصلي، قال: فلا يضيرك، إنما أنت امرأة من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن. وقد قال النبي - صلى الله عليه و سلم - لها:"طوافك يسعك لحجك وعمرتك"(كما رواه مسلم)، وإنما أعمرها من التنعيم تطييباً لقلبها؛ لكونها لم تطف بالبيت لما دخلت معتمرة. وفي رواية لمسلم أيضاً:"وكان النبي - صلى الله عليه و سلم - رجلاً سهلاً إذا هويت الشيء تابعها عليه".
    فهل نقتدي بالنبي - صلى الله عليه و سلم - في معاملة أزواجنا بالرفق وحسن الخلق؟.

    ايمان عبد القادر
    اقتصاد منزلي
    الفرقة الرابعة
    رقم الكشف : 44

    ردحذف
  41. الإسم : عهود عبدالرحمن القليطي
    القسم : اللغة العربية والعلوم الإجتماعية
    الشعبة : ب

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف تعامل الرسول مع الشباب؟

    رَبى النبي (صلى الله عليه وسلم ) جيلاً مؤمناً و ملتزماً بمفاهيم وقيم الإسلام، وكان الغالب في هذا الجيل شريحةِ الشباب. فعادة ما يتفاعل الشباب مع كل جديد، وهم أكثر الناس تأثراً، وأسرعهم استجابة، وأشدهم تفاعلاً ؛ بخلاف جيل الشيوخ الذين ـ في الغالب ـ ما يقفون حجر عثرة أمام أي تغيير أو إصلاح، وأشد الناس تمسكاً بالقديم، ورفضاً للحديث والجديد.

    وكان للشباب دور رئيس في الالتفاف حول الرسول محمد(صلى الله عليه وسلم )، ودعم ما جاء به النبي (صلى الله عليه وسلم )،، والدعوة إليه، والدفاع عنه. كما كان للنبي (صلى الله عليه وسلم )، اهتمام خاص برعاية الشباب وتربيتهم وإعدادهم لتحمل المسؤوليات الكبيرة.

    وما نريد التركيز عليه هو: كيف تعامل النبي (صلى الله عليه وسلم )، مع الشباب؟ وما هي القواعد التي ربى عليها النبي (صلى الله عليه وسلم )، شباب الجيل الأول؟

    يمكننا أن نلخص الإجابة على هذه التساؤلات ضمن النقاط التالية:

    1ـ التربية المتوازنة:

    إن النبي (صلى الله عليه وسلم )، رَبىَّ الشباب على التربية المتوازنة القائمة على الموازنة بين العاطفة والعقل، الروح والجسد، العلم والعمل. وهذا التوازن الدقيق هو المنهج السليم في التربية، بَيْدَ أن طغيان جانب على حساب الجانب الآخر، سيؤدي إلى خللٍ في بناء الذات، وانحراف عن منهج الإسلام.

    وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم )، يقف ضد كل توجه غير صحيح، أو تفكير خاطئ، أو ممارسة سلبية ؛ من ذلك ما روي أن النبي (صلى الله عليه وسلم )، جلس للناس ووصف يوم القيامة، ولم يزدهم على التخويف، فرق الناس وبكوا، فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون، واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل، ولا يقربوا النساء ولا الطيب، ويلبسوا المسوح (1)، و يرفضوا الدنيا، ويسيحوا في الأرض، ويترهبوا ويخصوا المذاكير، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم )،، فأتى منزل عثمان فلم يجده، فقال لامرأته: " أ حق ما بلغني؟ " فكرهت أن يكذب رسول الله (صلى الله عليه وسلم )،، وأن تبتدئ على زوجها فقالت: يا رسول الله، إن كان أخبرك عثمان فقد صدقك، فانصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم )،، وأتى عثمان منزله فأخبرته زوجته بذلك، فأتى هو و أصحابه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم )،، فقال: " ألم أنبأ أنكم اتفقتم؟ " فقالوا: ما أ ردنا إلا الخير. فقال (صلى الله عليه وسلم )،: " إني لم أؤمر بذلك، ثم قال: إن لانفسكم عليكم حقا، فصوموا وافطروا، وقوموا وناموا، فإني أصوم وأفطر، و أقوم وأنام، وآكل اللحم والدسم، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني " ثم جمع الناس وخطبهم، وقال: " ما بال قوم حرموا النساء والطيب والنوم وشهوات الدنيا ! وأما أنا فلست آمركم أن تكونوا قسسة ورهبانا، إنه ليس في ديني ترك النساء واللحم، واتخاذ الصوامع، إن سياحة أمتي في الصوم، ورهبانيتها الجهاد، واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وحجوا واعتمروا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا شهر رمضان، واستقيموا يستقم لكم، فإنما هلك من قبلكم بالتشديد، شددوا على أ نفسهم فشدد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديارات(2) والصوامع" (3)

    من خلال هذه الرواية نستنتج أن النبي (صلى الله عليه وسلم )،، قد رفض بقوة التوجه الخاطئ نحو الرهبانية، وترك الطيبات، وأوضح بكل جلاء أنه ليس في الإسلام رهبانية، بمعنى الانعزال عن الدنيا، وترك الزواج، وعدم استخدام الطيب..... إلخ. وإنما الإسلام يدعو إلى التوازن بين متطلبات الجسم ولوازم الروح، والإنسان كما يحتاج لإشباع غرائزه وشهواته المادية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومنكح، يحتاج كذلك لإشباع ميوله ورغباته المعنوية ؛ وأي طغيان لجانب على حساب الآخر سيؤدي إلى خلل في الشخصية، وانحراف عن منهج الإسلام.

    وهكذا ربَّى النبي (صلى الله عليه وسلم )، أصحابه على التوازن بين متطلبات الجسم، ومستلزمات الروح.

    وفي هذا العصر حيث طغت المادية فيه على كل شئ، وأصبح شعار الفلسفة المادية الحديثة هو التركيز على كل ما هو مادي، وتجاهل كل ما هو معنوي وروحي.... يحتاج كل شاب أن ينتبه إلى ذاته وأن يسعى لتحصيل الكمالات الروحية، وهذا يتطلب مجاهدة النفس، والتدرب على ممارسة الرياضة الروحية، وترويض الذات على سلوك طريق الحق والخير والصلاح.

    وليكن شعارنا قول الله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(4).

    2ـ الرفق بالشباب:

    تعامل الرسول (صلى الله عليه وسلم )، برفق مع الشباب، وهذا مما زاد في إعجاب الشباب بالنبي (صلى الله عليه وسلم )،، والتفافهم حوله، وقد مدح القرآن الكريم تعامل النبي (صلى الله عليه وسلم )، مع الناس باللين والرفق، يقول تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)(5)

    وقدكان النبي (صلى الله عليه وسلم )، يحث على الرفق، فقد روي عنه (صلى الله عليه وسلم )، قوله: " إن الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه "(6) وعنه (صلى الله عليه وسلم )، أيضاً: " إياكم والتعمق في الدين، فإن الله قد جعله سهلاً، فخذوا منه ما تطيقون، فإن الله يحب ما دام من عمل صالح، وإن كان يسيراً "(7).

    والمطلع على سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم )، يجد الكثير من الأمثلة التي تدل على رفقه(صلى الله عليه وسلم )، بالشباب، نذكر من ذلك مايلي:

    1-عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده(8).

    2 - عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا حدث الحديث أو سئل عن الامر كرره ثلاثا ليفهم ويفهم عنه (9)

    3 ـ روى عن زيد بن ثابت قال: كنا إذا جلسنا إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أخذنا في حديث في ذكر الآخرة أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الدنيا أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا، فكل هذا اُحدثكم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(10).

    4- عن أبي الحميساء قال: تابعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يبعث فواعدته مكانا فنسيته يومي والغد فأتيته اليوم الثالث، فقال

    (عليه السلام): يا فتى لقد شققت علي، أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام(11).

    5- عن جرير بن عبد الله أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل بعض بيوته فامتلأ البيت، ودخل جرير فقعد خارج البيت، فأبصره النبي

    (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذ ثوبه فلفه ورمى به إليه وقال: اجلس على هذا، فأخذه جرير فوضعه على وجهه وقبله(12).

    6- عن سلمان الفارسي قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي، ثم قال: يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي له الوسادة إكراما له إلا غفر الله له(13).

    من هذه النماذج من سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم )، يتضح لنا رفق رسول الله (
    صلى الله عليه وسلم )، بالشباب، وتعامله معهم بكل لطف وليونة، وهذا من أسباب نجاح الدعوة، واستقطاب الشباب لرسالة الإسلام. وهذا مايجب أن يتصف به الدعاة والقادة والعلماء إذا ما أرادوا استقطاب الشباب، والتأثير فيهم، وكسبهم نحو التدين، ومنهج الإسلام.

    3ـ الثناء على الشباب:

    للثناء تأثير كبير على النفوس، وبالخصوص نفوس الشباب، ولذلك كان النبي (صلى الله عليه وسلم )، كثيراً ما يثني على الشباب المؤمن ؛ فقد روي عن النبي(صلى الله عليه وسلم )، قوله: " ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها، وأهرم شبابه في طاعة الله، إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقاً "(14) وعنه(صلى الله عليه وسلم )، أيضاً أنه قال: " إن أحب الخلائق إلى الله عز وجل شاب حدث السن في صورة حسنة جعل شبابه وجماله لله وفي طاعته، ذلك الذي يباهي به الرحمن ملائكته، يقول: هذا عبدي حقاً "(15) وقال (صلى الله عليه وسلم )، أيضاً: " فضل الشاب العابد الذي تعبد في صباه على الشيخ الذي تعبد بعدما كبرت سنه كفضل المرسلين على سائر الناس "(16)

    وقد كان لثناء الرسول (صلى الله عليه وسلم )، على الشباب دور مهم ومؤثر في كسب المزيد منهم، والتفافهم حول قيادة النبي (صلى الله عليه وسلم )،، وهذا ما جعل للشباب دور فاعل في تقدم الدعوة، ونشر رسالة الإسلام إلى مختلف المناطق. فالشباب هم عماد أي تقدم، وسر نهضة الأمم، وقوة أي مجتمع ؛ لأنهم في مرحلة القوة، والقدرة على العطاء والإنتاج، والاستعداد للتضحية والفداء، وحب المغامرة، وتوكيد الشخصية.

    وهذا ما يجب أن يقوم به أي قائد أو مصلح أو زعيم يسعى نحو التغيير والإصلاح، إذ يجب كسب الشباب، والعمل على إقناعهم لخدمة الإسلام، والمساهمة في تقدم المجتمع والأمة.

    4ـ خلق الثقة في نفوس الشباب:

    إن من أهم القواعد في بناء الشخصية وصنع النجاح هو الثقة بالنفس، والقارئ لسيرة النبي (صلى الله عليه وسلم )، يلاحظ أنه (صلى الله عليه وسلم )، قد عمل على صنع ثقة الشباب بأنفسهم، فقد قام (صلى الله عليه وسلم )، بإعطاء الشباب الكثير من المسؤوليات الكبيرة والمهمة، مما أدى لزيادة الثقة بأنفسهم، وتنمية إرادتهم.

    والأمثلة على تولية الرسول (صلى الله عليه وسلم )، للشباب مسؤوليات كبيرة ومهمة،، عديدة....نذكر منها:

    1ـ إن أول مبلغ بعثه النبي (صلى الله عليه وسلم )، لنشر الإسلام في المدينة المنورة كان مصعب بن عمير، وكان عندئذٍ في ريعان شبابه. وقد استطاع مصعب بالرغم من حداثة سنه أن يقنع الكثير من الناس في المدينة المنورة ـ وكانت المدينة يومها من أهم مدن الجزيرة العربية ـ بالإسلام. وقد عمل مصعب بكل جد وإخلاص من أجل التأثير في الناس، وإقناعهم برسالة الإسلام السمحة.

    2ـ بعد فتح مكة بفترة زمنية قليلة، اضطر الرسول (صلى الله عليه وسلم )، للخروج منها بجيشه، والتوجه نحو جبهة القتال، وكان لابد من تعيين قائد لمكة لإدارة شؤونها، وقد اختار النبي (صلى الله عليه وسلم )، من بين جميع المسلمين شاباً لم يتجاوز الواحد والعشرين عاماً، وهو (عتاب بن أسيد) كقائد لمكة المكرمة في ظل غياب النبي (صلى الله عليه وسلم )،

    وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم )، (عتاب بن أسيد) أن يصلي بالناس وهو أول أمير صلى بمكة بعد الفتح جماعة.

    3ـ في أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وسلم )، عبأ (صلى الله عليه وسلم )، المسلمين لقتال الروم، وضم جيشه كبار الضباط وأمراء الجيش ورجال المهاجرين و الأنصار وشيوخ العرب والشخصيات البارزة آنذاك.

    لاشك في أن قائد هذا الجيش العظيم لابد وأن يكون ذا شأن ومنزلة يختاره الرسول (صلى الله عليه وسلم )، لهذا الأمر الخطير من بين نخبة العسكر، فمن يا ترى حمل هذا اللواء؟

    لقد استدعى الرسول (صلى الله عليه وسلم )، أسامة بن زيد، وعقد له لواء القيادة وخوّله إمارة الجيش. واستعمله النبي (صلى الله عليه وسلم )، وهو ابن ثماني عشر سنة.

    وبات على الجميع أن يمد يد الطاعة والولاء لهذا القائد الشاب الذي عينه الرسول (صلى الله عليه وسلم )، بالرغم من وجود كبار القوم في هذا الجيش المتجه لقتال الإمبراطورية الرومية.

    ولا يخفى أن الشرط الأساس لاختيار الشباب هو كفاءتهم وصلاحيتهم، ويتضح هذا الشرط جلياً في خطبه (صلى الله عليه وسلم )، وأحاديثه. فالشباب الذين كان يقع عليهم اختيار النبي (صلى الله عليه وسلم )، لتقليدهم المناصب الحساسة في الدولة كانوا يتمتعون بالكفاءة واللياقة المطلوبة من حيث العقل والفكر والذكاء والإيمان والعلم والأخلاق والتدبير وبقية الجوانب (17)

    ومن هذه النماذج التاريخية يتبين لنا كيف أن النبي (صلى الله عليه وسلم )، قد أجاد توظيف طاقات الشباب الخلاقة، واستطاع أن يزرع في نفوسهم الثقة بالنفس، والإرادة القوية، والعزيمة الفولاذية.. مما جعلهم يقومون بأدوار كبيرة، ويتحملون مسؤوليات خطيرة ؛ كان لها الفضل الأكبر في نشر راية الإسلام خفاقة في بقاع الدنيا

    ردحذف
  42. امل نشأت الفاروقي
    رياض أطفال الفرقه الرابعه :

    سولنا الكريم وحسن الخلق :
    قال  ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ) ( ) ..
    وقال للأشج بن عبد قيس : ( إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله ) ..
    فما هما الخصلتان : قيام الليل ! صيام النهار ؟ ..
    استبشر الأشج t .. وقال : ما هما يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام ( الحلم .. والأناة ) .. ( )
    وسئل r عن البر ؟.. فقال : ( البر حسن الخلق ) .. ( )
    وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال : ( تقوى الله وحسن الخلق ) ..( )
    وقال r : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) .. ( )
    وقال  : ( ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ) ..( )
    وقال r : ( إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار ) ..( )
    ومن حسن خلقه ربح في الدارين .. وإن شئت فانظر إلى أم سلمة t ..
    وقد جلست مع رسول الله r .. فتذكرت الآخرة وما أعد الله فيها ..
    فقالت : يا رسول الله .. المرأة يكون لها زوجان في الدنيا .. فإذا ماتت .. وماتا ..
    فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعاً إلى الجنة .. فلمن تكون ؟
    فماذا قال ؟ تكون لأطولهما قياماً ؟ أم لأكثرهما صياماً ؟ أم لأوسعهما علماً ؟ كلا ..
    وإنما قال : تكون لأحسنهما خلقاً ..
    فعجبت أم سلمة .. فلما رأى دهشتها قال عليه الصلاة والسلام :
    ياااا أم سلمة .. ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة ..
    نعم ذهب بخيري الدنيا والآخرة ..
    أما خير الدنيا فهو ما يكون له من محبة في قلوب الخلق .. وأما خير الآخرة فهو ما يكون له من الأجر العظيم ..
    ومهما أكثر الإنسان من الأعمال الصالحات .. فإنها قد تفسد عليه إذا كان سيء الخلق ..
    ذُكر للنبي r حالُ امرأة ..
    وذكر له أنها تصلي وتصوم وتتصدق وتفعل .. لكنها تؤذي جيرانها بلسانها ..( يعني سيئة الخلق ) ..
    فقال r : ( هي في النار ) ..
    وقد كان النبي r الأسوة الحسنة ..
    في كل خلق حميد .. كان أكرمَ الناس .. وأشجعَهم .. وأحلمَهم ..
    كان أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها ..
    كان أميناً صادقاً .. يشهد له الكفار بذلك قبل المؤمنين .. والفساقُ قبل الصالحين ..
    حتى قالت خديجة t أول ما نزل عليه الوحي .. لما رأت تغير حاله .. قالت :
    والله لا يخزيك الله أبداً .. ( لمـــاذا ؟؟ ) ..
    إنك لتصل الرحم ..
    وتحمل الكل ..
    وتكسب المعدوم ..
    وتقري الضيف ..
    وتعين على نوائب الحق ..
    وتصدق الحديث ..
    وتؤدي الأمانة ..
    بل أثنى الله عليه ثناء نتلوه إلى يوم القيامة .. فقال : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ..
    وكان r خلقَه القرآن ..
    نعم خلقه القرآن .. فإذا قرأ ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) .. أحسن .. نعم أحسن إلى الكبير والصغير .. والغني والفقير .. إلى شرفاء الناس ووضعائهم .. وكبارهم وصغارهم ..
    وإذا سمع قول الله : ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ) .. عفا وصفح ..
    وإذا تلا : ( وقولوا للناس حسناً ) .. تكلم بأحسن الكلام ..
    فمادام أنه r قدوتنا .. ومنهجه منهجُنا ..
    تأمل حياته r .. كيف كان يتعامل مع الناس .. كيف كان يعالج أخطاءهم .. ويتحمل أذاهم ..
    كيف كان يتعب لراحتهم .. وينصب لدعوتهم ..
    فيوماً تراه يسعى في حاجة مسكين .. ويوماً يفصل خصومة بين المؤمنين ..
    ويوماً يدعو الكافرين ..
    حتى كبرت سنه .. ورق عظمه .. ووصفت عائشة حاله فقالت :
    كان أكثرُ صلاة النبي r بعدما كبر جالساً ( لمـــاذا ؟؟ ) ..
    بعدما حطمه الناس .. نعم .. حطمه الناس ..
    وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام
    بل بلغ من حرصه r على الخلق الحسن .. أنه كان يدعو الله فيقول – ( اللهم كما أحسنت خَلْقي فأحسن خُلقي ) ( ) ..
    وكان يقول : ( اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وأصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ) ( )
    فنحن نحتاج إلى أن نقتدي به r في أخلاقه ..
    مع المسلمين لكسبهم ودعوتهم ..
    بل ومع الكافرين ليعرفوا حقيقة الإسلام ..
    كتاب استمتع بحياتك د. عائض القرني


    أمل الفاروقي رابعه رياض أطفال

    ردحذف
  43. سلمى متعب المحمدي
    رياض اطفال .. الفرقه الرابعه

    عامل رسولنا الكريم مع الكفار :
    اختار الكفار حصين بن المنذر الخزاعي .. وهو أبو عمران الصحابي الجليل ليناقش الرسول ويمنعه من دعوته
    فيدخل أبو عمران على النبي e وحوله أصحابه .. فيردد عليه ما تردده قريش دوماً .. فرقت جماعتنا .. شتت شملنا .. والنبي e ينصت بلطف ..
    حتى إذا انتهى .. قال له e بكل أدب ..
    أفرغت يا أبا عمران ..
    قال : نعم ..
    قال : فأجبني عما أسألك عنه ..
    قال : قل .. أسمع ..
    فقال  : يا أبا عمران .. كم إلهاً تعبد اليوم ؟
    قال : سبعة ..!! ستة في الأرض .. وواحداً في السماء ..!!
    قال : فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك ؟
    قال : الذي في السماء ..
    فقال  بكل لطف : يا حصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين ينفعانك ..
    فما كان من حصين إلا أن أسلم في مكانه فوراً ..
    ثم قال : يا رسول الله .. علمني الكلمتين اللتين وعدتني ..
    فقال  : قل : اللهم ألهمني رشدي .. وأعذني من شر نفسي ..
    كتاب استمتع بحياتك د.عائض القرني

    ردحذف
  44. رها سلمان القرافي
    رياض اطفال ,, الفرقه الرابعه

    قصة عن رحمة النبي عليه الصلاة والسلام مع الحيوانات
    كان رسول الله r في سفر .. فانطلق ليقضي حاجته ..
    فرأى بعض الصحابة حُمرة معها فرخان .. فأخذ بعضهم فرخيها .. فجاءت الحمرة ..
    فجعلت تحوم حولهم وترفرف بجناحيها ..
    فلما جاء النبي  ورآها .. التفت إلى أصحابه وقال :
    من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها ..
    وفي يوم آخر .. رأى r قرية نمل قد أحرقت ..
    فقال : من أحرق هذه ؟
    قال بعض أصحابه : أنا ..
    فغضب وقال : لا ينبغي أن يُعذب بالنار إلا رب النار ..
    وكان r من رأفته .. أنه إذا توضأ وأقبلت إليه هرة ..
    أصغى لها الإناء .. فتشرب .. ثم يتوضأ بفضلها ..
    ومرّ r يوماً على رجل ملقياً شاة على الأرض .. وقد وضع رجله على صفحة عنقها ممسكاً لها ليذبحها .. وهو يحد شفرته .. وهي تلحظ إليه ببصرها ..
    فغضب r لما رآه .. وقال : أتريد أن تميتها موتتين ؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ؟
    كتاب استمتع بحياتك د. عائض القرني

    ردحذف
  45. عامل رسولنا الكريم مع الأعرابي الذي بال في المسجد :
    دخل أعرابي الى المسجد.. يتلفت يميناً ويساراً .. فبدل أن يأتي ويجلس في حلقة النبي e .. توجه إلى زاوية من زوايا المسجد .. ثم جعل يحرك إزاره !!
    عجباً !! ماذا سيفعل ؟!
    رفع طرف إزاره من الأمام ثم جلس بكل هدوء .. يبول ..!!
    عجب الصحابة .. وثاروا .. يبول في المسجد !!
    وجعلوا يتقافزون ليتوجهوا إليه .. والنبي e يهدئهم .. ويسكن غضبهم .. ويردد : لا تزرموه .. لا تعجلوا عليه .. لا تقطعوا عليه بوله ..
    والصحابة يلتفتون إليه .. وهو لعله لم يدر عنهم .. لا يزال يبول ..
    والنبي e يرى هذا المنظر .. بول في المسجد .. ويهدئ أصحابه !!
    آآآه مااااا أحلمه !!
    حتى إذا انتهى الأعرابي من بوله .. وقام يشد على وسطه إزاره .. دعاه النبي e بكل رفق ..
    أقبل يمشي حتى إذا وقف بين يديه .. قال له e بكل رفق :
    إن هذه المساجد لم تبن لهذا .. إنما بنيت للصلاة وقراءة القرآن ..
    انتهى .. نصيحة باختصار ..
    فَهِم الرجل ذلك ومضى ..
    فلما جاء وقت الصلاة أقبل ذاك الأعرابي وصلى معهم ..
    كبر النبي e بأصحابه مصلياً .. فقرأ ثم ركع .. فلما رفع e من ركوعه قال : سمع الله لمن حمده ..
    فقال المأمومون : ربنا ولك الحمد .. إلا هذا الرجل قالها وزاد بعدها : اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً !!
    وسمعه النبي e .. فلما انتهت الصلاة .. التفت e إليهم وسألهم عن القائل .. فأشاروا إليه ..
    فناداه النبي e فلما وقف بين يديه فإذا هو الأعرابي نفسه .. وقد تمكن حب النبي e من قلبه حتى ود لو أن الرحمة تصيبهما دون غيرهما ..
    فقال له e معلماً : لقد تحجرت واسعاً !! أي إن رحمة الله تعالى تسعنا جميعاً وتسع الناس .. فلا تضيقها علي وعليك ..
    فكانت نصيحة مختصرة ومفيده .
    كتاب استمتع بحياتك د.عائض القرني
    سلمى مسلم رابعه رياض أطفال

    ردحذف
  46. بسم الله الرحمن الرحيم


    لقد راعى المعلم الأول صلى الله عليه وسلم ، جملةً من المبادئ التربوية الكريمة ، كانت غاية في السمو الخُلُقي، والكمال العقلي، وذلك في تعليقه على ما صدر من بعض الصحابة، جعلت الحديث يستقرّ في قلوبهم ، والتوجيه حاضراً في حوافظهم وعقولهم , فضبطوا بذلك ما سمعوه وبقي ماثلاً أمام بصائرهم , لما ارتبط به من معانٍ تربوية كريمة
    وهذه بعض المبادئ الرفيعة التي استعملها النبي صلى الله عليه وسلم :

    1- تشجيع المحسن والثناء عليه:
    ليزداد نشاطَا وإقبالأ علىَ العلم والعمل مثلما فعل مع أبي موسى الاشعري رضي الله عنه، حين أثنى على قراءته وحسن صوته بالقرآن الكريم ، فعن أبي موسى رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "لو رَأَيْتَني وأنا أستمع لقراءتك البارحةَ لقد أُوتيتَ مِزْمارًا من مَزَاميرِ آل داود".

    2- الإشفاق على المخطئ وعدم تعنيفه :
    كان صلوات الله وسلامه عليه يقدر ظروف الناس، ويراعي أحوالهم، ويعذرهم بجهلهم، ويتلطَف في تصحيح أخطائهم، ويترفَّق في تعليمهم الصوابَ، ولاشك أن ذلك يملأ قلب المنصوح حبًّا للرسالة وصاحبها، وحرصًا على حفظ الواقعة والتوجيه وتبليغهما، كما يجعل قلوب الحاضرين المعجبة بهذا التصرف والتوجيه الرقيق، مهيأة لحفظ الواقعة بكافة ملابساتها .
    ومن ذلك ما رواه معاوية بن الحكَم السُّلَمِيُّ رضى الله عنه قال: "بَيْنَا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ عَطَسَ رجل من القوم، فقلت: يرحمُك اللهُ! فرماني القومُ بأبصارهم، فقلتُ: وَا ثُكْلَ أُمياهْ! (ما شأنُكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصَمَتونَنِي، لكني سكتُّ، فلما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبأبي هو وأمي! ما رأيتُ معلِّمًا قبله ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه، فوالله ما كَهَرَني ( ما كَهَرَني: أي ما انتهرني)، ولا ضربني، ولا شتمني، قال: " إن هذه الصلاة لا يَصْلُح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "

    3- عدم التصريح والاكتفاء بالتعريض فيما يُذم :
    لما في ذلك من مراعاة شعور المخطى، والتأكيد على عموم التوجيه ومن ذلك ما حَدَثَ مع عبد الله بن اللُّتْبيَّة رضى الله عنه ، حين استعمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم على صدقات بني سُلَيْم، فقبل الهدايا من المتَصدقين، فعن أبي حُمَيْد الساعدي رضى الله عنه قال: استعمل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على صدقات بني سلَيْم، يُدْعى ابن اللُّتْبيَّة، فلما جاء حاسبه صلى الله عليه وسلم ، فقال: هذا مالُكم، وهذا هديةٌ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فَهَلاَّ جلستَ في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتُك إن كنت صادقًا؟ " ثم خطبنا، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعدُ، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاَّني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أُهديت لي، افَلا جَلَسَ في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديتُه؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفنَّ أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رُغَاءٌ ، أو بقرة لها خُوار، أو شاةً تَيْعَرُ" (الرغاء: صوت الإبل عند رفع الأحمال عليها، والخوار: صوت البقر، وتيعر: يعنى تصيح) ثم رفع يديه حتى رُئِىَ بياض إبطيه يقول: " اللهم هل بلَّغتُ؟ بَصُر عيني، وسَمِعَ أذني " )

    4- الغضب والتعنيف متى كان لذلك دواعٍ مهمة :
    وذلك كأن يحدث خطا شرعي، من أشخاص لهم حيثية خاصة، أو تَجَاوَزَ الخطأ حدود الفردية والجزئية، وأخذ يمثل بداية فتنة أو انحراف عن المنهج على أن هذا الغضب يكون غضبًا توجيهيًّا، من غير إسفافٍ ولا إسراف، بل على قدر الحاجة .
    ومن ذلك غضبه صلى الله عليه وسلم حين أتاه عمر، ومعه نسخةٌ من التوراة ليقرأها عليه صلى الله عليه وسلم ، فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه ، أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بنسخة من التوراة، فقال: يا رسولَ الله، هذه نسخةٌ من التوراة، فسكت، فجعل يقرأ ووجهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يتغير، فقال أبو بكرف: ثكلتْك الثواكلُ! ما ترى بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فنظر عمر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده، لو بَدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني، لَضَلَلْتُم عن سواء السبيل، ولو كان حيًّا وأدرك نبوتي لاتبعني "
    ومن ذلك غضبه صلى الله عليه وسلم من تطويل بعض أصحابه الصلاة وهم أئمة، بعد أن كان صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك ، لما فيه من تعسير ومشقة، ولما يؤدي إليه من فتنة لبعض الضعفاء والمعذورين وذوي الأشغال، فعن أبي مسعود الانصاري رضى الله عنه قال: قال رجل: يا رسولَ الله، لا أكاد أُدركُ الصلاةَ ممِّا يُطوِّل بنا فلانٌ . فما رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في موعظة أشدَّ غضبًا من يومئذ، فقال: " أيها الناسُ، إنكم مُنَفِّرون، فمن صلى بالناس فلْيُخفِّفْ، فإن فيهم المريضً، والضعيفَ، وذا الحاجةِ"
    ولم يكن غضب النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المواقف ، إلا عملاً توجيهيًّا وتعليميًّا تحريضًا للصحابة على التيقظ ، وتحذيرًا لهم من الوقوع في هذه الأخطاء، فالواعظ "من شأنه أن يكون في صورة الغضبان لان مقامه يقتضي تكلُّف الانزعاج لأنه في صورة المُنْذِر، وكذا المعلِّم إذا أنكر على من يتعلَّم منه سوءَ فهم ونحوه لأنه قد يكون أدعى للقبول منه، وليس ذلك لازمًا في حق كل أحد بل يختلف باختلاف أحوال المتعلِّمين "

    5- انتهاز بعض الوقائع لبيان وتعليم معانٍ مناسبة :
    كان صلى الله عليه وسلم تحدث أمامه أحداث معينة ، فينتهز مشابهة ما يرى لمعنًى معين يريد تعليمه للصحابة، ومشاكلته لتوجيه مناسب يريد بثَّه لأصحابه ، وعندئذِ يكون هذا المعنى وذلك التوجيه، أوضحَ ما يكوًن في نفوسهم رضى الله عنهم ، ومن ذلك ما روَاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قَدِمَ على النبي صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ )السبيُ: الاسرى( فإذا امرأةٌ من السَّبي تَحْلُبُ ثَدْيَها (تَحْلُبُ ثديَها، وفي لفظ آخر: تَحَلَّبَ ثديُها أو ثدياها: أي تهيأ لأن يُحْلَبَ تسقي) تسقي: تبتغي ولدا ترضعه لأن ثديها قد امتلأ، وتضررت باجتماع اللبن فيه، وفي روايه (تسعى): وهو من السعي، وهو المشي بسرعة، أي: تسعى للبحث عن ولدها الذي فُقِدَ منها) ، إذا وجدت صبيًّا في السَّبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أَتُرَوْن (أتُرَونَ- بضم المثناة-: أي أتظنون ( هذه طارحةً ولدها في النار؟ " قلنا: لا، وهي تقدر على ألا تَطْرَحَهُ )أي لا تطرحه ما دامت تقدر على حفظه معها ووقايته وعدم طرحه في النار ، فقال: الَلَّهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها".
    "فانتهز صلى الله عليه وسلم المناسبة القائمة بين يديه مع أصحابه، والمشهود فيها حنان الأم الفاقدة رضيعها إذ وجدته ، وضرب بها المشاكلةَ والمشابهةَ برحمة الله تعالى ليُعرِّف الناسَ رحمةَ رب الناس بعباده "

    عهود فهد السويلم
    رابع "ب" \رياض اطفال

    ردحذف
  47. الجوهرة سعيد الرشيدي9 مايو 2009 في 11:09 ص

    1 - التربية بالقصة:
    إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى} وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : { واقصص القصص لعلهم يتفكرون } ولهذا فقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج
    واستخدم هذا الأسلوب .

    شاب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه فيقول رضي الله عنه :أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: « لقد كان كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله » [رواه البخاري (3852]
    وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي صلى الله عليه وسلم قصة من القصص، فمن ذلك: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود... وغيرها كثير.
    ,,,

    2 - التربية بالموعظة:
    للموعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم يغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه وهو
    ابن مسعود -رضي الله عنه-:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» [رواه البخاري ( 68 ]
    ويحكي أحد أصحابه وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟
    قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ » [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)]
    وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولاً ، وألا تكون بصفة دائمة .

    عن أبي وائل قال كان عبدالله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا
    [رواه البخاري (70) ومسلم (2821) ]

    الجوهرة سعيد الرشيدي - رابع رياض اطفال -شعبة أ

    ردحذف
  48. من نجلاء الهوسه
    نماذقدم على عمر رضي الله عنه رجل من تغلب فقال له عمر إنه كان لكم في الجاهلية نصيب فخذوا نصيبكم من الإسلام فصالحه على أن اضعف عليهم الجزية وأن لا ينصروا أبنائهم.وهذا تنبيه للأجيال القادمة بأن تهتم بالأطفال ولا يتركوهم هملا تعصف بهم الرياح.
    وقد أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أن يكون الأذان أول ما يطرق سمع الطفل عند ولادته فتكون كلمة التوحيد أول ما يطرق سمعه كما في الحديث الذي رواه البيهقي وحسنه الألباني.
    قال الإمام ابن القيم فإذا كان أول نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده وأنه سبحانه فوق ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أين ما كانوا ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن بحيث إذا دعي الطفل عقل على أنه عبد الله وأن الله سيده ومولاه .
    ومن المعاني التي يربى عليها الطفل وترسخ في ذهنه حب الله والاستعانة به ومراقبته والإيمان بقضاء الله وبقدره والتسليم لأمره وغير ذلك من معاني العقيدة التي إن رسخت في النفس كان لها أثرٌ عظيم ٌعلى السلوك.
    وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب لنا مثلاً في تربية هذا الغلام الناشئ؛ إنه حبر الأمة فيما بعد ابن عباس رضي الله عنهما قال ابن عباس رضي الله عنهما:كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال:يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشي لن ينفعوك إلا بشي قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على أن يضروك بشي لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف . وفي رواية : احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى ربك في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطئك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا. فإذ حفظ الطفل هذا الحديث وفهمه جيدا كان له أثر عظيم في مسيرة حياته العملية كلها. إن لهذا الحديث قوة عظيمة في حل المشكلات بفضل تأثير روحانيته فله القدرة في دفع الطفل إلى الأمام بفضل استعانته ومراقبته وله القدرة على صنع رجل ايجابي ثابت الجنان قوي الإيمان . وفي مسند الإمام احمد جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اسر ابني عوف فقال له: أرسل إليه فقل له إن رسول الله يأمرك أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فاتاه الرسول فاخبره فاكب يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وكانوا قد شدوه بالقد فسقط عنه فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها فإذا هو يسرح القوم الذين شدوه فصاح بها فأتبع آخرها أولها فلم يفاجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب فقال أبوه عوف ورب الكعبة فقالت أمه واسوأتاه عوف كئيب بألم ما فيه من القد فاستبق الأب والخادم إليه فإذا عوف قد ملا الفناء إبلا فقص على أبيه أمره فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اصنع ما كنت صانعا بإبلك ونزل قوله تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.ج من حياه الصحـــــــــابه

    ردحذف
  49. بالتوفيق للجميع

    ردحذف
  50. من التربية الاسريه
    ((احفظ الله يحفضك))


    من الأخطاء التربوية الشائعة في حياتنا أن المراهق ( الغلام ) في طور من العمر يوجب علينا أن نترك له حرية التصرف لأنه غير مسؤول عن تصرفاته، خاصة الخلقية منها، وهذا الخطأ يفوت على الأبناء مرحلة مهمة من مراحل التعلم في حياة الإنسان وفي الحديث النبوي التالي هدي في التربية علينا أن نجعله أساساً للتعامل مع الأولاد:

    ـ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي: ( يا غلام، إني أعلمك كلمات:

    ـ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك.

    ـ إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك.

    ـ وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

    ـ من التربية الأسرية في الحديث:

    1ـ البدء بتعلم العقيدة:

    فأول شيء يجب أن نعلمه لأبنائنا: العقيدة وقد بدأ المصطفى بتعلُّم ذلك فقال:

    ـ احفظ الله يحفظك.

    ـ احفظ الله تجده تجاهك.

    ـ إذا سألت فاسأل الله

    ـ وإذا استعنت فاستعن بالله.

    من هنا وجب أن تهتم مناهج التربية الإسلامية بالعقيدة الصحيحة وتوحيد الله سبحانه وتعالى.

    2ـ أهمية العلم في حياة النشء:

    فقد نبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما لأهمية العلم وحفّزه إلى التعلم وحببه إليه فقال: ( يا غلام إني أعلمك كلمات )، وهنا تظهر أهمية التعلم في هذه السن وهذا ما يجب أن نفطن إليه في التربية الأسرية:

    قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ:

    ومـن فاتـه التعلم وقت شبابه فكبـر عليـه أربعـاً لـوفاته

    وذات الفتى والله بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لـذاته

    3ـ أهمية الوقت في حياة المسلم:

    حيث استثمر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقت الطريق في تعليم الغلام وهذا ينبه لأهمية استغلال الوقت في حياة المسلم.

    4ـ الصحبة الطيبة نافعة:

    نتعلم من هذا الموقف التعليمي أن مرافقة العلماء وأصحاب العلم ومكارم الأخلاق نافعة فقد علّم المصطفى صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما، وإذا تعلم الغلام ذلك واهتمت التربية الأسرية ومناهجها بذلك سلك المسلك القويم في الصحبة والرفق.

    5ـ أخذ المتعلم باللين الملاحظة:

    ـ قال المصطفى صلى الله عليه وسلم للمتعلم: يا غلام وفي هذا ملاطفة ولين من المعلم للمتعلم, وعلى الوالد والوالدة والمعلم والمعلمة اتباع هذا الأسلوب والهدي النبوي في تعلم الطلاب وتعليمهم ومناداتهم بأحب الأسماء إليهم.

    6ـ إزالة الحقد من النفوس:

    فقد علم المصطفى صلى الله عليه وسلم الغلام أن النافع هو الله , والرازق هو الله, والواهب هو الله وإذا تعلم المتعلم ذلك تعلم أن لا يحقد على الأذكياء والأغنياء والفائقين والأقوياء , وتعلمت البنت الرضى فلا تغار من الجميلات من أخواتها وزميلاتها وفي هذا إزالة لمداخل الشيطان نحو غرس الحقد في النفوس وفتح أبواب الحب في النشىء.

    7ـ تربية الشجاعة:

    حيث علم المصطفى صلى الله عليه وسلم المتعلم أن الأمة لو اجتمعت على ضرره فلن يضروه إلا بما كتب الله له، وكذلك لو اجتمعت على نفعه فلن ينفعوه إلا بما كتب له، وهنا يتعلم المتعلم الأخذ بالأسباب وترك النتائج على الله , والرضا بما أصابه من ضرر , والصبر عليه , والحمد على النعمة وشكر الله عليها , وهذا يعلم الأبناء الشجاعة والإقدام والعمل بلا خوف من الفشل.


    إبتهال المغامسي

    رابع اقتصاد

    ردحذف
  51. ليلى ضيف الله السهلي10 مايو 2009 في 2:23 م

    من السنن الهامة على طريق النهضة:
    السنة التي يقررها قول الله تعالى: ( إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن والٍ ) [الرعد: 11]
    وارتباط هذه السنة الربانية بالتمكين للأمة الإسلامية واضح غاية الوضوح، ذلك أن التمكين لا يمكن أن يتأتى في ظل الوضع الحالي للأمة الإسلامية، فلابد من التغيير، كما أن التمكين لن يتحقق لأمة ارتضت لنفسها حياة المذلة والتخلف، ولم تحاول أن تغير ما حل بها من واقع، وأن تتحرر من أسره().
    إن التغيير الذي قاده النبي صلى الله عليه وسلم بمنهج الله تعالى بدأ بالنفس البشرية, وصنع منها الرجال العظماء، ثم انطلق بهم ليحدث أعظم تغيير في شكل المجتمع، حيث نقل الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن التخلف إلى التقدم، وأنشأ بهم أروع حضارة عرفتها الحياة().
    لقد قام النبي صلى الله عليه وسلم - بمنهجه القرآني- بتغيير في العقائد والأفكار والتصور، وعالم المشاعر والأخلاق في نفوس أصحابه, فتغير ما حوله في دنيا الناس، فتغيرت المدينة، ثم مكة، ثم الجزيرة، ثم بلاد فارس والروم, في حركة عالمية تسبّح وتذكر خالقها بالغدو والآصال.
    كان اهتمام المنهج القرآني في العهد المكي بجانب العقيدة، فكان يعرضها بشتى الأساليب, فغمرت قلوبهم معاني الإيمان, وحدث لهم تحول عظيم. قال تعالى موضحا ذلك الارتقاء العظيم: ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [الأنعام: 122].

    ليلى ضيف الله

    الفرقة الرابعة، رياض اطفال

    ردحذف
  52. وهذه قصه من حياة الرسول تؤكد على اهمية العمل
    كان رجل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل الناس، فدعاه صلى الله عليه وسلم فأعطاه درهمين، ثم قال: {اشتر بهذا قدوماً أو فأساً، وخذ بهذا طعاماً لأهلك } يعلمه صلى الله عليه وسلم طريقة الإنتاج والعمل، يفتح له ورشة، وطريقاً للعمل والكسب وطلب الرزق الحلال، فذهب واشترى طعاماً لأهله، ثم أتى بفأس فأتي به في خشبة فركبه له صلى الله عليه وسلم ليكون مباركاً وقال: {اذهب بارك الله لك.. لا أراك شهراً } فيما يروى عنه، يقول: اذهب احتطب وبع، فكان يذهب في النهار، فيقتطع من الشجر، ويبيع في أسواق المدينة حتى أصبح غنياً، فأتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه أصبح غنياً، وقد أطعم أهله وكساهم وتصدق؛ قال صلى الله عليه وسلم: {لأن يذهب أحدكم فيأخذ حبالاً فيحتطب فيبيع خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه }.
    فالتحذير من هات.. هات؛ لأن بعض الناس يدمن على هذا، فيصبح وجهه صفيقاً لا حياء فيه، فيطلب الناس لغير الحاجة، حتى إن بعضهم قد يطلب لبعض الديون البسيطة التي على الناس أكثر منها، يفاجئك ويطلب يقول: علي مبلغ كذا وكذا، ولقد مات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة في ثلاثين صاعاً من شعير ولا يوجد من سلم من الدين.
    ومات الخلفاء الراشدون وأكثرهم مدين، وكذلك العلماء والأخيار والأبرار، فأن يجعل الإنسان وجهه صفيقاً وهو شاب قوي قادر ليس بصحيح.
    أيضاً الإسلام يعالج مبدأ العطالة والبطالة، ونحن نعيشها في بعض الصور، فقد تجد الشاب كسلان لا يشتغل، طرق العمل مفتوحة لكن لكسله يقف دائماً حائراً نائماً في بيته يتسلف ويقترض من الناس، فلا ينفع أهله ولا ينفع نفسه ولا أمته، فمثل هذا يحذر منه الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: {اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول } فاليد العليا هي اليد المعطية، واليد السفلى هي اليد الآخذة.


    عبير اللهيبي...الفرقه الرابعه.. رياض اطفال.. شعبه((ب))

    ردحذف
  53. ساره 0 عربي شعبه أ11 مايو 2009 في 1:55 م

    يأكل من ثمار الجنة !!!
    خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوماً مع بعض أصحابه .. فلما برزوا خارج المدينة .. فإذا راكب يقبل نحوهم .. فصوب النبي صلى الله عليه وسلم إليه بصره .. ثم التفت إلى أصحابه فقال : كأن هذا الراكب إياكم يريد ؟
    فما هو إلا قليل .. حتى أقبل الرجل على بعيره فوقف عليهم .. ثم أخذ ينظر إليهم ..
    فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : من أين أقبلت ؟ فقال الرجل .. هو يئن من شدة من شدة الطريق .. ووعثاء السفر . أقبلت من أهلي .. وولدي .. وعشيرتي .. فقال صلى الله عليه وسلم : فأين تريد ؟ قال : أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقد أصبته .. قابتهج الرجل .. وتهلل وجهه .. وقال : يا رسول الله .. علمني ما الإيمان ؟ قال : تشهد أن لا إله إلا الله .. وأن محمداً رسول الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت .
    قال : قد أقررت .. فما كاد الرجل يتم إقراره بالإسلام حتى تحرك به بعيره , فدخلت يد بعيره في جحر جرذان , فهوى البعير على الأرض .. وهوى الرجل من فوقه .. فوقع على هامته .. فمازال ينتفض حتى مات . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : عليَّ بالرجل .
    فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة – رضي الله عنهما – فأقعداه فلم يقعد .. وحركاه فلم يتحرك .. فقالا : يا رسول الله .. قبض الرجل .. مات ..
    فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم أعرض عنه فجأة ..
    ثم التفت إلى حذيفة وعمار .. وقال : أما رأيتما إعراضي عن الرجل .. ؟؟؟
    فإني رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة .. فعلمت أنه مات جائعاً .
    - رواه أحمد بسند حسن –
    الله أكبر .. ما أروعه من صدق وإيمان ..
    الله أكبر .. ما أعظمك يالله أتيت بهذا الرجل من أهله وولده وعشيرته .. ليشهد أنه لا إله إلا أنت وحدك , وأن محمداً عبدك ورسولك ..
    الله أكبر .. ما أرحمك يا الله وأكرمك أتاك عبدك الضعيف جائعاً .. فأطعمته من ثمار جنتك
    وهو لم يسجد لك سجدة , ولم يصم لك يوماً ..
    الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله , محمداً رسول الله .

    ردحذف
  54. سماح سليمان رياض أطفال11 مايو 2009 في 2:24 م

    من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم التربوية

    1 - التربية بالقصة:
    إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى} وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : { واقصص القصص لعلهم يتفكرون } ولهذا فقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب .
    شاب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه ـ يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه فيقول رضي الله عنه :أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: « لقد كان كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله » [رواه البخاري (3852]
    وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي صلى الله عليه وسلم قصة من القصص، فمن ذلك: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود... وغيرها كثير.

    ردحذف
  55. سهام العمري رياض أطفال11 مايو 2009 في 2:29 م

    من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم التربوية
    التشجيع والثناء:
    سأله أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ يوماً :من أسعد الناس بشفاعتك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم «لقد ظننت أن لايسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث» [رواه البخاري ( 99 ) ]. فتخيل معي أخي القاريء موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه الشهادة من أستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه وسلم .بحرصه على العلم، بل وتفوقه على الكثير من أقرانه. وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعاً لمزيد من الحرص والاجتهاد والعناية.
    وحين سأل أبيَ بن كعب: «أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟» فقال أبي:آية الكرسي. قال له صلى الله عليه وسلم «ليهنك العلم أبا المنذر» [رواه مسلم ( 810 وأحمد ( 5/142 )] ".

    ردحذف
  56. أساليب نبوية في التربية والتعليم


    إبراهيم بن صالح الدحيم




    نهوض الأمة ورقيها معقود بصحة التعليم وجودة التربية، والمناهج الأرضية وطرائق البشر مهما أوتيت من قوة واجتمع لديها من خبرة فإنها تقف عاجزة عن تحقيق الكمالات، وعن التناغم مع الفطرة السوية، والسبب هو أن هذه المناهج لا تخلو من هوىً بشريٍ جهول، أو نظرةٍ ضيقةٍ محدودةٍ مع ضعفٍ في الشعور الداخلي الصادق ـ المراقبة ـ الذي هو بلا شك مؤثرٌ كبيرٌ على سير العمل التعليمي والتربوي، ولذا فإن من المهم ـ والمهم جداً ـ إدامة النظر والتأمل في الأساليب النبوية في التربية والتعليم وذلك لأمور:

    أولاًً: أن الله بعث نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- معلماً ومزكياً، ومبشراً ونذيراً {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّـمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْـحِكْمَةَ} [الجمعة: 2]؛ فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً»(1)؛ فالحكمة مِنْ بَعْث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعلِّم الناس، ولذا كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- كلها تربية وتعليم، مما يجعلها غنية جداً بالأساليب التربوية والتعليمية.

    ثانياً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوتي الكمـال البشري، وعُصم من الخطأ الذي يقدح في تبليغه للدعوة «فأي عاقل حريص على مرضاة ربه يخيَّر بين الاقتداء بالمعصوم، الذي يكفل له السير على صراط الله المستقيم، وبين الاقتداء بمن لا يُؤمَن عثاره، ولا تضمن استقامته على الحق ونجاته..»(2)، لقد أعطي النبي -صلى الله عليه وسلم- ـ مع أميته ـ علماً لا يدانيه فيه أحد من البشر -صلى الله عليه وسلم- {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113].

    ثالثاً: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّ بمختلف الظروف والأحوال التي يمكن أن يمر بها معلم أو مربٍّ في أي زمانٍ ومكان؛ فما من حالة يمر بها المربي أو المعلم إلا ويجدها نفسها أو مثلها أو شبهها أو قريباً منها في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-. لقد عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- الفقر والغنى، والأمن والخوف، والقوة والضعف، والنصر والهزيمة، عاش اليتم والعزوبة والزوجية والأبوة.. فكان يتعامل مع كل مرحلة وكل حالة بما يناسبها.

    لقد ساس النبي -صلى الله عليه وسلم- العرب، ودعاهم وعلَّمهم وأحسن تربيتهم؛ مع قسوة قلوبهم وخشونة أخلاقهم، وجفاء طباعهم وتنافر أمزجتهم، لقد كان حال العرب كما وصفهم جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بقوله: «كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القويُّ منا الضعيف..»(1).

    فاحتمل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما هم فيه من جفاء، وصبر منهم على الأذى، حتى كانوا خير أمـة بعد أن لم يكن لهم قيمة ولا وزن {وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [الجمعة: 2].

    إن الذي ينظر إلى الجاهلية قبل الإسلام، وكيف أنها كانت تعيش انتكاسة في الفطرة والعقيدة والأخلاق، لَيرى كم هو الدور الكبير الذي قام به النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث أحدث نقلة ضخمة في زمن قياسي. يقول «كارليل» وهو يقارن بين حال العرب قبل البعثة وبعدها: «هم قوم يضربون في الصحراء، لا يؤبه لهم عدَّة قرون؛ فلما جاءهم النبي العربي، أصبحوا قبلة الأنظار في العلوم والعرفان، وكثروا بعد القلة، وعزوا بعد الذلة، ولم يمض قرن حتى استضاءت أطراف الأرض بعقولهم وعلومهم»(2).

    رابعاً: وجود دعوات ضالة كانت ولا زالت تنادي بضرورة نقل أسلوب التعليم والتربية من الغرب العلماني أو الياباني الوثني دون نظرٍ إلى المبادئ والقيم والثوابت الشرعية. إننا قد نستفيد منهم في بعض الوسائل والطرائق ـ في توصيل المعلومة مثلاً والتي اعتمدوا فيها على تجارب ودراسات وجهود مضنية وافقوا فيها الصواب في أحيانٍ كثيرة - أما أن نأخذ ما نزاحم به ثوابتنا وقيمنا فلا يصح أن نختلف في رده والوقوف أمامه. إن من المحزن المبكي أنك تجد دول الغرب الكافر تحامي عن مبادئها، وتخشى على قيمها، بينا ترى أهل الإسلام أهل الملة الخالدة يبقون وكأن العبث بالثوابت لا يعنيهم، أوَ ليس هو شيئاً ذا بالٍ في نظرهم؟

    تنبيه: حين نريد أن نقف على المنهج النبوي الصحيح في التربية والتعليم فلا بد أن نفرق بين السمات الثابتة في حياته -صلى الله عليه وسلم-، وبين السمات التي تستدعيها حالات معينة توجب نوعية معينة من التعـامل، وإليك بعض الأمثلة توضح ذلك:

    - (الرفق واللين والرحمة) سمات ثابتة في الهدي النبوي لا تكاد تفتقدهـا وأنت تطالع السيرة؛ كيف لا وقد أنزل الله قوله ـ تعالى ـ: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

    بينما تجد - الشدة، الزجر - تكون أموراً عارضة لأحوال عارضة ناسب أن يتعامل معها النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل هذا الأسلوب.

    - مثال آخر (الجدية، والعمل) سـمة ثابتة في المنهج النبوي بينا ترى ـ المزاح، والترويح ـ وإن وُجدا في أمثلة متعددة في الســنة والســيرة النبـوية فإنهــا مــع ذلك لا تـــزال محــدودةً لا تستدعي تحويل المنهج التربوي إلى منهجٍ هزلي هزيل يعتمد على الفكاهـة واللعب.

    إن المتأمل في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرته يرى كثرة الوسائل والأساليب التي انتهجها -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه للأمة وتربيته لها، وإن الإحاطة بكل ذلك قد لا يكون ممكناً ولا مناسباً في مثل هذه العجالة، ولكني أقف مع بعض هذه الأساليب النبوية التي أرى الحاجة ماسة إلى التنبيه عليها:

    ■ أولاً: الحفاوة والترحيب وحسن الاستقبال:

    أحياناً نتعامل مع المتعلم والمدعو والمتربي على أننا أصحاب منَّةٍ عليه وتفضل، ولذا نرى أنه لا حاجة إلى القيام بشيء من الترحيب والحفاوة وحسن الاستقبال، بل قد نعتبر مجرد قبولنا له كافياً في الإكرام، وربما يشعر الأب والمربي أياً كان أن الحق له؛ فهو يطالب المتربي به. والحقيقة أن للأب والمربي حقاً كبيراً، لكن هذا الحق لن يتحقق إلا حين يُعرف الولد والمتربي بذلك ويغرس في قلبه إكرام أهل الفضل من خلال أساليب تربوية مشوقة وخطوات يقوم بها الأب والمربي.

    ولقد كان من يقابل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو لأول وهلة يجد عنده من الحفاوة والترحيب وحسن الاستقبال ما يجعل النفوس تنجذب إليه وتأنس بحديثه.

    جاء صفوان بن عسال ـ رضي الله عنه ـ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! إني جئت أطلب العلم. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مرحباً بطالب العلم؛ إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم على بعض حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب...»(1)، كيف سيكون أثر هذا الترحيب وتلك الحفاوة في نفس صفوان، هل تراه يزهد في طلب العلم بعد ذلك؟ في بعض الأحيان يأتـي الطالب ليشـارك في حلقة قـرآن أو منشط خيري فيقابـل بشــيء مــن البـرود (.. لا بأس، اجلس مع زملائك..) دون أن يسمع كلمة ترحيب، بل ربما استُقبل بعارضة من الشروط المشددة (شروط القبول) والتي ربما جعلته يعود أدراجه. إن مما يُذكر فيُشكر أن بعض دور التعليم والمناشط الخيرية ربما جعلت حفل استقبال وترحيب بالأعضاء الجدد ذا أثر كبير في بعث الرغبة في النفوس.

    - وعن أبي رفاعة ـ رضي الله عنه ـ قال: «انتهيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب، قال: فقلت: يا رسول الله! رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسول الله ( وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأُتي بكرسيٍّ حسبت قوائمه حديداً. قال: فقعد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها»(2).

    عجيب والله! يوقف الخطبة، ويجلس للمتعلم! أي تكريم فوق هذا وأي حفاوة، وكم سيصنع هذا الأسلوب من رغبة في نفس المتعلم والطالب!! هل نستطيع نحن المعلمين أو المربين أن نقوم عن وجبة الإفطار ـ في المدرسة مثلاً ـ لنجيب الطالب عن مسألته؟ وحين يقطع علينا المتربي لذة النوم باتصال هاتفي لحل مشكلة، أو إجابة عن سؤال هل سيجد الترحيب منا وطيب النفس؟

    - ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستقبل الوفود ويحسن وفادتهم، ويتخذ لذلك لباساً خاصاً وخطيباً يخطب بين يديه إشعاراً منه بمزيد الاهتمام بهم؛ فلما أتى وفد عبد القيس رحب بهم -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «مرحباً بالقوم غير خزايا ولا ندامى..»(3)، ولما قدم الأشعريون أهل اليمن قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أتاكم أهل اليمن هم أرقُّ أفئدة، وألين قلوباً، الإيمان يمان، والحكمة يمانية»(4)، وروي في وفادة وائل بن حجر ـ رضي الله عنه ـ على النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشر به أصحابه قبل قدومه، فقال: يأتيكم بقية أبناء الملوك. فلما دخل رحب به، وأدناه من نفسه وقرب مجلسه وبسط له رداءه، وقال: اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده»(5). وقدم وفد عبس على النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانوا تسعة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنا عاشــركم. وعقد لهــم لــواءً وجعل شــعارهم «يا عشرة»(6). إن القلم ليعجز عن التعبير عن جمال هذا الخُلُق وأثره في النفوس، ولو أردنا أن نقف مع كل موقف من هذه المواقف لنتأمل فيه ونقف على الأثر الذي يحدثه في النفوس لطال بنا ذلك، وفيما ذكرنا كفاية.

    ■ ثانياً: الرفق والرحمة وحسن التأني:

    {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

    لقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الرفق سبباً من أسباب الكمال والنجاح؛ فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»(7). وفي حديث جرير بن عبد الله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حُرِمَ الرفق حُرِمَ الخير»(8).

    على هذه القاعدة العظيمة في التعامل (الرفق والرحمة) كان تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه؛ فعن أبي هريرة ـ رضي اله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالـد أُعَلِّمُكُم؛ فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها...»(9)، فتأمل كيف ابتدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الأسلوب اللطيف في التعليم، وكم سيكون له من أثر في نفس السامع..!!

    وعن مالك بن الحويرث ـ رضي الله عنه ـ قال: أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رحيماً رفيقاً؛ فلما ظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا، سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلِّموهم»(10) الحديث. إن هذه الرحمة من النبي -صلى الله عليه وسلم- بهؤلاء الشباب فيها التوجيه إلى ضرورة مراعاة طبائع النفوس، الشيء الذي قد يغفل عنه بعض المربين بحجة (الجدية والحزم) فربما كلفوا النفوس ما لا تطيق، وحَمَلوها على ما يسبب لها الانقطاع.

    وتتأكد الحاجة إلى الرفق والرحمة عند وقوع الخطأ غير المتعمد؛ لأن النفوس أحياناً قد يستثيرها الخطأ فتنسى التعامل معه بالرحمة والرفق، وتميل بقوةٍ إلى الردع والتأديب؛ فعن معاوية بن الحكم السلمي ـ رضي الله عنه ـ قال: «بينا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ عطس رجُلٌ من القوم، فقلت: رحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكل أمِّيَاه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم؛ فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منــه؛ فوالله ما نهــرني ولا ضــربني، ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن»(11).

    وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء أعرابي، فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما قضى بوله أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذَنوب من ماء فأُهريق عليه»(1)، وفي رواية: فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر؛ إنما هي لذكر الله ـ عزَّ وجل ـ والصلاة وقراءة القرآن»(2).

    تأمل هذا الموقف لو وقع في مسجد حيِّك، لو أن ـ رضيعاً ـ بال في مصلى النساء فكم ستتابع على أمه كلمات التعنيف وربما السب، وسيكون ذلك حديث جماعة المسجد، وأهل الحي أياماً.

    إن التعامل بالرفق والرحمة يورث النفس نوعاً من الطمأنينة والهدوء، ويجعل تَفَهُّم المشكلة والتعامل معها أكثر نجاحاً وتحقيقاً للأهداف بخلاف ما لو صَحِب ذلك نوعٌ من التوتر.

    ■ ثالثاً: الثناء والتشجيع:

    الثناء والتشجيع وتسليط الضوء على مكامن الكمال في النفس البشرية والإشادة بها منهج نبوي كريم، يراد منه بعث النفس على الزيادة، وإثارة النفوس الأخرى نحو الإبداع والمنافسة، وهو مشروط بأن يكون حقاً، وأن يُؤمَن جانب الممدوح، وأن يكون بالقدر الذي يحقق الهدف.

    - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: يا رسول الله! مَنْ أسعد الناس يوم القيامة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك، لِـمَا رأيت من حرصك على الحديث....»(3).

    - وعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء أهل نجران إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا رسول الله! ابعث إلينا رجلاً أميناً، فقال: لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حقَّ أمينٍ، حق أمين. قال: فاستشرف لها الناس، قال فبعث أبا عبيدة بن الجراح «وفي رواية» فأخذ بيد أبي عبيدة فقال: «هذا أمين هذه الأمة»(4).

    - وعن أُبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال -صلى الله عليه وسلم-: «أبا المنذر! أي آية معك من كتاب الله أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: أبا المنذر! أي آية معك من كتاب الله أعظم؟ قال: قلت {اللَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الْـحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] قال: فضرب صدري، وقال: لِيَهْنَ لك يا أبا المنذر العلم»(5).

    - وعن أبي أيوب ـ رضي الله عنه ـ أن أعرابياً عرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، ثم قال: يا رسول الله! أو يا محمد! أخبرني بما يقربني من الجنة وما يباعدني من النار. قال: فكفَّ النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم نظر في أصحابه، ثم قال: «لقد ـ وُفِّق أو لقد هُدي» ثم يُقبل عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول: كيف قلتَ؟...الحديث»(6)، انظر كم في هذه الأحاديث من تشجيع واهتمام ومزيد رعاية وعناية.

    كم يبعث التشجيع في نفس المتعلم من حب للعلم، وكم يساعد في تسارع خطوات التربية نحو الأمام، وذلك على عكس ما يأتي به كثرة التأنيب والعتاب واللوم، أو السكوت عن الثناء عند كل نجاح وتفوق.

    والثناء والتشجيع قد يستفاد منه في تدعيم سلوك معين أو التوجيه إلى عمل مهم يحسن اكتسابه.

    - عند الإمام مسلم(7) من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ في الرؤيا التي رآها فقصها على أخته حفصة ـ رضي الله عنها ـ فقصتها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل». فيا ترى ما أثر ثناء النبي -صلى الله عليه وسلم- على ابن عمر ـ رضي الله عنــه؟ (قال سالم: فـكان عبد الله، بعـد ذلك، لا ينام من الليل إلا قليلاً).

    - وفي قصة سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ في (ذي القرد) لما رجعوا قافلين إلى المدينة بعد أن أبلى سلمة ـ رضي الله عنه ـ بلاءً حسناً، ثم ناموا في الطريق. قال سلمة ـ رضي الله عنه ـ: فلما أصبحنا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا: سلمة. قال: ثم أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل، فجمعهما لي جميعاً، ثم أردفني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على العضباء راجعين إلى المدينة»(8)، تأمل هذه الحادثة، وكم فيها من الثناء والتشجيع وتقدير الكفاءات؛ ففي قوله: «وخير رجالتنا سلمة» إعلان للتكريم أمام مجمع من الصحابة. ثم إن في إعطائه سهمين مكافأة أيضاً وتقديراً لجهوده، ثم في إرداف النبي -صلى الله عليه وسلم- له على الدابة زيادة في التكريم والتقدير له، ولك أن تتصور مقدار التكريم حين يُركبك القائد معه في مركبته الخاصة تسير بصحبته أمام الناس ـ كم سيضاعف هذا الثناء والتقدير من نشاطٍ في نفس سلمة أو أبي قتادة رضي الله عنهما، بل كم سيحرك في نفوس الآخرين حين يكون المدح في محله!

    إن كثيراً من القدرات، وكثيراً من أصحاب الكفاءات يصابون بالضمور، بل ربما يموتون وتمــوت مواهبهــم وقدراتهـم؛ لأنهـم لا يجدون من يدفعهم بكلمة ثناء، أو يرفعهم بعبارة تشجيع.

    إننا حين نثني على أصحاب القدرات لسنا نحفظ ونضمن جهـد المجتهـد منهـم فحسب، بل إننا نحــرك نفــوســاً ربمــا لا يحركها أسلوب آخر.......!!

    ■ رابعاً: التدرج ومراعـاة الحال:

    حين نرجع إلى المعنى اللغوي للتربية نجد أن من معانيها النمو والزيادة، ومنه أيضاً التدرج (فالتربية جهود تراكمية، يرفد بعضها، بعضاً والزمن واضح في قولهم: تربى، وتنشأ، وتثقف؛ فالتنشئة والتغذية والتثقيف لا تكون أبداً طفرة ومـرة واحدة، وإنما تتم على مراحل متتالية...)(1)؛ وذلك لأن (للجوانب التي تتطلب التـربية والإصلاح في النفس البشرية من الاتساع والتعدد والتنوع ما يجعلهــا في وقتٍ وجهدٍ أمراً عسيراً ومتعذراً)(2).

    ثم إن المتربين والمتعلمين ليسوا على درجة واحدة من الفهم والإدراك، ولا على درجة واحدة في الحرص والرغبة.

    وقد كان التشريع الذي نزل من عند الحكيم الخبير، يرعى التدرج وتمرين الناس على قبول الشرائع وترويضهم عليها؛ حيث خوطب الناس ابتداءً بالأهم فالأهم، فكان التأكيد أولاً على تحقيق التوحيد، حتى إذا استقرت نفوسهم أمروا بالفرائض ثم سائر الشرائع والأحكام. تقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصَّل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر؛ لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل: لا تزنوا؛ لقالوا: لا ندع الزنا أبداً..» الحديث(3).

    وكذا كان المنهج النبوي في التربية والتعليم يقوم على التدرج ومراعاة الحال.

    - روى ابن ماجه عن جندب بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: «كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن فتيـان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن، فازددنـا به إيماناً»(4). كم نستعجل أحياناً في تعليم القرآن (حفظه) للأبناء والتلاميذ قبل تثبيت الإيمان في نفوسهم، كم رأينا ممن قارب إتمام القرآن حفظاً فانقطع وتغير سلوكه؛ لأن بناء الإيمان لم يتزامن مع الحفظ، إني بهذا الكلام أؤكـد دور التربـية والبنـاء الإيمانـي، ولا أقلل من أهمية الحفظ.

    - وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذاً إلى اليمن قال: إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؛ فإن هم أطاعوا ذلك فأعلمهم أن الله افترض..... الحديث»(5).

    - وإن من التدرج ومراعاة الحال في التربية والتعليم عدم تقديم ما حقه التأخير، وأن يُخَصَّ بالعلم أناسٌ دون غيرهم مراعاةً للفهوم وتقديراً للمصالح. روى البخاري في صحيحه قال: (باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا) وذكر تحته حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ذُكِر لي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: «من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة» قال: ألا أبشر الناس؟ قال: لا؛ إني أخاف أن يتكلوا»(6).

    قال العيني ـ رحمه الله ـ: (وفي الحديث بيان وجوب أن يُخَصَّ بالعلـم الدقيــق قـومٌ فيهـم الضبط وصحـة الفهـم، وأن لا يُبذل لمن لا يستأهله من الطلبة ومن يخاف عليه الترخص والاتكال لتقصير فهمه)(7).

    وروى البخاري(8) في صحيحه عن علي بن أبي طالب معلقاً قال: حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. وروى مسلم(9)، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: «ما أنت محدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة».

    إن عملية التعليم والتربية ليست عملية استعراض يستعرض فيها المربي أو المعلم معلوماته، إنما هي صياغة متكاملة تحتاج في أولها إلى الأسس والمبادئ التي تصح بها النهايات وتكتمل، وكما قال شيخ الإسلام: (صحة البدايات تمام النهايات).

    وهكذا كانت طريقة الربانيين الذين امتدحهم الله فقال: {وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّـمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79]. قال البخاري: قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ: (الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره).

    - ومما يدخل في مراعاة حال المتعلم أو المتربي إعطاء كل مرحلة ما يناسبها من العلم والتربية فـ (إن لكل مرحلة عمرية درجة من النضج، يصعب تجاوزها، كما أن لها مشكلات لا يمكن حلها إلا على نحو جزئي، ولذا فإن العجلة هي العدو الأول للتربية..هناك جوانب عديدة في شخصياتنا، لا ينضجها إلا الزمن..)(10) وكان ابن سيرين يقول:

    إنك إن كلفتني ما لم أطق

    ساءك ما سرك مني من خلق

    إن بعض المربين قد يعمد في بعض المراحل العمرية إلى زيادة الجرعة وهذا أحياناً قد يحدث شيئاً من التشوه التربوي {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].

    ■ خامساً: الاستفادة من الأحداث:

    كل يوم تطلع فيه الشمس تتجدد أحداث وتمر حوادث، وعلى المعلم اللبيب والمربي الحكيم أن يفيد من هذه الحوادث والأحداث في توجيه التعليم وتأكيد التربية كما هو حال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-:

    - روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بالسوق، داخلاً من بعض العالية(11)، والناس كَنَفتيه (أي جانبيه) فمرَّ بجَدْيٍ ميت أسك(12)، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ قالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله! لو كان حيّاً كان هذا أسك، فكيف وهو ميت؟! فقال: فوالله! للدنيا أهون على الله من هذا عليكم»(1). كم يتكرر علينا مثل هذا الحادث أو قريباً منه ثم لا نوليه أدنى اهتمام.

    - وعن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- سَبْيٌ؛ فإذا بامرأة من السبي تبتغي، إذا وجدت صبياً في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟ قلنا: لا، والله! وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لَلَّهُ أرحم بعباده من هذه بولدها»(2).

    كان يمكن أن يذهب هذا الحديث دون تعليق، لكن النبي الحكيم -صلى الله عليه وسلم- أفاد منه أي إفادة؛ وهكذا ينبغي لنا، وحين نطيل التأمل في مثل هذا الحادث فإننا سنجد فيه فرصة للإفادة في جوانب أخرى؛ فكما أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه إلى سعة رحمة الله؛ فإننا نجد فيه فرصة للتذكير بحق الوالدين، وتقلُّب الدنيا بأهلها؛ إلى غير ذلك.

    وعن جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: «كنا جلوساً ليلة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته؛ فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، فافعلوا»(3).

    كم نرى القمر ليلة البدر؟ كم نراه ونحن مع أولادنا أو مع طلابنا، ثم لا نجد فرصةً أن نُذَكِّر برؤية المؤمنين لربهم في الجنة؟ وكم يمكن أن نفيد من رؤية القمر مثلاً بالتذكير بالصلاة وعظمتها، وأنها نور (والصلاة نور) والتذكير بقيمة الجمال ومحبة الناس له؟ ولن نعدم توجيهاً لو أعملنا أذهاننا.

    وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: «أُهديتْ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حُلَّةُ حرير، فجعل أصحابه يلمسونها ويعجبون من لينها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: أتعجبون من لين هذه؟ لَـمَناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين»(4).

    قد يقول قائل: إن هذا خبرُ غيبٍ جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بطريق الوحي وليس لنا إلى ذلك سبيل، فنقول: نعم! ولكن لنا سبل أخرى، فنستطيع أن نُذَكِّر عند جمال الدنيا وحسنها بنعيم الجنة، وبنار الدنيا وعذابها عذاب الآخرة: «ناركم هذه التي يوقِد ابن آدم، جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم»(5).

    وقد كان هذا من طريقة بعض السلف رحمهم الله: كان حممة ـ رضي الله عنه ـ صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهرم بن حيان ـ رحمه الله ـ يصطحبان أحياناً بالنهار، فيأتيان سوق الريحان، فيسألان الله الجنة ويدعوان، ثم يأتيان الحدادين فيتعوذان من النار، ثم يتفرقان إلى منازلهما»(6).

    كثيراً ما نجلس ونحن نحيط بالنار نستدفئ أو نصنع طعاماً؛ فكم يمكن أن نستفيد من هذا الحادث؟ يمكن أن نقول للمتربين: أرأيتم النار كيف تلتهم الحطب؟ كذلك الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. ويمكن أن نقول ونحن نحس بالدفء إن هناك من المسلمين من يتقلب في العراء لا يجد له بيتاً يُكِِنُّه، ولا ناراً يستدفئ بها.

    إن الحادث الواحد قد يكون فيه فرص للتوجيه في جوانب عدة. نعم! قد لا يكون من المناسب أحياناً استعراض جميع جوانب العبرة في الحادث، لكن علينا أن نأخذ منه أنفع وألصق شيء بالحال.

    إن أي حادث يجري فإنه يمكن أن يفاد منه في التربية (والمربي البارع لا يترك الأحداث تذهب سُدى بغير عبرة وبغير توجيه. وإنما يستغلها لتربية النفوس وصقلها وتهذيبها. ومزية الأحداث على غيرها من وسائل التربية أنها تُحدِث في النفس حاله خاصة هي أقرب للانصهار. إن الحادثة تثير النفس بكاملها، وترسل منها قدراً من حرارة التفاعل والانفعال يكفي لصهرها أحياناََ، أو الوصول بها إلى قرب الانصهار... والمثل يقول: اضرب والحديد ساخن؛ لأن الضرب حينئذ يسهِّل الطرق والتشكيل)(7).

    وإن ما تمر به الأمة اليوم من حوادث وفتنٍ متتابعة ليعتبر من جهة أخرى فرصة لصياغة الشخصية المسلمة صياغة جادة ثابتة مثمرة، وأكبر شاهد على ذلك الجيل الفريد الذي رباه النبي -صلى الله عليه وسلم- في خضم الحوادث والمحن قبل الهجرة في مكة وكذا بعد الهجرة في الحوادث التي زاغت بها الأبصار؛ ففي مثل تلك الأوضاغ الشديدة (كانت الشخصية المسلمة تصاغ. ويوماً بعد يوم، وحدثاً بعد حدث، كانت هذه الشخصية تنضج وتنمو وتتضح سماتها...)(8).

    وحين نطالب بالاستفادة من الأحداث فلسنا بذلك نريد التعنت والتكلف في توجيهها، بل نلفت النظر إلى أسلوب ناجع من أساليب التربية النبوية.

    ■ سادساً: التبسط وإزالة الحواجز:

    النفوس البشرية ضعيفة تحوي في داخلها مشاعر وعواطف، يجذبها المعروف، وتحب الأنس والتواضع، وتكره التعالي والتكلف، وتأنف الجفاء والعبوس وتقطيب الجبين. والتبسط وإزالة الحواجز بين المربي والمتربي كفيل بإيجاد بيئة مطمئنة تساعد في تسارع التعليم، وتطور التربية، واتساع مساحتها بشكل واضح، والناظر في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- يجد ذلك واضحاً، ويرى الأثر الكبير الذي يحدثه هذا الأسلوب في النفوس.

    - كان الرجل يأتي إلى مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحجبه عنه بوابون يقول جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ: «ما حجبني رسول الله منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي»(1). وكان -صلى الله عليه وسلم- ربما أتاه الرجل لا يعرفه وقد أخذه الفزع يظن أنه يقدِم على الملوك، فيهون النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه ذلك؛ فعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: «أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل فكلَّمه فجعل ترتعد فرائصه فقال له -صلى الله عليه وسلم-: هوِّن عليك؛ فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد»(2).

    بل لقد كثر توارد الناس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «حتى كان آخر حياته يصلي جالساً لمَّا حطمه الناس»(3). إن الناس لو كانوا يجدون وحشةً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكونو يأتونه بهذه الجرأة ولا بهذه الكثرة. وحين يكون الوصول إلى المعلم أو المربي من الصعوبة بمكان فإن حلقات من التربية والتعليم في حياة المتعلم والمتربي ستكون مفقودة لصعوبة الاتصال.

    إن الناظر في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرته يرى صوراً كثيرةً من تبسُّطه -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه مع كثرة أشغاله وجدية حياته، إنه مع ذلك يجد فرصة للمزاح معهم ومخالطتهم والدخول في أحاديثهم واستشارتهم وتسليتهم ومواساتهم. وإليك شيئاً من هديه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك:

    - عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ قال في خطبة له: «إنَّا والله قد صحبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير»(4).

    - وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: «إنْ كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخالطنا حتى يقول لأخٍ لي صغير: «يا أبا عمير! ما فعل النغير؟»(5).

    - روى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج بالناس قبل غزوة تبوك؛ فلما أن أصبح صلى بالناس صلاة الصبح، ثم إن الناس ركبوا؛ فلما أن طلعت الشمس نعس الناس على أثر الدلجة، ولزم معاذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتلو أثره... ثم إن رسول الله كشف عنه قِناعه، فالتفت فإذا ليس من الجيش رجلٌ أدنى إليه مـن مُعـاذ فنـاداه، فقـال: يا معـاذ! قال: لبيـك يا نبي الله! قال: أُذْنُ، دُونَكَ! فدنا منه حتى لَصِقت راحلتاهما إحداهما بالأخرى. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما كنت أحسب الناس مِنَّا كمكانهم من البُعد، فقال معاذ: يا نبي الله! نعس الناس، فتفرقت بهم ركابهم ترتع وتسير، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأنا كنت ناعساً. فلما رأى معاذ بُشرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلوته له قال: يا رسول الله! ائذن لي أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني! فقال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: سلني عمّا شئت.... الحديث(6). بالتأكيد إن هذا السؤال عند معاذ كان حبيساً في نفسه منذ زمن، حتى إذا رأى انبساط النبي -صلى الله عليه وسلم- ورأى البِشْر في محياه استدعاه ذلك إلى سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكم في نفوس أبنائنا وطلابنا من أسئلة وإشكالات ومشاكل لو وَجَدت نفساً بسيطة وقريبة لا يجد المتربي أو المتعلم أدنى كُلفة في التعامل معها، أو نفساً منبسطة تجذب الناس إليها، وحين لا يجد المتربون والمتعلمون هذه النفوس فلا شك أنهم سيبحثون عن نفوس أخرى!

    - وعن سِماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ: كنت تجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم! كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر جلس في مصلاّه حتى تطلع الشمس، فيتحدث أصحابه يذكرون الجاهلية، ينشدون الشعر ويضحكون، ويبتسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(7).

    - عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: « كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أفكه الناس»(8).

    قال مرعي بن يوسف الكرمي ـ رحمه الله ـ في كلامه عن المزاح: (.. اعلم أيدك الله، أنه لا بأس بالمزاح الخالي عن سفساف الأمور وعن مخالطة السفلة ومزاحمتهم، بل بين الإخــوان أهــل الصفــاء بما لا أذى فيـه ولا ضــرر، ولا غيبــة ولا شَيْن في عرض أو دين، بل ربما لو قيل: يُندب، لم يبعُد، إذا كان قاصداً به حسن العُشرة والتواضع للإخوان، والانبساط معهم، ورفع الحشمة بينهم، من غير استهزاء أو إخلال بمروءةٍ أو استنقاص بأحد منهم)(9).

    أفد طبعك المكدود بالجد راحةً

    يجـم وعلِّله بشيء من المـزح

    ولكن إذا أعطيتـه المزح فليكن

    بمقدار ما تعطي الطعام من الملح

    - وحين ندعو إلى الانبساط وإزالـة الحواجز مع المتعلم أو المتربي فلسنا نقصد بذلك أن يذوب المربي في شخصية المتربي، أو يذوب المعلم في شخصية المتعلم. مع العلم أن الذوبان وذهاب المهابة لا يقع إلا حين يتخلى المعلم أو المربي عن شخصيته الحقيقية ودوره الحقيقي، وعندها يتحول هذا الأسلوب (الانبساط وإزالة الحواجز) عن كونه سبباً لتحقيق أهداف التربية والتعليم إلى كونه شهوةً ورغبةً وإيناساً للنفس وموافقة للطبع لا غير.

    ■ سابعاً: الإقناع:

    الأصل أن يربى الناس على التسليم للأوامر بالفعل وللنواهي بالترك، لكن بعض النفوس أحياناً قد تكون شاردة تعيش حالة من التصميم حتى ولو كانت على خطأ، ولا يوقظ هذه النفوس إلا شيء من الإقناع، بردِّها للجادة، وتأكيد معاني الخير فيها.

    - روى البخاري(1) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! وُلِدَ لي غلام أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم! قال: ما لونها؟ قال حمر. قال: هل فيها من أوْرق؟ قال: نعم! قال: فأنَّى ذلك؟ قال: نزعه عرق. قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرق». والملاحظ هنا في الإقناع النبوي الاستفادة من البيئة المحيطة، وكذا الاستفادة من البدهيات التي يؤمن بها المحاوَر، وهذا في حد ذاته من مؤكدات الإقناع.

    - أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: إن شاباً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! ائذن لي بالزنا. فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ! فقال: ادنه! فدنا منه قريباً. قال: فجلس. قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا، والله! جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا، والله! يا رسول الله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا، والله! جعلني الله فداءك قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا، والله! جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا، والله! جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه؛ فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء»(2).

    إن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث لم يكتفِ بدرجةٍ قليلة من الإقناع، بل مارس معه تأكيد الإقناع ـ إن صح التعبير ـ وكان يكفي قوله: أتحبه لأمك، لكنه عدد محارمه زيادة في الإقناع، ودلالة على أن ما قد يأتي من النساء لا تخلو أن تكون أماً لأحدٍ أو بنتاً أو عمة أو خالة.

    وفي المسند عن أبي حذيفة عن عدي بن حاتم سمعه يقول: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يا عدي! أسلم تسلم» قلت: إني من أهل دين. قال: «أنا أعلم بدينك منك» فقلت: أنت اعلم بديني مني؟! قال: «نعم! ألست من الرَّكوسية، وأنت تأكل مرباع قومك؟» قلت: بلى! قال: «فإن ذلك لا يحل لك في دينك» قال: فلم يعْدُ أن قالها فتواضعت لها، قال: «أما إني أعلم ما الذي يمنعك عن الإسلام، تقول: إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العـرب؛ أتعرف الحِيـرة؟ قلت: لم أرهـا وقــد سـمعت بها، قال: فوَ الذي نفسي بيده! ليُتِمَّنَ اللهُ هذا الأمرَ حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولتُفتحَن كنوز كسرى بن هرمز» قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: نعم! كسرى بن هرمز، وليُبذلن المال حتى لا يقبله أحد»(3) الحديث.

    تأمل قوله -صلى الله عليه وسلم- «أنا أعلم بدينك منك» فهو يحمل إشارة إلى أن من يقوم بالإقناع ينبغي أن يكون واسع المعارف كبير الفهم. وتأمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام..» فيه إزالة الموانع وتفتيت الحواجز ودحض الشبهات التي تقف أحياناً كثيرة أمام رقي المتعلم والمتربي.

    - وعند البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: أخذ الحسين بن علي ـ رضي الله عنه ـ تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه فقال -صلى الله عليه وسلم-: «كِخْ، كِخْ» ليطرحها، ثم قال: «أما شعرتَ أنَّا لا نأكل الصدقة؟»(4).

    يا ترى كم كان عمر الحسين بن علي ـ رضي الله عنه ـ وقتئذ؟ لقد مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمر الحسين لم يجاوز الثامنة؛ ومع ذلك خاطبه -صلى الله عليه وسلم- خطاب الكبار، ومارس معه الإقناع؛ فكأنه يقول له: أنا لم أخرجها من فمك شُحّاً أو طمعاً أو أن فيها ضرراً عليك ـ لا.. إن السبب أنَّا لا نأكل الصدقة.

    حين تجد مع ابنك صورة محرمة أو تجد عليه لباساً بعيداً عن روح الإسلام؛ فإن جلسة إقناع تؤكد فيها شخصية المسلم وتميُّزه كافية في التغيير بإذن الله، وعلى أقل تقدير كافية في هز القناعات السابقة وزعزعتها، وهذا سيجعل فرصة التخلي عنها في المستقبل أكبر.

    هذه بعض الأساليب النبوية في التربية والتعليم أحببت الإشارة إليها والوقوف معها لما لها من أثر في بناء النفس، وكلي أمل أن أكون أسهمت من خلال هذه الكتابة في تدعيم لبنات الإصلاح المنشود.

    والله أعلم وهو يهدي السبيل


    ..{ ●●●●●●●●●●●●●●




    ~×{أريج الأحمدي .●. رابع رياض أطفال .●. ..~

    ردحذف
  57. 1 - التربية بالقصة:

    إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى} وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : { واقصص القصص لعلهم يتفكرون } ولهذا فقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب .
    شاب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه ـ يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبي صلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه فيقول رضي الله عنه :أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: « لقد كان كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله » [رواه البخاري (3852]
    وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي صلى الله عليه وسلم قصة من القصص، فمن ذلك: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود... وغيرها كثير.

    2 - التربية بالموعظة:

    للموعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم يغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه وهو ابن مسعود -رضي الله عنه-:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» [رواه البخاري ( 68 ]
    ويحكي أحد أصحابه وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ » [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)] وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولاً ، وألا تكون بصفة دائمة .
    عن أبي وائل قال كان عبدالله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا [رواه البخاري (70) ومسلم (2821) ]

    3 - الجمع بين الترغيب والترهيب:

    النفس البشرية فيها إقبال وإدبار، وفيها شرّة وفترة، ومن ثم كان المنهج التربوي الإسلامي يتعامل مع هذه النفس بكل هذه الاعتبارات، ومن ذلك الجمع بين الترغيب والترهيب، والرجاء والخوف.
    عن أنس -رضي الله عنه- قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط:«قال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً» قال: فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين [رواه البخاري (4621) ومسلم () ].
    ومن أحاديث الرجاء والترغيب ما حدث به أبو ذر -رضي الله عنه- قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فقال:«ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:«وإن زنى وإن سرق» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:«وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر» وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر [رواه البخاري (5827) ومسلم (94) ].
    وعن هريرة -رضي الله عنه- قال كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزعنا فقمنا فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار فدرت به هل أجد له بابا فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة -والربيع الجدول- فاحتفزت كما يحتفز الثعلب فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أبو هريرة؟» فقلت: نعم يارسول الله، قال:«ما شأنك؟» قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي، فقال:«يا أبا هريرة» -وأعطاني نعليه- قال:«اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة»…الحديث. [رواه مسلم (31) ] والمتأمل في الواقع يلحظ أننا كثيراً ما نعتني بالترهيب ونركز عليه، وهو أمر مطلوب والنفوس تحتاج إليه، لكن لابد أن يضاف لذلك الترغيب، من خلال الترغيب في نعيم الجنة وثوابها، وسعادة الدنيا لمن استقام على طاعة الله، وذكر محاسن الإسلام وأثر تطبيقه على الناس، وقد استخدم القرآن الكريم هذا المسلك فقال تعالى:{ ولو أن أهل القرى …} {ولو أنهم أقاموا التوراة …}

    4 - الإقناع العقلي:

    عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مه مه، فقال: «ادنه» فدنا منه قريباً قال: فجلس قال : « أتحبه لأمك ؟ » قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: « ولا الناس يحبونه لأمهاتهم» قال: «أفتحبه لابنتك؟» قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم» قال: «أفتحبه لأختك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم» قال:«أفتحبه لعمتك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم» قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم» قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه» فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء [رواه أحمد ] .
    إن هذا الشاب قد جاء والغريزة تتوقد في نفسه، مما يدفعه إلى أن يكسر حاجز الحياء، ويخاطب النبي صلى الله عليه وسلم علناً أمام أصحابه، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم المربي المعلم لديه جانباً لم يدركه فيه أصحابه فما هو؟
    لقد جاء هذا الشاب يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان قليل الورع عديم الديانة لم ير أنه بحاجة للاستئذان بل كان يمارس ما يريد سراً، فأدرك صلى الله عليه وسلم هذا الجانب الخير فيه، فما ذا كانت النتيجة : «فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء»

    5 - استخدام الحوار والنقاش:

    وخير مثال على ذلك موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأنصار في غزوة حنين بعد قسمته للغنائم، فقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وترك الأنصار، فبلغه أنهم وجدوا في أنفسهم، فدعاهم صلى الله عليه وسلم ، وكان بينهم وبينه هذا الحوار الذي يرويه عبدالله بن زيد -رضي الله عنه- فيقول: لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: »يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟« كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن، قال: »ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟« قال كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن قال:» لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض« [رواه البخاري (4330) ومسلم (1061) ] ففي هذا الموقف استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الحوار معهم، فوجه لهم سؤالاً وانتظر منهم الإجابة، بل حين لم يجيبوا لقنهم الإجابة قائلاً : (ولو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدقتم …) .

    6 - الإغلاظ والعقوبة:

    وقد يُغلظ صلى الله عليه وسلم على من وقع في خطأ أو يعاقبه:
    فعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً من يومئذ فقال:» أيها الناس إنكم منفرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة« [رواه البخاري (90) ومسلم (466) ].
    وعن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن اللقطة فقال:»اعرف وكاءها -أو قال: وعاءها وعفاصها- ثم عرفها سنة، ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه« قال: فضالة الإبل؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه -أو قال احمر وجهه- فقال:» وما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وترعى الشجر فذرها حتى يلقاها ربها« قال: فضالة الغنم؟ قال:» لك أو لأخيك أو للذئب« [رواه البخاري (90) ومسلم (1722) ].
    وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه على هذين الحديثين » باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى مايكره«.
    وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال:»يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده« فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . [رواه مسلم (2090) ]
    عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت ما منعه إلا الكبر قال فما رفعها إلى فيه [رواه مسلم (2021)]
    إلا أن ذلك لم يكن هديه الراتب صلى الله عليه وسلم فقد كان الرفق هو الهدي الراتب له صلى الله عليه وسلم ، لكن حين يقتضي المقام الإغلاظ يغلظ صلى الله عليه وسلم

    ومن الأدلة على ذلك:
    1- أن الله سبحانه وتعالى وصفه بالرفق واللين أو بما يؤدي إلى ذلك قال تعالى {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} فوصفه باللين وقال تعالى : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} ولا أدل على وصفه عليه الصلاة والسلام من وصف الله له فهو العليم به سبحانه .
    2- وصف أصحابه له :
    فقد وصفه معاوية بن الحكم -رضي الله عنه- بقوله :فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني [رواه مسلم (537) ].
    3- أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالرفق فهو القدوة في ذلك وهو الذي نزل عليه {لم تقولون مالاتفعلون} فهو أقرب الناس الى تطبيقه وامتثاله، وحينما أرسل معاذاً وأبا موسى إلى اليمن قال لهما : »يسرا ولاتعسرا وبشرا ولاتنفرا« [رواه البخاري (3038) ومسلم (1733) ] .
    4- ثناؤه صلى الله عليه وسلم على الرفق، ومن ذلك في قوله:»ماكان الرفق في شيئ إلا زانه ولانزع من شيئ إلا شانه« وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة :»إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله« رواه البخاري (6024) ومسلم (2165) ] وفي رواية:»إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه« [رواه مسلم (2593) ].
    وفي حديث جرير -رضي الله عنه- »من يحرم الرفق يحرم الخير« [رواه مسلم (2592) ] ويعطي على الرفق مالايعطي على العنف ) .
    5- سيرته العملية في التعامل مع أصحابه فقد كان متمثلاً الرفق في كل شيئ ومن ذلك :
    أ) قصة الأعرابي الذي بال في المسجد والقصة مشهورة.
    ب) قصة عباد بن شرحبيل - رضي الله عنه - يرويها فيقول: أصابنا عام مخمصة فأتيت المدينة فأتيت حائطا من حيطانها فأخذت سنبلا ففركته وأكلته وجعلته في كسائي، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال للرجل:» ما أطعمته إذ كان جائعا -أو ساغبا- ولا علمته إذ كان جاهلا« فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فرد إليه ثوبه وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق [رواه أحمد (16067) وأبو داود (2620) وابن ماجه (2298)].
    ج)قصة سلمة بن صخر الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان، فرقا من أن أصيب منها في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري فقلت انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري فقالوا: لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، قال: فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، قال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، قال:» أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، وها أنا ذا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك، قال:» أعتق رقبة« قال: فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق لا أملك غيرها، قال:» صم شهرين« قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام؟ قال:» فأطعم ستين مسكينا« قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ما لنا عشاء، قال:» اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك« قال فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إلي [رواه أحمد (23188) وأبو داود (2213) والترمذي () وابن ماجه (2062].

    7 - الهجر:

    واستعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب الهجر في موقف مشهور في السيرة، حين تخلف كعب بن مالك -رضي الله عنه- وأصحابه عن غزوة تبوك، فهجرهم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لايكلمهم أحد أكثر من شهر حتى تاب الله تبارك وتعالى عليهم.
    إلا أن استخدام هذا الأسلوب لم يكن هدياً دائماً له صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أن رجلاً كان يشرب الخمر وكان يضحك النبي صلى الله عليه وسلم … والمناط في ذلك هو تحقيقه للمصلحة، فمتى كان الهجر مصلحة وردع للمهجور شرع ذلك وإن كان فيه مفسدة وصد له حرم هجره .

    8 - استخدام التوجيه غير المباشر:

    ويتمثل التوجيه غير المباشر في أمور منها:
    أ - كونه صلى الله عليه وسلم يقول مابال أقوام، دون أن يخصص أحداً بعينه، ومن ذلك قوله في قصة بريرة فعن عائشة -رضي الله عنها- فقالت أتتها بريرة تسألها في كتابتها فقالت إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي فلما جاء رسول الله صلى اللهم عليه وسلم ذكرته ذلك قال النبي صلى اللهم عليه وسلم ابتاعيها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق ثم قام رسول الله صلى اللهم عليه وسلم على المنبر فقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة شرط [رواه البخاري (2735) ومسلم () ]
    وحديث أنس -رضي الله عنه- أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش فحمد الله وأثنى عليه فقال :«ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» [رواه البخاري (1401)].
    ب - وأحياناً يثني على صفة في الشخص ويحثه على عمل بطريقة غير مباشرة، ومن ذلك مارواه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاماً أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر فقال لي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي بالليل» قال سالم: فكان عبدالله لا ينام من الليل إلا قليلاً [رواه البخاري (3738-3739].
    ج - وأحياناً يأمر أصحابه بما يريد قوله للرجل، عن أنس بن مالك أن رجلا دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قلما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه فلما خرج قال:» لو أمرتم هذا أن يغسل هذا عنه« [رواه أبو داود (4182)]
    د - وأحياناً يخاطب غيره وهو يسمع، عن سليمان بن صرد قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم :« إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: إني لست بمجنون [رواه البخاري (6115) ومسلم (2610)]

    9 - استثمار المواقف والفرص:

    عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع أصحابه يوماً وإذا بامرأة من السبي تبحث عن ولدها فلما وجدته ضمته فقال صلى الله عليه وسلم :«أترون هذه طارحة ولدها في النار» قالوا: لا، قال:«والله لايلقي حبيبه في النار؟» [رواه البخاري ( 5999) ومسلم ( 2754 ).].
    فلا يستوي أثر المعاني حين تربط بصور محسوسة، مع عرضها في صورة مجردة جافة.
    إن المواقف تستثير مشاعر جياشة في النفس، فحين يستثمر هذا الموقف يقع التعليم موقعه المناسب، ويبقى الحدث وما صاحبه من توجيه وتعليم صورة منقوشة في الذاكرة، تستعصي على النسيان.
    والمواقف متنوعة فقد يكون الموقف موقف حزن وخوف فيستخدم في الوعظ، كما في وعظه صلى الله عليه وسلم أصحابه عند القبر.
    عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى اللهم عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رءوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا… ثم ذكر الحديث الطويل في وصف عذاب القبر وقتنته. [رواه ابو داوود (4753)]
    ب ـ وقد يكون وقد يكون موقف مصيبة إذا أمر حل بالإنسان، فيستثمر ذلك في ربطه بالله تبارك وتعالى.
    عن زيد بن أرقم قال أصابني رمد فعادني النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فلما برأت خرجت، قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :« أرأيت لو كانت عيناك لما بهما ما كنت صانعاً؟» قال: قلت: لو كانتا عيناي لما بهما صبرت واحتسبت، قال:«لو كانت عيناك لما بهما ثم صبرت واحتسبت للقيت الله عز وجل ولا ذنب لك» [رواه أحمد]
    بل إن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم مثل هذا الموقف لتقرير قضية مهمة لها شأنها وأثرها كما فعل حين دعائه للمريض بهذا الدعاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا جاء الرجل يعود مريضا قال: اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدوا ويمشي لك إلى الصلاة» [رواه أحمد (6564)]
    إنه يوصي المسلم بعظم مهمته وشأنه وعلو دوره في الحياة، فهو بين أن يتقدم بعبادة خالصة لله ، أو يساهم في نصرة دين الله والذب عنه .
    ج ـ وقد يكون الموقف ظاهرة كونية مجردة، لكنه صلى الله عليه وسلم يستثمره ليربطه بهذا المعنى عن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال:«إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ثم قرأ {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [رواه البخاري (554) ومسلم]
    دـ وقد يكون الموقف مثيراً، يستثير العاطفة والمشاعر كما في حديث أنس السابق في قصة المرأة .

    10 - التشجيع والثناء:

    سأله أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ يوماً :من أسعد الناس بشفاعتك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم «لقد ظننت أن لايسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث» [رواه البخاري ( 99 ) ]. فتخيل معي أخي القاريء موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه الشهادة من أستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه وسلم .بحرصه على العلم، بل وتفوقه على الكثير من أقرانه. وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعاً لمزيد من الحرص والاجتهاد والعناية.
    وحين سأل أبيَ بن كعب: «أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟» فقال أبي:آية الكرسي. قال له صلى الله عليه وسلم «ليهنك العلم أبا المنذر» [رواه مسلم ( 810 ) وأحمد ( 5/142 )] ".
    إن الأمر قد لايعدو كلمة ثناء، أو عبارة تشجيع، تنقل الطالب مواقع ومراتب في سلم الحرص والاجتهاد. والنفس أياً كان شأنها تميل إلى الرغبة في الشعور بالإنجاز. ويدفعها ثناء الناس
    مريم سيدي محمد رابعة رياض أطفال

    ردحذف
  58. أسلوب الإقناع

    جاء في مسند الإمام أحمد : (( أن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالو: مه، مه ، فقال: أدنه، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال : أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لبناتهم؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، .... قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء )) .

    ففي هذا الأثر طلب الشاب من الرسول صلى الله عليه وسلم الرخصة بالزنا وركوب الفواحش بأسلوب صريح منفّر. ولكن تأمل معي أخي الحبيب إلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الشاب وتعامله معه . كان موقفه صلى الله عليه وسلم موقفاً حكيماً، ومعلماً بارعاً؛ حيث عالج هذه المشكلة بهدوء وروية، فلم ينهره صلى الله عليه وسلم ولم يعنفه، بل طلب منه أن يدنو ويُقْبل عليه، في حين أن بعض الصحابة قد زجروه، كما في الحديث (( فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه )) ، ثم بدأ معلم الخير في إقناع الفتى باستعمال الحوار العقلي والموازنة بين الحقائق الفطرية في الناس. حيث قال : (( أتحبه لأمك ؟ )) (( أفتحبه لابنتك؟)) (( أفتحبه لعمتك؟ )) إلخ ... ومن البدهي أن يكون الجواب : لا؛ لأن نفس المرء تأنف أن يتعرض أحد على قرابته بالأذى.

    وهذه المبادرة النبوية بأسلوب الإقناع الفكري ولّدت في نفس الشاب القناعة، وعلمّته مقاصد الشريعة وحِكَِمِها من تحريم هذا الفعل الشنيع، وإلا كان من الممكن أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : هذا حرام، ولا يجوز، وينكر عليه، ويسرد له من أدلة القرآن الكريم على تحريم الزنا، ولكن تبقى قضية القناعة لا تأخذ حقها في النفس .

    ثم ازدان مع هذا الحوار النبوي الجميل والمقنع أن تلطف الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الشاب حيث وضع يده الشريفة على صدر الشاب، ودعا له بالمغفرة والطهر ... وهذا الدعاء النبوي الكريم بمثابة العلاج لشهوات النفس لدى الشاب ، فكانت ثمرة هذا الحوار والعلاج النبوي كما في الأثر: (( فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء )) .

    وفيما سبق درس دعوي تربوي للدعاة والمربين بأن يأخذوا أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته للأمة، من الإقناع الفكري ، والتلطف بالمتربين، والدعاء لهم بالبركة والخير والمغفرة .



    ومن الأساليب التعليمية النبوية
    تعتبر طُرق التعليم من الصفات المهنية التي يلزم أن تتوفر في المعلم الجيد، ويحسن استخدامها أثناء عرض المادة العلمية، بحيث يكون المعلم على دراية كافية باستخدام طرق التعليم المتنوعة.

    وإن المتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجدها حافلة بطرق تعليمية متنوعة تُمثل قمة الروعة الأدبية وذروة البلاغة البشرية. وقد استخدم صلى الله عليه وسلم هذه الطرق بصورة رائعة محققة للغرض، ألا وهو تعليم أصحابه أمور الدين، وتربيتهم على الأخلاق والقيم السامية الرفيعة. وكان استخدامه صلى الله عليه وسلم لها تبعاً لمقتضيات الظروف والمواقف التعليمية المختلفة.

    ولا شك أن التعدد والتنوع من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في استخدام طرق التعليم والتربية يهدف إلى تسهيل العلم على المتعلمين، وتيسير المعلومة لهم؛ ليتسنى لهم الفهم على الوجه الأكمل والصحيح؛ لذا قال صلى الله عليه وسلم ((يسرا ولا تُعسرا، وبشرا ولا تنفرا )).

    وكان عليه الصلاة والسلام يهدف إلى مراعاة حال المتعلمين كما ورد عن علي رضي الله عنه في البخاري موقوفاً (( حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله )) ،وعن ابن مسعود (( ما أنت بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلا كان لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً )).

    لذا كان لزاماً على المعلمين كلٌ في تخصصه أن يقتدوا بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك، وأن يتمكنوا من طرق التدريس للعلوم المختلفة، وأن يكونوا ماهرين فيها، بحيث يؤدونها كما يجب، ويستخدمونها الاستخدام الأمثل . ولقد نبه الرسول صلى الله عليه وسلم على المهارة كما في قوله (( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة)) وفي حديث آخر أكد صلى الله عليه وسلم ضرورة الإتقان في العمل، فقال: (( إن الله يُحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)) وإذا لم تتوفر المهارة فلن يكون هناك إتقان. فالمعلم ليس ملقّناً للعلوم فحسب، بل هو معلم ومربّ ومتقن ...

    وإليك أيها القارئ العزيز هذه النماذج من طرق التعليم التي استخدمها المعلم الأول صلى الله عليه وسلم :

    أولاً/ طريقة الإلقاء والمحاضرة : وتقوم هذه الطريقة على أساس أن المعلم هو الذي يلقي المعلومة والمتعلمين يتلقونها بهدف الإفادة وحسب النمو العقلي. ويتحمل المعلم العبء الأكبر في التعليم. ولهذه الطريقة أمثلة متعددة في السنة النبوية : منها ماروى جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه في صفة خطبة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم - إذ إن الخطبة نوع من أنواع الإلقاء – حيث يقول واصفا إياها : (( إذا خطب صلى الله عليه وسلم احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم مساكم ويقول : ((بعثت أنا والساعة كهاتين ، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى. ويقو ل: (( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة . ثم يقول : أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، من ترك مالاً فلأهله ، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعليَّ )) . فنجد في هذا الحديث أن الرسول استخدم مهارات الإلقاء ، حيث استعمل الإشارات الحسية بأصابعه، واللغة الجسدية بتغيير لون وجهه ، كما رفع صوته ليسمع عنه المستمع وينتبه لكلامه؛ فكان إلقاؤه أوقع في النفوس.

    ثانياً / طريقة التدرج في التعليم : ومن ذلك ما روى بن عباس رضي الله عنهما (( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال له (( إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )) فالرسول أمر معاذاً أن يتدرج في دعوته وتعليمه لأولئك القوم، فيدعوهم إلى التوحيد أولاً ثم يُعلمهم بقية شرائع الدين بالتدريج.

    وعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال (( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة ، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً )) فانظر إلى هذا التدرج في العملية التعليمية من النبي صلى الله عليه وسلم .

    منقول من www.propheteducation.com

    وشكراا للاستاذه على جهودها
    سمر البلوي
    رابعه رياض اطفال
    رقم الكشف105

    ردحذف
  59. اسلوب الحوار والمناقشة:
    (( تختلف عقول الناس ومداركهم من حيث الفهم وسرعة الاستجابة ، ويختلف الناس من حيث الانقياد والتسليم لشرع الله ، أمره ونهيه ، فمنهم من لا يأخذ بالدليل إلا إذا ظهرت له الحكمة من ذلك ، ومنهم من يكفيه الدليل ويقف عنده )) .
    والحوار والإقناع استخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ، من ذلك :
    ما رواه أنس قال : قال أُناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أفاء من أموال هوازن ، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً المائة ناقة فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم قال أنس : فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم ، فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ما حديث بلغني عنكم ؟ )) فقال فقهاء الأنصار : أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئاً ، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( فإني أعطي رجالاً حديثي عهدٍ بكفر أتألفهم ، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي إلى رحالكم ، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به )) قالوا : يارسول الله ، قد رضينا )) . ]البخـاري [ .
    وفي هذا الأسلوب تبرز قوة النبي صلى الله عليه وسلم في الحوار ، وإثارة العواطف ، والتأنيب والا سترضاء ، فا قتنع الصحابة أيما اقتناع مما جعلهم يبكون ويرضون برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحظاً .. كما جاءت به بعض روايات الحديث .
    ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ، وُلِد لي غلام أسود ، فقال : (( هل لك من إبل ؟ )) قال : نعم . قال : (( ما لونها ؟ )) قال : حمر . قال : (( هل فيها اورق ؟ )) قال : نعم . قال : (( فأنى ذلك ؟ )) قال : نزعة عرق . قال : (( فلعل ابنك نزعة )) .
    فالرسول صلى الله عليه وسلم بيّن للرجل بأسلوب عقلي سهل وميسور ، وحاوره وضرب له مثالاً من بعض ما يملكه هذا الرجل ليكون أقرب إلى فهمه .
    وعن ابن عباس أن أمراءة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها ؟ قال : (( نعم ، حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنت قاضيته ؟ )) قالت : نعم . قال : (( فاقضوا الذي له ، فإن الله أحق بالقضاء )) ]مسلم [ .
    فالرسول صلى الله عليه وسلم استخدم أسلوب المحاورة مع هذه المرأة ليضمن وصول المعلومة إلى ذهنها ، وكان بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجيب بكلمة نعم وينتهي الامر ، ولكنه أراد صلى الله عليه وسلم من هذه السائلة الاستجابة المبنية على الفهم والا قتناع التام .
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أتدرون من المفلس ؟ )) قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : (( المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أٌخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طُرح في النار )) .]مسلم [
    وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يستخدم هذا المنهج إيقاظاً لانتباه صحابته ، وتحريكاً لعقولهم ، حتى يستقبلوا هديه وتعاليمه بنفوس عطاش ، وقلوب ظماء ، فيستقر فيها أثبت استقرار ويعلق بها علوق الروح بالأجسام ))
    وفي قصة الشاب الذي استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزنا يتجلى لنا الأسلوب النبوي العظيم في محاورة الشاب ومناقشته وإقناعه ، وسوف نوردها في مبحث قادم حول أسلوب الرسول في معالجة أخطاء الناشئة إن شاء الله .
    وبعد ، فإن هذه الطريقة تدريب للمتلقي على التفكير وتشجيعه على المناقشة ، وتعويده على العطاء والمشاركة وإبداء الرأي



    الاسم : راجحه ايمن المطلق
    القسم : لغة عربية وعلوم اجتماعية
    الفرقة : الرابعه
    الشعبه : أ

    ردحذف
  60. نوال مرزوق
    رابع عربي ج

    يقول :

    بســم الله الـرحمــن الرحيــم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إن مستوى التعليم في زماننا لم يضعف ولم يهتزّ بنيانه إلا حينما قصرناه على جوانب محدودة فقط. إن التعليم ليس مقصورًا على مدرسة تفتح ثم تغلق ثم تفتح، إنّ الحياة كلها مجال للتعليم، البيت مدرسة، الأب مدرسة، الأم مدرسة، المسجد مدرسة، السوق مدرسة، كل واحدٍ من الناس مدرسة في أخلاقه وتصرفاته. لما بنيت المدارس ـ وأول ما بينت ببغداد ـ قال علماء ذلك العصر: "اليوم ينعَى العلم ويودِّعه أهله".

    لا ريب أن مهمة النبي والرسول إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [الجمعة:2].

    {كما أرسلنا فيكم رسول منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقرة:151].

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً)) رواه مسلم من حديث بن جابر

    قول معاوية بن الحكم: ((ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه ( فما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وما مات حتى علم الناس كل شيء،

    روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: لقد تركنا محمد وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا عنه علمًا.

    وأساليبه صلى الله عليه و سلم في الخطاب التربوي والتعليم، رحمة للمتعلمين، رحمة لكل من يستمع إليه ..
    فتراه صلى الله عليه و سلم وهو يحدث الناس، يمهد لحديثه ليفهموه، ويكرر المعلومة ويوكدها ليعقلوها، ويضرب الأمثلة ليصل المعنى إلى السامعين، ويتخولهم بالموعظة مخافة الملل، ويرسم بيده على الأرض، ويستخدم أصابعه ممثلاً...كل هذا رفقًا ورحمة بالمستمعين والمتعلمين .

    وممالاريب أن شمائل النبي صلى الله عليه و سلم وأخلاقه العظيمة من الكثرة بمكان، ونعرض هنا للشمائل التي يحتاجها كل معلم يود أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في أداء مهمته التعليمية والتربوية.


    أولا:- الحرص: -


    {لقد جاءكم رسول أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة:128].

    بيته مدرسة، ولهذا كان الصحابة إذا اختلفوا في أمر ذهبوا إلى بيوت النبي يسألون زوجاته عن عمله في بيته.

    كان يعلم الناس وهو واقف على ناقته، يقول عبد الله بن عمرو بن العاص: لقد رأيت النبي وهو واقف على ناقته في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فما سئل عن شيء قدِّم ولا أخِّر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) رواه البخاري.

    عباد الله، لقد كان لا يدع فرصةً للتعليم إلا اغتنمها، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كنت يومًا خلف النبي على الدابة، فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك..)) الحديث رواه الترمذي.

    ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كان النبيّ على حمار، وكان معاذ رديفه، فقال: ((يا معاذ بن جبل))، فقال معاذ: لبيك يا رسول الله وسعديك ـ ثلاثًا ـ، ثم قال: ((ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صِدقًا من قلبه إلا حرمه الله على النار)) متفق عليه.

    ((يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي))] .رواه مسلم من حديث ابا ذر


    ثانياً - الرفق واللطف في التوجيه:- :-


    ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)) ،

    وفي مسلم: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا شانه ولا ينزع من شيء إلا شانه))

    ومن رفقه ما ذكره أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: ((يا بنيّ))

    يقول أنس خادم النبي صلى الله عليه وسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن خُلقاً فأرسلني يوماً لحاجة، فقلت: لا والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم. فخرجت حتى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي. قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أُنيس أذهبت حيث أمرتك؟ قال قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله).

    وفي قصة معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمته معاوية وهو يصلي يقول: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه مالكم تنظرون إليّ.؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت. فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه .

    وقام أعرابي فبال في المسجد ((فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)) رواه البخارى


    ثالثاً:-التواضع:-


    مما ينبغي على المعلم أن يتواضع لطلابه، فيرعى حال ضعيفهم، وقد يخصه بمزيد بيان وشرح ووقت.

    قال أبو رفاعة انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب قال، فقلت: يا رسول الله: رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: (( فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديداً، قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته، فأتم آخرها)) رواه مسلم من حديث ابى رفاعة

    وعن أنس بن مالك: ((أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك))، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها.

    وقد يرضى صلى الله عليه وسلم من ضعيفهم ما لا يرضى من قويهم.

    لما وفد عليه ضمام بن ثعلبة دعاه وذكر له فرائض الإسلام فقال ضمام: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح إن صدق)) رواه البخارى من حديث طلمة بن العبد


    رابعا:- التريث في الإجابة عن السؤال، وترك القول بلا علم.


    أ - {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كان عنه مسؤولاً}.[الإسراء 36]

    ب - سأل جابر بن عبد الله النبي فقال: ((يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث)) رواه البخارى من حديث جابر ،ونحوه رواه مسلم

    ج - جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي البلدان شر؟ فقال: ((لا أدري حتى أسأل ربي، فلما أتاه جبريل عليه السلام قال: يا جبريل أي البلدان شر؟. . .)) رواه أحمد فى المسند من حديث جبير بن المطعم

    ردحذف
  61. بسم الله الرحمن الرحيم
    من اساليب التربية التي كان يتبعها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -وصحبه الكرام:
    أولاً: التربية بالملاحظة:
    تعد هذه التربية أساساً جسَّده النبي _صلى الله عليه وسلم_ في ملاحظته لأفراد المجتمع تلك الملاحظة التي يعقبها التوجيه الرشيد، والمقصود بالتربية بالملاحظة ملاحقة الولد وملازمته في التكوين العقيدي والأخلاقي، ومراقبته وملاحظته في الإعداد النفسي والاجتماعي، والسؤال المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسمية وتحصيله العلمي، وهذا يعني أن الملاحظة لا بد أن تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية.
    ويجب الحذر من أن تتحول الملاحظة إلى تجسس، فمن الخطأ أن نفتش غرفة الولد المميز ونحاسبه على هفوة نجدها؛ لأنه لن يثق بعد ذلك بالمربي، وسيشعر أنه شخص غير موثوق به، وقد يلجأ إلى إخفاء كثير من الأشياء عند أصدقائه أو معارفه، ولم يكن هذا هدي النبي _صلى الله عليه وسلم_ في تربيته لأبنائه وأصحابه.

    كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان؛ لأن الطفل وبخاصة المميز والمراهق يحب أن تثق به وتعتمد عليه، ويحب أن يكون رقيباً على نفسه، ومسؤولاً عن تصرفاته، بعيداً عن رقابة المربي، فتتاح له تلك الفرصة باعتدال.
    وعند التربية بالملاحظة يجد المربي الأخطاء والتقصير، وعندها لا بد من المداراة التي تحقق المطلوب دون إثارة أو إساءة إلى الطفل، والمداراة هي الرفق في التعليم وفي الأمر والنهي، بل إن التجاهل أحياناً يعد الأسلوب الأمثل في مواجهة تصرفات الطفل التي يستفز بها المربي، وبخاصة عندما يكون عمر الطفل بين السنة والنصف والسنة الثالثة، حيث يميل الطفل إلى جذب الانتباه واستفزاز الوالدين والإخوة، فلا بد عندها من التجاهل؛ لأن إثارة الضجة قد تؤدي إلى تشبثه بذلك الخطأ، كما أنه لا بد من التسامح أحياناً؛ لأن المحاسبة الشديدة لها أضرارها التربوية والنفسية.

    ثانياً: التربية بالعادة:
    المبحث الأول: أصول التربية بالعادة:
    الأصل في التربية بالعادة حديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ في شأن الصلاة؛ لأن التكرار الذي يدوم ثلاث سنوات كفيل بغرس العبادة حتى تصبح عادة راسخة في النفس، وكذلك إرشاد ابن مسعود – رضي الله عنه – حيث قال: "وعودوهم الخير، فإن الخير عادة"، وبهذا تكون التربية بالعادة ليست خاصة بالشعائر التعبدية وحدها، بل تشمل الآداب وأنماط السلوك.

    المبحث الثاني: كيفية التربية بالعادة:
    ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية.

    يبدأ تكوين العادات في سن مبكرة جداً، فالطفل في شهره السادس يبتهج بتكرار الأعمال التي تسعد من حوله، وهذا التكرار يكون العادة، ويظل هذا التكوين حتى السابعة، وعلى الأم أن تبتعد عن الدلال منذ ولادة الطفل، ففي اليوم الأول يحس الطفل بأنه محمول فيسكت، فإذا حمل دائماً صارت عادته، وكذلك إذا كانت الأم تسارع إلى حمله كلما بكى، ولتحذر الأم كذلك من إيقاظ الرضيع ليرضع؛ لأنها بذلك تنغص عليه نومه وتعوده على طلب الطعام في الليل والاستيقاظ له وإن لم يكن الجوع شديداً، وقد تستمر هذه العادة حتى سن متأخرة، فيصعب عليه تركها، ويخطئ بعض المربين إذ تعجبهم بعض الكلمات المحرمة على لسان الطفل فيضحكون منها، وقد تكون كلمة نابية، وقد يفرحون بسلوك غير حميد لكونه يحصل من الطفل الصغير، وهذا الإعجاب يكون العادة من حيث لا يشعرون.

    وترجع أهمية التربية بالعادة إلى أن حسن الخلق بمعناه الواسع يتحقق من وجهين، الأول: الطبع والفطرة، والثاني: التعود والمجاهدة، ولما كان الإنسان مجبولاً على الدين والخلق الفاضل كان تعويده عليه يرسخه ويزيده.
    ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية.

    ثالثاً: التربية بالإشارة:
    تستخدم التربية بالإشارة في بعض المواقف كأن يخطئ الطفل خطأ أمام بعض الضيوف أو في مَجْمَع كبير، أو أن يكون أول مرة يصدر منه ذلك، فعندها تصبح نظرة الغضب كافية أو الإشارة خفية باليد؛ لأن إيقاع العقوبة قد يجعل الطفل معانداً؛ لأن الناس ينظرون إليه، ولأن بعض الأطفال يخجل من الناس فتكفيه الإشارة، ويستخدم كذلك مع الطفل الأديب المرهف الحس.

    ويدخل ضمنه التعريض بالكلام، فيقال: إن طفلاً صنع كذا وكذا وعمله عمل ذميم، ولو كرر ذلك لعاقبته، وهذا الأسلوب يحفظ كرامة الطفل ويؤدب بقية أهل البيت ممن يفعل الفعل نفسه دون علم المربي.

    رابعاً: التربية بالموعظة وهدي السلف فيها:
    تعتمد الموعظة على جانبين، الأول: بيان الحق وتعرية المنكر، والثاني: إثارة الوجدان، فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه، وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها؛ لأن النفس فيها استعداد للتأثر بما يُلقى إليها، والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه.

    ومن أنواع الموعظة:
    1- الموعظة بالقصة، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه، وهو أكثر الأساليب نجاحاً.
    2- الموعظة بالحوار تشد الانتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيوياً، وتتيح للمربي أن يعرف الشبهات التي تقع في نفس الطفل فيعالجها بالحكمة.
    3- الموعظة بضرب المثل الذي يقرب المعنى ويعين على الفهم.
    4- الموعظة بالحدث، فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربوياً، كالتعليق على مشاهد الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليذكر الطفل بنعم الله، ويؤثر هذا في النفس؛ لأنه في لحظة انفعال ورِقّة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد.

    وهدي السلف في الموعظة: الإخلاص والمتابعة، فإن لم يكن المربي عاملاً بموعظته أو غير مخلص فيها فلن تفتح له القلوب، ومن هديهم مخاطبة الطفل على قدر عقله والتلطف في مخاطبته ليكون أدعى للقبول والرسوخ في نفسه، كما أنه يحسن اختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل النفسية ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس، وله أن يستغل وقت مرض الطفل؛ لأنه في تلك الحال يجمع بين رقة القلب وصفاء الفطرة، وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الأباعد فلا يحقق الفائدة.
    ويجب أن يَحْذَر المربي من كثرة الوعظ فيتخوَّل بالموعظة ويراعي الطفل حتى لا يملّ، ولأن تأثير الموعظة مؤقت فيحسن تكرارها مع تباعد الأوقات.

    خامساً: التربية بالترغيب والترهيب وضوابطها:
    الترهيب والترغيب من العوامل الأساسية لتنمية السلوك وتهذيب الأخلاق وتعزيز القيم الاجتماعية.
    المبحث الأول: الترغيب:
    ويمثل دوراً مهماً وضرورياً في المرحلة الأولى من حياة الطفل؛ لأن الأعمال التي يقوم بها لأول مرة شاقة تحتاج إلى حافز يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة، كما أن الترغيب يعلمه عادات وسلوكيات تستمر معه ويصعب عليه تركها.

    والترغيب نوعان: معنوي ومادي، ولكلٍّ درجاته فابتسامة الرضا والقبول، والتقبيل والضم، والثناء، وكافة الأعمال التي تُبهج الطفل هي ترغيبٌ في العمل.
    ويرى بعض التربويين أن تقديم الإثابة المعنوية على المادية أولى؛ حتى نرتقي بالطفل عن حب المادة، وبعضهم يرى أن تكون الإثابة من جنس العمل، فإن كان العمل مادياً نكافئه مادياً والعكس.

    وهناك ضوابط خاصة تكفل للمربي نجاحه، ومنها:
    • أن يكون الترغيب خطوة أولى يتدرج الطفل بعدها إلى الترغيب فيما عند الله من ثواب دنيوي وأخروي، فمثلاً يرغب الطفل في حسن الخلق بالمكافأة ثم يقال له: أحسن خلقك لأجل أن يحبك والدك وأمك، ثم يقال ليحبك الله ويرضى عنك، وهذا التدرج يناسب عقلية الطفل.
    • ألا تتحول المكافأة إلى شرط للعمل، ويتحقق ذلك بألا يثاب الطفل على عمل واجب كأكله وطعامه أو ترتيبه غرفته، بل تقتصر المكافأة على السلوك الجديد الصحيح، وأن تكون المكافأة دون وعد مسبق؛ لأن الوعد المسبق إذا كثر أصبح شرطاً للقيام بالعمل.
    • أن تكون بعد العمل مباشرة، في مرحلة الطفولة المبكرة، وإنجاز الوعد حتى لا يتعلم الكذب وإخلاف الوعد، وفي المرحلة المتأخرة يحسن أن نؤخر المكافأة بعد وعده ليتعلم العمل للآخرة، ولأنه ينسى تعب العمل فيفرح بالمكافأة.

    المبحث الثاني: الترهيب:
    أثبتت الدراسات الحديثة حاجة المربي إلى الترهيب، وأن الطفل الذي يتسامح معه والداه يستمر في إزعاجهما، والعقاب يصحح السلوك والأخلاق، والترهيب له درجات تبدأ بتقطيب الوجه ونظرة الغضب والعتاب وتمتد إلى المقاطعة والهجر والحبس والحرمان من الجماعة أو الحرمان المادي والضرب وهو آخر درجاتها.
    ويجدر بالمربي أن يتجنب ضرب الطفل قدر الإمكان، وإن كان لا بد منه ففي السن التي يميز فيها ويعرف مغزى العقاب وسببه.

    وللترهيب ضوابط، منها:
    • أن الخطأ إذا حدث أول مرة فلا يعاقب الطفل، بل يعلم ويوجه.
    • يجب إيقاع العقوبة بعد الخطأ مباشرة مع بيان سببها وإفهام الطفل خطأ سلوكه؛ لأنه ربما ينسى ما فعل إذا تأخرت العقوبة.
    • إذا كان خطأ الطفل ظاهراً أمام إخوانه وأهل البيت فتكون معاقبته أمامهم؛ لأن ذلك سيحقق وظيفة تربوية للأسرة كلها.
    • إذا كانت العقوبة هي الضرب فينبغي أن يسبقها التحذير والوعيد، وأن يتجنب الضرب على الرأس أو الصدر أو الوجه أو البطن، وأن تكون العصا غير غليظة، ومعتدلة الرطوبة، وأن يكون الضرب من واحدة إلى ثلاث إذا كان دون البلوغ، ويفرقها فلا تكون في محل واحد، وإن ذكر الطفل ربه واستغاث به فيجب إيقاف الضرب؛ لأنه بذلك يغرس في نفس الطفل تعظيم الله.
    • ويجب أن يتولى المربي الضرب بنفسه حتى لا يحقد بعضهم على بعض.
    • ألا يعاقبه حال الغضب؛ لأنه قد يزيد في العقاب.
    • أن يترك معاقبته إذا أصابه ألم بسبب الخطأ ويكفي بيان ذلك.
    _______________________________________
    الاسم اشواق احمد العريفج
    سارة عمر الجلعود
    -------------------
    رابع اقتصاد منزلي وتربية فنية

    ردحذف
  62. مما لا شك فيه ان الاسلام قد أتهم من الغرب بأتهامات بأنه لا يستطيع مجاراة العصر , ولا يستطيع ايجاد حلول للمشاكل المستجده , لذلك قام نفر من المسلمين للدفاع عن الاسلام عن طريق التوفيق بين النقيضين
    ( النظام الاسلامي , والنظام الرأسمالي )
    فعمدوا الى تأويل مغلوط اوجد مفاهيم ومقاييس مغلوطه
    نسبت الى الشرع .
    وكانت الغايه اظهار الاسلام بأنه قادر على مسايرة التطور ونتج عن هذا التأويل أن أخذ بها على اساس انها قواعد ومفاهيم اسلاميه
    من خلالها يفهم الاسلام ؟ مع ان الاخذ بهذه القواعدالمؤوله يعني ترك الاسلام والاخذ بالنظام الراسمالي وهذا يعني حمل افكار الكفر للمسلمين ودعوتهم لها وترك الدعوه الاسلاميه ويعني ايضاً ان كل محاوله للتوفيق هي دعوة للكفر وترك الاسلام .
    وقال القائلون من بعض المسلمين بعدد من الافكار شكلت
    قواعد فكريه لهم ابان ظهور النهضه الغربيه الفاسده في بلادنا حيث ظن هؤلاء المسلمون ان مسايرة الزمان والاستفادة من الفكر الغربي الناهض امر مطلوب اسلاميا ليبقي الاسلام على مستوى العصر .
    ومن مثل هذه الافكار على سبيل المثال لا الحصر " ان الدين مرن ومتطور " و "خذ وطالب " و "القبول بما يوافق الشرع او بما لا يخالف الشرع " و " ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرين " و " التدرج في أخذ الاسلام "و"الديموقراطية من الاسلام "و " لا ينكر تغير الاحكام بتغير الزمان والمكان"و"حيثما تكون المصلحة يكون شرع الله" وصارت هذه الافكار هي المنطلق الفكري والقواعد الفكريه لما سموه بالنهضه الاسلاميه الحديثه والتي كان من أهم روادها الماسونيه وما نقله عنها جمال الدين الافعاني وتلميذه محمد عبده والذي كان يسمى شيخ الاسلام.
    أن مثل هذا الكلام قاله اناس عن سوء نيه لكي يفصلوا المسلمين عن اسباب قوتهم ويورثوهم ضعفا يقعد بهم عن اقامة امر الله مرة ثانيه , وقاله اناس عن حسن نيه وسلامة قصد ظانين أنه البلسم الشافي لما يعانيه المسلمون من تدهور , واثر كلا من الفريقين على ارض الواقع واحد وعلى كل حال نحذر المسلمين من كيد الكفار لهذا الدين وننصحهم بالاقلاع عن مثل هذه الافكار التي أثبتت عقمها فلم تنبت خيرا ولم تبعد شرا, ففي الاسلا م ما يغني عن الاخذ من غيره وان طبيعته تفرض طريقة أخذه , فالدين الاسلامي نزل من عند الله ليعالج شؤون الحياة , وبالاجتهاد وفق قواعده الشرعيه ليكون أساسا لنهضتنا تماما كما أنطلقت من قبل .
    ولا بأس هنا من التذكير ببعض هذه القواعد والافكار الشرعيه _ نقيدا للقواعد التوفيقيه السابقه _ التي يجب ان تسيطر على اذهان المسلمين لتضبط توجههم وتعيد اتجاههم ليندفعوا للعمل بحسبها وهي من مثل " حيثما يكون الشرع تكون المصلحه وليس العكس" و " الاصل في الافعال التقيد بالحكم الشرعي " و" الاصل في الاشياء الاباحة ما لم يرد دليل التحريم" و "الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع" و " الخير هو ما ارضى الله والشر هو ما اسخط الله" و " لا حكم قبل ورود الشرع"و "من اعرض عن ذكر الله فأن له معيشة ضنكا" و " الامة الاسلامية أمة واحده من دون الناس" , " ان الاسلام لا يقر الوطنيه ولا القوميه ولا الاشتراكيه ولا الديمقراطيه" و "
    ان الاسلام طراز معين من العيش يختلف عن غيره كل الاختلاف" .
    هذا كله يقتضي منا عوداً على بدء , فأنه لا يصلح أخر هذه الامة الا بما صلح به أولها فهذه القواعد لا يستغني عنها المسلمون في حياتهم فحسب قربهم منها او بعدهم عنها يكون حالهم اما قوة أو ضعفا .
    وبعد هذا كله فما هوالتدرج الذي نحن بصدده, وماذا يشتمل وما هي مبرراته.
    ان التدرج يعني الوصول الى الحكم الشرعي المطلوب على مراحل وليس على دفعة واحده او بتعبير اخر هو المرحليه , ويعني ايضا تطبيق احكام شرعيه والسكوت عن اخرى ريثما يصل مع الوقت الى التطبيق الكامل للشرع , وهذا التدرج غير محدد بعدد معين من المراحل ويبقي للاوضاع والظروف تحديد عدد المراحل .
    ان اطلاق فكرة التدرج قد يشمل افكارا متعلقه بالعقيده كالقبول بالقول " ان الاشتراكيه من الاسلام " او " ان الديمقراطيه من الاسلام " وقد سمعتها على لسان البعض عبر التلفاز وقرأتها في كتب البعض الاخر , وقد يصل الى احكام شرعيه كأن تلبس المرأة المسلمه لباساً يصل ثوبها فيه الى ما تحت ركبتها بقليل ريثما يطبق في مرحلة لاحقة الحكم الشرعي المطلوب , وقد يتعلق بالنظام كالمطالبه بالمشاركة في الحكم , مع أنه حرام شرعاً وبحسب القائلين به , لكنها عندهم مصلحة ومطالبه ليست مقصوده لذاتها وانما للوصول الى الحكم بالاسلام الذي هو الاصل والواجب لكن في مرحلة لاحقه....... وهكذا , وقد يكون من يدعو الى التدرج من التقوى بحيث انه من حيث الالتزام لا يقبل على نفسه اي تفريط , لكنه يقبل لغيره من باب الحرص على الاخرين وحتى لا يرفضوا الدعوة الى الاسلام وأحكام شرعه فأن يكونوا على شيئ افضل من ان لا يكونوا على شيئ .
    أما الادلة التي يستند اليها القائلون بالتدرج وردها من حيث كونها مستندا واعتماد من دعا الى هذا الطرح على ما قالوا انها مبررات تؤيد فهمهم في التفكير و الدعوة ,لكنهم قد ساقوا مبرراتهم سوق الشهود على ما يريدون ولم يكونوا خاضعين للنص ودلالاته بل العكس فقد اخضعوا النص لما يريدونه ومن هذه المبرارات :

    أولا :_ القول بأن الله تعالى لم يحرم الربا دفعة واحده بل نزل تحريمه على دفعات ومراحل قال تعالى " وما آتيتم من ربا ليربوا في اموال الناس فلا يربوا عند الله ,وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون" الروم 39 وقال تعالى "لا تأكلوا اربا اضعافا مضاعفه" وقال تعالى "يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا ان كنتم مؤمنين"البقره 278وقال تعالى " واخذهم الربا وقد نهوا عنه"وقال " واحل الله البيع وحرم الربا".
    ومن مجمل هذه الايات فهم القائلون بالتدرج ان الربا كان مباحا ومن ثم نزل تحريم اكل الربا المضاعف دون القليل ثم نهي عن القليل من الربا , ثم قالوا ان تحريم الربا بدأ بالتلميح لا بالتصريح , واخيرا حرم الله الربا.
    ان الناظر في فقه هذه الايات نظرا تشريعيا صحيحا يجد ان القول بالتدرج هو ابعد ما يكون عن الصواب لما يلي :
    فالاية الاولى لا علاقه لها بالربا المحرم لا من قريب ولا من بعيد وموضوعها هو الهبة والهديه والمعنى ان من اعطى هدية او هبه يريد استردادها او ضعفها من الناس فلا يربو عند الله اي لا يثاب عليها ولا يؤجر صاحبها ولكن لا اثم عليه (نقله القرطبي) و (ابن كثير)
    بنفس المعنى وبهذا فسر ابن عباس ومجاهد وقتاده وعكرمه ومحمد بن كعب والشعبي وهذا الصنع مباح.
    وقال ابن عباس الربا رباءان (ربوان) فربا لا يصح وهو ربا البيع . وربا لا بأس به وهو هدية الرجل يريد اضعافها _انظر ايضا في تفسير الاية الكريمة تفسير الرازي وابو بكر ابن العربي في كتابه احكام القرآن ج1, وابن كثير في تفسير القرآن العظيم_. وعليه فالعلماء من فقهاء ومفسرين على ان الاية موضوعها الهبة والهديه وقد دل رسول الله عليه السلام على مشروعية الزياده في الهبه فعن ابن عباس قال "ان اعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه عليها قال : رضيت , قال لا , فزاده , قال رضيت قال لا فزاده قال رضيت قال نعم" وليست الاية في موضوع الربا المحرم . علما ان الاية مكيه ومعنى ذلك ان الايات المدنيه ستكون ناسخة لها .
    اما الاية الثانيه "لا تأكلوا الربا اضعافا مضاعفه" فقد نزلت تنهى عن اكل الربا المضاعف وهو ما كانوا عليه في الجاهليه ولا يفهم منها اكل الربا القليل في بدء الامر حتى يؤخذ منها حكم التدرج في الاحكام الشرعيه _ انظر الشوكاني في كتابه فتح القدير لجامع بين فني الروايه والدرايه في علم التفسير , السايس في كتابه تفسير ايات الاحكام _.
    وقال المفسرون ان سورة البقره هي السورة التي نزل فيها تحريم الربا وهي اول سوره نزلت في المدينه وسورة ال عمران هي التي نزل فيها النهي عن الربا المضاعف نزلت بعدها , وعليه ينفى ان الله قد اباح الربا القليل وعليه يكون ما ذكر في اية عمران ليست من قبيل التدرج بل جيء بها على اعتبار ما كانوا عليه في العاده التي اعتاد عليها الكفار في الربا , وعليه فأن حكم الربا قد نزل تحريمه في بادئ الامر .
    اما الاية الثالثه "يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا"فلا تعني انه قد سمح للمسلمين بشيء قليل من الربا ثم نهوا عنه , ذلك ان الاية نزلت في قوم اسلموا ولهم على قوم اموال من ربا كانوا اربوه عليهم فكانوا قد قبضوا بعضا منه وبقي بعضه فعفا الله عز وجل عما كانوا قبضوه وحرم عليهم ما بقي منه .
    وقيل ان الاية نزلت في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيره وكانا شريكين في الجاهلية سلفا في الربا الى اناس من ثقيف فجاء الاسلام ولهما اموال عظيمة في الربا فأنزل الله عز وجل ذروا ما بقي من الربا –من فضل كان في الجاهلية من الربا _انظر الطبري في تفسيره جامع البيان وتفسير القرطبي _ ويساند ذلك قول الله تعالى " فأن تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون".
    اما الاية الرابعه "واخذهم الربا وقد نهوا عنه واكلهم اموال الناس بالباطل" ان الربا في هذه الاية المقصود به المال الحرام من الرشوه وغيرها الذي كان يأكله اليهود كما قال تعالى "اكلون للسحت" وليس هو الربا المقصود حسب تعريف الشرع.
    وخلاصة القول فأن الربا حرام من اول تشريعه ولا يوجد ما يدل على تحريمه تدريجيا او على مراحل , وتعدد النصوص الواردة في الموضوع كان لوقائع معينه , فيبطل الاحتجاج بذلك والله أعلم.
    ثانيا : القول بأن الله عز وجل قد حرم الخمر على مراحل قال تعالى "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما" وقال تعالى " لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" وقال تعالى "انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون , انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون".
    ومن مجمل هذه الايات الكريمة فهم القائلون بالتدرج ان الخمر كان مباحا في بادئ الامر بدليل الاية الاولى ثم نزل تضييق الاباحه بالاية الثانيه ثم نهى عنه بعد هذا التضييق .
    والناظر في هذه الايات نظره تشريعيه لا يجد اي تدرج في التحريم , فالخمر لم يكن فيها حكم قبل تحريمها اي انها كانت متروكه على الاباحه ومعنى ذلك ان الشرع كان ساكتا عنها مع فعلهم لها حتى نزلت الاية الثالثه ويؤيد ذلك ما حدث مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فانها تذهب بالمال والعقل فنزلت الاية الاولى فدعي عمر رضي الله عنه فقرئت عليه , ثم قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الاية الثانيه فدعي عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الاية الثالثه فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ "فهل انتم منتهون" قال عمر :انتهينا انتهينا (رواه احمد والترمذي والنسائي وابو داوود).
    فكان الخمر متروكا على الاباحه حتى نزلت اية التحريم.
    اما الاية الثانيه فالنهي فيها منصب على الصلاة وليس الخمر فالنهي منصب على عدم الصلاة وانتم سكارى ولا يعني انه امر بعدم شرب الخمر او امر بشربها لانه اتبع بقول الله تعالى "حتى تعلموا ما تقولون" فيدل على ان النهي هو عن الصلاة حال السكر.
    ان الله سبحانه وتعالى ذم الخمر في الاية الاولى باعتبارها تجلب المضره ونهى عن الصلاة حال السكر في الاية الثانيه وحرم الخمر في الاية الثالثه وهذا لا يقال عنه تدرج اذ لم يحصل ان احدا استحل شرب الخمره بعد تحريمها اي بعد نزول اية المائده لا في عهد رسول الله عليه السلام ولا في عهد الصحابه ولا في عهد التابعين وتابعيهم , ولم تلحظ كتب الفقه لكبار علماء ومجتهدي الامه بحث التدرج في تحريم الخمر , اضف الى ذلك ان الذي يقول بالتدرج في مسألة الخمر اعتمادا على نزول اكثر من اية فيها , ولم تدل على التحريم مباشره فكانت بذمها مره على اعتبار انها تجلب مضره , ومره بالنهي عنها في الصلاة والمرة الثالثه بالتحريم مباشره فهذا كلام لا يدل على التدرج بل يدل ان فيه ناسخ ومنسوخ والذي قال بالنسخ مجاهد وقتاده وابن عباس _انظر_(تفسير الطبري وفتح القدير للشوكاني) واما معنى من انه نسخ وليس تدرجا ذلك ان الذي حصل هو نسخ لحكم سابق بحكم لاحق , وهكذا جميع الاحكام التي يفهم منها السامع انها تدرج مره بعد مره لكن الامر ليس كذلك بل هي نسخا لانه صلى الله عليه وسلم لم يرجع في الحادثة الواحده والتي لها حكمان سابق ولاحق الى الحكم الاول منها او السابق , ولم يحصل مع الصحابة والتابعين وتابعيهم كذلك فلو حصل ان احدا شرب الخمر بعد تحريمها لكانوا اقاموا عليه الحد مباشره دون النظر او القول انها تدرج ولكانوا قالوا حسب تدرج الايات دعوه يسكر ولكن لا يصلي , وهو كذلك , فلم يحصل ذلك ابدا , فكيف يكون الامر تدرجا! .
    حتى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ بالتدرج مع من اسلم من القبائل التي عرض نفسه عليها فمنهم من طلب منه ان يترك صنمهم اللات مقابل دخولهم الاسلام , ومنهم من طلب الاعفاء من الصلاة فرفض ايضا , ومنهم من قال يكون لنا الامر من بعدك(انظر دعوته للقبائل في كتب السير) فرفض كذلك ولم ياخذ بالتدرج الى ان يتسنى له الوصول الى مبتغاه بل أبى ام الاسلام كله والا فلا .
    ثالثا : القول بأن الشرع عالج احكام الرق بطريقة التدرج فهذا باطل لان الله عز وجل لم يحرم الرقيق بل اوجد منافذ له واذا عاد وجودهم فستعود احكامه مما يدل على عدم انطباق دعواهم.
    رابعا :القول بآن القرآن الكريم نزل مفرقا منجما ولم ينزل دفعة واحده مما يدل على التدرج فأن الجواب على ذلكان الله عز وجل كان ينزل الاحكام حسب الوقائع والاحداث لتثبيت القلوب عليها فنزل اول ما نزل الايمان وذكر الجنة والنار ثم الحلال والحرام ثم احكام الجهاد والسياسه وهكذا فانه وان كان تدرجا الا انه في احكام متعدده و متجدده وليس تدرجا في الحكم الواحد فلا ينطبق عليه ما يقولون , وايضا ليس فيه ما يدل اننا مخاطبون بذلك اي ذلك من شأن الله _سبحانه_وليس فيه ما يدل على انه خطاب من الشرع للعباد فلا علاقة لنا بكيفية نزوله حتى نقيس عليه .
    خامسا :لربما يقول قائل بعد كل ما تقدم ان الديانات أتت على فترات متقطعه ومتدرجه الى ان وصل القرآن الكريم الينا ليدعم فكرة التدرج فنقول ان هذا ايضا قول لا يستدل به على صحة قولهم لنفس السبب الوارد في النقطة الرابعه وان هذه الحالة تشبه حالة الناسخ والمنسوخ كذلك , فصحيح ان الديانات اتت بشكل متدرج لكن لكل ديانه احكام وشرائع تختلف عن غيرها من الديانات ذلك لقول الله تعالى "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" فلا يعتبر تدرجا بالمعنى الذي يقصدون لان كل ديانه مغايره للاخرى من حيث التشريع , كما هو الحال بالنسبة لنزول القرآن الكريم مفرقا, من ناحية اخرى ان هذا القول ناسخ ومنسوخ ذلك ان القرآن الكريم ناسخ للشرائع السالفه لقوله تعالى "وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه" وهيمنة القرآن على الكتب السالفه بمثابة نسخ للشرائع السابقه وهذا ما يدل عليه الجمهور من الفقهاء بأن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا _انظر_(شرح مختصر الروضه حيث نقله عن بعض الحنابله وبعض الاحناف ونقل عن المانعين الامدي في الاحكام وهو قول بعض الشافعية والحنفية) لذلك لا يجوز الرجوع في الاحكام الى الشرائع السابقه لانها نسخت بكتاب لاحق هو القران الكريم وبشرع لاحق هو شرع الاسلام , فلا وجود لما يعنونه بالتدرج في هذا الوجه ايضا.
    وختاما ايها الاحبة لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه كلما نزلت اية بادروا لتنفيذها دون ادنى مهلة او تأخير وكان الحكم الذي ينزل يصبح واجب التطبيق بمجرد نزوله وصار المسلمون بعد نزول قوله تعالى " اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا"مطالبين بتطبيق الاسلام كله مطالبة كليه سواء منها ما تعلق بالعقائد او العبادات او الاخلاق او المعاملات وسواء كانت هذه الاحكام تتعلق بناحية الحكم والاقتصاد ام الاجتماع ام السياسة الخارجيه في حالة السلم او في حالة الحرب.
    ان التدرج بحث مستجد املته شدة الواقع وقساوة الظروف على حد قول البعض وارادوا ان يجعلوه منهجا في التفكير لا يطال بعض الاحكام بل الدين كله , وصح حديث الرسول عليه السلام "ان من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعه وكل بدعة في النار ....." رواه الترمذي وابو داوود, وعلى الداعين له وكنصيحة للخروج من هذا المنحنى يجب عليهم خلع ثوب الضعف الذي يلبسونه وان يتصلوا بالشرع اتصال الواثق بربه المؤمن به ايمانا راسخا بانه هو الذي يدبر الامر ويغير الاوضاع ويمنح النصر لمن يستحقه حتى يواجه بهذا الايمان شدة الواقع وقساوة الاوضاع فيستعلي بأيمانه ويجعله منطلق الدعوه ومحط رحالها , وسنرى ان ذلك كله سينعكس على المدعوين تقيدا صحيحا والتزاما قويما من غير ما حاجة الى التدرج.

    الاسم الاء صالح يلداش
    اقتصاد منزلي وتربة فنية

    ردحذف
  63. بسم الله الرحمن الرحيم

    العنوان عن الانتحار والانتحاريين

    وجاءت السنة النبوية مؤكدةً لما في القرآن، ومنذرةً بالوعيد الشديد، والعذاب الأليم لمن قتل نفسه بأي مسوغ كان. ففي الصحيحين عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جُرح، فجزع، فأخذ سكيناً، فحزّ بها يده، فما انقطع الدمُ حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرّمت عليه الجنة".
    وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسه بحديدةٍ ، فحديدته في يده يتوجّأُ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن شرب سمُاً، فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن تردّى من جبل فقتل نفسه ، فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً".
    وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم :"الذي يخنُقُ نفسه، يخنقها في النار، والذي يطعُن نفسه، يطعُنُها في النار" .
    عن جابر رضي الله عنه قال: لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات. فرآه الطفيل بن عمرو في منامه. فرآه وهيئتُه حسنة. ورآه مغطياً يديه. فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. فقال: مالي أراك مغطياً يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت. فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهم ولِيَديه فاغفر).
    وهذا الحديث يدل على تحريم قتل الإنسان نفسه، وعظم عقوبته في الآخرة. كما يدل على أن من قتل نفسه غير مستحل لذلك فإنه لا يعد كافراً. ولذلك بوّب عليه النووي رحمه الله تعالى بقوله: ( باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر), ثم قال في شرح الحديث: (فيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أنّ من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها، ومات من غير توبة، فليس بكافر ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه وهذا الحديث شرح للأحاديث التي قبله الموهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر في النار).
    حرمة سفك الدماء:
    إنّ اعتداء الإنسان على غيره أشد تحريماً، وأعظم إثماً، وقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة، تحذر من ذلك تحذيراً شديداً، قال تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ" [الإسراء33]، وفي هذه الآية نهي عن قتل النفس المحرمة، مؤمنةً كانت أو معاهدةً إلا بالحق الذي يوجب قتلها مما في كتاب الله وسنة رسولهصلى الله عليه وسلم.
    وقال تعالى:"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً"[النساء92]، وقال تعالى: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" [النساء93]، ولقد قرن الله القتل بغير حق بالشرك بالله في غير ما آية في كتابه، كما في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً" [الفرقان 68/69].
    قال ابن حزم رحمه الله: (لا ذنب عند الله عز وجل بعد الشرك أعظم من شيئين، أحدهما: تعمد ترك صلاة فرض حتى يخرج وقتها. والثاني: قتل مؤمن أو مؤمنة عمداً بغير حق).
    بل لقد جعل الله قتل نفس واحدة بغير حق كقتل الناس جميعاً وإحياءها كإحياء الناس جميعاً. فقال تعالى: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً" [المائدة32].
    وأما الأحاديث في تحريم القتل ونهاية عاقبته السيئة فهي كثيرة جداً، ومنها ما يأتي:
    حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء"
    قال الشوكاني رحمه الله: (ففي هذا الحديث تغليظ أمر الدماء وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة، وذلك لعظم أمرها وشدة خطره)
    قال ابن حجر رحمه الله: (في الحديث عظم أمر الدم. فإن البداءة إنما تكون بالأهم. والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة وتفويت المصلحة. وإعدام البنية الإنسانية غاية في ذلك).
    وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يزال المؤمن في فُسْحةٍ من دينه ما لم يُصب دماً حراماً"
    وفيه أيضا قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (إنّ من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله).
    وفي سنن ابن ماجه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لزوالُ الدنيا أهونُ على الله من قتْل مؤمنٍ بغير حق"
    وفي هذا الحديث تغليظ أمر القتل وتهويل شأنه.ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد: "كلّ ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يقتل المؤمن متعمداً، أوالرجل يموت كافراً"
    وفي الصحيحين عن المقداد بن عمرو الكندي رضي الله عنه، وكان ممن شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا رسول الله أرأيت إن لقيت كافراً فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله، أأقتله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تقتله". قال: يا رسول الله، فإنّه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها. قال: "لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال".
    ومن القصص المشهورة التي تدل على شناعة أمر القتل وسوء عاقبته: قصة أسامة بن زيد رضي الله عنهما في صحيح البخاري، ولنتأمل فيها وهو يقول: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله. فكفّ عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً، قال: أقتلته بعد ما قال لا إلا الله؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم).
    ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر في تعظيم الدماء، وبيان خطرها بل أكد حرمتها، وغرس في النفوس إجلالها وتعظيمها، بمقارنتها بما أجمع المسلمون على إجلاله وتعظيمه، وهو البلد الحرام والشهر الحرام وكان ذلك في يوم مشهود، ومكان مبارك، ومجمع عظيم شهده ما يزيد على مائة ألف مسلم، حين خطب الناس يوم النحر بمنىً في حجة الوداع، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "ألا أي شهر تعلمونه أعظم حُرمة ؟ قالوا ألا شهرنا هذا. قال: ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: ألا بلدنا هذا. قال: ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: ألا يومنا هذا. قال: فإن الله تبارك وتعالى قد حرّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرْمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا. ألا هل بلغت ثلاثاً؟ كل ذلك يجيبونه: ألا نعم. قال: ويحكم، أو ويلكم! لا ترجعنّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".
    بل لقد دلّت السنة النبوية على أنّ التعدي على الحيوان بإزهاق روحه ظلماً وعدواناً، جريمة يستحق فاعلها دخول النار.
    وفي الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت امرأة النار في هرّة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعْها تأكل من خشاش الأرض", وفي رواية لهما: "عذّبت امرأة في هرة، سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار. لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".
    فإذا كانت هذه عقوبة قتل الحيوان بغير حق، فكيف بقتل الآدمي المعصوم، وكيف بالمسلم، وكيف بالتقي الصالح؟!
    تحريم دماء المعاهدين والذّميين والمستأمنين:
    يُحسن بنا قبل الحديث عن تحريم دمائهم أن نتعرف بإيجاز عن تعريف كل واحد منهم على النحو التالي:
    الذمي: هو غير المسلم من أقام بدار الإسلام إقامة دائمة بأمان مؤبّد.
    المعاهد: هو غير المسلم من غير أهل البلد المتعاقد معه كالسفراء وأصحاب القنصليات وأصحاب الشركات الاقتصادية وغيرها.
    المستأمن: هو الحربي الذي يدخل دار الإسلام بأمانٍ مؤقت لأمر.
    فهؤلاء يحرم الاعتداء كما سبق للنصوص الشرعية التالية التي منها:
    1/جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً".
    2/وفي سنن الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا من قتل نفساً معاهدة لها ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر ذمة الله فلا يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً"
    3/وفي سنن أبي داود عن أبي بكرة رضي الله عنه قال قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهداً في غير كنهه حرَّم الله عليه الجنة".
    وفي رواية للنسائي: "من قتل نفساً معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها".
    قال الشوكاني رحمه الله: (المعاهد: هو الرجل من أهل دار الحرب يدخل إلى دار الإسلام بأمان، فيحرم على المسلمين قتله بلا خلاف بين أهل الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه، ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: "وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ" [التوبة6]، وقوله: "لم يرح رائحة الجنة". بفتح الأول من يرح، وأصله راح الشيء أي وجد ريحه، ولم يرحه أي: لم يجد ريحه، ورائحة الجنة نسيمها الطيب. وهذا كناية عن عدم دخول من قتل معاهداً الجنة لأنّه إذا لم يشم نسيمها وهو يوجد من مسيرة أربعين عاماً لم يدخلها، وقوله: "فقد أخفر ذمة الله" أي: نقض عهده وغدر، فمجموع النصوص الشرعية اشتملت على تشديد الوعيد على قاتل المعاهد، لدلالتها على تخليده في النار وعدم خروجه منها وتحريم الجنة عليه، مع أنه قد وقع الخلاف بين أهل العلم في قاتل المسلم هل يخلد فيها أم يخرج عنها؟!)
    وقد أجمع العلماء قاطبة على تحريم الغدر وإذا كان هذا الوعيد الشديد في قتل آحاد المعاهدين والذمّيين والمستأمنين من غير المسلمين، فكيف بنسف بيوتهم وعماراتهم، وهدمها على رؤوسهم، وإحراق سيارتهم وتدمير ممتلكاتهم بل وقتل من في بيوتهم من النساء والصبيان وكبار السن؟، مع أنّ قتل هؤلاء من الكفار المحاربين حرام لا يجوز بإجماع العلماء فكيف بنساء المعصومين من الذميّين والمعاهدين والمستأمنين وأطفالهم؟ وهل هذا إلا غدر في العهود، ونقض للعقود، وخفر للذمم, مع ما فيها من تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وتنفير الناس من الدخول في دينه الذي أرسل به محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون رحمة للعالمين.

    تم بحمد الله

    جزيتي خيرا يااستاذتي الفاضله

    واعانك الله ووفقك

    الطالبه رنا محمد رابع اقتصاد

    ردحذف
  64. عبير الأحمدي

    رابعة رياض أطفال


    من أساليب التربية النبوية

    (أسلوب الإقناع )

    جاء في مسند الإمام أحمد : (( أن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالو: مه، مه ، فقال: أدنه، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال : أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لبناتهم؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، .... قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء )) .

    ففي هذا الأثر طلب الشاب من الرسول صلى الله عليه وسلم الرخصة بالزنا وركوب الفواحش بأسلوب صريح منفّر. ولكن تأمل معي أخي الحبيب إلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الشاب وتعامله معه . كان موقفه صلى الله عليه وسلم موقفاً حكيماً، ومعلماً بارعاً؛ حيث عالج هذه المشكلة بهدوء وروية، فلم ينهره صلى الله عليه وسلم ولم يعنفه، بل طلب منه أن يدنو ويُقْبل عليه، في حين أن بعض الصحابة قد زجروه، كما في الحديث (( فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه )) ، ثم بدأ معلم الخير في إقناع الفتى باستعمال الحوار العقلي والموازنة بين الحقائق الفطرية في الناس. حيث قال : (( أتحبه لأمك ؟ )) (( أفتحبه لابنتك؟)) (( أفتحبه لعمتك؟ )) إلخ ... ومن البدهي أن يكون الجواب : لا؛ لأن نفس المرء تأنف أن يتعرض أحد على قرابته بالأذى.

    وهذه المبادرة النبوية بأسلوب الإقناع الفكري ولّدت في نفس الشاب القناعة، وعلمّته مقاصد الشريعة وحِكَِمِها من تحريم هذا الفعل الشنيع، وإلا كان من الممكن أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : هذا حرام، ولا يجوز، وينكر عليه، ويسرد له من أدلة القرآن الكريم على تحريم الزنا، ولكن تبقى قضية القناعة لا تأخذ حقها في النفس .

    ثم ازدان مع هذا الحوار النبوي الجميل والمقنع أن تلطف الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الشاب حيث وضع يده الشريفة على صدر الشاب، ودعا له بالمغفرة والطهر ... وهذا الدعاء النبوي الكريم بمثابة العلاج لشهوات النفس لدى الشاب ، فكانت ثمرة هذا الحوار والعلاج النبوي كما في الأثر: (( فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء )) .

    وفيما سبق درس دعوي تربوي للدعاة والمربين بأن يأخذوا أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته للأمة، من الإقناع الفكري ، والتلطف بالمتربين، والدعاء لهم بالبركة والخير والمغفرة .

    ردحذف
  65. مروى السهلي

    رابعة رياض أطفال


    من أساليب التربية النبوية....

    أسلوب كيف تمدح؟؟؟

    جاء عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال : كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم .

    قال: وكنت غلاماً شاباً عزباً ، وكنت أنام في المسجد عل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ، وإذا لها قرنان كقرني - وهما الخشبتان اللتان عليهما الخطاف ، وهو الحديدة التي في جانب البكرة-، وإذا فيهما ناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار ، أعوذ بالله من النار ، أعوذ بالله من النار ، قال فلقيهما مَلَكٌ فقال لي : لم ترع. أي لا روع عليك ولا خوف.

    فقصصتها على حفصة ، فقصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((نعم الرجل عبدالله ! لو كان يصلي من الليل)) قال سالم : فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا .

    نجد في هذا الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم ابتدأ بالثناء، ثم بيان ما يجب أن يقوم به، فراعى نفسية الصحابي عبدالله بن عمر ، فاستخدم معه أسلوب المدح . وهذا الأسلوب جيد في التأثير على النفس، وتحريك الشعور نحو العمل الناجح، وإحياء الدافعية والإقبال المثابر على الوصول إلى الهدف المنشود .

    فالنفس مجبولة على حب المدح والإطراء ، ومطبوعة فيها حب الثناء العطر، فإذا تم المدح بأسلوب صحيح وفي وقته المناسب دون مبالغة ولا مجاملة ؛ وبصدق دون تدليل زائد؛ فإنه يبعث في النفس النشاط والحيوية، ويدفعها إلى الإزدياد في الخيرات والطاعات .

    وهذا ما فعله المربي العظيم والمعلم الأول صلى الله عليه وسلم ، حيث عرض هذا الأسلوب الجميل بجملة مختصرة، دون مبالغة ولا إطراء ، فقال : (( نعم الرجل عبدالله )) ثم بين صلى الله عليه وسلم الهدف من مدحه بأسلوب التعريض (( لو كان يصلي من الليل )) ، فمزج بين المدح وبيان الهدف منه، فكانت ثمرة هذا الأسلوب أن أثّر في نفسية ابن عمر رضي الله عنه ، كما وضحه سالم بقوله : فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا .

    ردحذف
  66. هيا رشيد الحربي
    رابعة رياض أطفال


    التربية بالموعظة:

    للموعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة

    صلى الله عليه وسلم يغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه

    وهو ابن مسعود -رضي الله عنه-:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا

    بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» [رواه البخاري ( 68 ]

    ويحكي أحد أصحابه وهو العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم

    النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما

    بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل:

    إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع

    والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات

    الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين

    عضوا عليها بالنواجذ » [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)]

    وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخولاً ، وألا تكون بصفة دائمة .

    عن أبي وائل قال كان عبدالله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن

    لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني

    أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة

    علينا [رواه البخاري (70) ومسلم (2821) ]

    ردحذف
  67. عهود فهد الجهني
    رابعة رياض أطفال


    الجمع بين الترغيب والترهيب

    ومن أحاديث الرجاء والترغيب ما حدث به أبو ذر -رضي الله عنه- قال أتيت النبي

    صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فقال:

    «ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» قلت: وإن زنى وإن سرق؟

    قال:«وإن زنى وإن سرق» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:

    «وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر» وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال:

    وإن رغم أنف أبي ذر [رواه البخاري (5827) ومسلم (94) ].

    وعن هريرة -رضي الله عنه- قال كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم

    معنا أبو بكر وعمر في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا

    فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزعنا فقمنا فكنت أول من فزع، فخرجت

    أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار فدرت به

    هل أجد له بابا فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة -والربيع الجدول-

    فاحتفزت كما يحتفز الثعلب فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

    فقال:«أبو هريرة؟» فقلت: نعم يارسول الله، قال:«ما شأنك؟» قلت: كنت بين أظهرنا

    فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا فكنت أول من فزع،

    فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي،

    فقال:«يا أبا هريرة» -وأعطاني نعليه- قال:«اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء

    هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة»…

    الحديث. [رواه مسلم (31) ]

    والمتأمل في الواقع يلحظ أننا كثيراً ما نعتني بالترهيب ونركز عليه، وهو أمر مطلوب

    والنفوس تحتاج إليه، لكن لابد أن يضاف لذلك الترغيب، من خلال الترغيب في نعيم

    الجنة وثوابها، وسعادة الدنيا لمن استقام على طاعة الله، وذكر محاسن الإسلام

    وأثر تطبيقه على الناس، وقد استخدم القرآن الكريم هذا المسلك فقال تعالى:

    { ولو أن أهل القرى …} {ولو أنهم أقاموا التوراة …} .

    ردحذف
  68. التربية بالقصة

    د/أمين أبو لأوي

    قال ابن منظور : ((القص :البيان والقصص بالفتح والاسم قاص وهوا لذي يروي القصة على وجهها : كأنه يتتبع معانيها وألفاظها فيعظ الناس ويخبرهم با مضى ليعتبروا .

    تعتبر القصة احد عناصر التوجيه المباشر في إطار أساليب التربية في الإسلام وتختلف القصة عن غيرها من العناصر والأساليب بكون القصة تنتهي حتماً إلى عبرة هي بمثابة موعظة تستنتج استنتاجاً وغالبا ما توصف القصة بالتشويق وسهولة الأسلوب وتسلسل الإحداث وترابطها مما يساعد على تعلق السامع بالقصة والرغبة في الوصول إلى النهاية الأمر الذي يجعل التربية بالقصة تربية مستدامة والقصة من حيث هي تتأتي على ضربين هما :



    الأول : قصة تروي أحداثاً ومواقف

    الثاني : قصة تروي حواراً وأراء

    أما القصة التي تحكي أحداثا ومواقف فكما في قول الله عز وجل :

    ((وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوت عذاب))

    ومن ذلك أيضا قصص الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام وكذا قصص الدعاة والصالحين والمجاهدين كما في قصة أصحاب الأخدود وفتية الكهف وصاحب موسى عليهما السلام والرجال المؤن الذي كتم إيمانه وغير ذلك .

    وأما القصص التى تحكي أراء ومحاورات ومناقشات فكما في قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه ومع النمرود وقصة مجادلة موسى عليه السلام عدو الله فرعون وما دار بين بني إسرائيل ونبي الله موسى عليه السلام في مسالة ذبح البقرة وغير ذلك من القصص .

    وفي كلا الضربين يقول الله عز وجل مخاطباً رسول الكريم عليه الصلاة السلام وآمراً له بتلاوة ما نزل سبحانه عليه من القصص على الناس : (( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )) وقال جل وعز (( ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد )) قائم :باق ولا تزال آثاره موجودة حصيد :عافي الأثر مندرس لا وجود له أي أن من أهل القرى من هو ذوآثار باقية ونهم ممن زالت آثاره واندست وعلى كل الأحوال فإن التربية بالقصة هو أسلوب قرآني عالج به الحق عز وجل النفوس وربى به القلوب القاسية واللينة على السواء وكان له أفضل الآثار التربوية على المسلمين منذ البعثة النبوية الزكية إلى يومنا هذا وإلى أن يقوم الناس لرب العلمين والسنة النبوية الشريفة زاخرة بالقصص الموحى بها سواء عن الأمم السابقة أو ما روى الصحابة الكرام من سيرة الرسول صلى الله علية وسلم وشأنه مع قومه ومع الناس الذين كانوا في زمنه من فرس وروم وعجم وغيرهم وهي قصص مليئة بالعبر والمواقف والدروس المستفادة بالإضافة على قصص الصحابة والسلف الكرام رضي الله عنهم هي في الواقع عبر تربوية ينبغي على المربي استخدامها في التربية كلما أتيحت له الفرصة لا ستخدامها لأن استخدام الأسلوب القصصي في التربية يتطلب توفر ظروف وأحوال معينة منها على سبيل المثال الوقت الكافي الناسب وطبيعة الهدف المراد تحقيقه ونحو ذلك فقد كانت القصة القرآنية تتلى على الكافر فما ان تنتهي إلا وهو مشير إسلامه وقد كان بعض المشركين يتسللون في الليل ويختبئون قرب الكعبة يستمعون القران الكريم من الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يصلى في الليل عند الكعبة بعد أن ينام الناس ومن طرف ما يذكر أن احد زعماء قريش بينما هو يتخافت ليأخذ مكانه ف القران الكريم من الرسول صلى الله علية وسلم حيث كان يصلى في الليل عند الكعبة بعد أن ينام الناس ومن طرف ما يذكر أن احد زعماء قريش بينما هو يتخافت ليأخذ مكانه فذا به يطأ مشركاً آخر ليس اقل وجاهة منه كان يستمع القرآن الكريم من النبي صلى الله علية وسلم فقال له :ما الذي جاء بك ؟ قال :الذي جاء بك وتجدر الإشارة إلى ذلك في مكة قبل الهجرة ومعلوم أن السور المكية ملية بالقصص بل لغالبية العظمى من قصص القرآن الكريم نزل في الفترة المكية ولذا فقد كانت تلك القصص تحرك فيهم الرغبة في الدخول في الإسلام وإن لم يسلموا ولذا فقد كان ذلك كالبذور التى تزرع في الأرض فياتي يوم تنبت فيه وتنتج وحيث إن ارتباط الناس بالغة العربية أصبح في زمننا هذا ضعيفاً واجباً على المربي ألا يكتفي بتلاوة قصص القرآن تلاوة فقط أو أن يسرد الحديث النبوي المتضمن للقصة سردأً بل ينبغي عليه أن يفسر ذلك أو أن يسرد القصة بأسلوب ميسر يناسب الفئة المستهدفة ويتلاءم مع مستوياتهم مع ضرورة تجسيد المعنى بصورة فاعلة وذلك من خلال مراعاة علامة الترقيم في القصة كالفاصلة والوقف الكامل والسكت الخفيف والعجب والاستفها م ورفع الصوت إذا اقتضى الحال وخفضه إن كان الموقف مؤلماً أومحزنا واستخدام الإشارات باليدين والأصابع وملامح الوجة وغير ذلك من الانفعالات التي تسهم إسهاما فاعلاً في تجسيد المنى وبما أن القصص ليس مقصوداً لذاته لدى المربي فلا بد من إبراز القيم والأنماط السلوكية المرغوب في تمثلها وإذا اقتضى الأمر تحليل الأحداث والمواقف ومحاكمة الأفكار والآراء فيبغي أن يصار إلى ذلك من أجل أخذ العبرة والوقف على الدروس المستفادة .

    هذا ويمكن للمربي أباً أو أماً أوجداً أو معلماً أوغير ذلك أن يصوغ كل حدث أو موقف أصبح في حكم الماضي صياغة قصصية وروايته للناشئ رواية قصصية بالتركيز على مايسميه أهل الأدب "عنصر التشويق" أو العقيدة وهنا ينبغي الحذر الشديد من الزيادة أو الكذب والإغراق في الخيال أو نحو ذلك مما يدخل في حكم الكذب وذلك لسببين هما:

    السبب الأول : ان ذلك من الكذب والكذب حرام ومعصية فعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال : دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله علية وسلم قاعد في بيتنا فقالت ها أعطيك فقال رسول الله صلى الله علية وسلم وما أردت أن تعطيه؟ قالت تمرة فقال لها رسول الله صلى الله علية وسلم ((أما إنك لم تعطيه شيئأً كتبت عليك كذبة )) ولي الكذب في التربية من المواضع التي تستثنى من التحريم حتى لو كان المستهدف بالقصة طفلاً صغيراً فعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال ((لا يصلح الكذب إلا في ثلاث كذب الرجل مع امرأته لترضى عنه أو كذب في الحرب فإن الحرب خدعة أو كذب إصلاح بين الناس )) ولهذا فإن لا يجوز اختراع القصص وروايتها على أنها حقائق لأن ذلك كذب صريح وهذا لا يصح حتى لو رواها على أنها مخترعة لأن الأحداث التي فيها لا تمثل أمراً واقعاً وبالتالي فهي كذب .



    السبب الثاني : قد يكشف الشخص أو الأشخاص المستهدفين بالقصة أن ما رواه مربيه كذباً واختراعاً وعند ذلك يحصل من المخاطر ما لا يحمد عقباه كأن يستمرأ الناشئ الكذب لأن قدوته يكذب أو قد يعتقد الناشئ أن مربيه يكذب في كل شئ فتهتز ثقته به ولا يستنصح بعد ذلك بنصيحة ولايأخذ بقوله وربما شك في كل ما يحكيه فيرجع على ماسبق أن أخذ منه فيشك فيه وإذا قيل للناشئ إن هذ القصة خيالية تروى لكذا وكذا فإن الناشئ سيشعر بأن مربيه يستخف بعقله ثم لا يتمكن من تحقيق الهدف الذي يرجو الوصول اليه مع الناشئ عند ذلك لأن الناشئ عند ذلك يفهم أن الخيال وهم وفراغ وكلاهما لا ينتج فكراً ناضجاً .

    وأما ما يسمي بقصص الأطفال فإن ماكان من الواقع وأحداثه صحيحة فأنعم به وأكرام وما كان منه خيالاً فيجب أن يشطب من حياة أطفالنا تماماً وما وجد من اراء المربين التي تقول بجواز استخدم القصص الخيالي في تربية الناشئة فهو من قبيل الاجتهاد فيما فيه نص شرعي ومعلوم أنه لا يجوز الاجتهاد في موضع النص وقد تقدم في أكثر من موضع في الكتاب أن التربية الإسلامية تستمد أحكامها من الكتاب والسنة وأنه لا يجوز أن يوجد فيها ما يخالف الدين وما كان مخالفاً لأمر عقيدي أو حكم شرعي فليس من التربية الإسلامية في شئ ولذا فإن التربية بالقصة الخيالية أسلواب ممنوع شرعاً في التربية الإسلامية وفي القصص الواقعية مندوحة عن الوهم والخيال والكذب .
    ريم خييشان الجهني
    رابعه رياض أطفال ( 88 )

    ردحذف
  69. مواقف تربوية من السيرة النبوية

    1 ـ الشاب الذي يطلب الزنا :
    هذا حوار جرى بين الرسول عليه الصلاة و السلام و أحد الشباب :
    قال الشاب : يا رسول الله إذن لي بالزنا
    قال الرسول عليه الصلاة و السلام : هل ترضه لامك
    قال الشاب : لا
    قال الرسول عليه الصلاة و السلام : فالناس لا ترضاه لأمهاتهم
    قال الرسول عليه الصلاة و السلام : هل ترضاه لأختك
    قال الشاب : لا
    قال الرسول عليه الصلاة و السلام : الناس لا ترضاه لأخواتهم
    قال الرسول عليه الصلاة و السلام : هل ترضاه لعمتك
    قال الشاب : لا
    قال الناس : لا ترضاه لعماتهم
    و هكذا عدد الرسول عليه الصلاة و السلام أقارب الشاب هل يرض أن يزني بهم أحد و الشاب يكرر لا و الرسول عليه الصلاة و السلام يقول إذا الناس لا ترض لمحارمها
    و في نهاية الحديث وضع الرسول عليه الصلاة و السلام يده على صدر الشاب و دعا له فكان الشاب من خيرت الشباب

    **************

    هذا الموقف التربوي من الرسول عليه الصلاة و السلام لم ينهر الشاب ولم يتهمه بالانحراف في سلوكه أو يتكلم عليه بكلام جارح و يطرده من مجلسه لان الشئ الذي طلبه شئ محرم الكل يعرفه ، بل كلامة بلطف و بحوار مقنع و بلغة يفهمها هذا الشاب و عبارة كله رفق و حنان ، و في النهاية دعا له




    مواقف تربوية من السيرة النبوية

    2 ـ السارق الذي يطلب الواسطة :
    في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام سرقة امرأة من بني مخزوم و كانت من أسره له قدرها و مكانتها بين قبائل العرب و ذات نسب و حسب فكأن الصحابة استصعبوا قطع يد امرأة من أسياد العرب و من أكابر القبائل فتشاورا فيمن يكلم فيها الرسول عليه الصلاة و السلام و ليعفو عنها 0
    فأرسلوا أسامة بن زيد لمعرفة الصحابة مكانة زيد عند الرسول عليه الصلاة و السلام
    فكلم أسامة بن زيد الرسول عليه الصلاة و السلام في الأمر
    فغضب الرسول عليه الصلاة و السلام غضب شديد و قال : تشفع في حد من حدود الله ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يديها 0
    إنما اهلك الذين من قبلكم انه إذ سرق الضعيف أقاموا عليه الحد و إذ سرق القوى تركوه

    **************

    هذا الموقف التربوي الرائع من الرسول عليه الصلاة و السلام بان الناس سواسية أمام الشرع و عندما تحدث الطبقية فان المجتمع يختل و يتفكك و يحدث التناحر و قد يهلك المجتمع جميعا0
    و هنا درس للصحابة بعدم التوسط و الشفاعة في الحدود أو فيما يتعارض مع الأمور الشرعية 0

    وجزاكم الله خيـــر..

    إبتسام فضل الله بخاري
    رابعه > رياض اطفال > أ

    ردحذف
  70. السلام عليكم ورحمتة الله وبركاتة..

    اشواق طلال الحربي.. رابع/رياض اطفال^^

    قصة عن العالم..الطبري..

    في بلاد (طبرستان).. بلاد العلم والأدب والفقه، وفي أجمل مدنها..مدينة (آمُل) العريقة عاصمة طبرستان، والتي تقع الآن في دولة أذربيجان، جنوب بحر قزوين، وُلد حجَّة العلوم، وعالم العلماء في عصره، الإمام (محمد بن جرير الطبري) سنة 224هـ، ولُقب بالطبري لأن أهل طبرستان جميعًا يُنْسَبون إليها؛ فيقال لكل واحد منهم طبري، فكان أهل طبرستان كثيري الحروب، فكان كل منهم يحمل سلاحه في يده، وهو نوع من الأشجار يسمى (الطبر).
    لم يكد الطبري يبلغ السن التي تؤهله للتعلم حتى عهد به والده إلى علماء (آمُل) وسرعان ما تفتح عقله، وبدت عليه علامات النبوغ، فكان هذا النبوغ المبكر حافزًا لأبيه على إكمال تعليم ابنه، وبخاصة أنه رأى رؤية تفاءل من تأويلها، قال الطبري: (رأى أبي في النوم أنني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعي مِخلاة مملوءةٌ بالأحجار، وأنا أرمي بين يديه) وقصَّ رؤياه على مفسر للأحلام، فقال له: إن ابنك إن كبر نصح في دينه، ودافع عن شريعته، فحرص أبي على معونتي من أجل طلب العلم وأنا حينئذ صبي صغير.
    أخذ ابن جرير الطبري يرحل في طلب العلم، فتعلم الفقه ببغداد، والمغازي والسير في الكوفة، ثم توجه ناحية مصر، وفي طريقه إليـها مرَّ ببيـروت، وقضـى بها عدة أيام حتى قرأ القرآن برواية الشاميين، ثم واصل مسيرته، وفي مصر تلقى الطبري العلم، فأخذ من علمائها قراءة (حمزة) (وَوَرْش) ثم عاد إلى بغداد مرة أخرى، وانقطع للعلم والدراسة والتأليف في كثير من الأوقات، وكان يتاجر بقية الوقت ليأتي برزقه.
    وكان الطبري عالي الهمة،عظيم الاجتهاد؛ ومما يحكى عنه: أن رجلاً جاءه يسأله في العَرُوض (وهو علم يعرف به الشعر من النثر) ولم يكن الطبري له إلمام كبير بهذا العلم فقال له: علي قولٌ ألا أتكلم اليوم في شيء من العروض، فإذا كان في غد فتعالَ إلي، ثم طلب أبو جعفر كتاب العروض، فتدارسه في ليلته، وقال: أمسيت غير عَرُوضي، وأصبحت عروضيًّا.
    وقد تمكن ابن جرير من نواحي العلم، وأدلى بدلوه فيها، حتى أصبح إمام عصره بغير منازع، وقد قيل عنه: كان كالقارئ الذي لا يعرف إلا القرآن، وكالمحدث الذي لا يعرف إلا الحديث، وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه، وكالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو.. وظل الطبري أربعين عامًا يكتب كل يوم أربعين ورقة، قاصدًا بذلك وجه الله، بما ينفع به الإسلام والمسلمين، وكان رحمه الله من العباد الزهاد، يقوم الليل، نظيفًا في ظاهره وباطنه، ظريفًا، حسن العشرة، مهذبًا في جميع أحواله.
    من مؤلفاته العظيمة: (تفسير القرآن) المعروف بتفسير الطبري في 30 جزءًا، وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها، و(تاريخ الرسل والملوك) في 11 مجلدًا، وهو يعد أَوْفَى عمل تاريخي بين مصنفات العرب، و(لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام).. وغير ذلك الكثير.. وفي يوم السبت ليومين بقيا من شوال سنة 310هـ فاضت روحه إلى بارئها، تاركًا للمسلمين تراثًا علميًّا ضخمًا، نفع الإسلام والمسلمين، فجزاه الله خير الجزاء.

    ***************


    وهذه قصه عن رفق النبي صلى الله علية وسلم.:.

    أن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله!ائذ لي بالزنا!!
    فأقبل عليه القوم فزجروه,وقالوا مه مه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ادنـــه" فدنا منه قريبا.

    قال:"أتحبـــه لأمك؟"
    قال:لا والله جعلني الله فداءك.

    قال : "والناس لا يحبونه لأمهاتهم, أفتحبه لأبنتك؟"
    قال : لا والله يارسول الله , جعلــني الله فداءك.

    قال: "والناس لاتحبه لبناتهم, أفتحبه لأختك؟"
    قال: لا والله جعلــنــي الله فداءك.

    قال:" والناس لاتحبه لأخواتهم ,أفتحبه لعمتك؟"
    قال: لا والله جعلني الله فداءك.

    قال: "والناس لا تحــبه لعماتهم,أفتحبه لخالتك؟"
    قال: لا والله جعلني الله فداءك.

    قال: "والناس لاتحــبـه لخالتهم", ثم وضع يديه عليه وقال:
    " اللهم اغفر ذنبه,وطــهــر قلــبـه وحــصــن فرجــه" فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت الى شيء"

    بهذا الأسلوب الرقيق استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل إلى قلب هذا الشاب ويجعله يستقبح ماطلبه من الإذن بالزنا, وكان ذلك سبباً في صلاح هذا الشاب واستقامته وعفته.


    اتمـــنى أن ننتفع من أخلاق واسلوب نبينا الكريم

    وجزااك الله الف خير..

    ردحذف
  71. سارة الجهني17 مايو 2009 في 8:27 ص

    ما حدث مع واسامه بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما شفع للمراه المخزوميه التى كانت تستعير المتاع من الناس ثم تجحده عن عائشه رضى الله عنها ان قريش اهمتهم المراة المخزوميه التى سرقت فقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يجترئ عليه الا اسامه حب رسول الله فكلم رسول الله فقل اتشفع فى حد من حدود الله ثم قام وخطب فقال [[ايها الناس انما ضل من قبلكم انهم كانو اذاسرق الشريف تركوه اذاسرق الضعيف فيهم اقامو عليه الحد وايم الله لو ان فاطمه بنت محمد سرقت لقطعت يدها]] يتضح لنا اهمية اقامت الحد وفقا للقران والسنه وان لايشفع فى حد من حدود الله حتى لا تكثر الفتن بين الناس وعدم التفرقه بين الرجل والمراه والغني والفقير ليسود الامن والعدل فى الارض كما فى عهده صلى الله عليه وسلم كما فى عدل البي فى هذا الحديث لقوله وايم الله لو ان فاطمه بنت محمد سرقت لقطعت يدها

    ردحذف
  72. جاء في الدر المنثور للسيوطي «أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه والبيهقي من طريق ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أوّل ما بدىء به رسول الله (ص) من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه _ وهو التعبّد في الليالي ذوات العدد _ قبل أن ينـزع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: إقرأ. قال: فقلت، ما أنا بقارىء. قال: فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال {إقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* إقرأ وربك الأكرم* الذي علّم بالقلم} (العلق/1-4) فرجع بها رسول الله (ص) يرجف بها فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني؛ فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة، كلا والله ما يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة، وكان أمرأً قد تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: ما ترى يا بن أخي؟ فأخبره رسول الله (ص) خبر ما رأى. فقال له ورقة: هذا والله الناموس الذي أنزل على موسى، ليتني أكون فيها جذعاً، يا ليتني أكون فيها حياً إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله (ص): أومخرجيّ هم. قال: نعم. لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً».

    هذه إحدى الصور التي رويت في قصة مولد البعثة. وأنت إذا تأملت فيها، فلن تجد أمامك الجو الذي يسوده الهدوء والطمأنينة والوداعة التي تنسجم مع طبيعة القضية التي يناط بالنبي (ص) أمر القيام بها والدعوة إليها، وإنما تجد بدلاً من ذلك جواً يسوده الرعب والخوف والترويع، كأن الغرض منه بث الرعب والخوف في قلب النبي (ص) وإظهار القوّة والرهبة أمامه من قبل الملك.

    ولن تجد في الوقت نفسه النبي الذي يثق بنفسه، ويعي ما حوله، ويفكر في ما رأى _ وقد رأى حقاً كما تقول الرواية _ وإنما ترى أمامك الإنسان الخائف الوجل الذي يرجف فؤاده، ويخفق قلبه، ويخشى على نفسه أن يكون عرض له عارض من مس، لولا أن تثبته خديجة بكلامها _ ولسنا ندرك مناسبة ذلك الكلام، لقول النبي إنه يخشى على نفسه، كأن تلك الأعمال تمنع من هذا العارض، أو أنها تثق بالله وعدم خذلانه لعبده الذي يعمل برضاه أكثر من ثقة النبي (ص) به _ وهكذا يتمثّل لنا الرسول (ص) _ في هذه الرواية _ في موقف الحائر الذي لا يدري ماذا يصنع، وماذا يُفعل به، فتقوده خديجة إلى «ورقة» الذي فرضته القصة نصرانياً يكتب الإنجيل بالعبرانية، فلا يلبث بعد سماعه كلام النبي (ص) أن يجزم له بأنه نبي، كأنه يدري بتفاصيل البعثة قبل ذلك، وكأن التفاصيل مذكورة في الكتب المقدّسة السابقة، لا مجرد الإشارة إلى نبوة النبي (ص) وصفاته، ثم لا نعرف معنى قوله (وإن يدركني يومك..) بعد أن كان يومه في ذلك الوقت نفسه.

    والواقع أننا لا نعقل أن يبعث الله النبي (ص)، وهو أفضل أنبيائه، بأفضل رسالاته، ثم يحوجه إلى أن يثبت نبوته لنفسه _ لا للآخرين _ بواسطة خديجة أو ورقة، من دون أن يظهر له البرهان الواضح من قبله تعالى شأنه.

    تحياتي
    ايمان سليمان الحويطي
    الفرقة الرابعة
    اقتصاد منزلي

    ردحذف
  73. رجوى عبدالرحمن الحربي


    مواقف من حياة الرسول المربى"
    هذا فيض من غيض من مواقف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , خير معلم , وخير أسوة ,

    1-فى جانب التوجيه:

    عنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ؛ قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ. فَقَالَ لِي : ( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيك)
    المستفاد:
    1-ضرورة الامتزاج النفسي بين المعلم والمتعلم ( فالرسول كان يأكل معه)
    2-اختيار التوقيت المناسب لمعالجة الخطأ (فالرسول وجه عندما كان عمرو مستمرا فى خطئه )
    3-المناداة بأحب الأسماء وصيغ النداء ( يا غلام)
    4-استخدام الترتيب الموضوعي لمعالجة الخطأ ( فالرسول لم يعالج طيشان يد أبى سلمة بالإناء فقط , ولإنما أراد أن يشتمل التصحيح على البداية وهى الجلوس للأكل( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ..)ولذلك يجب معالجة المشكلات من أساسها وبتدرج
    5-ربط الفرد بالله , فالرسول ربط الغلام بخالقه عند ابتداء الأكل " سَمِّ اللهَ"

    2-فى جانب حل المشكلات :
    فقد روى أنس ابن مالك "أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ، قَالَ: بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَفَعَلَ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ وَقَالَ: اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ: اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ" (سنن ابن ماجه:2189)،
    - ( حِلس) كساء بلى ظهر البعير يفرش تحت القتب
    - (فانبذه) أي ألقه
    -(نكتة) أي نقطة
    - (مدقع) أي شديد يفضي بصاحبه إلى الدقع وهو التراب
    - (أودم موجع) هو أن يتحمل دية يؤديها إلى أولياء المقتول فإن لم يؤدها قتل المحتمل عنه فيوجعه قتله‏
    دروس اقتصادية مستفادة:
    وبدراسة هذه الخطة في مكافحة البطالة (ورسول الله هو الأسوة الحسنة) نجد أنه طلب من العاطل عن العمل
    1. أن يقدم شيئاً يصلح للبيع أي طلب منه التمويل أو المشاركة فيه قبل كلِّ شيء.
    2. وعندما لم يكن ما قدمه كافياً، طلب من جماعة المسلمين المساهمة دون إحراج بطريقة البيع بالمزاد العلني ليُحصِّل أكبر قدْر ممكن من التمويل، ودون بخسٍ لقيمة البضاعة التي يملكها العاطل عن العمل.
    3. لقد وثِقَ رسول الله بالعاطل عن العمل فأعطاه قيمة أصوله التي بِيْعت ليتدبر أمره بالشكل الذي سيرسمه له.
    4. طلب منه أن يكفي عائلته أوَّلاً، وهنا يتضح أن الجانب الاجتماعي مقدَّم على ما سِواه، وعلَّمه الاقتصاد بضرورة توجيه قسم من الثروة نحو الاستثمار وذلك بشراء الأصول المنتجة (الحبل والفأس).
    5. طلب منه شراء أدوات ولوازم العمل، ولم يقم هو أو أحد من أصحابه بذلك.

    6. ساعده في تجميع أدواته وتهيئتها لتصبح أكثر جاهزية للعمل بأن شدَّ عوداً بيديه الشريفتين.
    7. علّمه الدورة الاقتصادية: وذلك بأن حوّل أصوله لسيولة نقدية ثم اشترى أدواته الإنتاجية ثم طلب منه العمل وبذل الجهد (بقوله: اذهب) ثم التحويل الصناعي (بقوله: احتطب) ثم تحويل البضاعة إلى نقد بالبيع (بقوله: بِع).
    8. أعطاه مهلة زمنية معقولة لمعرفة جدوى هذا العمل وما سيعود عليه به من نفع.
    9. بعد التدقيق في نتائج عمله والحكم بأنه نافع ومُجدٍ نَصحه ومَدحه وشَجّعه.
    10. حذَّره من السؤال وبيَّن له أن السؤال لا يجوز إلا لثلاثة: ذي فَقرٍ مُدقعٍ أو غُرمٍ مُفظع أو دَمٍ مُوجعٍ.
    فى جانب المتابعة:
    3- متابعتهم في الأعمال الصالحة:

    - من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما اجتمعن في أمرئ إلا دخل الجنة».

    - ومما يدل على متابعته -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه ما ورد عند الدارمي وأبي داود أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يسأل عن أصحابه في صلاة الفجر فيقول: أين فلان، وأين فلان؟».

    رجوى عبدالرحمن الحربي
    الفرقه الربعه
    عربي شعبه (أ)

    ردحذف
  74. أحلام أحمد الجهني
    رابع رياض أطفال (أ)

    العناية يتعليم وتعلم المرأة
    قال الأعمش: عن مسلم عن مسروق أنه قيل له: هل كانت عائشة –رضي الله عنها- تحسن الفرائض فقال: "أي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض"، وقال عروة: "ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة"، وقال عطاء بن أبي رباح: "كانت أفقه الناس وأحسن الناس رأيا في العامة"، وقال الزهري لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل([4]).
    ولقد وصفت عائشة بعلمها الذي بلغ ذروة الإحاطة البشرية والنضج الكامل بكل ما اتصل بالدين من قرآن وتفسير وحديث وفقه، حتى ذهب الحاكم في مستدركه إلى أن ربع أحكام الشريعة نقلت عنها، لذا قال أبو موسى الأشعري: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً".
    لذا كانت في تاريخ الفكر الإسلامي معلمة العلماء ومؤدبة الأدباء. فعن عروة بن الزبير أنه قال لعائشة: "يا أمتاه لا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو؟ فضربت على منكبه وقالت: أي عرية، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسقم في آخر عمره فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل جهة فتنعت له الأنعات وكنت أعالجها له فمن ثَمَّ"([5]).
    ولئن ذهبنا نذكر نماذج من تأثير الإسلام في تعلم النساء فسنجد النموذج بين طوائف شتى من نساء المسلمين لا يحصى عددهن تفقهن وأقبلن على مجالس العلم، يقول ابن عساكر: أن عدد شيوخه من النساء ثمانين امرأة.
    وذكر البلاذري في فتوح البلاد أن نساء مسلمات تعلمن القراءة والكتابة يبلغ عدد المعروف منهن نصف عدد المعروف من الرجال الكتاب! بل ذكر المؤرخون أن عدد المحاضرات في العصر الأموي بلغ ثمانين امرأة درس بعضهن في التدريس والطب وغيره.
    ومما يدل على حق المرأة في التعليم ما جاء في الحديث أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: ((اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا)) فاجتمعن، فأتاهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلمهن مما علمه الله"([6]).

    ردحذف
  75. تأملتوا طالباتي لما بحثتوا وجدتوا معلومات جميلة وقيمة عن السيرة النبوية وإن كان نقلتوها من مواقع الكترونية والصقتوها ..لكن اكيد وانتوا بتقروا استفتدوا منها معين لحياتكم ..

    سيرة رائعة جدا ......وإذا بحثتوا اكثر واكثر حا تخرجوا بإنتاج رائع وفعلا حا تكون مفكرات المستققققققققققققققققبل

    ردحذف
  76. اشراق راضي العنزي (رابعه رياض اطفال أ)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    صراحه هذا الموقف كثير عجبني كيف ان الرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع ثعلبه رضي الله عنه< حينما اذنب> باسلوب جدا راقي وجميييييل

    كان ثعلبة بن عبدالرحمن رضي الله عنه، يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في جميع شؤونه وذات يوم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له ، فمر بباب رجل من الانصار فرأى امرأة تغتسل وأطال النظر إليها.


    ثم بعد ذلك أخذته الرهبة وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع، فلم يعد الى النبي ودخل جبالا بين مكة والمدينة، ومكث فيها قرابة أربعين يوماً،


    وبعد ذلك نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك:أن رجلاً من أمتك بين حفرة في الجبال متعوذ بي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب وسلمان الفارسى


    انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبدالرحمن فليس المقصود غيره فخرج الاثنان من أنقاب المدينة فلقيا راعيا من رعاة المدينة يقال له زفافة، فقال له عمر:هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبه


    فقال لعلك تريد الهارب من جهنم؟ فقال عمر : وما علمك أنه هارب من جهنم قال لأنه كان اذا جاء جوف الليل خرج علينا من بين هذه الجبال واضعا يده على أم رأسه وهو ينادي ياليتك قبضت روحي في الأرواح ..وجسدي في الأجساد.. ولم تجددني لفصل القضاء فقال عمر: إياه نريد.فانطلق بهما فلما رآه عمر غدا اليه واحتضنه فقال : يا عمر هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبي؟ قال لاعلم لي الا أنه ذكرك بلامس فأرسلني أنا وسلمان في طلبك. قال يا عمر لا تدخلني عليه الا وهو في الصلاة فابتدر عمر وسلمان الصف في الصلاة فلما سلم النبي عليه الصلاة والسلام قال يا عمر يا سلمان ماذا فعل ثعلبة؟


    قال هو ذا يا رسول الله فقام الرسول صلى الله عليه وسلم فحركه وانتبه فقال له : ما غيبك عني يا ثعلبة ؟ قال ذنبي يا رسول الله قال أفلا أدلك على آية تمحوا الذنوب والخطايا؟ قال بلى يا رسول الله قال قل


    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار


    قال ذنبي أعظم


    قال الرسول صلى الله عليه وسلم


    بل كلام الله أعظم


    ثم أمره بالانصراف الى منزله فمر من ثعلبة ثمانية أيام ثم أن سلمان أتى رسول الله فقال يا رسول الله هل لك في ثعلبة فانه لما به قد هلك؟ فقال رسول الله فقوموا بنا اليه ودخل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم


    فوضع رأس ثعلبة في حجره لكن سرعان ما أزال ثعلبة رأسه من على حجر النبي فقال له لم أزلت رأسك عن حجري؟ فقال لأنه ملآن بالذنوب


    قال رسول الله ما تشتكي؟ قال :مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي


    قال الرسول الكريم : ما تشتهي؟


    قال مغفرة ربي


    فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول لك


    لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الارض خطايا لقيته بقرابها مغفرة


    فأعلمه النبي بذلك فصاح صيحة بعدها مات على أثرها فأمر النبي بغسله وكفنه،فلما صلى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام جعل يمشي على أطراف أنامله، فلما انتهى الدفن قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم،يا رسول الله رأيناك تمشي على أطراف أناملك قال الرسول صلى الله عليه وسلم


    والذي بعثني بالحق نبياً ما قدرت أن أضع قدمي على الارض من كثرة ما نزل من الملائكة لتشييعه.

    ردحذف
  77. خلود طلال الصاعدي رابعه رياض اطفال أ
    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذي مواقف للرسول صلى الله عليه وسلم واسلوب تربيته ومزحه
    طعام في الظلام

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى
    نسائه فقلن ما معنا إلا الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يضم أو
    يضيف هذا فقال رجل من الأنصار ‏أنا فانطلق به إلى امرأته
    فقال أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني
    فقال هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء فهيأت
    طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته
    فجعلا يريانه أنهما يأكلان فباتا طاويين فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله
    عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة أو( عجب ) من فعالكما. فأنزل الله (ويؤثرون
    على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)
    (رواه البخاري)



    عجوز في الجنة؟

    كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يداعب أصحابه ويقابلهم بالابتسامة، وكان لا
    يقول إلا حقًا حتى وإن كان مازحًا.
    وفي يوم من الأيام، جاءت امرأة عجوز من الصحابيات إلى النبي صلى الله عليه
    وسلم، وقالت له: يارسول الله .. ادع الله أن يدخلني الجنة. فداعبها صلى الله
    عليه وسلم قائلا: "إن الجنة لا تدخلها عجوز".

    فانصرفت العجوز باكية، فقال النبي للحاضرين: " أخبروها أنها لا تدخلها
    وهي عجوز. إن الله تعالى يقول: "إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا ". أي
    أنها حين تدخل الجنة سيعيد الله إليها شبابها وجمالها. [رواه الترمذي في
    كتاب الشمائل].



    ولد الناقة

    جاء رجل من الصحابة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطلب منه دابة يسافر
    عليها قائلاً: احملني.
    فأراد النبي أن يمازح الرجل ويطيِّب خاطره فقال له: "إنَّا حاملوك على ولد
    الناقة".

    استغرب الرجل كيف يعطيه النبي ولد الناقة ليركب عليه، فولد الناقة صغير
    ولا يتحمل مشقة الحمل والسفر، وإنما يتحمل هذه المشقة النوق الكبيرة فقط
    ، فقال الرجل متعجباً: وما أصنع بولد الناقة ؟

    وكان النبي يقصد أنه سيعطيه ناقة كبيرة، فداعبه النبي قائلاً: "وهل تلد
    الإبل إلا النوق؟" [رواه أبو داود].



    الخيط الأبيض
    والخيط الأسود

    كان الصحابي عَدِيٌ بن حاتم –رضي الله عنه- يسارع في تنفيذ ما أمر به الإسلام،
    لأنه يحب دينه ويحب ما جاء به من أشياء.
    ولما نزل قول الله –عز وجل-:

    {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}.
    أسرع عدي إلى حبلين كانا عنده ، أحدهما أبيض والآخر أسود، ووضعهما تحت
    وسادته قبل أن ينام، وذلك حتى يعرف متى يبدأ الصوم ويمتنع عن الطعام
    والشراب.
    وكان عدي يظن أنه حين يستطيع أن يميز بين لوني الحبلين يبدأ في الصوم
    ،ولكنه ظل طوال الليل ينظر إلى الحبلين وهو لا يستطيع أن يميز الأبيض من
    الأسود.
    وعندما أشرق النهار أسرع عدي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وأخبره بما
    فعل ليلة أمس، فابتسم النبي-صلى الله عليه وسلم- مما فعل عدي ، وقال له:"
    إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل

    ردحذف
  78. اسراء عبد اللطيف الشريف رياض اطفال أ
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مواقف من حياة النبي- صلى الله عليه وسلم-
    كان رسول الله- صلىالله عليهوسلم- أكمل الناسخلقًا، وأكرمهم أصلاً، وأهداهم سبيلاً، وأرجحهم عقلاً، وأصدقهم قولاً وفعلاً، أدبهربه – عز وجل -فأحسن تأديبه، ورباه فأحسن تربيته، وأثنى عليه -سبحانه -في كتابهالكريم فقال :
    "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ "القلم : (4)
    وهذه بعض من المواقف العظيمة من حياة نبينا محمد- صلىالله عليه وسلم- حتى نتعلم منه-صلىالله عليه وسلم- ونتخذه أسوة حسنه لنا، ونقتدي به في جميع أمورنا وأحوالنا .
    ·العفو :
    - في السنةالثامنة من الهجرة نصر الله عبده ونبيه محمدا-صلىالله عليهوسلم- على كفار "قريش"، ودخل النبي- صلىالله عليهوسلم- "مكة المكرمة" فاتحًا منتصرًا، وأمام الكعبة المشرفة وقف جميع أهل "مكة"، وقد امتلأت قلوبهم رعبًاوهلعًا، وهم يفكرون في حيرة وقلق فيما سيفعله معهم رسول الله- صلىالله عليهوسلم- بعد أن تمكنمنهم، ونصره الله عليهم، وهم الذين آذوه، وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجدلربه، وهم الذين حاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر،بل وتآمروا عليه بالقتل
    -صلىالله عليهوسلم- ، وعذبواأصحابه أشد العذاب، وسلبوا أموالهم، وديارهم، وأجلوهم عن بلادهم ، لكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قابل كل تلك الإساءات بالعفو والصفح والحلم قائلاً: "يامعشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم،فقال-صلىالله عليهوسلم- : "اذهبوا فأنتم الطلقاء" .
    - ذات يوم كان رسول الله-صلىالله عليه وسلم- يسير مع خادمه "أنس بن مالك"، وكان النبي- صلىالله عليه وسلم- يلبس بردا نجرانيا يعني رداء كان يلتحف به ، ونجران بلد بين الحجاز واليمن ، وكان طرف هذا البرد غليظا جدًا ، فأقبل ناحية النبي- صلىالله عليه وسلم- أعرابي من البدو فجذبه من ردائه جذبًا شديدًا، فتأثر عاتق النبي- صلىالله عليه وسلم- ، (المكان الذي يقع ما بين المنكب والعنق) من شدة الجذبة، ثم قال له في غلظة وسوء أدب : يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك، فتبسم له النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- في حلم وعفو ورحمة، ثم أمر له ببعض المال .
    - خرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في غزوة ناحية بلاد "نجد" من أرض الحجاز، وفى طريق عودته-صلى الله عليه وسلم- من تلك الغزوة مر بوادِ به شجر كثير الشوك، في وقت الظهيرة، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الجيش بالتوقف في هذا المكان لينالوا قسطًا من الراحة، فنام الجيش، ونام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تحت ظل شجرة كثيرة الأوراق وقد علق بها سيفه، وبعد فترة نادى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على المسلمين فتجمعوا حوله – صلى الله عليه وسلم- ، فإذا برجل أعرابي يجلس أمامه فقال رسول الله- صلى عليه وسلم-: إن هذا الرجل أخذ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وسيفي في يده، فقال لي : من يمنعك منى ؟! (أي من يمنعني من قتلك الآن) ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (في ثبات عظيم وثقة وإيمان بالله) : الله، فارتعد الأعرابي بشدة، ووقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، وقال له : من يمنعك منى ؟ فقال الرجل لا أحد، ولم يقابل النبي الكريم إساءة هذا الأعرابي له بمثلها، بل- صلى الله عليه وسلم- عفا عنه فأسلم الرجل، وعاد إلى قومه، وأخبرهم بخلق النبي، وجميل عفوه وصفحه فأسلم معه خلق كثير .

    ردحذف
  79. نجود محمد ناصر
    رابع اقتصاد
    مواقف من حياة الرسول المربى


    هذا فيض من غيض من مواقف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , خير معلم , وخير أسوة , فتأملها واعتبر بها :

    -1-

    فى جانب التوجيه


    عنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ؛ قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ. فَقَالَ لِي : ( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيك)

    المستفاد:

    1-ضرورة الامتزاج النفسي بين المعلم والمتعلم ( فالرسول كان يأكل معه)

    2-اختيار التوقيت المناسب لمعالجة الخطأ (فالرسول وجه عندما كان عمرو مستمرا فى خطئه )

    3-المناداة بأحب الأسماء وصيغ النداء ( يا غلام)

    4-استخدام الترتيب الموضوعي لمعالجة الخطأ ( فالرسول لم يعالج طيشان يد أبى سلمة بالإناء فقط , ولإنما أراد أن يشتمل التصحيح على البداية وهى الجلوس للأكل( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ..)ولذلك يجب معالجة المشكلات من أساسها وبتدرج

    5-ربط الفرد بالله , فالرسول ربط الغلام بخالقه عند ابتداء الأكل " سَمِّ اللهَ"

    -2-

    فى جانب حل المشكلات

    فقد روى أنس ابن مالك "أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ، قَالَ: بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَفَعَلَ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ وَقَالَ: اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ: اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ" (سنن ابن ماجه:2189)،

    ردحذف
  80. مواقف من حياة الرسول المربى"
    هذا فيض من غيض من مواقف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , خير معلم , وخير أسوة ,

    1-فى جانب التوجيه:

    عنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ؛ قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ. فَقَالَ لِي : ( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيك)
    المستفاد:
    1-ضرورة الامتزاج النفسي بين المعلم والمتعلم ( فالرسول كان يأكل معه)
    2-اختيار التوقيت المناسب لمعالجة الخطأ (فالرسول وجه عندما كان عمرو مستمرا فى خطئه )
    3-المناداة بأحب الأسماء وصيغ النداء ( يا غلام)
    4-استخدام الترتيب الموضوعي لمعالجة الخطأ ( فالرسول لم يعالج طيشان يد أبى سلمة بالإناء فقط , ولإنما أراد أن يشتمل التصحيح على البداية وهى الجلوس للأكل( يَاغُلاَمُ! سَمِّ اللهَ..)ولذلك يجب معالجة المشكلات من أساسها وبتدرج
    5-ربط الفرد بالله , فالرسول ربط الغلام بخالقه عند ابتداء الأكل " سَمِّ اللهَ"

    فى جانب حل المشكلات

    فقد روى أنس ابن مالك "أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ، قَالَ: بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَفَعَلَ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ وَقَالَ: اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ: اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ"
    عفراءعامرالحمراني رابع رياض اطفال

    ردحذف
  81. العناية يتعليم وتعلم المرأة
    قال الأعمش: عن مسلم عن مسروق أنه قيل له: هل كانت عائشة –رضي الله عنها- تحسن الفرائض فقال: "أي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض"، وقال عروة: "ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة"، وقال عطاء بن أبي رباح: "كانت أفقه الناس وأحسن الناس رأيا في العامة"، وقال الزهري لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل([4]).
    ولقد وصفت عائشة بعلمها الذي بلغ ذروة الإحاطة البشرية والنضج الكامل بكل ما اتصل بالدين من قرآن وتفسير وحديث وفقه، حتى ذهب الحاكم في مستدركه إلى أن ربع أحكام الشريعة نقلت عنها، لذا قال أبو موسى الأشعري: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً".
    لذا كانت في تاريخ الفكر الإسلامي معلمة العلماء ومؤدبة الأدباء. فعن عروة بن الزبير أنه قال لعائشة: "يا أمتاه لا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو؟ فضربت على منكبه وقالت: أي عرية، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسقم في آخر عمره فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل جهة فتنعت له الأنعات وكنت أعالجها له فمن ثَمَّ"([5]).
    ولئن ذهبنا نذكر نماذج من تأثير الإسلام في تعلم النساء فسنجد النموذج بين طوائف شتى من نساء المسلمين لا يحصى عددهن تفقهن وأقبلن على مجالس العلم، يقول ابن عساكر: أن عدد شيوخه من النساء ثمانين امرأة.
    وذكر البلاذري في فتوح البلاد أن نساء مسلمات تعلمن القراءة والكتابة يبلغ عدد المعروف منهن نصف عدد المعروف من الرجال الكتاب! بل ذكر المؤرخون أن عدد المحاضرات في العصر الأموي بلغ ثمانين امرأة درس بعضهن في التدريس والطب وغيره.
    ومما يدل على حق المرأة في التعليم ما جاء في الحديث أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: ((اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا)) فاجتمعن، فأتاهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلمهن مما علمه الله"([6]).
    امل مسعودالرحيلي رابعه رياض اطفال

    ردحذف